انتهت الحرب الإقليمية.. لا غالب ولا مغلوب وبقيت غزة

انتهت الحرب الإقليمية.. لا غالب ولا مغلوب وبقيت غزة
بقلم: إبراهيم المدهون
لو توقفت الحرب الآن بناءً على رؤية ترامب، فإيران ليست في أفضل أحوالها، لكنها ستكون قد خرجت دون أن تُهزم بشكل مباشر، ولا يمكن الجزم بوجود خاسر مطلق أو منتصر مطلق. إيران ستبقى محافظة على نظامها، ولن تلتزم بوقف برنامجها النووي، بل ستسعى إلى ترميم ذاتها، ومعالجة ثغراتها الأمنية، وتجديد بنيتها الدفاعية. هذه المواجهة ستمنحها خبرة ومناعة في أي مواجهات قادمة، وسينظر العالم إليها كدولة استطاعت أن تصمد في وجه إسرائيل والولايات المتحدة وتخرج من بين أيديهم سالمة، وهو ما سيفتح أمامها آفاقًا جديدة لتعزيز علاقاتها الدولية، خاصة مع الصين وروسيا.
في المقابل، ستدفع إيران أثمانًا سياسية وعسكرية، ولن تكون قادرة على إعادة تماسك محور المقاومة كما كان سابقًا. ستضطر إلى إعادة ترتيب أولوياتها وتعديل سياساتها، لكنها تقف أمام فرصة حقيقية للانطلاق نحو مشروع إيراني إقليمي أكثر قوة، ولكن بأسلوب مختلف وأدوات أكثر هدوءًا ومرونة.
أما إسرائيل، فلم تحقق انتصارًا كاملًا، لكنها نجحت في توجيه ضربة قاسية وخطيرة للمشروع النووي الإيراني، ضربة ستؤخر هذا المشروع لعقود قادمة، وهو مكسب استراتيجي بالغ الأهمية. كما أن هذه الضربة ستشغل إيران لسنوات طويلة في إعادة البناء، مع بقاء السيف الإسرائيلي مسلطًا فوق رأسها بالتنسيق الكامل مع واشنطن. ومع ذلك، لم تخرج إسرائيل من هذه المواجهة دون خسائر؛ فقد تلقت ضربات لم تعرفها من قبل، ووصلت الصواريخ إلى عمقها، ولن تكون قادرة مستقبلًا على فرض معادلات جديدة في الشرق الأوسط كما كانت تطمح. بل على العكس، ربما تبدأ مرحلة تحجيمها بعد هذه المواجهة.
الولايات المتحدة تبدو حتى الآن الرابح الأكبر في هذه المعركة؛ إذ تمكنت من تحجيم إيران، ودفعها نحو حسابات جديدة دون الحاجة إلى إسقاط النظام، وأوصلت رسالة واضحة لإسرائيل بأن سقف طموحاتها مرسوم من واشنطن، ولا يمكن تجاوزه. كما حافظت على استقرار الخليج، ومنعت تفجر جبهات أخرى كانت ستزيد المشهد الإقليمي تعقيدًا.
أما غزة، فهي الحلقة الأكثر تعقيدًا في هذا المشهد. منذ انطلاق "طوفان الأقصى"، تتعرض غزة لإبادة جماعية وانتقامية ممنهجة، ومع انتهاء هذه الحرب، ستظهر فرصة حقيقية لإنهاء العدوان على غزة. إطالة أمد الحرب لم تعد مجرد انتقام إسرائيلي من غزة، بل باتت جزءًا من خدمة المعركة الإسرائيلية ضد طهران.
وهنا تأتي مسؤولية القيادة السياسية الفلسطينية والفصائل. لقد آن الأوان للوحدة، لوحدة الموقف وترتيب البيت الفلسطيني، والجلوس على كلمة سواء، والعمل المشترك على لملمة الواقع الفلسطيني، والاجتماع تحت سقف واحد: فتح، وحماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وكل الفصائل الوطنية. نحن بحاجة إلى تفكير سياسي عميق وواقعي، وإلى استثمار موقف إيران خاصة في ظل استمرار صمودها، وكذلك إلى تعزيز علاقاتنا مع عمقنا العربي والإسلامي. المطلوب حركة سياسية ذكية تحافظ على ثوابتنا، وتنقذ شعبنا من المذبحة الجارية، وتفتح لنا أفقًا جديدًا لإعادة ترتيب أوراقنا الداخلية بمشاركة الجميع. هذه اللحظة تتطلب قرارات شجاعة وتفكيرًا خارج الصندوق التقليدي، لصناعة فرصة حقيقية تحفظ الدم الفلسطيني، وتحمي القضية، وتمنحها أملًا جديدًا.
بقلم: إبراهيم المدهون
لو توقفت الحرب الآن بناءً على رؤية ترامب، فإيران ليست في أفضل أحوالها، لكنها ستكون قد خرجت دون أن تُهزم بشكل مباشر، ولا يمكن الجزم بوجود خاسر مطلق أو منتصر مطلق. إيران ستبقى محافظة على نظامها، ولن تلتزم بوقف برنامجها النووي، بل ستسعى إلى ترميم ذاتها، ومعالجة ثغراتها الأمنية، وتجديد بنيتها الدفاعية. هذه المواجهة ستمنحها خبرة ومناعة في أي مواجهات قادمة، وسينظر العالم إليها كدولة استطاعت أن تصمد في وجه إسرائيل والولايات المتحدة وتخرج من بين أيديهم سالمة، وهو ما سيفتح أمامها آفاقًا جديدة لتعزيز علاقاتها الدولية، خاصة مع الصين وروسيا.
في المقابل، ستدفع إيران أثمانًا سياسية وعسكرية، ولن تكون قادرة على إعادة تماسك محور المقاومة كما كان سابقًا. ستضطر إلى إعادة ترتيب أولوياتها وتعديل سياساتها، لكنها تقف أمام فرصة حقيقية للانطلاق نحو مشروع إيراني إقليمي أكثر قوة، ولكن بأسلوب مختلف وأدوات أكثر هدوءًا ومرونة.
أما إسرائيل، فلم تحقق انتصارًا كاملًا، لكنها نجحت في توجيه ضربة قاسية وخطيرة للمشروع النووي الإيراني، ضربة ستؤخر هذا المشروع لعقود قادمة، وهو مكسب استراتيجي بالغ الأهمية. كما أن هذه الضربة ستشغل إيران لسنوات طويلة في إعادة البناء، مع بقاء السيف الإسرائيلي مسلطًا فوق رأسها بالتنسيق الكامل مع واشنطن. ومع ذلك، لم تخرج إسرائيل من هذه المواجهة دون خسائر؛ فقد تلقت ضربات لم تعرفها من قبل، ووصلت الصواريخ إلى عمقها، ولن تكون قادرة مستقبلًا على فرض معادلات جديدة في الشرق الأوسط كما كانت تطمح. بل على العكس، ربما تبدأ مرحلة تحجيمها بعد هذه المواجهة.
الولايات المتحدة تبدو حتى الآن الرابح الأكبر في هذه المعركة؛ إذ تمكنت من تحجيم إيران، ودفعها نحو حسابات جديدة دون الحاجة إلى إسقاط النظام، وأوصلت رسالة واضحة لإسرائيل بأن سقف طموحاتها مرسوم من واشنطن، ولا يمكن تجاوزه. كما حافظت على استقرار الخليج، ومنعت تفجر جبهات أخرى كانت ستزيد المشهد الإقليمي تعقيدًا.
أما غزة، فهي الحلقة الأكثر تعقيدًا في هذا المشهد. منذ انطلاق "طوفان الأقصى"، تتعرض غزة لإبادة جماعية وانتقامية ممنهجة، ومع انتهاء هذه الحرب، ستظهر فرصة حقيقية لإنهاء العدوان على غزة. إطالة أمد الحرب لم تعد مجرد انتقام إسرائيلي من غزة، بل باتت جزءًا من خدمة المعركة الإسرائيلية ضد طهران.
وهنا تأتي مسؤولية القيادة السياسية الفلسطينية والفصائل. لقد آن الأوان للوحدة، لوحدة الموقف وترتيب البيت الفلسطيني، والجلوس على كلمة سواء، والعمل المشترك على لملمة الواقع الفلسطيني، والاجتماع تحت سقف واحد: فتح، وحماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وكل الفصائل الوطنية. نحن بحاجة إلى تفكير سياسي عميق وواقعي، وإلى استثمار موقف إيران خاصة في ظل استمرار صمودها، وكذلك إلى تعزيز علاقاتنا مع عمقنا العربي والإسلامي. المطلوب حركة سياسية ذكية تحافظ على ثوابتنا، وتنقذ شعبنا من المذبحة الجارية، وتفتح لنا أفقًا جديدًا لإعادة ترتيب أوراقنا الداخلية بمشاركة الجميع. هذه اللحظة تتطلب قرارات شجاعة وتفكيرًا خارج الصندوق التقليدي، لصناعة فرصة حقيقية تحفظ الدم الفلسطيني، وتحمي القضية، وتمنحها أملًا جديدًا.
التعليقات