صفقة ناقصة.. ووجود على المحك

صفقة ناقصة.. ووجود على المحك
بقلم: جواد العقاد
تُستأنف في الدوحة جولة جديدة من المفاوضات بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، دون شروط مسبقة، في لحظةٍ هي الأكثر تعقيداً منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.. هذه العودة لطاولة المفاوضات لا تأتي من موقع قوة، بل من ضغط خانق، عسكري وإنساني، يعصف بغزة وسكانها، ويفرض إيقاعه على حركة حماس التي باتت تقف أمام خيارات ضيقة، بل معدومة.
في المقابل، تدير إسرائيل المشهد التفاوضي كامتداد مباشر لمشروعها الاستراتيجي: حرب وجودية ضد الفلسطينيين، لا تستهدف حماس فقط، بل تطال الهوية والحق والمكان، عبر الأدوات العسكرية حيناً، والتكتيك السياسي حيناً آخر. فنتنياهو يلوّح بقبول "صفقة جزئية"، لا تعني سوى هدنة قصيرة الأمد تُوظّفها حكومته لترتيب صفوفها، واستكمال عدوانها لاحقاً بشروطٍ أكثر قسوة.
ما يجري في الدوحة ليس اتفاقاً لإنهاء الحرب، بقدر ما هو محاولة مكشوفة لإدارتها بحسابات الرأي العام، وإعادة هندسة الواقع الغزي تحت عباءة "العمل الإنساني". وهنا تكمن الخطورة: تحويل الدم الفلسطيني إلى بند تفاوضي، وتحييد جوهر القضية لصالح معادلات مؤقتة.
لن يكون لهذه الصفقة - إن تمت - أي أثر استراتيجي ما لم تتوفر حاضنة سياسية فلسطينية جامعة، وموقف عربي صلب يعيد الاعتبار للقضية بوصفها قضية تحرر وطني لا أزمة إنسانية. وما لم يتم إنهاء حالة الانقسام، وإعادة قطاع غزة إلى المشروع الوطني الفلسطيني، وتحت مظلة منظمة التحرير، فإن إسرائيل ستستمر في تفكيك الجغرافيا ومحاربة الكل الفلسطيني.
أثبتت هذه الحرب، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الانقسام هو أخطر من الاحتلال نفسه، وأن التفاوض من موقع الانفصال هو تفاوض خاسر، لا يملك أدوات التأثير ولا أوراق الضغط. ولا يمكن بناء موقف تفاوضي وازن في غياب القيادة الموحدة، والمرجعية السياسية، والشراكة الوطنية الحقيقية.
ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم ليس صفقة لتبادل الأسرى، ولا تهدئة مؤقتة، بل إعادة تعريف المعركة على قاعدة وحدة المصير، وترسيخ الهوية الوطنية في وجه مشاريع الإلغاء والطمس. وعلى العرب أن يغادروا مربع الصمت والمجاملة، ويصوغوا موقفاً واضحاً لا يحتمل التأويل، يقف مع الشعب الفلسطيني لا مع خرائط التهدئة التي تُفصّل في الغرف المغلقة.
ما يجري في غزة حرب ضد الوجود الفلسطيني برمّته، وإزاء ذلك، لا يجوز أن نذهب إلى التفاوض خاليي الوفاض، بلا مشروع، وبلا وحدة، وبلا ظهر عربي.
بقلم: جواد العقاد
تُستأنف في الدوحة جولة جديدة من المفاوضات بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، دون شروط مسبقة، في لحظةٍ هي الأكثر تعقيداً منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.. هذه العودة لطاولة المفاوضات لا تأتي من موقع قوة، بل من ضغط خانق، عسكري وإنساني، يعصف بغزة وسكانها، ويفرض إيقاعه على حركة حماس التي باتت تقف أمام خيارات ضيقة، بل معدومة.
في المقابل، تدير إسرائيل المشهد التفاوضي كامتداد مباشر لمشروعها الاستراتيجي: حرب وجودية ضد الفلسطينيين، لا تستهدف حماس فقط، بل تطال الهوية والحق والمكان، عبر الأدوات العسكرية حيناً، والتكتيك السياسي حيناً آخر. فنتنياهو يلوّح بقبول "صفقة جزئية"، لا تعني سوى هدنة قصيرة الأمد تُوظّفها حكومته لترتيب صفوفها، واستكمال عدوانها لاحقاً بشروطٍ أكثر قسوة.
ما يجري في الدوحة ليس اتفاقاً لإنهاء الحرب، بقدر ما هو محاولة مكشوفة لإدارتها بحسابات الرأي العام، وإعادة هندسة الواقع الغزي تحت عباءة "العمل الإنساني". وهنا تكمن الخطورة: تحويل الدم الفلسطيني إلى بند تفاوضي، وتحييد جوهر القضية لصالح معادلات مؤقتة.
لن يكون لهذه الصفقة - إن تمت - أي أثر استراتيجي ما لم تتوفر حاضنة سياسية فلسطينية جامعة، وموقف عربي صلب يعيد الاعتبار للقضية بوصفها قضية تحرر وطني لا أزمة إنسانية. وما لم يتم إنهاء حالة الانقسام، وإعادة قطاع غزة إلى المشروع الوطني الفلسطيني، وتحت مظلة منظمة التحرير، فإن إسرائيل ستستمر في تفكيك الجغرافيا ومحاربة الكل الفلسطيني.
أثبتت هذه الحرب، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الانقسام هو أخطر من الاحتلال نفسه، وأن التفاوض من موقع الانفصال هو تفاوض خاسر، لا يملك أدوات التأثير ولا أوراق الضغط. ولا يمكن بناء موقف تفاوضي وازن في غياب القيادة الموحدة، والمرجعية السياسية، والشراكة الوطنية الحقيقية.
ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم ليس صفقة لتبادل الأسرى، ولا تهدئة مؤقتة، بل إعادة تعريف المعركة على قاعدة وحدة المصير، وترسيخ الهوية الوطنية في وجه مشاريع الإلغاء والطمس. وعلى العرب أن يغادروا مربع الصمت والمجاملة، ويصوغوا موقفاً واضحاً لا يحتمل التأويل، يقف مع الشعب الفلسطيني لا مع خرائط التهدئة التي تُفصّل في الغرف المغلقة.
ما يجري في غزة حرب ضد الوجود الفلسطيني برمّته، وإزاء ذلك، لا يجوز أن نذهب إلى التفاوض خاليي الوفاض، بلا مشروع، وبلا وحدة، وبلا ظهر عربي.
التعليقات