أحمد عبدالرحمن يواصل ذكرياته : بداية الانتفاضة .. صعود باراك وسقوطه , وتفاصيل مباحثات كامب ديفيد

أحمد عبدالرحمن يواصل ذكرياته : بداية الانتفاضة .. صعود باراك وسقوطه , وتفاصيل مباحثات كامب ديفيد
رام الله - دنيا الوطن
تواصل دنيا الوطن نشر كتاب أحمد عبد الرحمن أمين عام مجلس الوزراء في عهد الشهيد ياسر عرفات الذي أصدره بعنوان :"عشت في زمن عرفات" ..

الفصل السابع والعشرون:

صعود باراك وسقوطه 1999 -2001 


كان واضحا يوم 17 أيار 1999 أن النجم الساطع في إسرائيل ايهود باراك هو الفائز حتما في الانتخابات لمنصب رئيس الوزراء، وأن بنيامين نتنياهو خاسر لا محالة.  ولعل السبب الرئيس لهذه الخسارة هي مغامرات نتنياهو السياسية والأمنية الفاشلة، والتي أقنعت الرأي العام الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية والأمنية، بأن بقاء زمام الأمور في يد نتنياهو يلحق الضرر بإسرائيل، سواء في علاقاتها الإقليمية الواعدة، أو علاقاتها مع الوطن – الأم. الولايات المتحدة الأمريكية. وفي أوساطنا بذلت جهود كبيرة في الوسط العربي في إسرائيل لإسقاط نتنياهو. وفي الحقيقة، لم يكن الفلسطينيون بحاجة إلى من يحرضهم ضد نتنياهو وحزب "الليكود"، ولهذا صوت 78% من الفلسطينيين أصحاب حق الاقتراع لباراك وحزب "العمل". . إلا أن فوز باراك استقبل بفتور ظاهر في أوساط القيادة الفلسطينية، ويعود سبب هذا الفتور إلى مواقف باراك السلبية من أوسلو الأولى والثانية. أما برنامجه الانتخابي كرئيس للوزراء فقد جاء بلغة فاشية تحت هذا العنوان الغريب "إسرائيل واحدة"، ومعناه الوحيد أن باراك يرفض الانقسام الإسرائيلي بسبب أوسلو على أساس يمين ويسار، وبالتالي يقدم شهادة براءة لليمين والمستوطنين الذين اغتالوا رابين، وأن مكانهم محفوظ في برنامجه "إسرائيل واحدة".  حمل البرنامج كل المواقف المتطرفة التي تشكل برنامج اليمين و"الليكود"، النقيض المطلق  لاتفاق أوسلو وعملية السلام، حيث أكد برنامج باراك الانتخابي مواقف اليمين الصهيوني والديني المعروفة حول القدس، والحدود والمستوطنات والأمن وغور الأردن. أما الحديث عن عملية السلام فجاء عاما وهلاميا. فليس هناك تأكيد على تنفيذ الاتفاقات التي وقعها رابين وبيريس. وفي أول أيامه أبعد باراك فريق حزب العمل، الذي أنجز اتفاق أوسلو، حتى شمعون بيريس أُبعد تماما عن المطبخ السياسي، وعينه باراك بعد عدة أشهر وزيرا للتعاون الإقليمي. وعين يوسي بيلين وزيرا للعدل، وأما يوري سافير فقد ترك حزب "العمل" والتحق بحزب المركز مع الجنرال إسحاق مردخاي والجنرال شاحاك . وفي مشاوراته لتشكيل حكومته كان شديد الحرص على مشاركة "الليكود"، الذي حرض قادته شارون ونتنياهو ضد رابين، حتى اغتاله أحد المستوطنين تنفيذا لفتوى أحد الحاخامات، لأنه تنازل عن أرض - إسرائيل للأغيار. كما حرص على  مشاركة حزب "شاس" أكثر من حرصه على مشاركة حزب "ميرتس" المؤيد لاتفاق أوسلو.  كما ضم باراك حزب "المفدال" الديني بقيادة المتطرف إسحق ليفي، وحزب المهاجرين الروس بقيادة ناتان شارانسكي. وهنا تظهر حقيقة موقف باراك تجاه اتفاق أوسلو، فقد جمع في حكومته الأحزاب الدينية واليمينة التي ترفض التنازل عن الأرض، بل تدعم الاستيطان، وتقف عائقا أمام أي تقدم لتنفيذ الاتفاقات التي وقعها رابين وبيريس. بينما إسحق رابين، وبعد فوزه في انتخابات 1992 حيث حصل حزب "العمل" على 44 مقعدا وميرتس على 12، استعان، ولأول مرة في إسرائيل، بأصوات النواب العرب لتمرير اتفاق أوسلو وكان عددها خمسة أصوات. وبهذه الأصوات مُنع إسحاق شامير و"الليكود" من تشكيل الحكومة بعد 15 سنة من سيطرة اليمين الإسرائيلي على الحكومة من أعوام (1977- 1992). وكان قيام باراك بإبعاد بيريس وفريق أوسلو عن موقع القرار وعن المطبخ السياسي مؤشرا لا يخطئ على الانقلاب السياسي في إسرائيل على يد الضابط الذي كان يحظى برعاية إسحاق رابين رئيسا للأركان ووزيرا للداخلية، وتسلم الخارجية مع رئيس الوزراء بيريس، بعد اغتيال رابين. وأخيرا وقف ضد بيريس وفاز برئاسة حزب "العمل". وبذلك أصبح الطريق ممهدا أمامه لخوض الانتخابات، وتتوفر له كل المؤهلات العسكرية والسياسية لهزيمة نتنياهو. ولكن ما الذي يدور في رأس باراك وهو يقوم بعزل فريق أوسلو، ويعين عسكريين بدلا منهم، ويكلفهم بمسؤولية الملفات السياسية والأمنية المتعلقة بعملية السلام؟.

 وفي الحقيقة، فإن الوضع المتوتر على مدى أكثر من سنتين بين حكومة نتنياهو والسلطة الوطنية لم يترك هامشا أمام حكومة باراك لمزيد من المناورة والمراوغة في مجال تنفيذ الاتفاقات السابقة. وقد شكل الموقف  الرسمي لباراك وحكومته من الاستيطان والمستوطنات بدوره المحك الذي لا يخطئ لتحديد موقف باراك من عملية السلام.  وظهر هذا الموقف الرسمي  بجلاء في برنامجه الانتخابي وبرنامج حكومته. فالحكومة ترى في الاستيطان بكافة أشكاله عملا ذا قيمة اجتماعية وقومية، وستعمل على تحسين قدرات المستوطنين للتغلب على الصعوبات التي تواجههم. والحكومة ستعمل على ضمان أمن السكان اليهود في يهودا والسامرة وغزة، وتوفر لهم خدمات بلدية وحكومية أسوة بتلك الخدمات المقدمة للتجمعات السكانية في إسرائيل.  وأبقت حكومة باراك على الموازنات التي خصصها نتنياهو للمستوطنات، وكانت أربعمئة مليون شيقل، بالإضافة إلى المبالغ المقررة للاستيطان في موازنات الوزارات المختلفة. وخلال عهد حكومته القصير رفع باراك عدد المستوطنات ذات الأفضلية القومية إلى 145 مستوطنة، وكانت في عهد رابين 39 مستوطنة فقط.

وكالعادة، يبدأ باراك عهده بزيارة واشنطن ويهيئ لهذه الزيارة بالاجتماع مع الرئيس حسني مبارك والملك حسين. وأخيرا مع أبو عمار ( 11 تموز 1999). أما الهدف من هذه اللقاءات فكان لتعزيز صورته لدى الأمريكيين. وفي الوقت الذي كان أبو عمار يصر في هذا اللقاء، وفي كل لقاء آخر، على تنفيذ اتفاق "واي ريفر"، ووقف الاستيطان في رأس العامود، ووقف التعديات اليومية من المستوطنين، ورفع الحواجز العسكرية، كان باراك يتجنب الخوض في هذه القضايا لأنه يدرس كافة الموضوعات، ويحتاج بعض الوقت قبل أن يبدأ بالتنفيذ. أما أبو عمار فلا يحتاج إلى الكثير من الأدلة أو الوقائع أو البراهين ليصل إلى الاستنتاج الوحيد بأن باراك يتهرب من تنفيذ اتفاق "واي ريفر" . وقد قال أبو عمار بعد لقائه الثاني مع باراك في نهاية تموز 1999 بأن هذا الرجل مغرور ومصاب بعقدة العظمة، وأضاف "يتخيل باراك نفسه أنه بونابرت".  ولا ينسى أبو عمار لدى إعلان الموقف الفلسطيني الرسمي من لقائه مع باراك أن يبقى الباب مفتوحا، وحين يقرأ البيان الختامي عن اجتماع القيادة يمسك بقلمه الأحمر وهو يقول: البيان يجب أن يبقى معتدلا، لأن العالم يحتاج إلى وقت لمعرفة حقيقة باراك بأنه نسخه طبق الأصل عن نتنياهو، ويتفوق عليه في الغرور والغطرسة. إلا إن أبو عمار لا يعترض على التصريحات التي تصدر عن عدد من المسئولين والتي تعبر عن التشاؤم لعدم إحراز تقدم في اللقاء مع باراك.

وأخيرا عقدت في شرم الشيخ القمة المنتظرة برعاية الرئيس مبارك يوم 4/9/1999 وحضرها الملك عبد الله الثاني ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، وبموجبها اتفق على تمديد الفترة الانتقالية لمدة عام واحد أي إلى 13/9/2000،على أن تبدأ مفاوضات الوضع الدائم يوم 8/11/1999. وتعهد باراك بتنفيذ الانسحابات، وإعادة الانتشار التي نصت عليها مذكرة "واي ريفر" ، وفق جدول زمني محدد، وإطلاق سراح الأسرى الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق أوسلو في 13/9/1993.

 وكانت المفاجأة الكبرى لأبو عمار أن باراك قد أخذ يجري الاتصالات مع حافظ الأسد من خلال شخصيات يهودية أمريكية وأعضاء في الكونغرس بهدف إجراء مفاوضات سورية – إسرائيلية في واشنطن برعاية أمريكية. وبالفعل، اجتمع باراك مع وزير الخارجية  فاروق الشرع ورئيس الأركان حكمت الشهابي في بلير هاوس. وحين اكتشفت الصحافة أمر هذه اللقاءات السرية التي رتبها المليونير اليهودي "لاودر" أدرك أبو عمار أن مذكرة  شرم الشيخ هي ذر للرماد في العيون، وأن باراك لا ينوي تنفيذ ما وقع عليه، تماما كما فعل  نتنياهو.  وفقد أبو عمار صبره حين اكتشف أن الرئيس كلينتون قد اقتنع بدوره بأهمية المسار السوري وتغليبه على المسار الفلسطيني.  ووصل الأمر إلى عقد لقاء في جنيف بين الرئيسين كلينتون والأسد، وإن انتهى إلى الفشل في (آذار 2000).  وقد كشفت مصادر أمريكية أن فشل لقاء جنيف يعود إلى تراجع باراك في آخر لحظة تحت ضغط الرأي العام الإسرائيلي الذي يرفض التخلي عن الجولان تحت أي ظرف وبأية شروط. وعاد الأسد من جنيف وقد تدهورت حالته الصحية حيث فارق الحياة في أوائل حزيران 2000، وطويت صفحة المفاوضات السورية - الإسرائيلية حيث انشغل النظام في دمشق بتوريث بشار الأسد خلفا لأبيه.                                                                              

أما على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي، فإن اجتماعات لجنة التوجيه والمراقبة وصلت إلى طريق مسدود بعد 21 اجتماعا حول قضايا المرحلة النهائية عقدت في قاعدة بولينغ في واشنطن، وفي إيلات، بين آذار وأيار 2000. وانتهت بدورها إلى الفشل، وكذلك فشلت المفاوضات في القناة السرية في السويد.  وفي هذا الوقت طرح باراك أفكاره لإقامة دولة فلسطينية على 60% في مقابل تأجيل قضية القدس واللاجئين ورفع النسبة إلى 70% والى 78% من مساحة الضفة الغربية. وقد جرى تقديمها من عوديد عيران وجلعاد شير.  وفي الواقع، كانت أفكاره تقوم على قيام كانتونات فلسطينية مقطعة الأوصال بفعل الكتل الاستيطانية. وفي هذا الوقت أعلن باراك عن توسيع مستوطنة معاليه أدوميم، وطرد عرب الجهالين، وبهذا يكمل باراك ما بدأه نتنياهو بعزل القدس، وفصل شمال الضفة عن جنوبها بمستوطنة جبل أبو غنيم ومعاليه أدوميم. واعتبر باراك أن تنفيذ الاتفاق الموقع في "واي ريفر"  يسحب من يده أوراق الضغط على الطرف الفلسطيني.  فالانسحابات المقررة في "واي ريفر" تكاد تصل إلى استعادة مساحات كبيرة من الضفة الغربية وقطاع غزة وفرض السيطرة الأمنية والسياسية الفلسطينية عليها. وهذه السيطرة الفلسطينية هي ما كان يسعى وراءها أبو عمار في بروتوكول الخليل، وفي مذكرة "واي ريفر" ، وفي اتفاق قمة شرم الشيخ مع باراك حتى يصل إلى مفاوضات الوضع النهائي وهو في الموقع القوي على الأرض.                                                                                         

 وأقدم باراك على تسمين المستوطنات والاستيلاء على المزيد من الأرض حين أعاد الانتشار في الضفة بنسبة 6.1% في آذار 2000، ولم يطلق سراح أكثر من مائتي أسير فلسطيني. وفي الثامن من أيار 2000 وافق باراك، بضغط من كلينتون، على نقل القرى الثلاث حول القدس (أبو ديس والعيزرية والسواحرة الشرقية) للسلطة، وقد وافقت الحكومة و الكنيست على هذا النقل بأغلبية كبيرة، إلا أن باراك تراجع عن موافقته هذه تحت ضغط شركائه في الحكومة "المفدال" و"شاس" مما جعل التوتر يتصاعد في 15 أيار- يوم ذكرى النكبة، وأصيب العديد من المتظاهرين الفلسطينيين بالرصاص الحي، إضافة إلى تشديد الإجراءات العسكرية على الحواجز في الضفة وغزة.

 وفي هذا الشهر (24 أيار 2000) قام باراك بسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان دون قيد أو شرط. وهذا الانسحاب أثار حفيظة الجماهير الفلسطينية بعد أن تراجع باراك عن تسليم القرى الثلاث حول القدس للسلطة دون مبرر رغم موافقة الكنيست، وكان هذا التراجع صدمة كبيرة لأبو عمار الذي بدأ في ليلة موافقة الكنيست بإرسال المهندسين إلى القرى الثلاث لاختيار المكان الأنسب والعمل فيه على الفور، لتهيئة المهبط لمروحيته التي ظل يستخدمها على مدى سنوات للتنقل سواء بين غزة والضفة أو بين المدن في الضفة حيث لم يكن مسموحا له باستخدام السيارات.

ويبدو أن الرئيس كلينتون قد اقتنع أو أقنع نفسه بأن حل مأزق المفاوضات سيكون أسهل مع باراك، ولهذا جاءت المفاجأة الكبرى من الرئيس كلينتون الذي أرسل وزيرة الخارجية أولبرايت وهي تحمل الدعوة لعقد قمة برعايته في كامب ديفيد في تموز 2000، في الوقت الذي لم تحقق فيه المفاوضات سواء حول قضايا المرحلة الانتقالية أو قضايا الوضع النهائي أي تقدم يذكر، مما أوقع أبو عمار في حيرة من أمره، فهو لا يرى أن الظروف مناسبة لعقد قمة دون تحضير مسبق، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يرفض دعوة كلينتون الذي زاره في فلسطين زيارة تاريخية كان لها أصداء وتداعيات إيجابية على المستوى الدولي وكانت بمثابة اعتراف أمريكي بدولة فلسطين، وقص شريط المطار، وزار بيت لحم، وكان قد وقف في وجه مغامرات نتنياهو حتى سقط هذا الأخير من المسرح السياسي، بعد أن انتزع منه مذكرة "واي ريفر" التي أدت إلى انفراط التحالف الليكودي واليميني من حوله. ويبدو أن باراك قد نجح في إقناع كلينتون بعقد هذه القمة، معلنا استعداده لحل قضايا الوضع النهائي، معتبرا أن الانشغال بقضايا المرحلة الانتقالية ليس إلا مضيعة للوقت. وما دام الرئيس كلينتون في سنته الأخيرة في البيت الأبيض بل لم يبق له غير عدة أشهر، فإنه مثل أي رئيس أمريكي يداعبه خيال جامح لدخول سجل الخالدين في التاريخ.                                                       

وحين استجاب الرئيس كلينتون لطلب باراك عقد قمة كامب ديفيد مدفوعا  بطموح شخصي لإنهاء رئاسته بعمل كبير قد يمنحه جائزة نوبل للسلام ، حاول أبو عمار عبثا في لقائه معه في 15 حزيران 2000 أن يقنعه بتأجيل القمة لمدة شهرين على أن تتولى أولبرايت رعاية المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وكل ما استطاع أبو عمار الحصول عليه تعهد من كلينتون بألا يلقي باللوم على الجانب الفلسطيني في حال وقع الفشل الذي كان حتميا.  هكذا استغل باراك هذه الرغبة الجامحة لدخول التاريخ لدى الرئيس كلينتون لعقد قمة كامب ديفيد التي كان من المستحيل نجاحها.  فلم يكن هناك عناصر نجاح بل عناصر فشل تحيط بكل قضايا الوضع النهائي والتسوية الدائمة، ناهيك عن عدم تنفيذ إعادة الانتشار المقررة في مذكرة "واي ريفر" رغم تعهد باراك بالتنفيذ أكثر من مرة.

والمفارقة أنه حين بدأت القمة في 11 تموز 2000 اختفى باراك عن الأنظار، ولم يلتق مع أبوعمار وجها لوجه سوى على مائدة الطعام مع أولبرايت، وأما المفاوضات فقد أدارها كلينتون بالنيابة عن باراك الذي اعتكف في مسكنه في كامب ديفيد وحرك لجانه التفاوضية لتجتمع وتناقش مع اللجان التفاوضية الفلسطينية، وأما العروض فيقوم الرئيس كلينتون بتقديمها على أنها أفكار ومقترحات أمريكية ويوحي بأن إسرائيل قد توافق عليها. ولأول مرة في تاريخه يواجه أبو عمار وفريقه السؤال المصيري حول التسوية مع إسرائيل، هل تقوم على أساس تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية مقابل الاعتراف بوجود إسرائيل، أم أنها تخضع لموازين القوى في اللحظة الراهنة في تموز عام ألفين، ؟  الرئيس كلينتون يقدم مقترحات وحلولا، سواء من فريقه أو من باراك وفريقه، وكلها لا تأتي على ذكر القرارات الدولية أو الحقوق الوطنية بل على أساس الواقع الجديد الذي خلقته إسرائيل في القدس وقطاع غزة والضفة الغربية.  وهذا الحل الواقعي وفق موازين القوى الراهنة يجرد أبو عمار والقيادة كلها من وطنيتهم، ناهيك عن الرفض العربي والإسلامي لأي اتفاق يقوم على التسليم الفلسطيني بالوقائع المصطنعة التي أوجدتها إسرائيل في القدس والضفة. وتمترس أبو عمار وراء الحد الأدنى من الحقوق الوطنية كما حددها إعلان الاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية في عام 1988. وفي ذروة الأزمة في قمة كامب ديفيد حول القدس تلقيت اتصالا نادرا من أبو عمار، وكنت يومها في رام الله. وكعادته يكتفي أبو عمار بالإيحاء لشرح ما يريد إيصاله من رسائل.  وكرر أبو عمارعبارة مشهورة كان يرددها دائما "ليس فينا وليس منا وليس بيننا من يفرط بذرة من تراب أرض القدس". وأعطى الهاتف للدكتور نبيل شعث الذي أملى عليّ رسالة طويلة من أبو عمار إلى القادة والملوك العرب، وطلب إرسالها إلى عمرو موسى وأسامة الباز، وإلى الأمير سعود الفيصل، وإلى وزير خارجية الأردن عبد الإله الخطيب، وإلى ملك المغرب رئيس لجنة القدس.  وفحوى الرسالة أنه يرفض رفضا قاطعا الطروحات الإسرائيلية  والأمريكية والتي تصر على فرض السيادة الإسرائيلية على المدينة ومقدساتها.  ويطلب أبو عمار من القادة العرب التحرك والضغط على إدارة الرئيس كلينتون للتراجع عن هذه الطروحات التي لا يمكن قبولها تحت أي ظرف.  وفهمت من المكالمة والرسالة أن قمة كامب ديفيد قد فشلت أو أنها في طريقها للفشل لا محالة. فالقدس الشرقية حيث المسجد الأقصى وكنيسة القيامة هي خط أحمر. وبالفعل، انتهت قمة كامب ديفيد إلى الفشل بسبب قضية القدس ولم يفِ كلينتون بوعده وحمل مسؤولية الفشل لأبو عمار.   

وعاد أبو عمار يوم 26/7/2000 وكان في غاية الإحباط رغم الاستقبال الرسمي والشعبي الحاشد في مطار غزة الدولي، فلم يكن سهلا عليه أن يخسر دعم وتفهم الرئيس كلينتون.  ولهذا حرص في اجتماع القيادة وفي البيان الذي صدر بعد الاجتماع على تجاهل موقف كلينتون الذي حمله مسؤولية الفشل. وفي البيان أضاف أبو عمار بخط يده استعداده لمزيد من المفاوضات، وأن الباب لم يغلق أمام مبادرات جديدة قد يقوم كلينتون بتقديمها قبل أن  يودع البيت الأبيض.  لكن الفشل في قمة كامب ديفيد لا يمكن إخفاؤه. وانتشرت وقائع المفاوضات في كامب ديفيد على كل  شفة ولسان. ولأول مرة أدرك الجميع عندنا أن الحل المطروح يحرمهم من القدس ويبقيها تحت السيادة الإسرائيلية، وهذه وحدها كافية لتفجير الوضع برمته. وقد ضبط أبو عمار أعصابه ولم يصدر تصريحات عنيفة كما حدث في هبة النفق أو بعد بناء مستوطنة "هارحوما" في جبل أبو غنيم. كان ينتظر انفراجا ما ربما من تحرك أوروبي وربما من كلينتون. ولكن لا شيء من هذا حتى وقع المحظور في 28/9/2000 حين قرر شارون، بموافقة باراك، زيارة الحرم القدسي. هذه الزيارة المشئومة التي أدت إلى اندلاع انتفاضة الأقصى وتفجير الوضع الأمني.                                                                                              

إن تناول الأسباب التي أدت إلى فشل قمة كامب ديفيد، والى اندلاع انتفاضة الأقصى، لا يمكن حصرها بالمواقف الإسرائيلية التي أعلن باراك التزامه بها أمام حكومته الائتلافية، بل لا بد من البحث عن الأسباب التي جعلت الرئيس كلينتون "الوسيط النزيه "في مفاوضات المرحلة الانتقالية في "واي ريفر" تشرين الثاني 1998 ينقلب فجأة في مفاوضات الوضع النهائي في كامب ديفيد ( تموز2000) إلى مدافع عنيد عن حلول وسيطة في كل قضايا الوضع النهائي، إلى الدرجة التي دفعت أبو عمار أن يقول لكلينتون، وبلهجة استنكارية، حين تعرض كلينتون لقضية القدس ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية، " إن أحد حراسي سيطلق علي النار إذا وافقت على اقتراحك، وأدعوك منذ الآن لحضور جنازتي".

 وهكذا، حين تهرب باراك من تنفيذ الانسحابات المقررة في أوسلو -2، وفي بروتوكول الخليل، وفي مذكرة "واي ريفر" ، واقنع كلينتون بعقد قمة كامب ديفيد للتسوية الدائمة، فإنه انتقل ومعه كلينتون إلى الموقع القوي حيث يجري البحث عن الحلول الوسط على أساس وانطلاقا من الأمر الواقع الذي خلقته إسرائيل باحتلالها الطويل للضفة والقطاع والقدس.  ومن ذهب لمرة واحدة إلى أمريكا مستحيل أن يصدق أن أية إدارة أمريكية يمكن أن تقف إلى جانب الحقوق الوطنية الفلسطينية، فالثقافة الأميركية مشبعة تماما بأساطير التوراة حول فلسطين، فأورشليم بدل القدس، ويهودا والسامرة بدل الضفة الغربية، وأرض فلسطين أعطاها الرب لبني إسرائيل وذريتهم، وهي أرض الميعاد وأرض السمن والعسل، وهناك في القدس كما تقول التوراة والأساطير: هيكل سليمان وجبل الهيكل ومدينة داود والحوض المقدس وحارة اليهود.  وفي ضوء هذه الثقافة السائدة في أمريكا، والتي توجه السياسة الأمريكية ذات الطبيعة العملية، كان واضحا أن الرئيس كلينتون بعيد كل البعد عن إدراك وفهم الموقف الفلسطيني في مفاوضات الوضع النهائي.

 فأبو عمار، الذي اعترف بإسرائيل وقبل  بقيام الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 وتجاوز قرار التقسيم 181 ،لا يمكنه أن يقبل بأي شكل من أشكال السيادة الإسرائيلية على القدس الشريف، لأن اليهود يعتقدون بوجود الهيكل في مكان حيث المسجد الأقصى المبارك.  ومن حقهم أن يؤمنوا بقصص التوراة واعتبارها معتقدات دينية لا يمكن إلغاؤها أو إنكارها.  إلا أن هذه المعتقدات الدينية لا يمكن أن تتحول إلى سيادة سياسية لإسرائيل على المسجد الأقصى، لأن هذه السيادة تمس العرب والمسلمين في عقيدتهم ودينهم. كذلك، لا يمكن أن يقبل أبو عمار بالسيطرة الإسرائيلية على الحدود البرية والبحرية وحتى الأجواء. واللاجئون يجب ان تحل قضيتهم على أساس القرار 194.

 وقد قدم كلينتون مقترحاته الأخيرة وفيها تعديل طفيف حول السيادة الفلسطينية على القدس الشريف. إلا أن الفشل كان يلحق بكل هذه المبادرات، لأنها تجاهلت في الجوهر الحقوق الوطنية الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية وانحازت لمعتقدات من الأساطير التوراتية التي نفخت فيها الحركة الصهيونية الحياة من جديد على وقع الهولوكوست، ومعسكرات الإبادة، وغرف الغاز التي تعرض لها اليهود على يد النازية. وانتصر كلينتون للأساطير والواقع المصطنع وهو يطرح الحل الوسط على حساب التاريخ الحي الممتد منذ آلاف السنين.

 وهكذا فشلت كامب ديفيد لعجز الوسيط الأمريكي عن فهم التضحية الهائلة التي قدمها أبو عمار وهو يعترف بإسرائيل على 78% من أرض فلسطين التاريخية، وكان يريد مقابل هذه التضحية وهذا الإعتراف أن يحصل لشعبه على دولة مستقلة في حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها دون تفريط بمتر واحد من هذه الأرض في القدس أو في الضفة وغزة.  ولقد انحاز كلينتون بالكامل للأساطير التوراتية والوقائع المصطنعة، ولهذا فشلت قمة كامب ديفيد.

 أما باراك فقد كان مكشوفا أمام أبو عمار سواء في مواقفه أو ممارساته على الأرض، وحتى في كامب ديفيد حين رفض إجراء أية مفاوضات مع أبو عمار وقضى الأسبوعين مختبئا وراء كلينتون، وكان خلالها يفبرك الروايات للصحف الإسرائيلية عن بطولاته الوهمية في المفاوضات للظهور أمام الإسرائيليين بأنه المدافع القوي عن إسرائيل والإسرائيليين وتحقيق الأمن المستحيل لهم، حيث ادعى أنه لم  يتنازل عن شيء سواء في القدس أو المستوطنات أو اللاجئين أو الحدود. والمفارقة أن باراك أخذ يدلي بعد فشل قمة كامب ديفيد بتصريحات يدعي فيها أنه "لا يوجد شريك فلسطيني" لتحقيق التسوية والأمن والسلام بين الجانبين، وأن هدفه من قمة كامب ديفيد كان فضح ياسر عرفات وكشف القناع الزائف عن وجهه.  إلا أن كل هذه الحملة ضد أبو عمار من باراك ومن الرئيس كلينتون لم تنفع باراك في شيء.  أما حقيقة ما حدث في كامب ديفيد وبعدها فإنه يؤكد بكل جلاء أن باراك كان يبحث عن حلول أمنية وليس سياسية، وقد أحسن استغلال القابلية العالية للرئيس كلينتون لتحقيق إنجاز يختم به حياته السياسية الحافلة.  وقد وظف باراك لهذا الغرض دنيس روس وفريقه، والذين يؤمنون بأساطير التوراة التي تشبّعت بها الثقافة الأمريكية وأداتها القوية البراغماتية الأمريكية لحماية الوقائع الإسرائيلية المصطنعة في القدس والضفة، ولم تكن كل مقترحات كلينتون إلا حلولا وسطية لا يمكن قبولها حتى تلك الأخيرة التي أخذها كلينتون معه وهو يغادر البيت الأبيض.

 وهنا لا بد من تحديد ضوابط الموقف الوطني الفلسطيني الذي عبر عنه أبو عمار هناك، أولا، حقيقة لا تقبل النقاش وهي تمسك أبو عمار المطلق- مقابل الاعتراف بإسرائيل- بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف، وهي الأرض التي بقيت من فلسطين التاريخية بعد نكبة عام 1948، وهذه الأرض هي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وليس هناك تفويض لأي قيادة بالتنازل عنها جزئيا أو كليا. ولهذا لا يمكن القبول ببقاء المستوطنات أو قوات الاحتلال على نهر الأردن، وأما القدس الشرقية فوضعها السياسي والديني يجعل من المستحيل على أية قيادة أن تقبل بالسيادة الإسرائيلية عليها، حتى لو أحاطتها إسرائيل من كل جهاتها بالمستوطنات وأقامت  حولها الجدار العنصري. مع العلم أنه توجد حلول لقضية حائط المبكى من خلال تأمين حرية الوصول لكل الأماكن المقدسة من أتباع الديانات الثلاث.

 إن الأرض والقدس الشرقية  والحدود لا يمكن أن تكون فيها حلول وسط أو أية ترتيبات مشتركة.  وهذه الثوابت الوطنية الفلسطينية من الصعب على الرئيس كلينتون أن يستوعبها وهو يرى موازين القوى والواقع على الأرض الذي شوهته إسرائيل بالإستيطان، بحيث أخذ يعتقد أن من مصلحة الفلسطينيين إنقاذ ما يمكن إنقاذه وليس التمسك بالثوابت الوطنية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.  كانت التسوية المطروحة في كامب ديفيد تسوية الأمر الواقع والوقائع المصطنعة، ولهذا كانت تسوية مستحيلة لأنها تسوية واقعية تعتمد معطيات الوضع الراهن وموازين القوى الراهنة  ولا يمكن انتزاع الموافقة الفلسطينية عليها. وقد تجاهل كلينتون كلية أهمية الإعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل- وهو الإعتراف الذي أدى إلى اعتراف كثير من دول العالم بإسرائيل- وكان أبو عمار طوال أيام كامب ديفيد غير مستعد لأي مساومة على أساس الأمر الواقع، فهو قدم ثمن الدولة منذ عام 1988 حين اعترف بإسرائيل، وليس لديه ما يقدمه من الأراضي أو الحقوق أو المقدسات الواقعة في الضفة والقدس وغزة لأنه يكون بذلك قد ألغى بيده حقوق شعبه ومستقبله في وطنه.                                                                                          

وأخيرا، دفع باراك الوضع إلى الانفجار في أواخر أيلول 2000 حين وافق على زيارة شارون لساحة المسجد الأقصى، حيث شكلت الزيارة الصاعق المفجر لكل الأوضاع الأمنية والسياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. إنها القدس مفجرة الحرب وصانعة السلام.  هذا هو السيناريو الذي سار فيه باراك حتى تفجرت الأوضاع واندلعت انتفاضة الأقصى.  وقد يبدو غريبا لحامل الميدالية المميزة أن يقول سياسي  إسرائيلي عنه بعد فشل قمة كامب ديفيد  "إن باراك هو أجهل القادة الإسرائيليين بالفلسطينيين "، وإن غطرسة القوة التي تربى عليها باراك جعلته ينظر لكل قضية من الزاوية الأمنية بما يخدم مصالح إسرائيل كما يراها،  ولا يولي أية أهمية للجانب السياسي. وفي الحقيقة، فإن باراك خلال خدمته الطويلة في الجيش الإسرائيلي كان على الدوام رأس الحربة في جرائم الاغتيال ضد القيادات الفلسطينية، وحتى بعد توقيع اتفاق أوسلو لم يسع لإقامة أية علاقات سياسية أو اجتماعية مع المسئولين الفلسطينيين.  وبسبب هذا التكوين الإيديولوجي والعسكري المتعصب، ومشاركته الفعلية في جرائم الاغتيالات في بيروت وتونس ومقديشو وعنتيبي - وهناك من يجزم أنه أطلق النار على دلال المغربي قائدة العملية البحرية وهي تلفظ أنفاسها.  كان باراك ينطلق في كامب ديفيد من نظرة أمنية ضيقة إلى أعداء لا يمكن أن يقوم بينه وبينهم أية علاقات أو سلام.  وحين تفجرت الأوضاع الأمنية بعد زيارة شارون المشئومة للأقصى لم يتردد باراك في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين الفلسطينيين.  وبعد أسبوع واحد من اندلاع انتفاضة الأقصى كان باراك وراء استخدام المروحيات لقصف المراكز الأمنية الفلسطينية، وقصفت طائرة مقاتلة (اف 16) بالصواريخ مراكز أمنية في مدينة رام الله والسجن في مدينة نابلس.  وعلى أساس استخدام هذا العنف المفرط ضد الفلسطينيين كبرنامج انتخابي، قدم باراك استقالته في 9-12-2000، وحدد موعد الانتخابات في 6 شباط 2001، وأعلن ترشيح نفسه مرة ثانية رئيسا للحكومة الإسرائيلية معتقدا أنه الأكفأ في محاربة الفلسطينيين وكسر شوكتهم، إلا أن شارون، مرشح الليكود، فاز عليه بنسبة بدت غير معقولة حيث حصل شارون على 62% وحصل باراك على 37% فقط من أصوات الناخبين.  هذا هو زعيم حزب "العمل" الذي طواه النسيان  بعد ذلك طوال سنوات، ولم يعد إلى الساحة السياسية وزيرا للدفاع إلا في حكومة اولمرت، وبعد ذلك تحت جناح بنيامين نتنياهو.  وحين رفض نواب حزب "العمل" الاستمرار في حكومة نتنياهو الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل، خرج باراك من حزب "العمل" وأسس حزب "الاستقلال" ليبقى وزيرا للدفاع تحت قيادة نتنياهو ضاربا عرض الحائط حزب "العمل" ومعلمه رابين.                                                               

هل كان ممكنا تفسير مواقف باراك في قمة كامب ديفيد في عام ألفين بقيامه في عام 2011 بالإنسلاخ عن حزب "العمل" وتأسيس حزب "الاستقلال" وبقائه وزيرا للدفاع تحت عباءة نتنياهو ومعه أربعة نواب انضموا إليه وتركوا حزب "العمل"؟ .                                                            سؤال كبير ومحير، وقد لا تساعد الإجابة عليه في تصحيح قراءة أحداث الماضي القريب، فقد وقعت وانتهى الوضع إلى ما نحن فيه اليوم على أبواب المجهول الذي كان الفضل لباراك في الوصول إليه، فهو من معسكر السلام الذي قضى على السلام، ومن حزب "العمل" الذي أنهى الدور القيادي لحزب "العمل". فخلال خمسة أشهر من اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى بداية آذار 2001 أعلن باراك الحرب في حملة "حقل الأشواك "ضد الشعب الفلسطيني وضد السلطة الوطنية ومكوناتها.  إنها حرب ضد الشعب الفلسطيني لقتل إرادته وتركيعه. وكل هذه الحرب الدموية تجري على مرأى ومسمع العالم، ويقودها قائد لإسرائيل يدعي أنه يسعى للسلام ويدعمه الرئيس كلينتون حين يضع اللوم على ياسر عرفات لفشل كامب ديفيد، ويقف إلى جانب باراك مدعيا أن هذا الأخير رجل سلام.

 القوى المؤثرة والمقررة في أوروبا وقفت متفرجة باستثناء الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي جمع أبو عمار وباراك في باريس- ولكن دون جدوى، ولم يعد أمام باراك خطوطا حمراء، بل وضع رؤيته الأمنية المدمرة لسحق الوجود والتاريخ الفلسطيني من الذاكرة ومن الواقع.  وهنا لابد من إنصاف ياسر عرفات، الذي اتهمه باراك بأنه "عدو السلام". أبو عمار وحده وضع معادلة السلام الممكن بين فلسطين وإسرائيل سواء في زمن باراك وحروبه، ومن قبله نتنياهو ومغامراته، ومن بعدهما شارون ومن بعده نتنياهو الذي  يصعد من جديد، فليس هناك غير معادلة السلام الممكن التي قدمها رجل اسمه ياسر عرفات، ودفع حياته ثمنا من أجلها.  لن يكون هناك سلام بين الشعبين إلا بالعودة إلى معادلة السلام الممكن.

الفصل السادس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل الرابع والعشرون


الفصل الثالث والعشرون


الفصل الثاني والعشرون


الفصل العشرون


الفصل التاسع عشر


الفصل الثامن عشر


  الفصل السابع عشر
أحمد عبد الرحمن يروي شهادته : الانتفاضة الأولى تكسر الطوق وتعلن الاستقلال


الفصل السادس عشر

الفصل الخامس عشر




الفصل الرابع عشر


الفصل الثالث عشر



الفصل الثاني عشر

الفصل الحادي عشر


الفصل العاشر


الفصل التاسع


الفصل الثامن :

الفصل السابع:


الفصل السادس :


الفصل الخامس 


الفصل الرابع



التعليقات