الغزيون يلجأون لأكل لحوم السلاحف البحرية المهددة عالمياً في ظل اشتداد الحرب والحصار

الغزيون يلجأون لأكل لحوم السلاحف البحرية المهددة عالميا في ظل اشتداد الحرب والحصار
بقلم: أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه
أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية – قطاع غزة
سجلت دراسات بيئية محلية عديدة أن النظام البيئي البحري لقطاع غزة (Marine Ecosystem of the Gaza Strip) يأوي على الأقل ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية المهددة عالميا (Endangered Sea Turtles) وهي السلحفاة البحرية ضخمة الرأس (Loggerhead Sea Turtle = Caretta caretta) والسلحفاة البحرية الخضراء (Green Sea Turtle = Chelonia mydas) والسلحفاة البحرية جلدية الظهر (Leatherback Sea Turtle = Dermochelys coriacea). سنويا، يُسجل على طول الساحل الفلسطيني في قطاع غزة الذي يبلغ طوله 42 كيلومترا تقريبا جنوح (Stranding) أو صيد (Catch) أو صيد عرضي (By-catch) لعشرات العينات من هذه السلاحف البحرية، ويقوم بعض الشبان أو صيادي الأسماك الغزيين بإرجاع بعضها ثانية إلى البحر لمعرفتهم بالأخطار التي تواجه تلك السلاحف عالميا لكونها مهددة ومعرضة للخطر. منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ازدادت عمليات النزوح (Displacement) من الشمال والجنوب إلى ما تسمى إسرائيليا بالمناطق الإنسانية (Humanitarian Areas) في المناطق الغربية لقطاع غزة ولاسيما منطقة المواصي التي تبلغ مساحتها 14 كيلومترا مربعا، والمنطقة الوسطى ومدينة غزة. تشير منظمات عالمية أن أكثر من مليوني نسمة من أصل 2.4 مليون يقطنون كامل قطاع غزة قد نزحوا مرارا وتكرارا داخل أرجاء القطاع وعاشوا ظروفا لا إنسانية يندر وجود مثيل لها في العالم، حيث حُرموا المأكل والملبس والشراب والبيئة النظيفة والأمن والأمان، وازداد معدل الفقر والجوع بشكل يصعب وصفه. انقطعت الخضراوات والفواكه واللحوم الطازجة والأسماك البحرية والمستزرعة والمجمدة، وازداد الاحتكار والغلاء بشكل يصعب وصفه أيضا من قبل التجار الجشعين الذين لم يرقبوا في أبناء الشعب المكلوم إلا ولا ذمة.
لجأ الغزيون الجائعون (Starving Gazans) بسبب اشتداد محنتي الحرب والحصار على قطاع غزة إلى البحث عن أي نوع من الخضراوات أو الأعشاب والحشائش لسد جوعهم، ولجأ الغزيون إلى أكل مأكولات لم يتناولوها من ذي قبل في ظل انعدام المأكولات الطازجة من لحوم حمراء وبيضاء وبيض وغيرها. اصطاد بعض الغزيين أنواعا من الحيوانات البرية (Wildlife) مثل الثدييات والطيور في بيئاتها الطبيعية أو غير الطبيعية (Natural and Non-natural Habitats) بغرض الأكل وإطعام الصغار بروتينا حيوانيا (Animal Protein) في ظل الفاقة البروتينية (Protein Deficiency) الحاصلة في قطاع غزة. وفي ظل منع الاحتلال الإسرائيلي للغزيين من ارتياد البحر والصيد السمكي (Fishing)، ارتفعت أسعار الأسماك البحرية المتاحة وهي قليلة جدا ولا تعادل 1% مما كان متاحا قبل الحرب، مما جعل الغزيين يبحثون عن أي شيء يأكلونه ليحافظوا على حياتهم من مخاطر الجوع (Hunger) والمجاعة (Starvation) المفروضين عليهم إسرائيليا. خلال الحرب الممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن، لجأ بعض صيادي الأسماك والغزيين إلى ملاحقة بعض أنواع السلاحف البحرية التي يصطادونها أو تقع عرضيا في شباك ومعدات صيدهم (Fishing Gear) ليذبحوها وليأكلوا لحومها. تحدث غزيون كثر أنهم لم يفكروا أصلا في ملاحقة السلاحف البحرية أو أكلها، ولكن ما رماهم على هذا السلوك وهذه الأفاعيل هو الفاقة والمجاعة وانعدام الأمن الغذائي برمته في ظل الحرب الشرسة والحصار الظالم ومنع الاحتلال الإسرائيلي المتكرر من دخول المساعدات الإنسانية (Humanitarian Aids) إلى قطاع غزة وهي بالطبع متكدسة خارجه وتنتظر السماح لها بالدخول منذ أشهر.
تعتبر السلحفاتان البحريتان ضخمة الرأس والخضراء النوعين الأكثر شيوعا في المياه البحرية لقطاع غزة أما النوع الثالث المتمثل بالسلحفاة البحرية جلدية الظهر (وهي الأضخم عالميا) فهي نادرة جدا. انتشرت أخبار وفيديوهات على المواقع الاخبارية الفلسطينية ومواقع التواصل الاجتماعي تبين قيام صيادين بذبح سلاحف بحرية ومن ثم توزيع لحومها على عائلات غزية بغرض طهيها بطرق مختلفة ومن ثم تناولها. تحدث صيادون وغزيون أن هذا السلوك يبدو غريبا في قطاع غزة ولكن الجوع كافر وهو ما أدى إلى لجوئهم لأكل تلك السلاحف البحرية المهددة عالميا. تجدر الإشارة في هذا المقام أن السلاحف البحرية وبيوضها تُلاحق في العديد من دول العالم المتقدم (Developed World) وفي كثير من دول العالم النامي (Developing World)، للحصول على البروتين الحيواني، وهم يعتبرون أن لحوم السلاحف وبيوضها من أشهى المأكولات برغم القوانين في بعض الدول التي تمنع ملاحقة وجمع بيوض السلاحف البحرية. تجدر الإشارة هنا أيضا أن لحوم السلاحف البحرية الخضراء هي الألذ عالميا ولهذا فإن أعداد تلك السلاحف في تناقص مستمر. في الختام، لا يمكن مساءلة الجائع عن سبب ملاحقته وأكله للحياة البرية بشكل عام والسلاحف البحرية بشكل خاص، ولكن يمكن مساءلة المتسببين في منع الامدادات الغذائية والطبية (Food and Medical Supplies) إلى قطاع غزة – تلك المنطقة المعروفة عالميا بأنها الأكثر كثافة على مستوى العالم والأشد بأسا أيضا. حفظ الله قطاع غزة وأكرمه، رغم النكبات والكوارث والمصائب الكبيرة التي ألمت به والتي نسأل الله أن يرفعها قريباً.


أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية – قطاع غزة
سجلت دراسات بيئية محلية عديدة أن النظام البيئي البحري لقطاع غزة (Marine Ecosystem of the Gaza Strip) يأوي على الأقل ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية المهددة عالميا (Endangered Sea Turtles) وهي السلحفاة البحرية ضخمة الرأس (Loggerhead Sea Turtle = Caretta caretta) والسلحفاة البحرية الخضراء (Green Sea Turtle = Chelonia mydas) والسلحفاة البحرية جلدية الظهر (Leatherback Sea Turtle = Dermochelys coriacea). سنويا، يُسجل على طول الساحل الفلسطيني في قطاع غزة الذي يبلغ طوله 42 كيلومترا تقريبا جنوح (Stranding) أو صيد (Catch) أو صيد عرضي (By-catch) لعشرات العينات من هذه السلاحف البحرية، ويقوم بعض الشبان أو صيادي الأسماك الغزيين بإرجاع بعضها ثانية إلى البحر لمعرفتهم بالأخطار التي تواجه تلك السلاحف عالميا لكونها مهددة ومعرضة للخطر. منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ازدادت عمليات النزوح (Displacement) من الشمال والجنوب إلى ما تسمى إسرائيليا بالمناطق الإنسانية (Humanitarian Areas) في المناطق الغربية لقطاع غزة ولاسيما منطقة المواصي التي تبلغ مساحتها 14 كيلومترا مربعا، والمنطقة الوسطى ومدينة غزة. تشير منظمات عالمية أن أكثر من مليوني نسمة من أصل 2.4 مليون يقطنون كامل قطاع غزة قد نزحوا مرارا وتكرارا داخل أرجاء القطاع وعاشوا ظروفا لا إنسانية يندر وجود مثيل لها في العالم، حيث حُرموا المأكل والملبس والشراب والبيئة النظيفة والأمن والأمان، وازداد معدل الفقر والجوع بشكل يصعب وصفه. انقطعت الخضراوات والفواكه واللحوم الطازجة والأسماك البحرية والمستزرعة والمجمدة، وازداد الاحتكار والغلاء بشكل يصعب وصفه أيضا من قبل التجار الجشعين الذين لم يرقبوا في أبناء الشعب المكلوم إلا ولا ذمة.
لجأ الغزيون الجائعون (Starving Gazans) بسبب اشتداد محنتي الحرب والحصار على قطاع غزة إلى البحث عن أي نوع من الخضراوات أو الأعشاب والحشائش لسد جوعهم، ولجأ الغزيون إلى أكل مأكولات لم يتناولوها من ذي قبل في ظل انعدام المأكولات الطازجة من لحوم حمراء وبيضاء وبيض وغيرها. اصطاد بعض الغزيين أنواعا من الحيوانات البرية (Wildlife) مثل الثدييات والطيور في بيئاتها الطبيعية أو غير الطبيعية (Natural and Non-natural Habitats) بغرض الأكل وإطعام الصغار بروتينا حيوانيا (Animal Protein) في ظل الفاقة البروتينية (Protein Deficiency) الحاصلة في قطاع غزة. وفي ظل منع الاحتلال الإسرائيلي للغزيين من ارتياد البحر والصيد السمكي (Fishing)، ارتفعت أسعار الأسماك البحرية المتاحة وهي قليلة جدا ولا تعادل 1% مما كان متاحا قبل الحرب، مما جعل الغزيين يبحثون عن أي شيء يأكلونه ليحافظوا على حياتهم من مخاطر الجوع (Hunger) والمجاعة (Starvation) المفروضين عليهم إسرائيليا. خلال الحرب الممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن، لجأ بعض صيادي الأسماك والغزيين إلى ملاحقة بعض أنواع السلاحف البحرية التي يصطادونها أو تقع عرضيا في شباك ومعدات صيدهم (Fishing Gear) ليذبحوها وليأكلوا لحومها. تحدث غزيون كثر أنهم لم يفكروا أصلا في ملاحقة السلاحف البحرية أو أكلها، ولكن ما رماهم على هذا السلوك وهذه الأفاعيل هو الفاقة والمجاعة وانعدام الأمن الغذائي برمته في ظل الحرب الشرسة والحصار الظالم ومنع الاحتلال الإسرائيلي المتكرر من دخول المساعدات الإنسانية (Humanitarian Aids) إلى قطاع غزة وهي بالطبع متكدسة خارجه وتنتظر السماح لها بالدخول منذ أشهر.
تعتبر السلحفاتان البحريتان ضخمة الرأس والخضراء النوعين الأكثر شيوعا في المياه البحرية لقطاع غزة أما النوع الثالث المتمثل بالسلحفاة البحرية جلدية الظهر (وهي الأضخم عالميا) فهي نادرة جدا. انتشرت أخبار وفيديوهات على المواقع الاخبارية الفلسطينية ومواقع التواصل الاجتماعي تبين قيام صيادين بذبح سلاحف بحرية ومن ثم توزيع لحومها على عائلات غزية بغرض طهيها بطرق مختلفة ومن ثم تناولها. تحدث صيادون وغزيون أن هذا السلوك يبدو غريبا في قطاع غزة ولكن الجوع كافر وهو ما أدى إلى لجوئهم لأكل تلك السلاحف البحرية المهددة عالميا. تجدر الإشارة في هذا المقام أن السلاحف البحرية وبيوضها تُلاحق في العديد من دول العالم المتقدم (Developed World) وفي كثير من دول العالم النامي (Developing World)، للحصول على البروتين الحيواني، وهم يعتبرون أن لحوم السلاحف وبيوضها من أشهى المأكولات برغم القوانين في بعض الدول التي تمنع ملاحقة وجمع بيوض السلاحف البحرية. تجدر الإشارة هنا أيضا أن لحوم السلاحف البحرية الخضراء هي الألذ عالميا ولهذا فإن أعداد تلك السلاحف في تناقص مستمر. في الختام، لا يمكن مساءلة الجائع عن سبب ملاحقته وأكله للحياة البرية بشكل عام والسلاحف البحرية بشكل خاص، ولكن يمكن مساءلة المتسببين في منع الامدادات الغذائية والطبية (Food and Medical Supplies) إلى قطاع غزة – تلك المنطقة المعروفة عالميا بأنها الأكثر كثافة على مستوى العالم والأشد بأسا أيضا. حفظ الله قطاع غزة وأكرمه، رغم النكبات والكوارث والمصائب الكبيرة التي ألمت به والتي نسأل الله أن يرفعها قريباً.


التعليقات