أحمد عبد الرحمن يروي تفاصيل وصول أبو عمّار إلى طرابلس من قبرص .. ما قصة "السمك" ؟ وحكاية "العالم الجزائري" ؟

أحمد عبد الرحمن يروي تفاصيل وصول أبو عمّار إلى طرابلس من قبرص .. ما قصة "السمك" ؟ وحكاية "العالم الجزائري" ؟
صورة حصرية لدنيا الوطن اثناء وصول عرفات الى طرابلس
رام الله - دنيا الوطن
تواصل دنيا الوطن نشر كتاب أحمد عبد الرحمن أمين عام مجلس الوزراء في عهد الشهيد ياسر عرفات الذي أصدره بعنوان :"عشت في زمن عرفات" ..

الفصل الثالث عشر :

فعل الشجاعة الأكثر تألقا في حياته 

بعد هدوء استمر شهر آب 1983 بكامله أصدرت القيادة العسكرية السورية برئاسة غازي كنعان قرارا نهائيا بإخراج قواتنا من جميع مناطق البقاع. وكانت الأوامر من أبو عمار ومن أبو جهاد بعدم الاشتباك مع القوات السورية. وبدأت قواتنا التي يزيد تعدادها على ألفين وخمسمئة مقاتل تتحرك في جبال الهرمل بعيدا عن الطرق الرئيسة لتجنب الاحتكاك مع القوات السورية. أما بعض الوحدات في الجبل فقد استقرت في المناطق الدرزية بعد إخراجهم على يد القوات السورية من المتن والبقاع. وتسلل المئات من بحمدون وعالية إلى داخل المخيمات في بيروت، برج البراجنة وصبرا وشاتيلا، وعدد آخر وصل إلى مشارف صيدا، أما الجسم الأكبر فكان يقطع جبال الهرمل في مسيرة كبيرة باتجاه طرابلس  ومخيم نهر البارد والبداوي. وبعد هذا القرار الخطير الذي أصدره غازي كنعان تصاعدت حملتنا السياسية والإعلامية ضد النظام وضد حافظ الأسد، وتضاءل اهتمام وسائل الإعلام بالمنشقين. وتوضحت صورة الصراع على حقيقتها إنه نظام الأسد الذي يكمل المهمة التي بدأها شارون قبل عام واحد فقط. وسقطت دعوات التصحيح والإصلاح التي تشدق بها المنشقون. ووقفت حركة الانشقاق عارية مكشوفة ومفضوحة أمام الرأي العام الفلسطيني بأنها مجموعة من عملاء المخابرات السورية.

 وفي تلك الأيام الصعبة سمعت تصريحا لقدري "سميح كويك" وهو إلى جانب أبو صالح الذي أعطى شرعية ولو وهمية للمنشقين وقد قال قدري في تصريحه: إن حركة التصحيح تمسك الآن بزمام المبادرة التاريخية، وكتبت تعليقا ساخرا أقول فيه: وأخيرا فهم هذا الدعي أن زمام المبادرة التاريخية هو أن يكون ومن معه، أحجار شطرنج في يد المخابرات السورية، ونقول له: يا ليتك تمسك بزمام المبادرة التاريخية وأنت تقاتل إسرائيل وليس وأنت ألعوبة في يد المخابرات السورية ضد فتح يا ناكر الجميل، وهل سألت نفسك إلى أين ستصل بهذا التاريخ الذي تمسك بزمام مبادرته؟ وأنتم أيها المنشقون لستم إلا حصان طروادة للوصاية السورية وقد نسقط شهداء في هذا القتال دفاعا عن حركتنا الوطنية وعن قرارنا الوطني المستقل وعن حقنا في الكفاح المسلح من كل الأرض العربية ضد إسرائيل. أما أنت ومن معك فماذا سيقول عنكم التاريخ.؟ سأقول لك من الآن إن التاريخ سيكتب عنك وعن أمثالك كلمتين فقط "خائن الشعب."

وكنا في أوائل أيلول نتابع رحيل قواتنا بالأوامر السورية من شمال البقاع  إلى طرابلس. وفي الوقت نفسه فهناك معارك تشارك فيها قواتنا في الجبل في بحمدون وعالية والمناطق الدرزية لطرد قوات الكتائب اللبنانية التي احتلت هذه المناطق مع القوات الإسرائيلية. وقد شكلت قواتنا مع الشعبية والديمقراطية قوة حقيقية في الجبل تعمل مع وليد جنبلاط لتطهير المناطق الدرزية من سيطرة حزب الكتائب. واستطاعت إخراج الكتائب من كل هذه المناطق. وفي يوم 20 أيلول 1983 وفي الساعة السادسة من مساء ذلك اليوم المشهود قطعت إذاعة مونت كارلو نشرة الاخبار ليقول المذيع جاءنا الآن ما يلي: "قال مسؤول سوري كبير إن ياسر عرفات شوهد ظهر اليوم في جزيرة قبرص وأنه قد يكون توجه بحرا الى طرابلس."

نزل الخبر علي كأنه الصاعقة. وأسرعت أبحث عن أبو جهاد، وحين وجدته كان في حالة عصبية. فهذا الخبر معناه دعوة إسرائيل المسيطرة على البحر أن تقوم بإعتقال أبو عمار وربما قتله. وعدت إلى مركز الإعلام واتصلت مع نبيل درويش ورجوته أن يتوقف عن إذاعة الخبر في نشرات الأخبار اللاحقة. وتمكن من إقناع مدير الإذاعة بذلك. وأجريت اتصالا مع حكم بلعاوي في تونس وهو الذي يتولى الإشراف الكامل على دخول وخروج أبو عمار من تونس. فأبو عمار كان يجب أن يذهب الى جنيف لحضور مؤتمر للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وفهمت من حكم أن الحديث عن مؤتمر التضامن ليس إلا للتضليل. والآن انكشف الأمر وقد يقع أبو عمار في الأسر. وعدت لمقر أبو جهاد. وكان يجري اتصالاته مع رجاله في قبرص لمعرفة أخبار أبو عمار وأعلن حالة الإستنفار على طول سواحل طرابلس وأمر بتحريك كافة السفن وقوارب الصيد باتجاه قبرص لتضليل الزوارق الإسرائيلية التي ربما بدأت البحث عن سفينة أبو عمار بعد خبر مونت كارلو.

ولكن إذا كان أبو عمار قد تحرك ظهرا من قبرص باتجاه طرابلس فهناك سبع أو ثماني ساعات كانت سفينة أبو عمار خلالها قد قطعت تقريبا كل المسافة بين قبرص وطرابلس. ولا بد أنهم اختاروا سفينة سريعة، وليس سفينة تهريب محملة بالثلاجات وأجهزة الكهرباء.

وانتشرت الدوريات البرية على طول الشاطئ وظل الاستنفار قائما. ولكن أبو عمار لم يصل. وفي العاشرة ليلا عدت إلى الإعلام لمزيد من الإتصالات والأخبار ولكن لا جديد ولم تمض غير دقائق معدودة حتى كان فتحي رئيس حرس أبو عمار يقف أمامي ضاحكا  "الحمد لله وصل أبو عمار بسلام". قال فتحي.

_ أين هو الآن؟

وخرجت مسرعا مع فتحي. وكان المكان الذي وصله أبو عمار في مخيم البداوي لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن بنايات أبو النعيم حيث الإعلام. دخلت وكان أبو جهاد قد سبقني، إلا أن الرجل الذي صافحته وعانقته طويلا كان قليل الشبه بأبو عمار. فلم يكن قد خلع ملابس التنكر التي وصل طرابلس وهو يلبسها، ملابس مدنية ولفة بيضاء مزركشة وغريبة الشكل على رأسه. ولكن فرحتنا بوصوله سالما جعلتنا ننسى الإحباط الذي أصابنا بعد خبر مونت كارلو. وما ألطف الحوار الذي يمكن أن تسمعه بين الرجلين أبو عمار وأبو جهاد. وقرأ أبو جهاد هذا الاستغراب في عيني حول هذه الهيئة الغريبة لأبو عمار. فقال أبو جهاد ضاحكا _ يا أخ... هذا عالم جزائري لا تستغرب !!

ولدى أبو عمار الجواب ويقول لي مازحا: أنت لا تعرف شيئا، فمنذ فترة طويلة يأتي طلاب جزائريون لمعاهد دينية في طرابلس وهناك علماء جزائريون يأمون طرابلس لنفس الغرض، هذا تبادل ثقافي على مستوى العلماء من قديم. وحين أذاعت مونت كارلو الخبر عن مشاهدتي في قبرص كنت قد أصبحت قريبا من الشاطئ وعندها تركنا السفينة واستأجرنا قاربا صغيرا لصيد السمك، ودفعنا للصياد مائتي ليرة واشترينا ما كان اصطاده من السمك، وسيكون عشاؤكم هذه الليلة السمك الذي اصطاده. ودخل العالم الجزائري غرفة نومه وخرج علينا بعد لحظات بملابسه العسكرية ومسدسه الذي لا يفارقه واختفى العالم الجزائري ووصل القائد العام. الختيار أبو عمار إلى طرابلس في رحلة بحرية قال عنها محمود درويش: فعل الشجاعة الأكثر تألقا في حياته. واحتل خبر وصول أبو عمار إلى طرابلس صدر الصحافة العالمية والإذاعات ومحطات التلفزة وملأت صورته الصفحة الأولى من "فلسطين الثورة" وتحتها التصريح التالي: إن منظمة التحرير الفلسطينية ثورة عملاقة ولا يستطيع أحد أن يحتويها ولا يستطيع أحد أن يسيطر عليها، وسنحافظ على قرارنا الوطني المستقل، ولسنا اقليميين، ونحن ندعم القرار الوطني اللبناني. عودة أبو عمار أشاعت جوا من الثقة والأمل. ولكنها في الوقت نفسه جعلت غازي كنعان يتوجه بأمر من الأسد ليشرف بنفسه على القضاء النهائي على ياسر عرفات بعد هذا التحدي الذي أقدم عليه بالعودة إلى طرابلس.

كان ضباط سوريون وضباط من جيش التحرير ينقلون لأبو عمار وأبو جهاد أولا بأول كل التحركات العسكرية باتجاه طرابلس ومخيمي نهر البارد والبداوي. وكانت هناك قاعدة للقيادة العامة على مشارف مخيم البداوي من جهة الغرب، وهي ملاصقة تقريبا لبنايات أبو النعيم التي تحولت إلى قاعدة لنا، ففيها مكاتب الإعلام. وفي إحدى البنايات هناك العقيد عبد المعطي السبعاوي وضباط آخرون حولوا عدة شقق  إلى مكاتب لهم ولوحداتهم العسكرية وهناك من الجهة الجنوبية أرض واسعة مزروعة بأشجار الزيتون. وذات مساء في أواخر أيلول 83 سمعت إطلاق نار قريب، واستنفر الشباب والمرافقون. وتبين أن النار أطلقت من الجهة الجنوبية حيث أشجار الزيتون الكثيفة بإتجاه بناية أبو النعيم حيث نقيم ونعمل، وأن عدة رصاصات قد حطمت زجاج نافذة المطبخ المطل على الجهة الجنوبية. وما هي إلا دقائق حتى عاد شباب الحراسات ومعهم شاب قد ربطوا يديه، وكان في حالة مزرية حقا وتبين بعد الفحص أن الرصاص أطلق من الكلاشنكوف الذي كان بحوزته. وتسلمه العقيد عبد المعطي السبعاوي للتحقيق معه ولمعرفة الجهة التي ينتمي اليها ومن أمره باطلاق النار. وقال عبد المعطي: إنه من جماعة أحمد جبريل ومن القاعدة التي بجوار بنايات أبو النعيم. وحين علم شباب القيادة العامة أن أحدهم قد أمر هذا الشاب بإطلاق النار، دب الخلاف فيما بينهم. ومن كان ضد إطلاق النار غادر القاعدة، ولم يبق في القاعدة إلا عددا قليلا ولا أقول أنهم كانوا مع إطلاق النار ولكنهم ليسوا مستعدين للإلتحاق بجماعة أبو العباس. وفي النهاية كان لا بد من السيطرة على القاعدة. وبالفعل وفي نفس الليلة تم تجريد القاعدة من السلاح وترك الحرية لمن كان فيها بأن يذهب حيث يشاء. وقد ادعى أحمد جبريل أنه سقط شهداء كثيرون. وأما الحقيقة فلم يستشهد أحد على الإطلاق. وهذه الحادثة جعلتنا نشدد الحراسة على المكاتب والمراكز في مخيم البداوي.  وبعد شهرين حين سقط مخيم البداوي في يد القوات السورية والمنشقين وجبريل، أصر أحمد جبريل أن يأخذ صورة له وهو يقف في شرفة مكتب الإعلام في بنايات أبو النعيم، في رد على السيطرة على قاعدته بجانب مخيم البداوي.

أما في دمشق فقد أمر الأسد بمصادرة كل أملاك فتح في سوريا. وتحركت المخابرات السورية، ومن ورائها المنشقون، لاحتلال كل مكاتب فتح ومكاتب المنظمة في دمشق بما فيها مكتب الإعلام ومكتب وكالة الانباء الفلسطينية "وفا". وحمل هذا التصعيد في دمشق نذر المواجهة الوشيكة في الشمال. والمعلومات التي تصلنا تؤكد أن المعركة واقعة لا محالة. وفي أوائل أكتوبر 1983 وكان أبو عمار في جولة على القوات في جبل "تربل"الإستراتيجي طلب أبو عمار دعوة الضباط إلى اجتماع عاجل تحت أشجار الزيتون في سفح جبل تربل. وحضر الضباط والمسؤولون من كل المواقع من نهر البارد والبداوي وشواطئ طرابلس وجنوبها وقائد الميليشيا بلال أبو زيد ومسؤول التنظيم "أبو رفعت. "وتحدث أبو عمار بلغة عاطفية، وخشيت أن يفهم الشباب أن هذه اللغة تنم عن ضعف في موقفنا ولهذا طلبت الكلمة، وقلت لأبو عمار بالحرف الواحد: "أخي أبو عمار أنت اليوم قائد عام ولست قائد ثورة ولست رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، أنت جنرال يقود معركة، وعلى أساس هذه المعركة يتحدد مصير الثورة ومصير المنظمة ومصيرك ومصيرنا جميعا، فإما أن نعيش أحرارا وإما عبيدا لنظام الأسد. وهذه المعركة نخوضها بالسلاح، ولا توجد معركة في التاريخ دون ضحايا ودون إراقة دماء. نحن على حق وهم على باطل، وليس أمامنا إلا المواجهة في طرابلس كما واجهنا شارون في بيروت، وأنت قائدنا إلى النصر. هذه الكلمات جعلت أبو عمار يطير فرحا، فأنا قلت الكلمات التي يريدها لتعبئة الشباب. وقال كعادته في المواقف الصعبة "هبت رياح الجنة. "

وفي المساء أطلق المدفعي "عبد الرحيم"قذيفة إصابت مقرغرفة عمليات  قيادة المنشقين وقتلت عددا منهم. أما العقيد أبو طعان قائد الكفاح المسلح وهو قد سجن عشرين عاما في سوريا بعد هذه العملية، فقد هاجم كتيبة من المغاوير في الجيش السوري في منطقة "تلال العبدة"وأوقع في الكتيبة اصابات كثيرة، ولكن وقع في حركتنا فتح ما لم يكن في الحسبان. فقد قرر أربعة من الضباط الشباب ترك وحداتهم العسكرية والتوجه إلى دمشق. لأنهم ضد الاقتتال بين الأخوة وضد إراقة الدماء بين أخوة السلاح في حركة فتح. والضباط الشباب هم كمال الشيخ وعمر أبو ليلى وشاستري وأبو نضال بانكوك. وكانوا يعتقدون أنهم بهذا الموقف والذهاب إلى دمشق قد يحقنون الدماء. وقد اجتمعوا في دمشق مع أبو صالح وأبو موسى وأبو خالد العملة ومع أحمد جبريل. ويبدو أن أحدهم قد روى ما قلته أمام اجتماع الضباط مع أبو عمار في سفح جبل تربل تحت أشجار الزيتون. وسواء تمت الرواية هذه أمام أبو صالح أو أحمد جبريل، فقد وصلت على الفور إلى عبد الحليم خدام الذي تحدث في اليوم التالي أمام مجلس الشعب السوري وقال: إن أحمد عبد الرحمن قد طالب بإراقة الدماء. وأما أحمد جبريل فقد تحدث في مقابلة مع إذاعة مونت كارلو عن اجتماع الضباط مع أبو عمار وعن مطالبتي كما ادعى بإراقة الدماء. وكان الهدف واضحا تماما، فالقيادة السورية والمنشقون قد أعدوا العدة لمهاجمتنا في طرابلس، وهذا الاستغلال لما قلت، إنما يهدف إلى تحميلنا مسؤولية إراقة الدماء في هجومهم الوشيك على المخيمات وطرابلس.

وقد أجرى نبيل درويش مقابلة معي بعد حديث أحمد جبريل مباشرة وقلت في ردي عليه: إن من قام بالإنشقاق هو المسؤول عن إراقة الدماء. ومن يا أحمد جبريل نسف البناية في الفاكهاني؟ ومن دبر جريمة اغتيال حليم مساعد أبو جهاد في البقاع؟ ومن يطلق النار في قلب دمشق ويقتل شباب فتح وهم في مكاتبهم ومراكزهم؟ ومن يحشد قواته الآن حول المخيمات ومدينة طرابلس؟

ولم يطل الوقت حتى بدأ الهجوم السوري ومعه المنشقون وجبريل والليبيون على مخيم نهر البارد وعلى جبل تربل. واستخدم المنشقون والسوريون راجمات الصواريخ وقصفوا أحياء المخيم. وقد قام غازي كنعان بزج جيش التحرير الفلسطيني في هذه المعركة. ومساء يوم "17"اكتوبر 1983 فوجئنا بالتلفزيون السوري يقدم طارق الخضراء قائد جيش التحرير في سوريا. وإذا بهذا الضابط المغلوب على أمره والذي عليه أن ينفذ أوامر حافظ الأسد، يظهر بكامل ملابسه العسكرية ويقرأ البلاغ العسكري رقم واحد ضد أبو عمار. بما يذكرنا بالإنقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا لسنوات طويلة. وكانت كلمته من التلفزيون السوري أكبر دليل على ضلوع نظام الأسد في المؤامرة للقضاء على الثورة وعلى فتح. وبدأ طارق الخضراء بتنفيذ البلاغ العسكري رقم واحد بتوجيه راجمات الصواريخ لقصف مخيم نهر البارد. واعتقد أحد المنشقين أن سكان المخيم يرحبون بهم، فدخل المخيم عن طريق الحدود السورية. وبالصدفة كان هناك أشبال المخيم يقومون بنشاط في شوارع المخيم وما أن عرفوا هذا المنشق حتى هجموا عليه وطردوه ومزقوا قميصه وأحضروا قطعة من القميص إلى مخيم البداوي وقدموها إلى أبو عمار. وأخذ أبو عمار يردد مقولته الشهيرة "إن شبلا أو زهرة سيرفع علم فلسطين فوق كنائس ومساجد وأسوار القدس، يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنا لصادقون. "

ورغم اشتداد الهجوم على نهر البارد المستمر منذ عشرين يوما إلا أنني لم أنس صياد السمك الذي نقل أبو عمار في قاربه حتى أوصله سالما إلى اقرب نقطة إلى مخيم البداوي. وأخيرا ظهر صياد السمك الطرابلسي. وذكرتني ملامحه برواية الشيخ والبحر لأرنست همنجواي. إنه يعشق البحر منذ نعومة أظفاره، ووالده كان صيادا قبله، والمهنة "أكل العيش "لا أكثر. واصطحبته معي إلى حيث أبو عمار. وكنت قد رتبت مع التلفزيون الفرنسي أن ينقل هذا اللقاء بين أبو عمار وصياد السمك وصافحه أبو عمار ورحب به وكانت يد الصياد مشدودة تماما وكأنه قد شعر بالإرباك من هذا اللقاء غير المتوقع، ولكنه قال والتلفزيون الفرنسي يسجل: قلت في نفسي إنك رجل غريب، ولماذا تأتي في الليل وليس في النهار. ورغم أنك قلت لي إنك جزائري، ولكنني في ظل هذه المشاكل قلت في نفسي هذا الرجل فلسطيني.

وسأله المذيع: والآن ما هو شعورك حين عرفت أنه أبو عمار؟

_ وجاء جواب الصياد مذهلا: سأعيد له المائتين  التي أخذتها منه، فالله رزقني في تلك الليلة ما لم أحلم به في حياتي، أن أنقل أبو عمار في قاربي. وصافح أبو عمار الصياد وقبله وشكره. وأمر في اليوم التالي بشراء قارب للصياد من نوع جديد يعمل بالموتور وليس بالمجاذيف وقدمه هدية لهذا البحار الطرابلسي الذي لا ينسى.

وظهر في تلك الفترة مع فريق أبو جهاد الذي وصل معه من البقاع شاب لم أكن قد رأيته من قبل وهو عراقي الجنسية وإسمه "خالد سلام."وكان يعمل مع أبو جهاد في القسم الإعلامي وأحسست أن أبو عمار يريد إلحاق هذا الشاب بمكتبه وفريقه. وذهبت إلى أبو جهاد واقترحت عليه أن يعمل خالد سلام مع أبو عمار، ويبقى في الوقت نفسه على مرتب أبو جهاد. وكان هذا أغرب قرار اخذته لإزالة اية حساسية قد تنشأ. وفيما بعد، وبعد سنوات كنت وراء إلحاق خالد سلام بمكتب أبو عمار في تونس ليعمل إلى جانب بسام أبو شريف ومروان كنفاني وسهى الطويل، الذين شكلوا فريقا نادرا في مجال الإعلام. وفوجئت بعد فترة أن أبو عمار قد عين خالد سلام مستشارا اقتصاديا له. وحين لمع نجمه في مجال الإقتصاد والمال، لم تعد لي أية علاقة معه.

استمرت معركة مخيم نهرالبارد وجبل تربل حتى يوم السادس من نوفمبر 1983. وقرر أبو عمار إخلاء المخيم من المقاتلين، لأن المنشقين والسوريين وجبريل كانوا يقصفون المخيم ويوقعون الإصابات بين المدنيين ويعطلون الحياة، وقد أعلنوا أن القصف لن يتوقف عن المخيم إلا إذا خرجت "زمرة عرفات." وفي اليوم نفسه وقعت مظاهرات احتجاج غاضبة في مخيم اليرموك ضد هذه الجريمة التي يرتكبها النظام في سوريا ضد مخيم نهر البارد. واقتحمت القوات السورية مخيم اليرموك وأطلقت النار على المحتجين واعتقلت المئات. إلا أن هذا العدوان على مخيم نهر البارد قد حرك قادة العرب ووصل عدد من وزراء الخارجية من السعودية والجزائر والكويت واليمن الشمالي والجنوبي إلى دمشق وتم الاتفاق على وقف جديد لإطلاق النار بعد ثلاثة أيام من سقوط مخيم نهر البارد. وأعلن الملك حسين إدانته للعدوان وعبر عن تأييده للمنظمة. إلا أن نظام الأسد كان مصمما على مواصلة المعركة ضدنا لإخراجنا من طرابلس وكل شمال لبنان. ولم يصمد وقف إطلاق النار سوى أسبوع واحد حيث واصلت القوات السورية هجومها على مخيم البداوي ومنطقة القبة المحاذية للمخيم. وفي معركة البداوي التي استمرت عشرة أيام رفض جنود وضباط جيش التحرير أوامر اطلاق النار واقتحام المخيم وانضم خمسمائة ضابط وجندي إلى الشرعية وإلى المنظمة وبعضهم وصل إلى البداوي بالدبابات وبالسيارات العسكرية وبكامل أسلحتهم. وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين يتمرد جنود وضباط جيش التحرير على أوامر غازي كنعان وطارق الخضراء وأحمد جبريل.

 ومرة أخرى انشقت الصاعقة والقيادة العامة. وأما جبهة النضال فقد تراجعت مجموعتها إلى البقاع ورفضت القتال. و أصبحت القوة الأساسية هي القوة السورية بقيادة غازي كنعان، وتحت الضغط العربي والدولي حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف اطلاق النار وافق الأسد على إتفاق جديد لوقف اطلاق النار يوم 24/11/1983. إلا أن ضابطا من ضباط جيش التحرير وكان قد حضر اجتماعا مع قادة المنشقين وطارق الخضراء يوم 22/11/1983 نقل الخطة الجديدة التي يعدها غازي كنعان لمواصلة الهجوم على البداوي وحتى مدينة طرابلس فجر يوم 25/11/1983. وتقوم الخطة على اتهام أبو عمار بأنه جند خمسمئة من الإخوان المسلمين من سوريا والأردن ولا يمكن وقف الهجوم إلا بتسليمهم للقيادة السورية. وهذه الأكذوبة المفضوحة كانت لتبرير الهجوم الوشيك. إلا أنه في اليوم السابق للهجوم المقرر أي في 25/11/1983 تمت صفقة تبادل الأسرى بين المنظمة وإسرائيل حيث تقوم إسرائيل بإطلاق سراح أربعة آلاف فلسطيني اعتقلتهم رهينة من مخيمات لبنان حتى تقايض عليهم لاستعادة جنودها الستة الذين كانوا لدينا في طرابلس. وكانت الصفقة انتصارا مدويا لأبو عمار ولفتح وللمنظمة لدى كل أبناء الشعب الفلسطيني حيث تحركت المخيمات في لبنان تهلل وتكبر وتدعو بالسلامة لأبو عمار ومن معه فهو الذي أعاد أبناء المخيمات من الأسر الإسرائيلي. والآن أصبحت قوتنا وقيادتنا في مدينة طرابلس نفسها وفي حي الزاهرة بعد إخلاء مخيم البداوي بسبب القصف بالصواريخ والمدفعية لإرغامنا على إخلاء المخيم. وهذا ما أجبرنا عليه بالفعل. إلا أن نتائج المعركة السياسية كانت على النقيض من نتائج المعركة العسكرية. وهذه حالة نادرة في عالم السياسة أن تشكل معركة عسكرية خسارة كاملة للمنتصر فيها. بينما المهزوم عسكريا هو المنتصر سياسيا. ففي كل مكان يقف الشعب الفلسطيني مع ياسر عرفات ومع فتح ومع المنظمة ومع الشرعية. وأما الجبهتان الشعبية والديمقراطية وكانت لهما قيادة موحدة فقد أخذتا تصعدان ضد المنشقين وضد مهاجمة المخيمات وتقدمان العون لفتح حيثما أمكنهم ذلك وبخاصة من القائد العسكري للديمقراطية ممدوح نوفل، ومن نائب الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى. وفي الأرض المحتلة أخذت البلديات والجمعيات والقيادات الوطنية تصدر البيانات التي تدين هذا المنشق المارق "أبو موسى." وكان مفتي القدس سعد الدين العلمي قد أصدر فتوى لإستباحة دم حافظ الأسد. وذكر استطلاع للرأي أن شعبية أبو عمار في الأرض المحتلة فاقت نسبة 90%. وقد نقلت هذه التحليلات لنتائج المعركة لأبو عمار. فنحن أولا وأخيرا نريد الحفاظ على الشرعية وعلى قرارنا المستقل. وأما المنشقون فقد انتهى أمرهم كبديل لفتح وبديل لمنظمة التحرير.

وفي تلك الفترة وصلت سفينة مصرية إلى طرابلس وعليها أكثر من خمسين شخصية مصرية تمثل الأدباء والفنانين والسياسيين جاءوا تعبيرا عن وقوف الشعب المصري مع ياسر عرفات ضد هذه المؤامرة الدنيئة. وأذكر أن أحدهم قال لأبو عمار: مصر أكبر من كامب ديفيد والشعب المصري معكم وكامب ديفيد شقة مستأجرة في القاهرة وليست كل مصر. وكان أبو عمار يستمع لكل كلمة بكل جوارحه وعبر عن سعادته بما سمع وشكرهم على تحمل هذه الأخطار المحدقة نتيجة القصف السوري والإسرائيلي ووصولهم إلى طرابلس للتعبير عن هذا التضامن الرائع مع ثورة الشعب الفلسطيني. ولكن بعد عملية تبادل الأسرى في 24/11/1983 وسيطرة القوات الخاصة السورية على المخيمين البارد والبداوي، أصبح من الواضح أننا سنغادر طرابلس في نهاية الأمر. وبدأت الإتصالات السياسية مع السعودية ومع فرنسا ومع إيطاليا لترتيب الضمانات المطلوبة لخروج أبو عمار ورجاله دون أن تعترضهم القوات البحرية الإسرائيلية. وفي تلك الأيام من شهر ديسمبر 1983 راجت أخبار أن حافظ الأسد مريض وهو في غيبوبة، وأن رفعت الأسد قد تسلم السلطة وأن سرايا الدفاع تقوم بتوزيع صور رفعت في الأماكن العامة في دمشق. ولكن محاولات المخابرات السورية لقتل أبو عمار لم تتوقف ولهم رجالهم في طرابلس لرصد تحركات أبو عمار.

 وذات يوم كنا نتحرك في طرابلس باتجاه مكان آمن في إحدى البنايات، إلا أن لحظة نزولنا من السيارة قد رافقها قصف مدفعي وسقطت القذائف في ذات المنطقة التي كنا فيها وتحطمت إحدى السيارات التي أصابتها قذيفة مباشرة. إلا أننا أصبحنا الآن في الدور الأرضي تحت البناية المذكورة، وكان هذا المكان عبارة عن نادٍ ليلي مهجور ومليء بصور الممثلين والمغنين العرب والأجانب. وبجوار هذه البناية ترتفع مئذنة مسجد وفيها مكبرات للصوت بحيث يسمع الآذان في كل طرابلس. وفجأة سمعنا صوت رجل يقول بصوت عال من مكبرات الصوت الله أكبر الله أكبر جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، اليوم مات الطاغية، اليوم مات حافظ الأسد، والله انتقم للمظلومين من هذا الظالم. ومن كل أنحاء طرابلس بدأ الناس يعبرون عن فرحتهم باطلاق النار، ملايين الطلقات أطلقت خلال ساعة واحدة، وأبو عمار مذهول من هذا الذي يحدث فلو كان الخبر صحيحا فهو أول من يعرف. وأرسل أبو عمار مرافقيه لإحضار هذا الرجل الذي أعلن الخبر من مكبرات الصوت في  المسجد وجاء مع المرافقين رجل في الثلاثينات من عمره ولحيته تغطي وجهه والعرق يتصبب منه رغم برودة الجو. وسأله أبو عمار ومن أين يا بني عرفت هذا الخبر؟ ولم يتردد الرجل في القول إنها رؤيا يا أبو عمار، حافظ الأسد مات بفضل الله الذي انتقم للمظلومين من هذا الظالم. وقال أبو عمار لهذا الرجل: حافظ الأسد مريض وهذا صحيح ولكنه لم يمت ولو مات لعرف الناس جميعا وليس أنت وحدك، وأخلى أبو عمار سبيل هذا السلفي الذي جعل الناس يبددون أكثر من مليون طلقة وهم في أمس الحاجة للذخيرة. فطرابلس هي هدف حافظ الأسد ما دام فيها ياسر عرفات ورجاله. وكان القصف العشوائي لمدينة طرابلس وكذلك قطع الماء والكهرباء يهدف إلى تحريك السكان ضد أبو عمار ورجاله. ولكن طرابلس احتضنت أبو عمار كما فعلت بيروت. إلا أن للصمود والقدرة على الإحتمال حدودا. فالحرب الدائرة في طرابلس والمخيمات وكل مناطق الشمال في عكار وتربل والضنية كانت مكلفة للمواطنين فقد عطلت الحياة العامة وشلت عجلة الاقتصاد وأوقعت الضحايا دون تمييز. فطرابلس كما قال خدام لوفد من اللجنة التنفيذية ليست أعز على الأسد من حماة التي ألحق بها الأسد دمارا لم تعرفه في كل تاريخها الحديث.

ورغم هذا الحصار والقصف المستمر من ثلاثة أشهر فقد عبرت طرابلس بمليون طلقة عن فرحتها بموت حافظ الأسد، وبالتالي وقوفها الكامل مع ياسر عرفات وثورته. وبفعل صفقة تبادل الأسرى في 24/11/1983 والتدخل العربي وقطع المساعدة الكويتية عن سوريا والضغط السوفياتي والتحرك في مخيم اليرموك وغيره من المخيمات وارتفاع أصوات سورية شجاعة ضد جريمة الأسد في طرابلس، ومن بين هذه الأصوات صوت المناضل "ميشيل كيلو،" الذي كان يرسل لي من دمشق المقالات والتحليلات السياسية الموجهة للرأي العام السوري، وبالطبع دون إسمه. كل هذه التحركات جعلت من الممكن مغادرة طرابلس بأمان وبشكل مشرف في الوقت الذي كانت فيه المخابرات السورية تواصل عبر عيونها في طرابلس تتبع تحرك أبو عمار بهدف قتله قبل المغادرة. وفي يوم 17/12/1983 غادرت السفينة الأولى التي تحمل الجرحى ميناء طرابلس. وفي اليوم الثاني دمرت القذائف السورية والإسرائيلية السفينة التي تنقل المعدات والأجهزة والسيارات ودمرت ما كنا نسميه ميناء أبو عمار في طرابلس والذي تم إنشاء رصيف له لتفريغ السفينة التي تحمل السلاح المرسل من ألمانيا الديمقراطية، وكذلك السفينة التي تحمل الصواريخ من كوريا الشمالية. وفي الحقيقة فإن القصف الإسرائيلي بعد تبادل الأسرى قد تضاءل كثيرا، أما القصف السوري فقد تواصل واشتد طوال الأسبوع الأخير الذي سبق مغادرتنا لطرابلس. وفي يوم 18/12/1983 رافقت أبو عمار لزيارة مينائه والذي تقترب منه السفن التي ستقلنا. وفي لحظة اقترابنا من الميناء أخذت القذائف تتساقط على الرصيف وعلى الشوارع المحيطة وكان واضحا أن هناك رصدا دقيقا لتحركات أبو عمار بهدف قتله والتخلص منه قبل موعد مغادرته صباح يوم 20/12/1983 وكانت الساعات الأربع والعشرين ساعات مصيرية  فهل تغادر الشرعية الوطنية طرابلس وعلى رأسها قائدها ياسر عرفات أم أن حافظ الأسد سيتمكن في هذه الساعات العصيبة من التخلص من ياسر عرفات بقذيفة مدفعية أو بطلقة قناص. ولهذا كانت الاحتياطات الأمنية تقضي بإلغاء كل النشاطات العامة لأبو عمار في هذا اليوم. وعدم استقبال أحد سواء كان مودعا أو صاحب حاجة. ولمزيد من الحماية تم إيجاد مكان آمن لأبو عمار خارج منطقة الزهراء. والشخص الوحيد الذي قابله في ذلك المكان وهو دبلوماسي سعودي قدم من بيروت لينقل لأبو عمار التطمينات والضمانات الأمريكية والفرنسية ومرافقة السفن الحربية للبواخر من لحظة مغادرتها. أما الدور المصري فقد اتصل لطفي الخولي قبل أيام وأكد أن مصر سترسل طرادين لمرافقة السفن. أما المكان الذي بقي فيه أبو عمار هذه الساعات المصيرية فكان في وسط طرابلس وهو عبارة عن محل تجاري لبيع الأقمشة وله بابان، ويمتد من الشارع العام إلى الداخل عشرات الأمتار. والبنايات هناك متلاصقة ولا مجال لأي قذيفة أو صاروخ للوصول إلى أبو عمار. وبالطبع لم تتوقف القذائف العشوائية عن التساقط في الشوارع وفي الأحياء وكان التركيز على منطقة الميناء حيث لدى المخابرات السورية إقتناع بأن أبو عمار سيكون في أقرب نقطة من البواخر. ولهذا كان التركيز على هذه المنطقة بكل شوارعها وأحيائها. إلا أن أبو عمار كان في منطقة بعيدة تماما عن منطقة الميناء. وبعد انتهاء  اللقاء مع المندوب السعودي غادر من الباب الخلفي ونقلته سيارة أجرة إلى منطقة الزهراء حيث مركز قيادة أبو عمار ومن هناك عاد إلى بيروت. وفي صباح اليوم المشهود يوم 20 ديسمبر 1983 وفي الساعة العاشرة صباحا تحركت السيارة التي تقل أبو عمار من وسط طرابلس ومن الشارع الخلفي لمحل بيع الأقمشة ووصلت بأمن وسلام إلى الميناء الذي كان يعج بآلاف الناس الذين جاءوا لوداع المقاتلين وكلهم يهتفون بحياة أبو عمار. توقف أبو عمار لدقائق يودع الناس ويلوح لهم بيده ثم صعد إلى السفينة المتوجهة الى ميناء الحديدة في الجمهورية العربية اليمنية. وقبل أن أصعد السفينة والحق أبو عمار جاء أبو جهاد وقال لي كلمة واحدة: "اتفقنا على الإسماعيلية "ومضى مسرعا إلى السفينة التي ستنقله وأبو الهول إلى تونس.

الفصل الثاني عشر

الفصل الحادي عشر


الفصل العاشر


الفصل التاسع


الفصل الثامن :

الفصل السابع:


الفصل السادس :


الفصل الخامس 


الفصل الرابع