فلسطين بين عدل شُريح وإدارة عمر وكرامة العباس

فلسطين بين عدل شُريح وإدارة عمر وكرامة العباس
بقلم/ حلمي أبو طه
في عالمٍ تتكاثر فيه الأزمات وتتسارع فيه الأحداث، وتتعالى فيه أصوات المظلومين وتغيب فيه البوصلة الأخلاقية عن كثير من مفاصل الحكم والإدارة، ويغيب صوت العدل تظل القيم الأصيلة وحدها القادرة على رسم طريق الخلاص. هنا: استوقفتني حادثة تاريخية خالدة من تاريخنا الإسلامي، نحتاج أن نتوقف ونتأمل في مشهدها، حين اختلف الخليفة عمر بن الخطاب مع العباس بن عبد المطلب حول هدم بيت الأخير لتوسعة الحرم المكي، فكان الفيصل قاضياً مستقلاً لا يهاب منصباً، ولا ينحني لسلطان. حادثة ينبغي أن تُدرّس في كليات الحقوق وكليات الإدارة، وتُعلّق على جدران المحاكم، وتُكتب بحروف من نور على مداخل مؤسسات الحكم.
تلك الحادثة ليست حكاية من كتب التراث، بل ميزانٌ يُقاس به جوهر الحكم والإدارة الرشيدة. واليوم، في فلسطين عامة وغزة بحكم انها المدينة المحاصرة بالجراح والتحديات، هي بحاجة إلى الـتأمل في القصة فنحن أمام وأحدة قد تكون ضمن موسوعة أحسن القصص، حيث من المهم فهم غزة على حقيقتها والتي لا ينقصها الرجال بل يَنقصها: إداري يُحسن التدبير لا التبرير، وحاكم يرضى بأن يُقال له: "أخطأت"، وقاضٍ يُنصف المظلوم ولو كان ضعيفاُ، ويُحاسب الظالم ولو كان وجيهاً. فهل نرى حاكماً يقول لمواطنٍ بسيط: "اختر أنت القاضي الذي يحكم بيننا؟" هل نرى مسؤولاً يذهب بنفسه إلى القضاء ويقول للقاضي: "نادني باسمي فقط، فنحن أمام العدل"؟ وهل نرى قاضياً يواجه رأس الدولة دون مجاملة أو خوف؟
للأسف، غابت عنا في فلسطين وفي كثير من الدول معاني تمثل رأس الحكم الرشيد فقد غيبت العدالة: حين تُصاغ القوانين لخدمة الأقوى لا لحماية الأضعف. وامتهنت الكرامة: حين يُقمع صوت المواطن لمجرد أنه يعترض. وأضحت النزاهة وهم: حين تُشترى الأحكام وتُسيّس المحاكم. فالأزمة التي نعاني منها اليوم ليست فقط في أنظمتنا، بل في ضميرٍ غُيّب، وقيمٍ تآكلت، ومجتمعات باتت تطالب بالحقوق تحت وطأة الخوف. ما نحتاجه ليس استعادة شخصيات تاريخية، بل استعادة القيم التي مثّلوها: فعدلاً لا يُشترى. وحاكماً لا يتكبر. ومواطناً لا يخاف. وقاضياً لا يُباع.
نحن اليوم في هذه البلد المبارك لا نفتقد الأشخاص.. بل نفتقد القيم! ففلسطين لا تحتاج إلى حلمي أبو طه ولا إلى حسين الشيخ ولا موسى أبو مرزوق وخليل الحية ولا مجدلاني.. بل إلى عدالة تحكم، وإدارة تنصف، وضمير لا يساوم. نحتاج إلى منظمة يحكمها الضمير لا المصالح، وسلطة تديرها القيم لا الأهواء. إلى إدارة أحزاب لا تُقصي الكفاءات، وقضاء لا يُستخدم كسلاح، وحكم لا يتحصّن خلف الجدران. فليكن كل مسؤول اليوم في فلسطين مستعداً أن يُحاسَب قبل أن يُحاسِب. فنهضة فلسطين لن تبدأ من المانحين، بل من إدارة منصفة، وعدالة جريئة، وحكم يرعى الجميع لا فئة دون أخرى.
غزة، اليوم: المدينة المحاصَرة تواجه تحديات ليست كلها من العدو الخارجي، بل جزءٌ منها نابع من الداخل: من إدارة تغيب عنها الشفافية، ومن قضاء يفتقر إلى الاستقلال، ومن منظومة حكم لا تعترف بضرورة المحاسبة. إن العدالة ليست ترفاً في زمن الحرب، بل هي شرطٌ للثبات. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد". فأين نحن من عدالة لا تفرّق بين المسؤول والمواطن؟ وأين نحن من إدارة لا توزع الامتيازات بحسب الولاءات، بل بحسب الكفاءة؟ فهل يُعقل أن تكون العدالة مؤجلة إلى ما بعد النصر؟ وهل النصر نفسه يتحقق بغير عدل؟ فقد قال ابن تيمية: "إن الله يُقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يُقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة". ولعل من أعظم ما كان يُفتقد في إدارة غزة: الشفافية في اتخاذ القرار: كم قرار يُتخذ دون علم الناس؟ وكم ملف يُدار خلف الأبواب المغلقة؟
إن الإدارة الناجحة في الإسلام ليست سلطة تُمارس، بل أمانة تُؤدى. فقد قال عمر بن الخطاب: "والله لو أن بغلة تعثرت في العراق، لكنت مسؤولاً عنها لِمَا لم تمهد لها الطريق يا عمر؟". فكيف بمن يُهدر دماء أو كرامات أو حقوق الناس، ولا يُسأل؟! إن الصراع على العدالة ليس أقل أهمية من الصراع مع العدو. بل إن العدو الأول الذي يجب أن يُهزم هو الهوى داخل صدور المسؤولين، واللامبالاة داخل قلوب الإداريين، والظلم الذي قد يسري باسم الدين والمصلحة.
يا أهل فلسطين عامة وغزة خاصة، اعلموا أن الله لا يُصلح عمل المفسدين، ولو كثر خطابهم عن المقاومة. ويامن بيدهم مفاصل الإدارة، اعلموا أن الله سائلكم، لا بعدد الاجتماعات ولا بطول الخطابات، بل بعدد المظلومين الذين ناموا ولم يجدوا باباً للعدالة. فلنعد إلى المربع الأول: حيث كانت القيم هي الحاكم، وكان العدل فوق الجميع، وكان القضاء لا يُشترى ولا يُخشى، وكان الحاكم يفتخر إذا هُزم أمام الحق.
في عالمٍ تتكاثر فيه الأزمات وتتسارع فيه الأحداث، وتتعالى فيه أصوات المظلومين وتغيب فيه البوصلة الأخلاقية عن كثير من مفاصل الحكم والإدارة، ويغيب صوت العدل تظل القيم الأصيلة وحدها القادرة على رسم طريق الخلاص. هنا: استوقفتني حادثة تاريخية خالدة من تاريخنا الإسلامي، نحتاج أن نتوقف ونتأمل في مشهدها، حين اختلف الخليفة عمر بن الخطاب مع العباس بن عبد المطلب حول هدم بيت الأخير لتوسعة الحرم المكي، فكان الفيصل قاضياً مستقلاً لا يهاب منصباً، ولا ينحني لسلطان. حادثة ينبغي أن تُدرّس في كليات الحقوق وكليات الإدارة، وتُعلّق على جدران المحاكم، وتُكتب بحروف من نور على مداخل مؤسسات الحكم.
تلك الحادثة ليست حكاية من كتب التراث، بل ميزانٌ يُقاس به جوهر الحكم والإدارة الرشيدة. واليوم، في فلسطين عامة وغزة بحكم انها المدينة المحاصرة بالجراح والتحديات، هي بحاجة إلى الـتأمل في القصة فنحن أمام وأحدة قد تكون ضمن موسوعة أحسن القصص، حيث من المهم فهم غزة على حقيقتها والتي لا ينقصها الرجال بل يَنقصها: إداري يُحسن التدبير لا التبرير، وحاكم يرضى بأن يُقال له: "أخطأت"، وقاضٍ يُنصف المظلوم ولو كان ضعيفاُ، ويُحاسب الظالم ولو كان وجيهاً. فهل نرى حاكماً يقول لمواطنٍ بسيط: "اختر أنت القاضي الذي يحكم بيننا؟" هل نرى مسؤولاً يذهب بنفسه إلى القضاء ويقول للقاضي: "نادني باسمي فقط، فنحن أمام العدل"؟ وهل نرى قاضياً يواجه رأس الدولة دون مجاملة أو خوف؟
للأسف، غابت عنا في فلسطين وفي كثير من الدول معاني تمثل رأس الحكم الرشيد فقد غيبت العدالة: حين تُصاغ القوانين لخدمة الأقوى لا لحماية الأضعف. وامتهنت الكرامة: حين يُقمع صوت المواطن لمجرد أنه يعترض. وأضحت النزاهة وهم: حين تُشترى الأحكام وتُسيّس المحاكم. فالأزمة التي نعاني منها اليوم ليست فقط في أنظمتنا، بل في ضميرٍ غُيّب، وقيمٍ تآكلت، ومجتمعات باتت تطالب بالحقوق تحت وطأة الخوف. ما نحتاجه ليس استعادة شخصيات تاريخية، بل استعادة القيم التي مثّلوها: فعدلاً لا يُشترى. وحاكماً لا يتكبر. ومواطناً لا يخاف. وقاضياً لا يُباع.
نحن اليوم في هذه البلد المبارك لا نفتقد الأشخاص.. بل نفتقد القيم! ففلسطين لا تحتاج إلى حلمي أبو طه ولا إلى حسين الشيخ ولا موسى أبو مرزوق وخليل الحية ولا مجدلاني.. بل إلى عدالة تحكم، وإدارة تنصف، وضمير لا يساوم. نحتاج إلى منظمة يحكمها الضمير لا المصالح، وسلطة تديرها القيم لا الأهواء. إلى إدارة أحزاب لا تُقصي الكفاءات، وقضاء لا يُستخدم كسلاح، وحكم لا يتحصّن خلف الجدران. فليكن كل مسؤول اليوم في فلسطين مستعداً أن يُحاسَب قبل أن يُحاسِب. فنهضة فلسطين لن تبدأ من المانحين، بل من إدارة منصفة، وعدالة جريئة، وحكم يرعى الجميع لا فئة دون أخرى.
غزة، اليوم: المدينة المحاصَرة تواجه تحديات ليست كلها من العدو الخارجي، بل جزءٌ منها نابع من الداخل: من إدارة تغيب عنها الشفافية، ومن قضاء يفتقر إلى الاستقلال، ومن منظومة حكم لا تعترف بضرورة المحاسبة. إن العدالة ليست ترفاً في زمن الحرب، بل هي شرطٌ للثبات. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد". فأين نحن من عدالة لا تفرّق بين المسؤول والمواطن؟ وأين نحن من إدارة لا توزع الامتيازات بحسب الولاءات، بل بحسب الكفاءة؟ فهل يُعقل أن تكون العدالة مؤجلة إلى ما بعد النصر؟ وهل النصر نفسه يتحقق بغير عدل؟ فقد قال ابن تيمية: "إن الله يُقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يُقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة". ولعل من أعظم ما كان يُفتقد في إدارة غزة: الشفافية في اتخاذ القرار: كم قرار يُتخذ دون علم الناس؟ وكم ملف يُدار خلف الأبواب المغلقة؟
إن الإدارة الناجحة في الإسلام ليست سلطة تُمارس، بل أمانة تُؤدى. فقد قال عمر بن الخطاب: "والله لو أن بغلة تعثرت في العراق، لكنت مسؤولاً عنها لِمَا لم تمهد لها الطريق يا عمر؟". فكيف بمن يُهدر دماء أو كرامات أو حقوق الناس، ولا يُسأل؟! إن الصراع على العدالة ليس أقل أهمية من الصراع مع العدو. بل إن العدو الأول الذي يجب أن يُهزم هو الهوى داخل صدور المسؤولين، واللامبالاة داخل قلوب الإداريين، والظلم الذي قد يسري باسم الدين والمصلحة.
يا أهل فلسطين عامة وغزة خاصة، اعلموا أن الله لا يُصلح عمل المفسدين، ولو كثر خطابهم عن المقاومة. ويامن بيدهم مفاصل الإدارة، اعلموا أن الله سائلكم، لا بعدد الاجتماعات ولا بطول الخطابات، بل بعدد المظلومين الذين ناموا ولم يجدوا باباً للعدالة. فلنعد إلى المربع الأول: حيث كانت القيم هي الحاكم، وكان العدل فوق الجميع، وكان القضاء لا يُشترى ولا يُخشى، وكان الحاكم يفتخر إذا هُزم أمام الحق.
التعليقات