دنيا الوطن تنشر حصريا كتاب "صوت العاصفة" للكاتب نبيل عمرو ..الحلقة الثانية: البدايات. دمشق درعا1971

دنيا الوطن تنشر حصريا كتاب "صوت العاصفة" للكاتب نبيل عمرو ..الحلقة الثانية: البدايات. دمشق درعا1971
رام الله - دنيا الوطن
خص وزير الإعلام الأسبق وعضو المجلس الإستشاري لحركة فتح د نبيل عمرو صحيفة "دنيا الوطن" بنشر كتابه الجديد الذي صدر مؤخرا في رام الله والتي حمل عنوان "صوت العاصفة" ليحكي تجربته النضالية في الاعلام الى جانب تجاربه النضالية الأخرى على كافة المحافل الثورية .

وينقسم كتابه الى جزئين : يحمل كل جزء منهم حقبة تاريخية من زمن الثورة الفلسطينية ويتطرق الكاتب في الجزئين الى دور إذاعة الثورة الفلسطينية التي أصبحت الآن اذاعة صوت فلسطين في وتجربته الرائدة فيها على مدار سنين الثورة.

دنيا الوطن بدورها قامت بتجزئة الكتاب لنشره عبر صفحاتها على حلقات ليتمكن القاريء من الإطلاع عليه كاملا ففي الحلقة الثانية ننشر تجربته الاذاعية الاولى في صوت العاصفة بدرعا وشارع الشريفين.
                                 
تمهيد

بعد ما يقارب ثلث القرن، على صدور كتابي " ايام الحب والحصار"

 قررت اعادة طباعته، مع اضافة فصل جديد اليه، يحكي حكايتي الشخصية والمهنية مع اذاعة صوت العاصفة، والتي صار اسمها اذاعة صوت فلسطين، حين قررت القيادة السياسية تأسيس الاعلام الفلسطيني الموحد في العام 1974، في هبة وحدوية مشهودة لم تتوقف عند الاعلام، بل طالت اجهزة الامن، حيث تم تأسيس جهاز الامن الفلسطيني الموحد، واختار الاجماع الفلسطيني الشهيد صلاح خلف " ابو اياد " رئيسا له.

ايام الحب والحصار، يحكي تجربة الاذاعة الفلسطينية في بيروت، وخصوصا اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982، ورأيت ان اعيد نشر هذه التجربة، لعلها تكون مفيدة للاجيال الاذاعية والاعلامية التي تتداول الاثير، وتنشر في فضائه اللامتناهي ما يجدر ان ينشر عن فلسطين والقضية والوطن والمجتمع والناس والحلم.

قد يقول قائل .. لقد تغيرت الاذاعة على مدى ثلث قرن وتطورت الوسائل التقنية التي تحمل الصوت الى الاثير ثم الى المستمع، ودخل الى اللعبة المستمرة عناصر جديدة لم تكن من قبل، مثل الاقمار الصناعية والميكروفونات الاكثر دقة وحساسية، واجهزة التسجيل التي تزيد الصوت الادمي والموسيقي حلاوة فوق حلاوة.

وأقول.. هذا صحيح تماما .. الا ان الذي لا يتغير ابدا هو الجهد الآدمي، الذي يُشغِّلُ كل العناصر القديمة والجديدة، ويعطي للاجيال دروسا بليغة وفعالة في كيفية النجاح، وكيفية التأثير فما زالت الاذاعة هي وسيلة الاتصال الجماهيري الاولى، ورغم كل الطفرات الهائلة التي احرزها التلفزيون، الا انه لم يهزم الاذاعة، ولم يضعها في المقام الثاني، فمن اين لمليارات البشر الذين يقضون وقتا هاما من اوقات حياتهم اليومية في السيارات والشوارع والمنتزهات ان يشاهدوا التلفزيون، ويتخلوا عن الاذاعة التي هي في متناول اليد فالاذاعة تدل المواطن على الطرق وحالة الطقس والاخبار الطازجة، والاغنيات من لحظة ولادتها والحوارات التي صارت تتم على الهاتف ويشارك فيها الملايين.

غير ان للاذاعة الفلسطينية تميزا خاصا يمليه تميز الحالة الفلسطينية ذاتها، إن الوضع الاستثنائي للحياة الفلسطينية، افرز وضعا استثنائيا للاذاعة الفلسطينية، لم تكن الاذاعة الفلسطينية شبيهة باي اذاعة لاي كيان على وجه الارض، كانت تنطلق اساسا من فلسطين ثم من اي مكان يقبل اصحابه ان ننطلق منه لتملأ اثيرها اصواتٌ فلسطينية، الا انها كانت في معظم الاوقات، بعيدة عن ان تكون مالكة لحريتها ولمساحة ابداء الرأي والموقف دون قيود. واذا كانت الاذاعات الرسمية للدول تنطق باسم قياداتها السياسية صراحة، الا ان اذاعات الفلسطينيين كانت تنطق باسم الحلم  ولكن تحت اسقف واعتبارات الدول المضيفة، لذا كانت عرضة للتدمير وهذا ما حدث عندما اقتلعت الجرافات السورية محطتنا البدائية في درعا، ثم كانت عرضة للانتقال من مكان لآخر كما حدث مع اذاعة العاصفة اثناء معارك ايلول 1970.

وكانت عرضة للاغلاق، ولقد حدث ذلك مرتين او ثلاثة حين كانت قيادة الثورة تختلف مع القيادة المصرية وتقوم الاذاعة الفلسطينية بتغطية الموقف على نحو لا يرضي قيادة الدولة المضيفة، حدث ذلك في زمن عبد الناصر والسادات فيما بعد .

وفي الاضافة التي وضعتها في "الطبعة الثانية" حرصت على ان اسرد حكايتي، كتلميذ ساهم كثيرون في تعليمه وارشاده. وكشاهد على جهد جبار قام به متطوعون من الطلبة، تعلموا القراءة الاذاعية في ايام ثم تعلموا الكتابة كذلك، كان قائد هذه الفرقة الابداعية رجل متكامل الخلق والمواهب اسمه فؤاد ياسين.

وفي الاضافة كذلك تطرقت لأهم ما انتجته اذاعة العاصفة ثم اذاعة صوت فلسطين فيما بعد، وهي الاناشيد التي وصفها الكاتب العربي الكبير يوسف ادريس على انها "ثورة ابداعية في عالم الغناء العربي السياسي". وتحدثت عن تأسيس الاغنية وانتاجها، وتجهيز المذيع من الالف الى الياء، وصقل موهبة الكتابة عند المحللين والمعلقين، وكيف كانت القواعد المميزة للاذاعة الثورية صارمة الى حد بعيد، وكيف كان التطوير يأتي في وقته ما جعل الاذاعة الفلسطينية مواكبة لذوق الجمهور وشديدة التأثير فيه عبر الثقة والاقناع والتنويع والشجاعة تحت النار والخطر.

لم تكن الافكار والوقائع التي يتضمنها هذا الكتاب من صنعي، بل كنت المتلقي لكل من كان يعرض فكرة جديدة، او توجيها سديدا، وطيلة عملي الاذاعي الذي استغرق ما لا يقل عن خمسة عشر عاما، لا اذكر يوما واحدا مر دون ان يعلمني شخص ما شيئا جديدا.

حين قررت اعادة طباعة ": ايام الحب والحصار" واضفت إليه شهادتي عن الفترة التي سبقت تجربة الاذاعة المقاتلة في بيروت، كان في ذهني أن اقدم خلاصة تجربتي لابناء شعبنا الفلسطيني، ولمن يرغب من الاشقاء العرب، لعل طلبة الإعلام والعاملين في مجاله الرحب .. الحيوي والحساس والمؤثر يستفيدون ولو بفكرة .. هذا ما تمنيته منذ وضعت الكلمة الاولى في هذه المخطوطة..

الفصل الأول
البدايات. دمشق – درعا صيف العام 1971

=اخي نبيل ارجو ان تتجه الى غرفة مكتبك وتكلمني عبر الهاتف.
بادئ الامر ظننت ان السيد فؤاد ياسين مدير اذاعات الثورة الفلسطينية راغب في التحدث معي في امر شخصي ربما يندرج في خانة الاسرار !!
توجهت الى مكتبي، وطلبت من عامل البدالة ان يوصلني بفؤاد ياسين في الغرفة المجاورة .
=ها انذا اخاطبك من مكتبي .. قلت
=جيد وسأل كيف حالك ؟
=الحمد لله " كويس " 
=ارجو ان تُسمعني ابيات شعر تخطر ببالك 
قرأت ابياتا من الشعر القديم والحديث.
من القديم قرأت لامريء القيس نحاول ملكا او نموت فنعذرا، ومن الشعر الحديث لمحمود درويش لا يصل الحبيب الى الحبيب الا شهيدا او شريد.
=اشكرك باستطاعتك الحضور؟
افصح السيد فؤاد ياسين عن غرضه من هذا السلوك المفاجئ والغريب وقال...
" لقد نجحت في اختبار الصوت، واقترح عليك ان تنضم الى اذاعة صوت العاصفة .. واستطرد
وغدا سوف اصطحبك الى درعا لاجراء اختبار اكثر مهنية وبعدها نسافر معا الى القاهرة حيث تخضع لدورة تدريب مكثفة.
في اليوم التالي، توجهت معه الى درعا " المدينة الحدودية " وصلنا الى بيت صغير لا تتجاوز مساحته المائة متر مربع، وجدنا في استقبالنا رجلا كنت زاملته في جامعة دمشق حين كنت في السنة الاولى حقوق وهو في الرابعة.

قدمني السيد فؤاد ياسين " نبيل عمرو " مسؤول التنظيم الشعبي الفلسطيني في سوريا " فبادر احمد عبد الرحمن ولكن ببرود ظاهر اعرفه منذ سنتين او ثلاثة على ما اظن.

قلت مازحا كما لو انني ارد على بروده "المستهجن، كانت تجربتي معه فاشلة فقد ترشحت واياه في انتخابات اتحاد الطلبة ولم ننجح"
ضحكنا وعقب فؤاد ياسين الذي كان مشهورا بالتقاط الطرائف من بين ثنايا اي حديث يسمعه 
بالتأكيد فان المسؤول عن الفشل هو احمد
فوجئت بهزال الاذاعة التي كانت تزلزل المنطقة باصوات مذيعيها المميزين، وتعليقاتهم النارية، واناشيدها التعبوية القوية والساحرة. لم ارَ في المساحة الضيقة للبيت الريفي ما يشير الى اننا في اذاعة: لا مكاتب ولا استديوهات، سوى مكتب المدير الذي هو احمد عبد الرحمن، والى جوار غرفته غرفة نوم فسيحة تتراص فيها الأسرّة،كما لو انها مهجع جنود في معسكر وعلى الاسرة وحولها عدد قليل من الاشخاص يرتدون ملابس النوم اذ لا يوجد كما قال يحيى العمري المذيع الرئيسي انذاك، ما يدعو لارتداء ملابس اخرى.. فلا احد يرانا ولا نرى احداً.

بعد احتساء القهوة والتعرف على جميع العاملين وكانوا ثمانية دخل فؤاد في صلب الموضوع.

اخ احمد:- لقد اقترحت على صديقنا وصديقكم نبيل عمرو ان ينضم الى اذاعة العاصفة ولقد حضرنا من اجل اجراء تجربة صوتية ثانية له من داخل الاستديو.

اجاب احمد: لا مجال لذلك، اعذرني يا ابا صخر، فلا يوجد عندنا استديوهات تسجيل حتى نختبر الصوت ان لدينا استديو واحد يبث على الهواء ولا استطيع المجازفة باطلاق اختبار على البث المباشر.

=بوسعنا المجازفة بقراءة تنويه عن الموجات ولا اظن ان الامر سيستغرق اكثر من دقيقة، او بوسعنا اجراء التجربة اثناء توقف الاذاعة عن البث..

اسف مع احترامي لك كمسؤول عام للاذاعات الا انني هنا مسؤول الموقع ولا استطيع المجازفة بعمل كهذا 
تدخلت بعدما شعرت بان الحوار ينطوي على اهانة 
=ومن قال لكما انني بعد هذا الحوار يمكن ان اعمل في مكان كهذا، واضفت ساخرا إنه خرابة، قلت ذلك محاولا تثبيط همة احمد عبد الرحمن الذي تعامل معي كزائر متطفل لمحطة اذاعة اين منها الـ BBC.

نهضت واقفا وقلت مخاطبا فؤاد: انا مغادر الان الى دمشق ان كنت تحب البقاء فابقى بمفردك، وان احببت المغادرة معي فعلى الرحب والسعة 
كان فؤاد قد شعر مثلي بالاهانة وقال محتدا:- حضرنا معا ونغادر معا ونهض.

استبقه احمد همس في اذنه بكلمات قليلة ثم غادرنا المكان 
استبد بي فضول ملح، ماذا قال احمد لفؤاد همسا بالتأكيد انه امر متعلق بي
سألت فؤاد عن حديث الخلوة فاجاب بسؤال
هل بينك وبينه مشاكل او حساسيات او شيء كهذا ؟
اجبت:- منذ زمن لم اره ولا اعتقد ان بيننا اي شيء سلبي.
قال فؤاد:- غريب قال لي لو نبت في كف يدي شعر يمكن ان يصبح نبيل مذيعا .
ضحكنا وواصلنا الرحلة الى دمشق.

4 شارع الشريفين

غادر فؤاد الى القاهرة، ولم اعد افكر في عرضه. فلقد احبطني احمد عبد الرحمن، ونجح في صرف نظري تماما عن الفكرة فما الذي يدعوني الى انتظار ان ينبت الشعر في كفه حتى اصبح مذيعا ؟.

كان ذلك بعد ان كنا طردنا جميعا من الاردن، وانتقل عملنا الى دمشق، كانت سوريا قد اغلقت حدودها مع المملكة الهاشمية وحين قررت العودة الى عمان لاحضار زوجتي واكمال حياتنا في دمشق كان لابد من السفر الى القاهرة ومن هناك الى عمان فهذه هي الطريقة المتاحة لدخول العاصمة الاردنية التي كانت قبل شهور تحت سيطرتنا الكاملة

سافرت الى القاهرة بصحبة نقابي فلسطيني هو عضو في قيادة اتحاد عمال فلسطين "جبر الترك"، كان زميلي في دائرة التنظيم الشعبي، نزلنا في فندق متواضع انتظارا لموعد رحلة عمان .. طلب الي صديقي جبر ان ارافقه لزيارة مقر اتحاد عمال فلسطين في شارع جواد حسني بوسط القاهرة ولكي تصل الى هذا الشارع فلا بد من المرور عبر شارع قصر النيل احد اجمل شوارع القاهرة وسمته الاساسية انه يحتضن السينما التي كانت تحيي فيها كوكب الشرق ام كلثوم حفلتها الغنائية الشهرية، ثم تلج شارعا لا يزيد طوله عن المئة متر وهو كذلك اشهر شارع في الوطن العربي كونه يضم المبنى رقم "اربعة" الذي تنطلق منه اذاعة صوت العرب والقاهرة والشرق الاوسط والعاصفة فيما بعد، إنه شارع الشريفين.

امام المبنى التاريخي الداكن المكتوب على واجهته الاذاعة المصرية وجدت نفسي وجها لوجه مع فؤاد ياسين، كان يغلق باب سيارته ظن الرجل انني قادم بناء على اقتراحه حين التقينا في دمشق .. احتضنني بقوة وعانقني مظهرا كل ما  باستطاعته من سعادة لتلبيتي طلبه وقال 

=الى الاستديو

مشيت معه واعتذرت من صديقي جبر الذي وجد نفسه مضطرا لزيارة قيادته وحيدا دون ان يعرف كذلك انه سيضطر للسفر الى عمان وحيدا ايضا.

مصعد المبنى التاريخي يتحرك ببطء شديد صعودا ونزولا بين الطوابق ذات التصميم الهندسي القديم، حيث يفصل الطابق عن الاخر خمسة امتار ومنذ بناء الاذاعة في الثلاثينات لم يتغير المصعد ولم يتجدد الا ان الذين كانوا يتغيرون هم رواده من المذيعين والمطربين والممثلين والكتاب، كانت الهواية المفضلة لعم عبد الغني عامل المصعد والذي يحب تسمية نفسه بالمدير، هي معاكساته للركاب من الفنانين والمذيعين والنجوم واحتجازه لهم حتى يدفعوا له البقشيش ولو مرتين في اليوم، كان مسليا وشيقا وخفيف الظل. وصلنا الى الدور الثالث حيث صوت العاصفة، وجدت مقرا مهيبا أشعرني بضآلة مقر درعا .. كان مكتظا بالاستديوهات المكيفة والمعزولة بنسبة مائة بالمائة والمجهزة باحدث الميكروفونات واجهزة التسجيل، ومع ان المكاتب التي كانت في الاصل استديوهات صغيرة وضيقة بما في ذلك مكتب المدير الذي لا تزيد مساحته عن تسعة امتار مربعة الا ان شعورا بهيبة المكان سيطر علي منذ ولوجي الباب الخارجي الضخم، كان معظم كادر الاذاعة موجودا في تلك الساعة التاريخية بالنسبة لي، اذكر منهم الطيب عبد الرحيم نائب مدير الاذاعة، وعبد الشكور التوتنجي طالب كلية الطب وصاحب الصوت الذي تفتتح به الاذاعة حين تحولت من صوت العاصفة الى صوت فلسطين، وخالد مسمار الطالب الازهري صاحب الصوت الشجي السلس الذي يختصر المسافة بين حنجرته وقلوب المستمعين، وعارف سليم ( المميز المحترف) الذي توفي قبل اسابيع قليلة من كتابة هذه السطور، ورسمي ابو علي الاذاعي والاديب صاحب الكلام الساحر والصوت الاكثر سحرا، وبركات زلوم الذي يتكلم معك في اي امر كما لو انه يقرأ عليك نشرة اخبار لفرط اندماجه بعمله، ومن الكتاب يحيى رباح صاحب القلم الذي لا يتوقف عن التألق والتجدد، وزين العابدين الحسيني القاص الشهير ومعبود الاطفال، وعصام بسيسو رئيس قسم الاخبار، وعبلة الدجاني، ومديحة عرفات واسامة شراب، وعباس زرعي، وفؤاد عباس وآخرين، ربما اكون نسيت بعضهم  بعد مرور اكثر من ثلث قرن على لقائهم .

صفق فؤاد بيديه وهتف تعالوا جميعا للاحتفاء بزميلنا الجديد حضر الجميع بالفعل واقتادني فؤاد الى استوديو رقم 2، الذي يستخدم للتسجيلات وامر حسن ابو علي المهندس التاريخي للاذاعة بتجهيز معداته من اجل اختبار الصوت وناولني احدهم نشرة اخبار قديمة وقيل لي حين يرفع المهندس يده طالبا منك القراءة .. إبدأ

بدأت القراءة نظرت الى الحشد المتراص وراء زجاج الاستديو، كانوا جميعا ومن خلال حركة وجوههم وايديهم سعداء لسماع صوت جديد لشخص سوف يكون زميلا لهم 

قرأت عدة اسطر، لمحت اشارة المهندس بالتوقف ثم غادرت الاستوديو لسماع صوتي لاول مرة عبر ميكروفون الاذاعة 

كانت حفاوة الذين سأكون زميلا لهم، بمثابة تشجيع لا يقاوم على حسم امري باختيار هذا المكان لعملي الجديد، كان فؤاد ياسين وبحكم خبرته الاذاعية الطويلة والغنية مستعدا لتفهم الخوف الذي اثر على نبرات صوتي وانا اؤدي التجربة الاولى، وكان مستعدا كذلك لتفهم كثرة الاخطاء اللغوية ما لا يقل عن عشرين خطأ في ما لا يزيد عن عشرين سطرا .

انفض المحتفلون من حولي واصطحبني فؤاد الى غرفة مكتبه واغلق الباب فيما يشبه خلوة عمل.

تابعونا في الحلقة الثالثة من كتاب صوت العاصفة مع "الدرس الأول وبداية العمل"...


التعليقات