المسلمون في أفريقيا الوسطى يتعرضون لأبشع الجرائم والتعذيب والعالم يكتفي بالتصريحات

المسلمون في أفريقيا الوسطى يتعرضون لأبشع الجرائم والتعذيب والعالم يكتفي بالتصريحات
رام الله - دنيا الوطن
 بعد حظر الدين الإسلامي في أنجولا، وهدم مساجد المسلمين، ومنعهم من أداء عباداتهم، جاء الدور على المسلمين في جمهورية إفريقيا الوسطى، الذين يتعرضون لأبشع الجرائم على يد الميلشيات النصرانية المتطرفة، التي تقوم بعمليات قتل وإرهاب منظمة، وتنقية عرقية بشعة للقرى والمدن التي يقطنها المسلمون؛ ما دفعهم إلى الهروب الجماعي إلى الدول المجاورة.  

وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عمليات التطهير الطائفي ضد المسلمين في "إفريقيا الوسطى" بأنه "بشع ولا يوصف"، مشيراً إلى الهجمات التي ارتُكبت على نطاق واسع ضد المسلمين في المناطق التي لم تتمكن قوات "حفظ السلام" من الانتشار فيها، وقال: "إن المسلمين يتعرضون لعمليات إعدام علنية، وبتر للأطراف، وغيرها من أعمال العنف المروعة، والخوف والفوضى. إن المسلمين يفرون بأرواحهم من المجازر، ويقومون بنزوح جماعي على نطاق تاريخي".

وتطرح قضية المجازر التي يتعرض لها المسلمون في "إفريقيا الوسطى" تساؤلات حول الدماء المسلمة التي تنزف؟ وعمليات الإجرام المنظمة ضدهم؟ والصمت الدولي، وعدم التحرك لإنقاذهم؟

وما يحدث للمسلمين في إفريقيا الوسطى نموذج يتكرر بين فترة وأخرى في دول إفريقية وآسيوية، بل في قلب أوروبا (البوسنة – كوسوفا – صربيا).

الجريمة البشعة التي تُقترف ضد مسلمي جمهورية إفريقيا الوسطى تقوم بها وتنفذها ميلشيات "أنتي بالاكا" المسيحية المتطرفة، التي تشكلت بعد الانقلاب الذي نفذته حركة "سيليكا" المسلمة العام الماضي، وأطاحت من خلاله بالرئيس السابق "فرانسوابوزيزي"، ونصبت بدلاً منه "ميشيل جوتوديا"؛ ليكون أول رئيس مسلم يحكم البلاد، الذي يعتقدون أنه يهدد المصالح الفرنسية في استغلال الثروات الطبيعية لإفريقيا الوسطى، وذلك بتولي المسلمين 14 حقيبة وزارية.

ووفقاً لمصادر إعلامية دولية، فقد حد ذلك من نشاطات ونفوذ المسارات النصرانية، التي استغلت في الفترة الماضية ثروات ومقدرات البلاد في بناء الكنائس والمعاهد اللاهوتية. و

هذا الإقصاء عن السلطة من طرف المسلمين، وحرمانهم من نهب خيرات البلاد، ودفعاهم لاستخدام البُعد العقدي لتأجيج الشارع النصراني بمساعدة فرنسية، التي استخدمت أساليب الضغط الدولي لتجبر الرئيس "جوتوديا" المسلم على التنحي، وتعيين النصرانية "كاثرين" رئيساً للبلاد؛ ليبدأ بعدها المسلسل الوحشي الإجرامي الذي تطول حلقاته في وصف الأحداث، والإصرار على الانتقام، وتهجير المسلمين كافة الذين غادروا بيوتهم ومساكن إقامتهم فارين من الذبح والقتل والتعذيب الوحشي، كما تثبته الصور واللقطات على شاشات الفضائيات، وعبر وسائل الإعلام.

وذكر موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" البريطاني ومواقع إخبارية إفريقية أن عصابة من المسيحيين شقت بطون نساء مسلمات حوامل، وذبحت الأطفال بالمناجل، في هجوم من عرقية "البويل".

كما أعلنت لجنة الصليب الأحمر مقتل 300 شخص خلال الأيام القلية الماضية من المسلمين نتيجة لأعمال العنف التي شهدتها العاصمة "بانغي". وكشفت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي النقاب عن مقبرة جماعية في معسكر وسط العاصمة "بانغي"، تضمنت جثثاً لعشرات المسلمين.

ومن التصريحات المريبة التي تبيّن خطة ومنهجية تهجير المسلمين من إفريقيا الوسطى، وتأتي متزامنة مع صمت دولي، إشارة مدير منظمة الطوارئ في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيتر باركوت إلى أنه "مع اتساع نطاق نزوح المسلمين فإنه خلال الأيام المقبلة سيغادر المسلمون كافة عنوة تاركين وطنهم. وتوجد أحياء كاملة تركها سكانها المسلمون".

من جانيها قرَّرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي في اجتماعها الطارئ الذي عُقد في مقر الأمانة العامة في جدة أمس الخميس إيفاد وفد رفيع المستوى برئاسة وزير خارجية جمهورية غينيا لونسيني فال؛ للقيام بزيارة عاجلة إلى العاصمة بانغي؛ للتضامن مع المسلمين هناك، الذين يتعرضون للتنقية العرقية، وتقييم الوضع، والتواصل مع السلطات في جمهورية إفريقيا الوسطى، والإسهام في الحوار والتقارب، كما قرَّرت تعيين ممثل للأمين العام لقيادة جهود حل الأزمة، وبناء السلام في البلاد.

ورحَّب الأمين العام بقرار مجلس الأمن نشر قوات للاتحاد الأوروبي، وكذلك بقرار فرنسا رفع مستوى قواتها، مناشداً السلطات الجديدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، بقيادة الرئيسة المؤقتة السيدة كاثرين سامبا بانزا، ومجلس الأمن الدولي والقوة الفرنسية وبعثة الدعم الدولية بقيادة إفريقية في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تعمل في البلاد، الاضطلاع بمسؤوليتها كاملة في حماية حياة جميع المدنيين، متطلعاً إلى أن ينظر الاتحاد الإفريقي على وجه الاستعجال في السماح للأمم المتحدة بتحويل بعثة الدعم إلى بعثة للأمم المتحدة.

وأشار الأمين إلى أن منظمة التعاون الإسلامي بدأت بعض الإجراءات في هذا الصدد؛ إذ عاد فريقها للتو من تشاد بعد تقديم مساعدات إنسانية للاجئين في العديد من المخيمات الموجودة، سواء في العاصمة نجامينا أو في مدن سحر وسيدو ودوبا، مبدياً استعداد المنظمة للعمل مع حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى للإسهام في عملية إعادة الاستقرار والأمن في البلاد.

وفي جلسة مجلس الأمن الدولي حول التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أشار الأمين العام إلى وصف فرار المسلمين من جمهورية إفريقيا الوسطى بأنه "نزوح على نطاق تاريخي"، وقال: "يتعين أن نفعل أقصى ما يمكن لمنع وقوع مزيد من الفظائع والعنف الانتقامي، خاصة الاستهداف الواسع والمنسق للمجتمعات المسلمة. يجب أن ندرك الأمور الأخرى التي تتعرض للمخاطر. إن النسيج الاجتماعي الذي نسج على مدى أجيال يجري تمزيقه. إن المجتمعات التي لم يكن لها تاريخ في الصراع العنيف توجد الآن على مسار - إذا لم يتغير- قد يقود إلى عشرات السنين من الصراع المدمر".

وحذَّر بان كي مون من أن كل ما تعمل الأمم المتحدة من أجله، من السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية، يتعرض الآن إلى الاعتداء في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وشدَّد على ضرورة مواجهة الفظائع والجرائم، وتوفير الحماية الفعالة للمدنيين من خلال استخدام القوة السياسية والعسكرية والمالية للدفاع عنهم. وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن مسؤولية المجتمع الدولي واضحة، وتحتم عليه الوقوف إلى جانب شعب جمهورية إفريقيا الوسطى.

التعليقات