بعد ردّ حماس على مقترحات الهدنة: من يحمي الوجود الفلسطيني؟

بعد ردّ حماس على مقترحات الهدنة: من يحمي الوجود الفلسطيني؟
بقلم: جواد العقاد – كاتب صحفي
لم يحمل خطاب القيادي في حركة حماس خليل الحية جديداً في جوهره، لكنه وضع النقاط على حروف اللحظة الراهنة: لا مزيد من صفقات التهدئة، ولا قبول بهدن مؤقتة تُمدّ بعمر الحرب وتُقصّر من عمر غزة. فبعد كل ما أبدته الحركة من مرونة، جاء الردّ الإسرائيلي مشروطاً ومتفلّتاً من أي التزام بوقف العدوان أو الانسحاب، وكأن إسرائيل – كما تفعل دائماً – تشتري الوقت بالدم الفلسطيني.
ردّ حماس لم يكن مستغرباً؛ فالحركة، في غياب أي ضمانة حقيقية لإنهاء الحرب، تشعر أنها في قلب تهديد وجودي. ولكن الحقيقة الأوسع أن الوجود الفلسطيني كله بات مهدداً، لا فقط فصيلاً أو سلطة أو شريحة. فهذه الحرب ليست موجهة ضد وجود فحسب، بل ضد الحياة في غزة، ضد الفكرة الوطنية، ضد الإنسان الفلسطيني.
من هنا، فإن حصر المسألة في ثنائية حماس/إسرائيل، يختزل مأساة بحجم وطن إلى نزاع على شروط تفاوض. الواقع أكثر تعقيداً وأعمق نزفاً.
وهنا، لا بد من قول الحقيقة بصوتٍ عالٍ:
نحن شعبٌ أعزل. لا نملك إلا أجسادنا، لا نحتمي إلا بصبرنا، ولا نقاتل إلا بإرادتنا على البقاء.
نُباد جماعياً، ثم يُطلب منا أن نسلّم سلاحاً لا نملكه أصلاً!
أي عبثٍ هذا؟ أي منطق يُحمّل الضحية مسؤولية موتها تحت الأنقاض؟
الحديث عن "التسليم" تحت نيران القصف والإبادة هو تضليلٌ وقح، ومشاركة في الجريمة.
كفى مكابرة... قولوا للعالم الحقيقة:
نحن بلا سلاح، بلا حماية، بلا مظلة…
نصمد بالحق… ونحارب بالبقاء.
"احمونا"... كما قال الرئيس محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة.
احمونا من المجازر، من الإبادة، من هذا الغباء القاتل.
لقد آن الأوان لأن تعود منظمة التحرير الفلسطينية إلى موقعها الطبيعي في قيادة القضية، لا لأنّها تملك عصاً سحرية توقف الحرب، بل لأنها الإطار الجامع والشرعي الذي يمكن أن يُستعاد به التمثيل الوطني، وتُبنى عليه وحدة الصف الفلسطيني. فالمعركة اليوم ليست ميدانية فقط، بل سياسية وأخلاقية وتاريخية أيضاً.
وإذا كانت حماس جادّة في حماية شعبنا من المزيد من الكوارث، فعليها أن تتحمّل مسؤولية وطنية لا فصائلية، بأن تطلب الانضمام الفوري إلى المنظمة، وتعلن التزامها بميثاقها، وتُفوضها بقيادة المعركة السياسية، بوصفها الممثل الشرعي أمام العالم. فالقضية اليوم تحتاج من يرفعها لا من يحتكرها، من يصونها لا من يديرها بعقل الجبهات المغلقة.
صحيح أن إسرائيل لا تعترف بالمنظمة إلا حين تشاء، وتشنّ حروبها على كل من يحمل الهم الفلسطيني، لكن حين نعود إلى المؤسسة الوطنية، نعود محصنين بإجماع الداخل، وبثقة الشتات، وبشرعية قادرة على إعادة تعريف الصراع أمام العالم. وبهذا، تتغير استراتيجية المواجهة. إذ لا بد من الاعتراف بأن الصراع اليوم أُخرج عن مساره الوطني الجامع، ليُختزل في مشهد دموي معزول، بينما الأصل أن تبقى المعركة بين شعب أعزل وقوة احتلالية.
وهذه الاستعادة لا تتحقق بالشعارات، بل بالفعل السياسي، وبعودة الروح إلى منظمة التحرير.
الرهان الحقيقي اليوم ليس على السلاح، بل على الوعي. والوعي يبدأ من سؤال بسيط:
من يملك الشرعية أمام الشعب والعالم؟ ومن يستطيع أن يُفاوض باسمنا لا باسم فصيل؟
الجواب واضح، والوقت يضيق، والمأساة لا تنتظر أن نصفي حساباتنا البينية. فلنستثمر ما تبقى من دمنا في بناء مشروع وطني، لا في تصفية الذات في جحيم الحرب.
بقلم: جواد العقاد – كاتب صحفي
لم يحمل خطاب القيادي في حركة حماس خليل الحية جديداً في جوهره، لكنه وضع النقاط على حروف اللحظة الراهنة: لا مزيد من صفقات التهدئة، ولا قبول بهدن مؤقتة تُمدّ بعمر الحرب وتُقصّر من عمر غزة. فبعد كل ما أبدته الحركة من مرونة، جاء الردّ الإسرائيلي مشروطاً ومتفلّتاً من أي التزام بوقف العدوان أو الانسحاب، وكأن إسرائيل – كما تفعل دائماً – تشتري الوقت بالدم الفلسطيني.
ردّ حماس لم يكن مستغرباً؛ فالحركة، في غياب أي ضمانة حقيقية لإنهاء الحرب، تشعر أنها في قلب تهديد وجودي. ولكن الحقيقة الأوسع أن الوجود الفلسطيني كله بات مهدداً، لا فقط فصيلاً أو سلطة أو شريحة. فهذه الحرب ليست موجهة ضد وجود فحسب، بل ضد الحياة في غزة، ضد الفكرة الوطنية، ضد الإنسان الفلسطيني.
من هنا، فإن حصر المسألة في ثنائية حماس/إسرائيل، يختزل مأساة بحجم وطن إلى نزاع على شروط تفاوض. الواقع أكثر تعقيداً وأعمق نزفاً.
وهنا، لا بد من قول الحقيقة بصوتٍ عالٍ:
نحن شعبٌ أعزل. لا نملك إلا أجسادنا، لا نحتمي إلا بصبرنا، ولا نقاتل إلا بإرادتنا على البقاء.
نُباد جماعياً، ثم يُطلب منا أن نسلّم سلاحاً لا نملكه أصلاً!
أي عبثٍ هذا؟ أي منطق يُحمّل الضحية مسؤولية موتها تحت الأنقاض؟
الحديث عن "التسليم" تحت نيران القصف والإبادة هو تضليلٌ وقح، ومشاركة في الجريمة.
كفى مكابرة... قولوا للعالم الحقيقة:
نحن بلا سلاح، بلا حماية، بلا مظلة…
نصمد بالحق… ونحارب بالبقاء.
"احمونا"... كما قال الرئيس محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة.
احمونا من المجازر، من الإبادة، من هذا الغباء القاتل.
لقد آن الأوان لأن تعود منظمة التحرير الفلسطينية إلى موقعها الطبيعي في قيادة القضية، لا لأنّها تملك عصاً سحرية توقف الحرب، بل لأنها الإطار الجامع والشرعي الذي يمكن أن يُستعاد به التمثيل الوطني، وتُبنى عليه وحدة الصف الفلسطيني. فالمعركة اليوم ليست ميدانية فقط، بل سياسية وأخلاقية وتاريخية أيضاً.
وإذا كانت حماس جادّة في حماية شعبنا من المزيد من الكوارث، فعليها أن تتحمّل مسؤولية وطنية لا فصائلية، بأن تطلب الانضمام الفوري إلى المنظمة، وتعلن التزامها بميثاقها، وتُفوضها بقيادة المعركة السياسية، بوصفها الممثل الشرعي أمام العالم. فالقضية اليوم تحتاج من يرفعها لا من يحتكرها، من يصونها لا من يديرها بعقل الجبهات المغلقة.
صحيح أن إسرائيل لا تعترف بالمنظمة إلا حين تشاء، وتشنّ حروبها على كل من يحمل الهم الفلسطيني، لكن حين نعود إلى المؤسسة الوطنية، نعود محصنين بإجماع الداخل، وبثقة الشتات، وبشرعية قادرة على إعادة تعريف الصراع أمام العالم. وبهذا، تتغير استراتيجية المواجهة. إذ لا بد من الاعتراف بأن الصراع اليوم أُخرج عن مساره الوطني الجامع، ليُختزل في مشهد دموي معزول، بينما الأصل أن تبقى المعركة بين شعب أعزل وقوة احتلالية.
وهذه الاستعادة لا تتحقق بالشعارات، بل بالفعل السياسي، وبعودة الروح إلى منظمة التحرير.
الرهان الحقيقي اليوم ليس على السلاح، بل على الوعي. والوعي يبدأ من سؤال بسيط:
من يملك الشرعية أمام الشعب والعالم؟ ومن يستطيع أن يُفاوض باسمنا لا باسم فصيل؟
الجواب واضح، والوقت يضيق، والمأساة لا تنتظر أن نصفي حساباتنا البينية. فلنستثمر ما تبقى من دمنا في بناء مشروع وطني، لا في تصفية الذات في جحيم الحرب.
التعليقات