اليوم العالمي للمهاجرين: كيف تساعد التكنولوجيا المهاجرين واللاجئين في بناء حياتهم؟
في 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي للمهاجرين، وهو يوم للاعتراف بأهمية مساهمة المهاجرين في مجتمعاتهم الجديدة مع تسليط الضوء على التحديات التي يواجهونها.
تحدثت بي بي سي إلى أليدا ومحمد، وهما مهاجران تمكنا من البدء في إعادة بناء حياتهما في البلدان المضيفة من خلال العمل عن بعد في شركات التكنولوجيا.
قالت أليدا، وهي بوروندية تعيش في جنوب إفريقيا منذ ما يقرب من 6 سنوات: "لقد بدأ ابني البالغ من العمر 5 سنوات يسألني عن سبب وجودي دائما على الكمبيوتر وما أفعله".
8 أطفال بين الناجين من غرق من زورق مهاجرين في القنال الإنجليزي
حاكم ولاية أمريكية يقيم جدارا حدوديا مع المكسيك من حاويات الشحن
وأضافت قائلة: "أنا أعمل مهندسة بيانات متدربة لدى شركة تكنولوجيا مقرها في كولومبيا، وبسبب الاختلاف الكبير في التوقيت أنا مشغولة للغاية من فترة ما بعد الظهر إلى منتصف الليل تقريبا، يومي طويل مع طفلين دون سن الخامسة وأقوم بالعمل عن بعد".
وبينما تحاول أن توازن بدقة بين العائلة والوظيفة، تشعر أليدا بالامتنان للفرصة التي تشعر أنها ستفتح المزيد من الآفاق في مسيرتها المهنية في المستقبل.
في السنوات الأخيرة، اقترح بعض رواد الأعمال الاجتماعيين استخدام التكنولوجيا لتمكين المهاجرين والنازحين، سواء في تعليمهم مهارات تكنولوجيا المعلومات لمساعدتهم في العثور على عمل أو في منحهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت والمنصات الرقمية.
وعلى مدى العقد الماضي، دعت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان إلى توفير إدارة ودعم أفضل للمهاجرين.
وقامت المنظمة الدولية للهجرة مؤخرا بتذكير السلطات العامة وصانعي السياسات بضمان عدم ترك المهاجرين وراء الركب في العالم الذي يتجه بشكل متزايد إلى العصر الرقمي حيث ينبغي عليهم "تعزيز الوصول الرقمي ومحو الأمية الرقمية لجميع المهاجرين".

لقد استغرقت أليدا بعض الوقت للعثور على وظيفة أقرب إلى تطلعاتها. وتقول:"لقد كنت مربية أطفال ثم جليسة أطفال منذ أن جئت إلى هنا في عام 2017".
لم يكن في خطتها أبدا أن تكون مربية. ولدت أليدا ونشأت في بوروندي، وكانت قد أنهت لتوها دراستها الجامعية في مجال تكنولوجيا المعلومات وإدارة الأعمال في عام 2015 عندما أطلق الرئيس بيير نكورونزيزا ترشيحه لولاية ثالثة في منصبه.
"كانت رحلة شاقة"
تقول أليدا:"كنت بين المتظاهرين وقد عبرنا عن اعتراضنا ورأينا علنا، أطلقت الشرطة النار علينا، فهربنا حفاظا على حياتنا، وعندما علمت أنني في قائمة المطلوبين لدى الشرطة لم أستطع العودة إلى المنزل وقررت الفرار".
في رحلة الهروب، تنقلت أليدا بين 8 أماكن في تنزانيا وزامبيا قبل وصولها إلى بريتوريا بجنوب إفريقيا.
بريطانيا تستقبل أكثر من نصف مليون مهاجر خلال ستة أشهر
ما قصة أبناء المهاجرين الذين يطالبون سويسرا بالاعتذار؟
وتقول: "لقد كانت رحلة شاقة، ما زلت لا أريد التحدث عنها كثيرا، كانت مؤلمة. لكن الحمد لله لقد نجحت في تجاوزها، لكنني لن أنصح الفتيات بمغادرة أسرهن أو وطنهن، فسوف تعانين كثيرا وستصبحن مهددات بالاغتصاب والاتجار بالبشر".
في وقت من الأوقات، فقدت الاتصال بأسرتها لمدة 3 سنوات. الآن عاد تواصلهم ببعضهم البعض، لكن بعضهم لا يزال في مخيم للاجئين.

وتقول أليدا: "في البداية، سافرت من بريتوريا إلى كيب تاون للعمل كمربية أطفال، ثم درست دورة رعاية الأطفال عبر الإنترنت، وحصلت على شهادة ، وأصبحت مربية مؤهلة، ولكن بعد 3 سنوات، أردت العودة إلى تكنولوجيا المعلومات ومواصلة دراستي في هذا المجال".
لم تنجح طلباتها العديدة للالتحاق بالجامعات. ثم اكتشفت من مجموعة في واتسآب برنامج تدريب على تكنولوجيا المعلومات نظمته "نأمل"، وهي مؤسسة اجتماعية شاركت في تأسيسها الباحثة البريطانية المقيمة في الإمارات لورين تشارلز. وقد تقدمت أليدا بطلب، وخضعت للتقييم ، وتم اختيارها.
وتعمل مؤسسة "نأمل" على تسهيل العمل عن بعد في الاقتصاد الرقمي للنازحين.

وتشرح لورين تشارلز قائلة: "نأمل كلمة عربية، تُرجمت بشكل فضفاض على أنها نحن نأمل".
وتقول: "كانت اهتماماتي تتركز على تعليم اللاجئين وسبل عيشهم، ثم حصلت على فرصة للقيام بمشروع في عام 2016 حول الأردن وتركيا. كانت توصيتي من هذا البحث هي لماذا لا نعيد التفكير في مفهوم التوظيف بهدف تسهيل وصول اللاجئين إلى العمل عن بعد".
لماذا يتوافد المهاجرون الألبان على بريطانيا؟
لماذا لم تتدخل إسبانيا عندما "سُحق" عشرات المهاجرين على حدودها مع المغرب؟
إيطاليا تمنع رجالا مهاجرين من النزول من إحدى سفن الإنقاذ
وتعتبر العديد من الحكومات منح اللاجئين حق العمل سياسة مثيرة للجدل إلى حد كبير.
لكن لورين تشارلز تعتقد أن "فرصة العمل عن بعد يمكن أن توفر للكثيرين، ولا سيما اللاجئين والنازحين وغيرهم من الفئات الضعيفة فرصة لاستعادة الاستقلال الاقتصادي".

في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، يعمل محمد، وهو لاجئ سوري، كمهندس مسؤول عن موقع شركة ناشئة في الولايات المتحدة.
لقد مرت 10 سنوات على افتتاح المخيم، وهو يوفر ملاذا آمنا للأشخاص الفارين من الحرب في سوريا.
عندما وصل محمد وعائلته إلى هناك في عام 2012، كان يبلغ من العمر 12 عاما فقط.
نشأ وهو يمارس ألعاب الكمبيوتر وتطور لديه تدريجيا اهتمام كبير بتصميم مواقع الويب، وكان يأمل أن يتمكن من دراسة هندسة تطوير واجهة المستخدم بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية في الزعتري.
ويقول:"لكن سرعان ما اكتشفت أنه يجب أن تكون غنيا للقيام بذلك في الأردن".

حصل على فرصة في عام 2019 من منظمة شمس، وهي منظمة غير حكومية جديدة تم إنشاؤها لتوفير التدريب على تكنولوجيا المعلومات للمحرومين واللاجئين.
بدأ مؤسسها سفيان عمار، رائد الأعمال التكنولوجي الناجح، أول معسكر تدريبي بالقرب من الزعتري في عام 2019. وكان محمد واحدا من 30 طالبا.
ويقول عمار: "لقد قابلت لاجئين سوريينفي مقتبل العمر مفعمين بالعاطفة والفضول. شعرت بقوة أنني أريد أن أفعل شيئا من أجلهم".
"أقترب من العثور على وظيفة أحلامي"
لذلك، منذ عام 2019 ، توفر شمس فرصا للاجئين للحصول على دبلوم من جهة تدريب مهنية. كما يدعم المحاضرون الطلاب السابقين في البحث عن وظيفة والتحضير للمقابلة.
ويقول عمار: "يستمر التدريب لمدة 6 أشهر. بالطبع هذا ليس وقتا كافيا لتعلم كل شيء في مجال تكنولوجيا المعلومات، ولكنه يزيد من مصداقية هؤلاء اللاجئين في مجالات التكنولوجيا والبرمجة على المستوى الدولي".
بينما يقول محمد إن ذلك التدريب كان مصدر إلهام كبير لدرجة أنه قضى كل لحظات يقظته بعد الفصل الدراسي للتعمق أكثر في ما تعلمه في المعسكر التدريبي.
وتمنحه الوظيفة الآن في الشركة الأمريكية مزيدا من الثقة والشعور بقيمة الذات، على الرغم من أنه يتعين عليه التغلب على فارق التوقيت لأنه يعمل معظم الليالي ولا يتمكن من رؤية أسرته كثيراً أثناء النهار عندما يكون نائما.
ويقول: "لكني أحاول الاسترخاء في عطلات نهاية الأسبوع، وقضاء الوقت مع العائلة وممارسة بعض الألعاب".

أما بالنسبة لأليدا، فإن فترة تدريبها تنتهي قبل نهاية العام، وستحصل على استراحة في موسم العطلات.
وتقول: "لم يكن عليّ أن أدفع مقابل دورة تدريبية لمدة عام، ينظمها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) ومؤسسة نأمل. لقد تلقيت تأهيلا تأسيسيا وأرغب في مواصلة دراستي للحصول على درجة الماجستير، لكن سأضطر لدفع ثمن ذلك بنفسي".
وأضافت قائلة: "لدي مشروع مستقل صغير يمكنني العمل عليه بعد انتهاء فترة التدريب، وفي العام الجديد سأبحث عن منحة دراسية".
ومضت تقول: "منذ التدريب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، شعرت بمزيد من الثقة والحماس لدرجة أنني أشعر بأنني أقترب من العثور على وظيفة أحلامي".
التعليقات