إطلالة على الوشق الذي هاجم جنوداً إسرائيليين في صحراء النقب

إطلالة على الوشق الذي هاجم جنوداً إسرائيليين في صحراء النقب
إطلالة على الوشق الذي هاجم جنودا إسرائيليين في صحراء النقب

أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه

قسم الأحياء – الجامعة الإسلامية بغزة

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حيوان الوشق الصحراوي أو عناق الأرض (Caracal = Desert Lynx = Caracal caracal) والذي يُسمى أحيانا بشبح الصحراء هاجم عدداً من جنود الجيش الإسرائيلي في صحراء النقب على الحدود مع مصر في 18 مارس 2025، مما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة نتيجة العضات والخدوش، وقد أدى ذلك إلى نقلهم لمستشفى سوروكا في بئر السبع لعمل الفحوصات اللازمة والتأكد من عدم إصابتهم بالسُعار أو داء الكلب (Rabies) الذي يصيب الجهاز العصبي ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، ولتلقي العلاج اللازم. على الرغم من أن الوشق حيوان يعيش في صحراء النقب ووادي عربة إلا أن بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أصروا على تسمية الحيوان بالوشق المصري (Egyptian Lynx) نظرا لاحتمالية تسلله من الحدود المصرية إلى فلسطين المحتلة ومهاجمة الجنود الإسرائيليين في قاعدتهم العسكرية بالقرب من جبل حريف (Mount Harif) في صحراء النقب التي تبعد كيلومترا واحدا من الحدود.

ينتمي الوشق إلى فصيلة السنوريات (Felidae) التي تتضمن حيوانات مفترسة مثل الأسود والنمور والفهود والقطط البرية والقطط المنزلية. يعيش الوشق في شمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط في المناطق الصحراوية، ويتمتع بسرعة كبيرة ومهارة في الانقضاض على فريسته كما أن لديه القدرة على القفز لمسافة ثلاثة أمتارلاقتناص فرائسه، ويتميز بآذان طويلة ذات خصل سوداء. الوشق حيوان مفترس متوسط الحجم، موطنه المناطق الصحراوية القاحلة، يتراوح طوله بين 60 و130 سم، ويمكن أن تصل سرعته إلى 80 كم/ساعة أثناء الصيد. من النادر أن يعيش الوشق في مجموعات، فهو يفضل السلوك الانعزالي (Solitary Behavior)، ويتغذى على الفرائس الصغيرة مثل الأرانب والقوارض والطيور الصغيرة. يخشى الوشق الإنسان، ولهذا من النادر هجومه على البشر كما حدث في صحراء النقب على الحدود الفلسطينية المصرية. الوشق في فلسطين نادر ومعرض للخطر بسبب فقدان الكثير من موائله البيئية (Habitats). 

تعتقد بعض التقارير أن السبب وراء هجوم أنثى الوشق على خمسة من الجنود الإسرائيليين ربما يكون هو هدم الكثير من الموائل الطبيعية والصيد الجائر، مما دفع الحيوان إلى الاقتراب من أماكن آهلة بالسكان بحثاً عن الغذاء. وأشارت السلطات إلى أن السلوك غير المعتاد للوشق ربما يكون تأثر بقربه من القاعدة العسكرية، وهو ما قد يجعله معتادًا على الوجود البشري، مما دفعه إلى الاقتراب من الجنود وعضهم. ذكرت تقارير أخرى احتمالية أن يكون الوشق الذي هاجم الجنود مصاباً بداء الكلب، وهو مرض قد يغير سلوك الحيوانات وبالتالي قد يؤدي إلى تغيرات في سلوكه؛ كأن يتخلص من خوفه من البشر، أو يقدم على سلوك عدواني تجاههم. قالت تقارير إن الجيش الإسرائيلي استعان بمتخصصين في الحياة البرية من هيئة الطبيعة والمتنزهات (Nature and Parks Authority) الإسرائيلية للقبض على الحيوان. وبالفعل تم نُقل الحيوان إلى مستشفى الحيوانات البرية بسفاري رامات جان (Wildlife Hospital at the Safari in Ramat Gan) حيث أجريت له فحوصات للتأكد من عدم إصابته بداء الكلب. بدورها، حذرت هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية في بيان لها، الجمهور من الاقتراب من الحيوانات البرية أو إطعامها، لأن ذلك قد يغير من سلوكها الطبيعي ويشكل خطراً على الحيوانات والبشر.

اعتبر كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن هجوم الوشق على الجنود الإسرائيليين يأتي انتقاماً لسكان قطاع غزة الذين يرزحون حاليا تحت حرب الإبادة الإسرائيلية، ووصف أغلبهم الوشق بأنه "بطل" ومن "جنود الله الميامين"، كما عبروا عن دهشتهم من جرأة الوشق وقدرته على التسلل ومهاجمة الجنود الإسرائيليين. قال أحد المغردين: "الوشق تولى المهمة نيابة عن كثير من المتخاذلين وهاجم جنود الاحتلال الإسرائيلي في قاعدة عسكرية على الحدود المصرية". أشار البعض إلى الوشق باعتباره عميلاً لحماس (Hamas operative). علق أحد الأشخاص قائلاً: "لقد فعل هذا الوشق لفلسطين أكثر مما فعلته كل حكومة إسلامية على وجه الأرض".

التعليقات