نظرة على عوامل قد تكون ساهمت بهجوم الوشق المصري على جنود إسرائيليين بصحراء النقب

نظرة على عوامل قد تكون ساهمت بهجوم الوشق المصري على جنود إسرائيليين بصحراء النقب
نظرة على عوامل قد تكون ساهمت في هجوم الوشق المصري على جنود إسرائيليين في صحراء النقب

أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه

قسم الأحياء – الجامعة الإسلامية بغزة

تعرض جنود إسرائيليون في قاعدة عسكرية تقع قرب جبل حريف (Mount Harif) في صحراء النقب (Negev Desert) جنوب فلسطين إلى هجوم مباغت من حيوان الوشق الصحراوي (Desert Lynx or Caracal = Caracal caracal) المسمى بالكاراكال أو شبح الصحراء، والذي أطلق عليه مغردون بالوشق المصري (Egyptian Lynx) لكونه تسلل من الأراضي المصرية إلى فلسطين عبر الحدود التي يصل طولها إلى حوالي 245 كيلومترا. يتميز الوشق المصري بفرائه البني المحمر أو الأصفر الرملي الذي يساعده في التمويه (Camouflage) واندماجه في محيطه الصحراوي بسهولة ويسر، مما يجعله أقل عرضة للافتراس ويسمح له بالاقتراب من فريسته دون أن يكتشفها أحد. وهذا يفسر سبب رصد الجنود الإسرائيليين له من مسافة قريبة فقط خلال الهجوم المباغت له. يتجنب الوشق البري البشر عادةً ولا يشكل خطرا عليهم، إلا أن حادثة هجومه على الجنود الإسرائيليين ألقت بظلالها على تفاعلات أشكال الحياة البرية مع البشر، وقد حدا ذلك الأوساط العلمية والمتخصصة لتفسير هذا الهجوم النوعي والنادر لحيوان الوشق المصري على الجنود الإسرائيليين في صحراء النقب.

تناولت العديد من المواقع العلمية والإعلامية الكثير حول العوامل التي تفسر ذلك، وقد قمت في هذه العجالة بجمع وتنسيق تلك العوامل المحتملة أملا في توضيحها للقاريء وزيادة الوعي البيئي للفلسطينيين والعرب تجاه حيوان الوشق بطل هذه القصة الفريدة من نوعها ليس محليا فقط، بل وإقليميا وعالميا.

1. الدفاع عن أرضه (Defending its Territory): يُعرف حيوان الوشق بدفاعه الشرس عن أرضه، وبهذا فقد اعتبر الوشق المصري الجنود الإسرائيليين بقربهم متطفلين على أرضه وموطنه مما أثار رد فعله العدواني تجاههم فقام بالهجوم المفاجيء عليهم على دفعات وعضهم وخدشهم مما حدا بنقلهم لمستشفى سوروكا في بئر السبع لتلقي العلاج اللازم.

2. حماية صغاره (Protection of Young): من المعروف أن أنثى الوشق هي من تقوم برعابة صغارها، ولهذا ربما شعرت أنثى الوشق بالتهديدات المحتملة من قبل الجنود الإسرائيليين تجاه صغارها فأصبحت عدوانيًا للغاية مما دفعها إلى الهجوم عليهم وعضهم وخدشهم.

3. الخوف والتوتر (Fear and Stress): قد يُسبب وجود الجنود الإسرائيليين بالقرب من عرين الوشق المصري توترًا أو خوفًا لديه، مما دفعه إلى التصرف بشكل غير متوقع ومهاجمتهم لضمان بقائه حيا.

4. الجوع (Starvation or Hunger): يصبح الوشق المصري أكثر عدوانية إذا كان جائعًا أو يعاني من سوء التغذية أو يواجه صعوبة في العثور على الطعام، فقد يكون قد هاجم الجنود الإسرائيليين في محاولة يائسة لحماية مصدر غذائه.

5. التغيرات السلوكية الموسمية (Seasonal Behavioral Changes): قد تُظهر الحيوانات البرية، بما في ذلك الوشق المصري، تغيرات في سلوكها بسبب عوامل موسمية (موسم التزاوج مثلا)، وعليه فقد أظهر الوشق المصري سلوكًا إقليميًا أو دفاعيًا ورد فعل عدوانيا غير معتاد تجاه الجنود الإسرائيليين إذا وقع الصدام خلال هذه الفترة.

6. تدمير المواطن الطبيعية (Destruction of Natural Habitats): يؤثر هذا التدمير على أعداد الوشق مما قد يجبرها أحيانًا على الاقتراب من المناطق المأهولة بالسكان بحثًا عن الطعام أو المأوى، مما قد يُفسر بدوره هجماتها على الجنود الإسرائيليين.

7. الصيد الجائر (Overhunting): من المُرجّح أن يكون الصيد الجائر للفرائس التي يعتمد عليها الوشق المصري في غذائه، مثل الأرانب والطيور وغيرها، هو السبب الرئيسي مما دفع الوشق للاقتراب من المناطق المأهولة بالسكان وهنا تتمثل في القاعدة العسكرية الإسرائيلية قرب الحدود المصرية على أمل الحصول على طعام مناسب. مما يدفع بهذا الاتجاه أنه وبعد مهاجمة الجنود الإسرائيليين، وجدت هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية الوشق مختبئًا في منطقة قريبة، يمضغ العشب الاصطناعي، مما يُشير إلى نقص الفرائس، وهو أحد الأسباب الرئيسية لدخوله المناطق المأهولة بالسكان ومهاجمته للجنود الإسرائيليين.

8. الإصابة بداء الكلب (Rabies Infection): يُمكن أن يُصاب الوشق المصري بالسعار أو داء الكلب (Rabies)، وهو أحد أخطر الأمراض الفيروسية التي تُصيب الجهاز العصبي المركزي (Central Nervous System) للثدييات، بما في ذلك البشر. ينتقل هذا المرض عن طريق لعاب الحيوانات المصابة، إما عن طريق العض أو الخدش (Biting or Scratching). تُظهر الحيوانات المصابة بهذا المرض تغيرات سلوكية حادة، مثل فقدان الخوف من البشر وزيادة العدوانية، مما قد يفسر هجمات الوشق المصري على الجنود الإسرائيليين.

في الختام، كلي أمل بأن أكون قد وفقت في إظهار تلك العوامل للقاريء، والأجمل من ذلك أن تكون هذه المقالة المتواضعة حافز لصون الحياة البرية بشكل مستدام في فلسطين بالذات خاصة وأن الوشق الصحراوي حيوان غامض ونادر فيها، كما أنه معرض للخطر مما يستوجب حمايته.


التعليقات