الحلقة الثانية..أحمد عبد الرحمن يكشف :أنا وأبو مازن بطاقة هويتنا من غزة ..سر موافقة أبو عمار على "أوسلو"..هل ندم عرفات بسبب انتفاضة الأقصى ؟

رام الله - دنيا الوطن
ابو عمار بادر بالاتصال بي وتبعه عدد من الاتصالات من بعض الاصدقاء والمقربين.
وبقيت في تونس الى يناير 1996 وهو الشهر الذي توفي الرئيس الفرنسي فرانسو متيران وبالصدفة كان ابو عمار سيحضر الى تونس ليشارك في جنازة متيران -ابو عمار كانت عادته لا يترك فرحا ولا ترحا الا ويحضره مجاملاً- وحينها تحدث الي احد الاصدقاء من القيادة وقال لي الاخوان غير موجودين وطلب مني ان اذهب لاستقبال ياسر عرفات فذهبت على الفور واستقبلته في المطار ...
ياسر عرفات -اهم رجل في العالم- كان دائما ينسى اخطاءك و يذكر محاسن الشخص اكثر من مساوئه الرئيس يحب ان يجمع حوله اكبر عدد من الناس كونه زعيم ولا يحكم على احد من خطأ .
في تلك الليلة وعلى عشاء جمعنا مع الاخ ابو ماهر , فقال لي ابو عمار انه لن يعرض عليه وظيفة بل يريد مني الذهاب الى غزة واتخاذ القرار هناك , ايقنت حينها ان البقاء في الخارج لا يجدي وان العودة الى الوطن هي الاهم خصوصا بعد ان بدأت بعض القيادات بالعودة الواحد تلو الاخر الى الداخل .
وللحقيقة عندما عاد ابو عمار الى غزة كانت غالبية القيادة في الخارج وعندما استقر بغزة صارت الاغلبية في الداخل "غزة".
اصطحبني الأخ أبو عمار بطائرة خاصة من مطار تونس الى مطار العريش "لوحدنا" واستقبلتنا السيارة في مطار العريش وعدنا باتجاه معبر رفح ومنه الى غزة .
دقق الضابط الاسرائيلي في الهويات يومها , فقد كانت اسرائيل تخشى من تكرار ما قام به ابو عمار من ادخال بعض المطلوبين لاسرائيل مثل ابو فراس الغربي وممدوح نوفل وجهاد العمارين .
نزل ابو عمار من السيارة كأنه يسلم على الضباط الفلسطينيين وانا بقيت في السيارة واخذ يتحدث الى الموجودين وهنا اتي ضابط اسرائيلي ودقق بشخصيتي مقارنة بالهوية ونظر الينا ثم مضينا بالعودة الى مقر الرئاسة بمدينة غزة عبورا من محافظات الوطن .
اثناء عودتي الى غزة مكث في الفندق مدة اربع شهور وكنت على عدم استقرار وعلى امل للعودة الى الخارج مرة اخرى, بدأت خلالها الانتخابات وانتهت الانتخابات الرئاسية والتشريعية .
تلك الفترة ولدت لدي قناعة بالمكوث في الداخل فهذه ارضي اذاً لماذا اسافر ولو رفعت حجرا من الشارع في نظري قد اكون خدمت البلد وبالمناسبة ليس لدي طموحات وانا فلسطيني حتى النخاع .
بالمناسبة كنت قد قدمت الى غزة في ايلول 1994 برفقة الرئيس ابو مازن وحصلنا على الهوية الفلسطينية من غزة ثم غادرنا الى تونس بعد خلاف بسيط مع الرئيس عرفات على طريقة استقبال الوفود والمهنئين بقدوم الرئيس الى غزة وحديثم عن تحرير فلسطين والمدن الفلسطينية وبعضهم يلقي له شعرا وهكذا..وابو عمار مرتاح جدا ونحن انتقدنا ذلك فتوتر الجو وزعل الرئيس وفي اليوم التالي عدنا الى تونس وابو مازن مكث سنة ثم عاد الى غزة وانا مكثت سنة ونصف الى ان اصطحبني ابو عمار معه من تونس الى غزة وكانت فترة اقامتنا بتونس نتسقط اخبار وخطايا السلطة بغزة ونتندر بها وكانت تصلنا مضخمة ..
وبقيت في غزة الى امرني الرئيس ابو عمار بالذهاب الى رام الله في 25 ايلول عام 2000 اي قبل ان تبدأ انتفاضة الاقصى بأيام وكانت الحركة سهلة بين غزة والضفة حتى ذلك الوقت .
بعد تشكيل الحكومة عينني ابو عمار وزير دولة وامينا عاما لمجلس الوزراء الفلسطيني الامر الذي رفضته في البداية وطالبت بوزارة الاعلام التي منحت آنذاك لياسر عبد ربه واقنعني المقربون بالمنصب الجديد وبقيت فيه 7 سنوات الى ان توفي ابو عمار وكنت من خلال عملي اصيغ البيانات الوزارية لمجلس الوزراء وناطقا رسميا باسم الحكومة الفلسطينية واستطيع القول انني خدمت الناس والمواطنين قدر المستطاع وبالمواقف السياسية التي عبرت عنها وبعدها الانتفاضة وما جري فيها .
فبمجرد تعييني ورد اسمي على وسائل الاعلام رايت الفرحة على وجوه الكثيرين وبادر الجميع يهنئني عل المنصب نفسه حتى زوجتي اتصلت بي من تونس انذاك وهنئتني بالمنصب الجديد.
ما أسباب انتفاضة الأقصى , وما هي نظرية عرفات للمواجهة ؟
في الواقع ..الذي حدث معنا اننا لم نكن نقدر هذه المكانة لاسرائيل هذه المكانة على المستوى الدولي ,والمستوي الدولي بصراحة شديدة هو اوروبا وامريكا, روسيا كانت غافلة في تلك الفترة. واقد بالمكانة انه لا يتسطيع احد المساس باسرائيل ..
الذي حدث انه كان اجتهادنا انه ما دام وقعنا على اوسلو وما دام اعترفنا باسرائيل "اعتراف متبادل" وابو عمار يحمل جائزة نوبل للسلام ,فبالتالي يمكننا ان نتصدى للاحتلال والاستيطان للضغط على حكومة اسرائيل , بمجرد العمليات داخل اسرائيل قلبت الدول العالمية ظهرها و.
بعد اغتيال رابين , هناك صبي دخل على الخط اسمه "نتنياهو" مبتديء ومراهق سياسي وبعدها اتى البونابرتي "باراك" وكان يتصرف وكأنه "بونابرتي" لدرجة انني اذكر وقتها ان ممثل الهند في الوقت قد جاءني الذي استلم فيه يهود باراك وقال : اود ان انقل لك نصيحة تبلغها للرئيس ابو عمار مفادها ان "باراك" جندي جاهل بمعرفة الناس "طولوا بالكم عليه وبلغوا ابو عمار ان يطوّل باله عليه لعله يعتدل ويصبح سياسياً".
ومنها مثلا ذهب اليه ابو عمار بزيارة الى بيته واستضافه ابو عمار فى الجراند بارك ولكن لا حياة لمن تنادي وكانت صدمة كبيرة فقال ابو عمار عن باراك " راسه قاسي ومش هيتغير"
الذي حصل ان الانتفاضة التي انفجرت بعد زيارة شارون للاقصى وطبعا نظرية المواجهة "لم يكن يعي ابو عمار ان المواجهة مثل ما هي مطروحة اليوم .
بالنسبة لنا كانت المواجهة هي ان تدفع بكل امكانياتك للمعركة .
ولكن ما ان بدأت المواجهة واصبح الدم اليهودي يراق من تفجير باصات ومطاعم وفنادق وسيارات وباصات الخ..) اخذ الموقف الدولي يتغير بشكل سريع ضدنا .. كنا نقول ان هذه المعركة كانت تفتقر الى هدف , ميدان المعركة كان "سداح مداح" ولم يكن تمييز بين المدنيين والعسكريين
كانت معركة وان لم نكن مقتنعين او مدركين اننا لم نمتلك وحدة الهدف ووحدة ميدان المعركة بمعنى اين هي المعركة "في الاراضي المحتلة ام اسرائيل" .
اخواننا في المنظمات الاسلامية لم يتوانوا ان تفلت الامور ليقوموا بضرب تل ابيب وحيفا ويافا والقدس الغربية ..بصراحة كانت موجهة ضد اوسلو لاسقاطها.
كان يجب توحيد الية المواجهة في الانتفاضة وان العمل الميداني يحتاج الى غرفة عمليات موحدة, بمعنى انه لم يكن من المناسب ان تنفذ حماس عملية بفندق بنتانيا تزامنت مع قمة بيروت وهو ما ادى الى مقتل عدد كبير من اليهود منهم بعض الناجين من الهولوكوست , فاجتاح على اثرها شارون مخيم جنين وبدات عملية السور الواقي , لكن حدث ما حدث .
لكن الذي واجهناه وفوجئنا به ان اسرائيل لها تأثير كبير في العالم والراي العام العالمي وكنا نتوقع ان عندنا حصانات دولية وعندنا جائزة نوبل للسلام عندنا كل يوم تصريحات واعترافات بدولة اسرائيل ونريد السلام ولكن ما لمسناه ان كل ما سبق كان دون جدوى فيما بعد تبين لنا ان الاوروبيين والامريكان لم يتحملوا جرح اسرائيلي ويعتقدون ان التسوية الفلسطينية الاسرائيلية تأتي من داخل الرضا الاسرائيلي ومن داخل القرار الاسرائيلي وليس من جهات مفروضة على اسرائيل.
وبالطبع امتدت الانتفاضة واصبح السيطرة عليها غير ممكن خصوصا مع حصار ابو عمار وان كان له نفوذ للحظة الاخيرة.
لا اريد ان اقول ان انتفاضة الاقصى كانت خسارة كاملة كما يقول البعض واعتقد ان انتفاضة الاقصى اتت بثمارها على الصعيد الدولي والموقف الدولي تبلور على ان الفلسطينيين من حقهم ان يكون لهم دولة مستقلة وذات سيادة.
بحكم علاقاتك بالرئيس ياسر عرفات هل كان هناك مراجعة بينك وبين الرئيس ابو عمار , لماذا وصلت الأمور لهذا الحد آنذاك ؟
كان يجري نقاش داخلي بيننا ولكن وظيفتي كمتحدث رسمي هو "انا لست بصانع السياسة" انا تابع رجل احترمه واعمل معه منذ 30 عاما فكان موقفي الاعلامي بالخارج هو تغطية مواقف وسياسة ياسر عرفات ولكن بيننا كنا نتحدث بقدر ما اعرف وكان يقول لي ممكن ان نوقف الانتفاضة اذا تلقينا عرضا سياسيا .
وكان شرطه الاساسي كل شيء ممكن ان يتغير ونستطيع ان نضغط على الشعب والفصائل كحماس والجبهة الشعبية وفتح وكتائب الاقصى في حال ان تسلمنا عرض سياسي ,و ثبت ان اسرائيل ليس لديها عرض سياسي لياسر عرفات تحديدا بمعنى هذا الرجل كونه زعيم تاريخي ومن قادة العالم الثالث المعروفين بعد جيفارا وكاسترو "شخصية عالمية" بمعنى انهم لا يريدون ان يسلموا له شيئا وخصوصا في البداية .. ابو عمار لا يستطيع الانحاء لاحد بالرغم من انه كان رجل يريد السلام العادل مثل الانسحاب من الارض التي احتلت في العام 1967م مترا مترا وفي المقدمة القدس وهذا هو المطلوب بالنسبة لياسر عرفات لقبول السلام.
وكانت تقول كونداليزا رايس ليس عندنا ما نقدمه لياسر عرفات.
حتى كلينتون الذي وضع اللوم على ياسر عرفات في "كامب ديفيد" كان يقول هذه كفارة حياتي عن الاخطاء التي ارتكبتها" وقد غير مرارا موقفه من القضية الفلسطينية من اجل دخول زوجته الكونجرس برضا اللوبي الصهيون "موقفه من القضية الفلسطينية لأجل دخول زوجته للكونجرس".
قضيتنا ستبقى حية بقدر ما نحن نحييها ..لو صمتنا وانكفأنا الى الداخل العالم سيعطينا ظهره ولكن كيف نبقي قضيتنا حية ؟
هناك الكثير من الاخوة وبصراحة متجمدين عند شكل ما من اشكال النضال لدرجة انهم توقفوا عنده ولم يتغيروا .
بصراحة..الثورة بحاجة الى ثورة ثقافية تحديدا لنصل الى قناعة جديدة لتحديد اشكال جديدة للنضال .
على سبيل المثال ما نتيجة ان كل يوم تحدث مشكلة يذهب البعض على حاجز قلنديا ويحرقون "كوشوكتين" ويرشقون "كم حجر" ويعودون ولد ( فقد عينه وآخر مقتول) وغير ذلك .
مثلا تذهب الى قلنديا وتسألهم ..لماذا انتم هنا ؟ شباب صغار في السن ويحتاجون الى تنظيم وما يهمني ان يعوا ما هي مهمات التنظيم؟ وهذه مسؤولية القيادة
الشكل النضالي الجديد في الضفة هو الشكل الجماهيري السائد على المستوى الدولي عشرات الالاف ومئات الالاف يتحركون مرة واحدة لتغيير واقعهم وفي حالتنا مع اسرائيل يجب ان نصل الى هذا الشكل , ونحن على ابوابه لان الحديث عن المقاومة الشعبية يجب ان يتجذر كشكل نضالي نفضله بكشكل اكبر ليعطينا الدعم والتعاطف الدولي ونحن على ابوابه ولكن يتطلب جهد وشكل جديد..
والتنظيم لابد ان يتسلح بنظرية جديدة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي والنظرية تقوم على حركة الجماهير المنظمة المسيسة التي ترفع الشعارات المحددة والواقعية وتحشد بعشرات الالاف ومعبأّة فكريا وسياسيا وثقافيا من اجل ابراز دورها على الساحة السياسية الفلسطينية , وبذلك تستطيع من خلال الحراك الجماهيري الواسع ان تجني الثمار وتقود الى التحرير بالشكل المطلوب ودون اللجوء للعنف.
تعلق الشعب الفلسطيني بتصريحاتك اليومية خلال حصار ابو عمار وكان احمد عبدالرحمن يخرج يوميا على الصحف والفضائيات بتصريحات ترفع من معنويات الشعب الفلسطيني .. هل كانت بالتنسيق مع ياسر عرفات ؟ وهل كان عرفات على علم بها او بينكم تنسيق لاطلاق مثل تلك التصريحات في ذلك الوقت؟
نعم كنت مع المقاومة بكافة اشكالها داخل الاراضي المحتلة , هذا موقفي صحيح كان رد فعلي عندما سألني احد الصحفيين عن حادثة تفجير باص يقل مدنيين في طريق مستوطنة "ايتمار" فأجبته " انهم تواجدوا في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ وماذا اتي بهم الى ارضنا وماذا يفعلون بها هذه ارض فلسطينية" واكدت لهم ان هذه المستوطنات غير شرعية ومقامة على اراضي المواطنين وان لا شرعية لوجود الاستيطان على الاراضي الفلسطينية سواء ان كان مدني ام عسكري والمسؤول عن قتلهم هو من اتي بهم الى هذا المكان , واوضحت انه من حقنا كفلسطينين ان نقوم بعمليات عسكرية او مدنية داخل المناطق الفلسطينية المحتلة لانهاء الاحتلال وانا بالمقابل ضد العمليات داخل اسرائيل .وكل الشرائع الدولية تحفظ لنا حقنا بمقاومة الاحتلال
بعد ذلك تعرضت لحرب كبيرة من قبل منظمات حقوق الانسان الاسرائيلية والمقربة من اسرائيل واتهموني بالتحريض على العنف والقتل .
ورددت عليهم انا لست مع قتل المدنيين هذا مكان فلسطيني وهم اتوا في الوقت الخطأ والمكان الخطأ وليس من حقهم ان يكونوا في ارضنا ..من اتي بهم هو المسؤول عن قتلهم.
وهكذا فأبو عمار هو من رباني ويعرفني فكرا وسياسة وليس هناك الغريب فيما اقول -بالنسبة له- بمعنى انني لا اصرح تصريحا قد يبدو غريبا له وهو يعرف اتجاهي بالكامل ويعرف كيف افكر وهناك تفاهم بيننا , حتي في تأزم المواقف المرتبطة بالشأن الاسرائيلي والدولي عندما صار هناك انحياز واضح في الوضع الدولي ضدنا كنت احاول معه بكل الطرق لوقف العمل داخل اسرائيل وضد المدنيين ولم يكن يملك السيطرة الكاملة ولكنه كان مصصم انه بدون ان يقدموا عرضا سياسيا مرضيا لن تتوقف الانتفاضة وليكن ما يكون.
هل ندم أبو عمّار بعد حصاره وكما يُقال "فلتت" من بين يديه ؟
الرئيس لم يكن يتوقع انه سيموت للحظة الاخيرة وهو متماسك وكان على قناعة ان الاسرائيليين هم من يعتدون علينا وكان مؤمنا بذلك حتى النهاية
في السنتين الاخيرتين بدأ شارون يشن هجوما واسع النطاق وكان لديه نظرية اعلن عنها عدة مرات انه "لاسلام مع ياسر عرفات" .
وبالتالي آخر سنتين كان ابو عمار معذورا و لا يوجد في الافق نقطة للتراجع وان ينحني ياسر عرفات للاسرائيليين هذا امر مستحيل وبالتالي منطق القوة هو الذي حكم الصراع .
لا احد يستطيع ان ينكر ان الشعب الفلسطيني بطل وضليع في التضحيات وليس شعب خنوع ودائما على استعداد لتقديم المزيد من التضحيات والصمود والصبر ومستعد لشد الاحزمة وغير صحيح ان الشعب الفلسطيني يمكنه الخضوع للاحتلال , بالرغم من ان لقمة العيش مهمة ولكن الكرامة مهمة والاستقلال مهم وانا ثقتي كبيرة بالشعب الفلسطيني انه سيكون له دور لن ينساه العالم كله من اجل الاستقلال الوطني لان شعبنا لن يقبل هذا الوضع الراهن الى ما لا نهاية.
في الحلقة الثالثة .. الملف الشائك , اغتيال ياسر عرفات



أثارت الحلقة الأولى التي تحدث بها القيادي بحركة فتح أحمد عبد الرحمن ردود فعل قوية , تستمر دنيا الوطن بنشر حلقات ذكريات احمد عبد الرحمن مع ياسر عرفات ..
في الحلقة الثانية يكشف أحمد عبد الرحمن سر انتفاضة الأقصى , ورؤيته للصراع العربي الاسرائيلي وهل ندم ياسر عرفات بعد اشتعال الانتفاضة وحصاره ؟
في الحلقة الثانية يكشف عبد الرحمن سر عودته للقطاع بعد أن كان من أشد المعارضين لاتفاقية أوسلو ..
نترككم مع الحلقة الثانية
كنت من المعارضين لاتفاقية اوسلو وعدت الى الوطن بعد فترة من قدوم السلطة وتشكيل اداراتها؟ لماذا عارضت اتفاقية اسلو ؟
يوم ان صدر اعلان اوسلو.. لم يكن لدي علم بالاتفاقية .. معلوماتي عنها في البداية كانت محدودة جدا ومن ثم انقطعت صلتي تماماً .. كنت في البداية دائم التنسيق مع ابو العلاء .
-بالمناسبة ابو علاء اول من بدأ القصة في اجتماع بلندن للجان المتعددة-
كان هناك مساران للمفاوضات مسار ثنائي ومسار متعدد وكان ابو علاء قريع يرأس المسار المتعدد وهو من بدأ التطرق معه الى موضوع المفاوضات بين منظمة التحرير وحكومة اسرائيل وذلك في احد الاجتماعات التي تمت في لندن للجان المتعددة .
وقد تحدث الي ابو علاء قريع عن طرح هذه المبادرة للمفاوضات بين اسرائيل ومنظمة التحرير وجاءت المبادرة بطرح من الاكاديميان الاسرائيليان هيرشفيلد وبونداك وسألني حينها عن رأيي فأجبته لماذا لا , وبعدها عرض لارسون ستضافة المفاوضات في النرويج وشجعت ابو العلاء وقلت اذهب ولكن لابد ان تأخذ موافقة الاخوين ابو عمار وابو مازن,فذهب ابو علاء وحصل على تفويض منهم وبعدها انقطعت صلتي بالموضوع .
عندما صدر الاتفاق كان لدي اعتراضان .
الاول: كنت اتمنى نهايات افضل في النص مثل دولة فلسطينية 67 مستقلة ونص كامل على الانسحاب الاسرائيلي من اراضي بعد 5 سنوات وايضا نص صريح عن القدس كعاصمة لدولة فلسطين .
ولكن تفاجأنا بان الاتفاق "أعرج" بمعنى ان هناك قضايا اساسية مثلا الاستيطان مؤجل ,.والقدس مؤجلة المياه مؤجلة الامن ,والحدود مؤجلين الى مفاوضات الوضع النهائي , أما أبو عمار فهو رجل ارادي وقبل الاتفاق على علاّته ,- وقد تندّر البعض بأن أبو عمار لم يقرأ الاتفاق -, وكان يعتقد مثلما يبني قواعد في محيط فلسطين لمقاومة الاحتلال انه سيبني سلطة فلسطينية تمكنه من مقاومة الاحتلال وصولا لاقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ..ولبناء كامل المؤسسات ومقومات الدولة الفلسطينية المستقلة.
مكثت في تونس دون أي نشاط معارض وان كنا نتسقط سلبيات السلطة ونتسلى بها لنبرر عدم التحاقنا بأبو عمار , وكان في تونس انذاك الرئيس ابو مازن وابو اللطف وابو ماهر وابو المعتصم .
وكنت قد ذهبت الى مؤتمر مدريد وكنت احد اعضاء وفد المنظمة للمفاوضات , وهناك ابدع الشيخ حيدر عبد الشافي بالقاء كلمة فلسطين في المؤتمر والذي نسميه "خطاب مدريد" وقد كتبته بخط يدي وقد ادعّا بعض الناس انهم هم من كتبوا الخطاب ولكن النص الاخير الذي كتب بخط يدي بالعربي وارسلته لابو عمار وكتب -على بركة الله -كعادته موافقاً , وللامانه فان الاخوين د نبيل شعت ود ممدوح العكر كانا شركائي في انجاز هذا البيان فكانا يترجمان النص من الانجليزية الى العربية وكنت اعيد الصياغة , وصدر الخطاب بالشكل الذي يعرفه الجميع , واذكر هنا ان جيمس بيكر قال لعشراوي انه لو ذكر اسم ياسر عرفات سينسحب اسحق شامير وحدثت ضجة في حينها اتصلت بابو عمار فقال ابو عمار تصرفوا , فقلت لابو عمار لست ابو موسى الاشعري ولست من اقطع راس صاحبي ,فاجابه ابو عمار -انت درستها ياخويا- ومازحه - انت بتتحمل نتايجها- وبالفعل أبدى اسحق شامير تذمره , ووزير خارجية امريكا بيكر قال في حينها لسعود الفيصل واوصل اعتراض شامير فرد عليه الفيصل لينسحب شامير والمهم ان تبقى انت ..
كيف استطاع ان يقنعك ياسر عرفات بالعودة الى الوطن وما هو الموقف الذي ارتبط بعودتك؟
كان ابو عمار على اتصال دائما معي تلفونيا, وفي احدى المرات اصدرت بيانا من تونس باسم اللجنة المركزية حول المشاكل الذي حدثت في جامع فلسطيني بغزة واستهدفت ابو عمار , وللاسف فان المعلومات التي وصلتني حملت ابو عمار المسؤولية وخشية من حرب اهلية فالبيان كان يميل لاتهام السلطة عن الاشتباكات وقد اغضب هذا الموقف ابو عمار فارسل لي ضابطاً بشكل شخصي "اللواء غازي مهنا" وشرح لي الموضوع وكان مقنعا ومغايرا لما وصلنا , فاعتذرت حينها عما كتبت وطلبت منه ابلاغ اعتذاري لابو عمار , واوضحت لهم ان الصورة وصلتني مغايرة تماما للذي حدث من بعض المحيطين بابو عمار .
كنت من المعارضين لاتفاقية اوسلو وعدت الى الوطن بعد فترة من قدوم السلطة وتشكيل اداراتها؟ لماذا عارضت اتفاقية اسلو ؟
يوم ان صدر اعلان اوسلو.. لم يكن لدي علم بالاتفاقية .. معلوماتي عنها في البداية كانت محدودة جدا ومن ثم انقطعت صلتي تماماً .. كنت في البداية دائم التنسيق مع ابو العلاء .
-بالمناسبة ابو علاء اول من بدأ القصة في اجتماع بلندن للجان المتعددة-
كان هناك مساران للمفاوضات مسار ثنائي ومسار متعدد وكان ابو علاء قريع يرأس المسار المتعدد وهو من بدأ التطرق معه الى موضوع المفاوضات بين منظمة التحرير وحكومة اسرائيل وذلك في احد الاجتماعات التي تمت في لندن للجان المتعددة .
وقد تحدث الي ابو علاء قريع عن طرح هذه المبادرة للمفاوضات بين اسرائيل ومنظمة التحرير وجاءت المبادرة بطرح من الاكاديميان الاسرائيليان هيرشفيلد وبونداك وسألني حينها عن رأيي فأجبته لماذا لا , وبعدها عرض لارسون ستضافة المفاوضات في النرويج وشجعت ابو العلاء وقلت اذهب ولكن لابد ان تأخذ موافقة الاخوين ابو عمار وابو مازن,فذهب ابو علاء وحصل على تفويض منهم وبعدها انقطعت صلتي بالموضوع .
عندما صدر الاتفاق كان لدي اعتراضان .
الاول: كنت اتمنى نهايات افضل في النص مثل دولة فلسطينية 67 مستقلة ونص كامل على الانسحاب الاسرائيلي من اراضي بعد 5 سنوات وايضا نص صريح عن القدس كعاصمة لدولة فلسطين .
ولكن تفاجأنا بان الاتفاق "أعرج" بمعنى ان هناك قضايا اساسية مثلا الاستيطان مؤجل ,.والقدس مؤجلة المياه مؤجلة الامن ,والحدود مؤجلين الى مفاوضات الوضع النهائي , أما أبو عمار فهو رجل ارادي وقبل الاتفاق على علاّته ,- وقد تندّر البعض بأن أبو عمار لم يقرأ الاتفاق -, وكان يعتقد مثلما يبني قواعد في محيط فلسطين لمقاومة الاحتلال انه سيبني سلطة فلسطينية تمكنه من مقاومة الاحتلال وصولا لاقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ..ولبناء كامل المؤسسات ومقومات الدولة الفلسطينية المستقلة.
مكثت في تونس دون أي نشاط معارض وان كنا نتسقط سلبيات السلطة ونتسلى بها لنبرر عدم التحاقنا بأبو عمار , وكان في تونس انذاك الرئيس ابو مازن وابو اللطف وابو ماهر وابو المعتصم .
وكنت قد ذهبت الى مؤتمر مدريد وكنت احد اعضاء وفد المنظمة للمفاوضات , وهناك ابدع الشيخ حيدر عبد الشافي بالقاء كلمة فلسطين في المؤتمر والذي نسميه "خطاب مدريد" وقد كتبته بخط يدي وقد ادعّا بعض الناس انهم هم من كتبوا الخطاب ولكن النص الاخير الذي كتب بخط يدي بالعربي وارسلته لابو عمار وكتب -على بركة الله -كعادته موافقاً , وللامانه فان الاخوين د نبيل شعت ود ممدوح العكر كانا شركائي في انجاز هذا البيان فكانا يترجمان النص من الانجليزية الى العربية وكنت اعيد الصياغة , وصدر الخطاب بالشكل الذي يعرفه الجميع , واذكر هنا ان جيمس بيكر قال لعشراوي انه لو ذكر اسم ياسر عرفات سينسحب اسحق شامير وحدثت ضجة في حينها اتصلت بابو عمار فقال ابو عمار تصرفوا , فقلت لابو عمار لست ابو موسى الاشعري ولست من اقطع راس صاحبي ,فاجابه ابو عمار -انت درستها ياخويا- ومازحه - انت بتتحمل نتايجها- وبالفعل أبدى اسحق شامير تذمره , ووزير خارجية امريكا بيكر قال في حينها لسعود الفيصل واوصل اعتراض شامير فرد عليه الفيصل لينسحب شامير والمهم ان تبقى انت ..
كيف استطاع ان يقنعك ياسر عرفات بالعودة الى الوطن وما هو الموقف الذي ارتبط بعودتك؟
كان ابو عمار على اتصال دائما معي تلفونيا, وفي احدى المرات اصدرت بيانا من تونس باسم اللجنة المركزية حول المشاكل الذي حدثت في جامع فلسطيني بغزة واستهدفت ابو عمار , وللاسف فان المعلومات التي وصلتني حملت ابو عمار المسؤولية وخشية من حرب اهلية فالبيان كان يميل لاتهام السلطة عن الاشتباكات وقد اغضب هذا الموقف ابو عمار فارسل لي ضابطاً بشكل شخصي "اللواء غازي مهنا" وشرح لي الموضوع وكان مقنعا ومغايرا لما وصلنا , فاعتذرت حينها عما كتبت وطلبت منه ابلاغ اعتذاري لابو عمار , واوضحت لهم ان الصورة وصلتني مغايرة تماما للذي حدث من بعض المحيطين بابو عمار .
ابو عمار بادر بالاتصال بي وتبعه عدد من الاتصالات من بعض الاصدقاء والمقربين.
وبقيت في تونس الى يناير 1996 وهو الشهر الذي توفي الرئيس الفرنسي فرانسو متيران وبالصدفة كان ابو عمار سيحضر الى تونس ليشارك في جنازة متيران -ابو عمار كانت عادته لا يترك فرحا ولا ترحا الا ويحضره مجاملاً- وحينها تحدث الي احد الاصدقاء من القيادة وقال لي الاخوان غير موجودين وطلب مني ان اذهب لاستقبال ياسر عرفات فذهبت على الفور واستقبلته في المطار ...
ياسر عرفات -اهم رجل في العالم- كان دائما ينسى اخطاءك و يذكر محاسن الشخص اكثر من مساوئه الرئيس يحب ان يجمع حوله اكبر عدد من الناس كونه زعيم ولا يحكم على احد من خطأ .
في تلك الليلة وعلى عشاء جمعنا مع الاخ ابو ماهر , فقال لي ابو عمار انه لن يعرض عليه وظيفة بل يريد مني الذهاب الى غزة واتخاذ القرار هناك , ايقنت حينها ان البقاء في الخارج لا يجدي وان العودة الى الوطن هي الاهم خصوصا بعد ان بدأت بعض القيادات بالعودة الواحد تلو الاخر الى الداخل .
وللحقيقة عندما عاد ابو عمار الى غزة كانت غالبية القيادة في الخارج وعندما استقر بغزة صارت الاغلبية في الداخل "غزة".
اصطحبني الأخ أبو عمار بطائرة خاصة من مطار تونس الى مطار العريش "لوحدنا" واستقبلتنا السيارة في مطار العريش وعدنا باتجاه معبر رفح ومنه الى غزة .
دقق الضابط الاسرائيلي في الهويات يومها , فقد كانت اسرائيل تخشى من تكرار ما قام به ابو عمار من ادخال بعض المطلوبين لاسرائيل مثل ابو فراس الغربي وممدوح نوفل وجهاد العمارين .
نزل ابو عمار من السيارة كأنه يسلم على الضباط الفلسطينيين وانا بقيت في السيارة واخذ يتحدث الى الموجودين وهنا اتي ضابط اسرائيلي ودقق بشخصيتي مقارنة بالهوية ونظر الينا ثم مضينا بالعودة الى مقر الرئاسة بمدينة غزة عبورا من محافظات الوطن .
اثناء عودتي الى غزة مكث في الفندق مدة اربع شهور وكنت على عدم استقرار وعلى امل للعودة الى الخارج مرة اخرى, بدأت خلالها الانتخابات وانتهت الانتخابات الرئاسية والتشريعية .
تلك الفترة ولدت لدي قناعة بالمكوث في الداخل فهذه ارضي اذاً لماذا اسافر ولو رفعت حجرا من الشارع في نظري قد اكون خدمت البلد وبالمناسبة ليس لدي طموحات وانا فلسطيني حتى النخاع .
بالمناسبة كنت قد قدمت الى غزة في ايلول 1994 برفقة الرئيس ابو مازن وحصلنا على الهوية الفلسطينية من غزة ثم غادرنا الى تونس بعد خلاف بسيط مع الرئيس عرفات على طريقة استقبال الوفود والمهنئين بقدوم الرئيس الى غزة وحديثم عن تحرير فلسطين والمدن الفلسطينية وبعضهم يلقي له شعرا وهكذا..وابو عمار مرتاح جدا ونحن انتقدنا ذلك فتوتر الجو وزعل الرئيس وفي اليوم التالي عدنا الى تونس وابو مازن مكث سنة ثم عاد الى غزة وانا مكثت سنة ونصف الى ان اصطحبني ابو عمار معه من تونس الى غزة وكانت فترة اقامتنا بتونس نتسقط اخبار وخطايا السلطة بغزة ونتندر بها وكانت تصلنا مضخمة ..
وبقيت في غزة الى امرني الرئيس ابو عمار بالذهاب الى رام الله في 25 ايلول عام 2000 اي قبل ان تبدأ انتفاضة الاقصى بأيام وكانت الحركة سهلة بين غزة والضفة حتى ذلك الوقت .
بعد تشكيل الحكومة عينني ابو عمار وزير دولة وامينا عاما لمجلس الوزراء الفلسطيني الامر الذي رفضته في البداية وطالبت بوزارة الاعلام التي منحت آنذاك لياسر عبد ربه واقنعني المقربون بالمنصب الجديد وبقيت فيه 7 سنوات الى ان توفي ابو عمار وكنت من خلال عملي اصيغ البيانات الوزارية لمجلس الوزراء وناطقا رسميا باسم الحكومة الفلسطينية واستطيع القول انني خدمت الناس والمواطنين قدر المستطاع وبالمواقف السياسية التي عبرت عنها وبعدها الانتفاضة وما جري فيها .
فبمجرد تعييني ورد اسمي على وسائل الاعلام رايت الفرحة على وجوه الكثيرين وبادر الجميع يهنئني عل المنصب نفسه حتى زوجتي اتصلت بي من تونس انذاك وهنئتني بالمنصب الجديد.
في الواقع ..الذي حدث معنا اننا لم نكن نقدر هذه المكانة لاسرائيل هذه المكانة على المستوى الدولي ,والمستوي الدولي بصراحة شديدة هو اوروبا وامريكا, روسيا كانت غافلة في تلك الفترة. واقد بالمكانة انه لا يتسطيع احد المساس باسرائيل ..
الذي حدث انه كان اجتهادنا انه ما دام وقعنا على اوسلو وما دام اعترفنا باسرائيل "اعتراف متبادل" وابو عمار يحمل جائزة نوبل للسلام ,فبالتالي يمكننا ان نتصدى للاحتلال والاستيطان للضغط على حكومة اسرائيل , بمجرد العمليات داخل اسرائيل قلبت الدول العالمية ظهرها و.
بعد اغتيال رابين , هناك صبي دخل على الخط اسمه "نتنياهو" مبتديء ومراهق سياسي وبعدها اتى البونابرتي "باراك" وكان يتصرف وكأنه "بونابرتي" لدرجة انني اذكر وقتها ان ممثل الهند في الوقت قد جاءني الذي استلم فيه يهود باراك وقال : اود ان انقل لك نصيحة تبلغها للرئيس ابو عمار مفادها ان "باراك" جندي جاهل بمعرفة الناس "طولوا بالكم عليه وبلغوا ابو عمار ان يطوّل باله عليه لعله يعتدل ويصبح سياسياً".
ومنها مثلا ذهب اليه ابو عمار بزيارة الى بيته واستضافه ابو عمار فى الجراند بارك ولكن لا حياة لمن تنادي وكانت صدمة كبيرة فقال ابو عمار عن باراك " راسه قاسي ومش هيتغير"
الذي حصل ان الانتفاضة التي انفجرت بعد زيارة شارون للاقصى وطبعا نظرية المواجهة "لم يكن يعي ابو عمار ان المواجهة مثل ما هي مطروحة اليوم .
بالنسبة لنا كانت المواجهة هي ان تدفع بكل امكانياتك للمعركة .
ولكن ما ان بدأت المواجهة واصبح الدم اليهودي يراق من تفجير باصات ومطاعم وفنادق وسيارات وباصات الخ..) اخذ الموقف الدولي يتغير بشكل سريع ضدنا .. كنا نقول ان هذه المعركة كانت تفتقر الى هدف , ميدان المعركة كان "سداح مداح" ولم يكن تمييز بين المدنيين والعسكريين
كانت معركة وان لم نكن مقتنعين او مدركين اننا لم نمتلك وحدة الهدف ووحدة ميدان المعركة بمعنى اين هي المعركة "في الاراضي المحتلة ام اسرائيل" .
اخواننا في المنظمات الاسلامية لم يتوانوا ان تفلت الامور ليقوموا بضرب تل ابيب وحيفا ويافا والقدس الغربية ..بصراحة كانت موجهة ضد اوسلو لاسقاطها.
كان يجب توحيد الية المواجهة في الانتفاضة وان العمل الميداني يحتاج الى غرفة عمليات موحدة, بمعنى انه لم يكن من المناسب ان تنفذ حماس عملية بفندق بنتانيا تزامنت مع قمة بيروت وهو ما ادى الى مقتل عدد كبير من اليهود منهم بعض الناجين من الهولوكوست , فاجتاح على اثرها شارون مخيم جنين وبدات عملية السور الواقي , لكن حدث ما حدث .
لكن الذي واجهناه وفوجئنا به ان اسرائيل لها تأثير كبير في العالم والراي العام العالمي وكنا نتوقع ان عندنا حصانات دولية وعندنا جائزة نوبل للسلام عندنا كل يوم تصريحات واعترافات بدولة اسرائيل ونريد السلام ولكن ما لمسناه ان كل ما سبق كان دون جدوى فيما بعد تبين لنا ان الاوروبيين والامريكان لم يتحملوا جرح اسرائيلي ويعتقدون ان التسوية الفلسطينية الاسرائيلية تأتي من داخل الرضا الاسرائيلي ومن داخل القرار الاسرائيلي وليس من جهات مفروضة على اسرائيل.
وبالطبع امتدت الانتفاضة واصبح السيطرة عليها غير ممكن خصوصا مع حصار ابو عمار وان كان له نفوذ للحظة الاخيرة.
لا اريد ان اقول ان انتفاضة الاقصى كانت خسارة كاملة كما يقول البعض واعتقد ان انتفاضة الاقصى اتت بثمارها على الصعيد الدولي والموقف الدولي تبلور على ان الفلسطينيين من حقهم ان يكون لهم دولة مستقلة وذات سيادة.
بحكم علاقاتك بالرئيس ياسر عرفات هل كان هناك مراجعة بينك وبين الرئيس ابو عمار , لماذا وصلت الأمور لهذا الحد آنذاك ؟
كان يجري نقاش داخلي بيننا ولكن وظيفتي كمتحدث رسمي هو "انا لست بصانع السياسة" انا تابع رجل احترمه واعمل معه منذ 30 عاما فكان موقفي الاعلامي بالخارج هو تغطية مواقف وسياسة ياسر عرفات ولكن بيننا كنا نتحدث بقدر ما اعرف وكان يقول لي ممكن ان نوقف الانتفاضة اذا تلقينا عرضا سياسيا .
وكان شرطه الاساسي كل شيء ممكن ان يتغير ونستطيع ان نضغط على الشعب والفصائل كحماس والجبهة الشعبية وفتح وكتائب الاقصى في حال ان تسلمنا عرض سياسي ,و ثبت ان اسرائيل ليس لديها عرض سياسي لياسر عرفات تحديدا بمعنى هذا الرجل كونه زعيم تاريخي ومن قادة العالم الثالث المعروفين بعد جيفارا وكاسترو "شخصية عالمية" بمعنى انهم لا يريدون ان يسلموا له شيئا وخصوصا في البداية .. ابو عمار لا يستطيع الانحاء لاحد بالرغم من انه كان رجل يريد السلام العادل مثل الانسحاب من الارض التي احتلت في العام 1967م مترا مترا وفي المقدمة القدس وهذا هو المطلوب بالنسبة لياسر عرفات لقبول السلام.
وكانت تقول كونداليزا رايس ليس عندنا ما نقدمه لياسر عرفات.
حتى كلينتون الذي وضع اللوم على ياسر عرفات في "كامب ديفيد" كان يقول هذه كفارة حياتي عن الاخطاء التي ارتكبتها" وقد غير مرارا موقفه من القضية الفلسطينية من اجل دخول زوجته الكونجرس برضا اللوبي الصهيون "موقفه من القضية الفلسطينية لأجل دخول زوجته للكونجرس".
قضيتنا ستبقى حية بقدر ما نحن نحييها ..لو صمتنا وانكفأنا الى الداخل العالم سيعطينا ظهره ولكن كيف نبقي قضيتنا حية ؟
هناك الكثير من الاخوة وبصراحة متجمدين عند شكل ما من اشكال النضال لدرجة انهم توقفوا عنده ولم يتغيروا .
بصراحة..الثورة بحاجة الى ثورة ثقافية تحديدا لنصل الى قناعة جديدة لتحديد اشكال جديدة للنضال .
على سبيل المثال ما نتيجة ان كل يوم تحدث مشكلة يذهب البعض على حاجز قلنديا ويحرقون "كوشوكتين" ويرشقون "كم حجر" ويعودون ولد ( فقد عينه وآخر مقتول) وغير ذلك .
مثلا تذهب الى قلنديا وتسألهم ..لماذا انتم هنا ؟ شباب صغار في السن ويحتاجون الى تنظيم وما يهمني ان يعوا ما هي مهمات التنظيم؟ وهذه مسؤولية القيادة
الشكل النضالي الجديد في الضفة هو الشكل الجماهيري السائد على المستوى الدولي عشرات الالاف ومئات الالاف يتحركون مرة واحدة لتغيير واقعهم وفي حالتنا مع اسرائيل يجب ان نصل الى هذا الشكل , ونحن على ابوابه لان الحديث عن المقاومة الشعبية يجب ان يتجذر كشكل نضالي نفضله بكشكل اكبر ليعطينا الدعم والتعاطف الدولي ونحن على ابوابه ولكن يتطلب جهد وشكل جديد..
والتنظيم لابد ان يتسلح بنظرية جديدة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي والنظرية تقوم على حركة الجماهير المنظمة المسيسة التي ترفع الشعارات المحددة والواقعية وتحشد بعشرات الالاف ومعبأّة فكريا وسياسيا وثقافيا من اجل ابراز دورها على الساحة السياسية الفلسطينية , وبذلك تستطيع من خلال الحراك الجماهيري الواسع ان تجني الثمار وتقود الى التحرير بالشكل المطلوب ودون اللجوء للعنف.
تعلق الشعب الفلسطيني بتصريحاتك اليومية خلال حصار ابو عمار وكان احمد عبدالرحمن يخرج يوميا على الصحف والفضائيات بتصريحات ترفع من معنويات الشعب الفلسطيني .. هل كانت بالتنسيق مع ياسر عرفات ؟ وهل كان عرفات على علم بها او بينكم تنسيق لاطلاق مثل تلك التصريحات في ذلك الوقت؟
نعم كنت مع المقاومة بكافة اشكالها داخل الاراضي المحتلة , هذا موقفي صحيح كان رد فعلي عندما سألني احد الصحفيين عن حادثة تفجير باص يقل مدنيين في طريق مستوطنة "ايتمار" فأجبته " انهم تواجدوا في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ وماذا اتي بهم الى ارضنا وماذا يفعلون بها هذه ارض فلسطينية" واكدت لهم ان هذه المستوطنات غير شرعية ومقامة على اراضي المواطنين وان لا شرعية لوجود الاستيطان على الاراضي الفلسطينية سواء ان كان مدني ام عسكري والمسؤول عن قتلهم هو من اتي بهم الى هذا المكان , واوضحت انه من حقنا كفلسطينين ان نقوم بعمليات عسكرية او مدنية داخل المناطق الفلسطينية المحتلة لانهاء الاحتلال وانا بالمقابل ضد العمليات داخل اسرائيل .وكل الشرائع الدولية تحفظ لنا حقنا بمقاومة الاحتلال
بعد ذلك تعرضت لحرب كبيرة من قبل منظمات حقوق الانسان الاسرائيلية والمقربة من اسرائيل واتهموني بالتحريض على العنف والقتل .
ورددت عليهم انا لست مع قتل المدنيين هذا مكان فلسطيني وهم اتوا في الوقت الخطأ والمكان الخطأ وليس من حقهم ان يكونوا في ارضنا ..من اتي بهم هو المسؤول عن قتلهم.
وهكذا فأبو عمار هو من رباني ويعرفني فكرا وسياسة وليس هناك الغريب فيما اقول -بالنسبة له- بمعنى انني لا اصرح تصريحا قد يبدو غريبا له وهو يعرف اتجاهي بالكامل ويعرف كيف افكر وهناك تفاهم بيننا , حتي في تأزم المواقف المرتبطة بالشأن الاسرائيلي والدولي عندما صار هناك انحياز واضح في الوضع الدولي ضدنا كنت احاول معه بكل الطرق لوقف العمل داخل اسرائيل وضد المدنيين ولم يكن يملك السيطرة الكاملة ولكنه كان مصصم انه بدون ان يقدموا عرضا سياسيا مرضيا لن تتوقف الانتفاضة وليكن ما يكون.
هل ندم أبو عمّار بعد حصاره وكما يُقال "فلتت" من بين يديه ؟
الرئيس لم يكن يتوقع انه سيموت للحظة الاخيرة وهو متماسك وكان على قناعة ان الاسرائيليين هم من يعتدون علينا وكان مؤمنا بذلك حتى النهاية
في السنتين الاخيرتين بدأ شارون يشن هجوما واسع النطاق وكان لديه نظرية اعلن عنها عدة مرات انه "لاسلام مع ياسر عرفات" .
وبالتالي آخر سنتين كان ابو عمار معذورا و لا يوجد في الافق نقطة للتراجع وان ينحني ياسر عرفات للاسرائيليين هذا امر مستحيل وبالتالي منطق القوة هو الذي حكم الصراع .
لا احد يستطيع ان ينكر ان الشعب الفلسطيني بطل وضليع في التضحيات وليس شعب خنوع ودائما على استعداد لتقديم المزيد من التضحيات والصمود والصبر ومستعد لشد الاحزمة وغير صحيح ان الشعب الفلسطيني يمكنه الخضوع للاحتلال , بالرغم من ان لقمة العيش مهمة ولكن الكرامة مهمة والاستقلال مهم وانا ثقتي كبيرة بالشعب الفلسطيني انه سيكون له دور لن ينساه العالم كله من اجل الاستقلال الوطني لان شعبنا لن يقبل هذا الوضع الراهن الى ما لا نهاية.
في الحلقة الثالثة .. الملف الشائك , اغتيال ياسر عرفات



التعليقات