الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيم

الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيم
بقلم: جواد العقاد – كاتب سياسي
أبشّركم يا تجار الحرب، أن الهدنة آتية لا محالة.. الوجع الفلسطيني بلغ حده، والدم لا يحتمل مزيداً من مزايداتكم. في الأثناء، تتقاطع المعطيات السياسية والميدانية، لتؤكد أننا أمام لحظة مفصلية جديدة، تتشكل فيها ملامح صفقة مؤقتة، ربما لا تنهي الحرب نهائياً، لكنها تفرض وقفة ضرورية لالتقاط أنفاس غزة المذبوحة.
ردّ مكتب نتنياهو على تعديلات حركة حماس بشأن المقترح القطري، ليس سوى سقف تفاوضي، يلجأ إليه في كل جولة مماثلة، لكي يحتفظ بمساحة مناورة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي. فالرفض المبدئي لا يعني نهاية الطريق بقدر ما هو بداية مرحلة جديدة من المساومات، وهذا ما أكده القرار الأهم: إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة، يضم شخصيات من "الشاباك" و"الموساد"، وهو تطوّر لا يُمكن قراءته إلا في سياق السعي الجاد لإتمام الصفقة.
تصريحات مسؤولين إسرائيليين رفيعين – من مكتب نتنياهو إلى وزراء الكابنيت – تشي بأن الفجوات ليست كبيرة، وأن الخلافات مع حماس يمكن تجاوزها. بل إن بعض التقديرات تشير إلى أن الرد الحمساوي اتّسم بالحذر، في محاولة لانتزاع تنازلات إضافية، وليس رفضاً جذرياً لمبدأ الاتفاق. وبالتالي، فإن الإصرار الإسرائيلي على التفاوض وفق المقترح القطري – رغم الاعتراض على تعديلات حماس – يفضح رغبة دفينة في التوصل إلى تفاهم، لكن بشروط تحفظ قوة الردع السياسي الإسرائيلي.
التحول المفصلي جاء في قرار الكابنيت إدخال المساعدات إلى غزة بالطريقة القديمة، وليس عبر الآلية الأميركية الجديدة، وهو ما يشكل استجابة غير مباشرة لمطلب حماس الأساسي بشأن تدفق المساعدات دون قيود سياسية. هذا القرار، رغم صيغته التقنية، يكشف عن مرونة بدأت تتسرب إلى المؤسسة الإسرائيلية، التي تدرك أن الجمود الكامل لم يعد مجدياً، وأن الرضوخ النسبي أصبح ضرورة لتفادي مزيد من الانفجارات في الشارع الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد ضغط عائلات الأسرى.
ربما تتأخر الصفقة يوماً أو يومين، وربما تظهر فجأة كما حدث في اتفاقات سابقة، لكن الثابت أن الجميع يتحرك تحت ضغط الزمن. نتنياهو، الذي يستعد للسفر إلى واشنطن، يريد اصطحاب إنجاز ما في ملف غزة، يخفف من وطأة الانتقادات التي تطارده. حماس، من جهتها، تبدو مستعدة للمرونة المشروطة، طالما أن ذلك لا يمسّ جوهر المطالب المتعلقة بالمساعدات، والانسحاب، وضمانات وقف العدوان.
نحن أمام لحظة تقاطع مصالح، فلا أحد يتحرك رحمة بغزة، بل لأن موازين القوى وتراكمات الأشهر الماضية فرضت شروطاً جديدة على الطاولة. هدنة مؤقتة؟ نعم. صفقة تبادل؟ واردة.
والعار... كل العار، لمن ما زال يراكم الأرباح من دماء الفقراء، ويقايض أرغفة الخبز بمواقف سياسية، أو يصنع من جراحنا مزاداً مفتوحاً.
بقلم: جواد العقاد – كاتب سياسي
أبشّركم يا تجار الحرب، أن الهدنة آتية لا محالة.. الوجع الفلسطيني بلغ حده، والدم لا يحتمل مزيداً من مزايداتكم. في الأثناء، تتقاطع المعطيات السياسية والميدانية، لتؤكد أننا أمام لحظة مفصلية جديدة، تتشكل فيها ملامح صفقة مؤقتة، ربما لا تنهي الحرب نهائياً، لكنها تفرض وقفة ضرورية لالتقاط أنفاس غزة المذبوحة.
ردّ مكتب نتنياهو على تعديلات حركة حماس بشأن المقترح القطري، ليس سوى سقف تفاوضي، يلجأ إليه في كل جولة مماثلة، لكي يحتفظ بمساحة مناورة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي. فالرفض المبدئي لا يعني نهاية الطريق بقدر ما هو بداية مرحلة جديدة من المساومات، وهذا ما أكده القرار الأهم: إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة، يضم شخصيات من "الشاباك" و"الموساد"، وهو تطوّر لا يُمكن قراءته إلا في سياق السعي الجاد لإتمام الصفقة.
تصريحات مسؤولين إسرائيليين رفيعين – من مكتب نتنياهو إلى وزراء الكابنيت – تشي بأن الفجوات ليست كبيرة، وأن الخلافات مع حماس يمكن تجاوزها. بل إن بعض التقديرات تشير إلى أن الرد الحمساوي اتّسم بالحذر، في محاولة لانتزاع تنازلات إضافية، وليس رفضاً جذرياً لمبدأ الاتفاق. وبالتالي، فإن الإصرار الإسرائيلي على التفاوض وفق المقترح القطري – رغم الاعتراض على تعديلات حماس – يفضح رغبة دفينة في التوصل إلى تفاهم، لكن بشروط تحفظ قوة الردع السياسي الإسرائيلي.
التحول المفصلي جاء في قرار الكابنيت إدخال المساعدات إلى غزة بالطريقة القديمة، وليس عبر الآلية الأميركية الجديدة، وهو ما يشكل استجابة غير مباشرة لمطلب حماس الأساسي بشأن تدفق المساعدات دون قيود سياسية. هذا القرار، رغم صيغته التقنية، يكشف عن مرونة بدأت تتسرب إلى المؤسسة الإسرائيلية، التي تدرك أن الجمود الكامل لم يعد مجدياً، وأن الرضوخ النسبي أصبح ضرورة لتفادي مزيد من الانفجارات في الشارع الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد ضغط عائلات الأسرى.
ربما تتأخر الصفقة يوماً أو يومين، وربما تظهر فجأة كما حدث في اتفاقات سابقة، لكن الثابت أن الجميع يتحرك تحت ضغط الزمن. نتنياهو، الذي يستعد للسفر إلى واشنطن، يريد اصطحاب إنجاز ما في ملف غزة، يخفف من وطأة الانتقادات التي تطارده. حماس، من جهتها، تبدو مستعدة للمرونة المشروطة، طالما أن ذلك لا يمسّ جوهر المطالب المتعلقة بالمساعدات، والانسحاب، وضمانات وقف العدوان.
نحن أمام لحظة تقاطع مصالح، فلا أحد يتحرك رحمة بغزة، بل لأن موازين القوى وتراكمات الأشهر الماضية فرضت شروطاً جديدة على الطاولة. هدنة مؤقتة؟ نعم. صفقة تبادل؟ واردة.
والعار... كل العار، لمن ما زال يراكم الأرباح من دماء الفقراء، ويقايض أرغفة الخبز بمواقف سياسية، أو يصنع من جراحنا مزاداً مفتوحاً.
التعليقات