خارطة طريق للتحول السياسي لحماس وفق التجربة التركية

خارطة طريق للتحول السياسي لحماس وفق التجربة التركية
بقلم: حلمي أبو طه
في ظل التحديات التي تواجهها غزة اليوم، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية، ومع تصاعد الضغوط الدولية الداعية لخروج حماس من المشهد السياسي، يبرز خيار التحول الاستراتيجي لحركة حماس كخيار منطقي للخروج من المأزق الراهن. بحيث يمكن لحماس أن تستلهم من التجربة التركية طوق النجاة، حيث نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001 بعد انشقاقه عن حزب الرفاه الإسلامي، ما سمح له بالتكيف مع البيئة السياسية التركية والدولية. وتحقيق إصلاحات عميقة جعلت تركيا لاعبًا إقليميًا مؤثرًا. بالمثل يمكن لحماس أن تسلك نهجًا مشابهًا، يعيد تشكيل دورها السياسي بطريقة تتيح لها الاندماج في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، وتحقيق أهدافها بفاعلية أكبر. إذا ما تبنّت مقاربة مماثلة، فقد تتمكن من إعادة تعريف دورها السياسي بطرق تمنحها قدرة أكبر على تحقيق أهدافها، وتحسين أوضاع الفلسطينيين، وخاصة أولئك الذين يعانون من تداعيات النزوح والفقر والحصار.
إن الدعوة إلى خارطة الطريق هذه كانت خيارًا استراتيجيًا تمنّيته منذ اللحظة الأولى لفوز حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي عام [2006]، حيث كان من الأجدر أن تتجنب الحركة في المرحلة الأولى تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها، وأن تختار دور المعارضة، الذي أراه أكثر قدرة على إنصاف الشعب الفلسطيني وتمثيل تطلعاته دون أن تتحمل الأعباء المباشرة للحكم في ظل الظروف القائمة. لكن لن نبكي اليوم على اللبن المسكوب، بل علينا التركيز على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تبني نموذج التحول السياسي وفق التجربة التركية، التي أثبتت نجاحها في تحقيق تحول استراتيجي مدروس. ويمكن تلخيص أسباب هذا التحول في إطار المرونة الاستراتيجية في ظل الازمات. يمكن تلخيص هذا التحول في عاملين رئيسيين، كلاهما ضروري لحماية الشعب الفلسطيني وكسر محاولات المجتمع الدولي لعزله: فالأمر الأول يتعلق في: الحاجة إلى تجاوز العقبات السياسية والقانونية: فقد واجه أردوغان وحزبه الإسلامي السابق قيودًا قانونية ودستورية فرضها النظام التركي، مما دفعه إلى إعادة بناء مشروعه السياسي في إطار جديد يتماشى مع بيئة الحكم القائمة. وبالمثل فإن حماس التي تصنفها عدة أطراف دولية كمنظمة غير شرعية، قد تستفيد من إعادة صياغة هويتها السياسية بطريقة تتيح لها التفاعل مع المجتمع الدولي بشكل أكثر مرونة. والامر الاخر يتعلق في تجنب العزلة السياسية وتحقيق القبول الدولي: بعد تأسيس حزب العدالة والتنمية، تمكن أردوغان من توسيع قاعدة الحزب وجذب شرائح أوسع من المجتمع، الأمر الذي ساعده على تحقيق فوز انتخابي كاسح. في المقابل يمكن لحماس أن تسعى إلى بناء تيار سياسي جديد يتجاوز الإطار الأيديولوجي الصلب الذي ارتبط باسمها، ما قد يفتح لها أبواب الاعتراف السياسي ويمنحها فرصة للحوار مع قوى إقليمية ودولية.
للسير في اتجاه تبني نموذج التحول السياسي وفق التجربة التركية تحتاج حركة حماس إلى خطوات عملية مدروسة تضمن نجاح الانتقال بسلاسة، مع الحفاظ على مكتسباتها وأهدافها الوطنية. حيث يتطلب الأمر:
1. توافقًا داخليًا بين المكتب السياسي والمجلس العسكري، بحيث يكون التحول خيارًا استراتيجيًا واضحًا وليس مجرد استجابة لضغوط خارجية. من الضروري أن يتم تقديم هذه الخطوة كرؤية مدروسة لإعادة التموضع السياسي، وفق رؤية مجمع عليها من لجنة استشارية تضم خبراء سياسيين وقانونيين لدراسة أنجع السبل لتنفيذ هذا التحول.
2. الإعلان عن تحول الحركة، من خلال الانسحاب من المشهد السياسي بصفتها الحالية، وإطلاق حزب سياسي جديد يحمل هوية وطنية جامعة، مع الاحتفاظ بالنهج المقاوم وفق صيغ متفق عليها وضمن الإطار القانوني. وضمن برنامج متكامل يكون الحزب الجديد أكثر انفتاحًا على المكونات السياسية الأخرى ضمن منظمة التحرير، ويتبنى خطابًا يرتكز على العمل السياسي والدبلوماسي والتنمية الاقتصادية.
3. إعادة هيكلة العلاقة مع المجتمع الدولي، من حيث استغلال الإطار الجديد للحزب لفتح قنوات دبلوماسية مع الدول الإقليمية والدولية، وذلك من خلال تبني خطاب سياسي جديد تشهد لغة سياسية حديثة تركز على التوافق الوطني، والشراكة السياسية. والتخلي عن الخطاب الذي يعيق الاندماج السياسي الإقليمي والدولي.
إن تبني حماس لهذا النموذج المستوحى من التجربة التركية قد يكون مفتاحًا لفتح آفاق سياسية جديدة، يمنح حماس فرصة تاريخية لإعادة التموضع، ويساعد في التخفيف من الأعباء التي يوجهها الفلسطينيون، وتعزز مكانة الحزب الجديد في المشهد السياسي الإقليمي والدولي. ومع توفر الإرادة السياسية، يمكن لهذا التحول أن يشكّل نقطة انطلاق نحو مرحلة أكثر استقرارًا وفاعلية في خدمة القضية الفلسطينية. ولا يعني هذا التحول التخلي عن ثوابت القضية الفلسطينية، بل إعادة صياغتها بطريقة أكثر واقعية وفعالية، تضمن البقاء في المشهد السياسي بأسلوب أكثر تأثيرًا. وكما نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل حزبه إلى قوة سياسية مؤثرة، فإن أمام حركة حماس فرصة تاريخية لإعادة بناء نفسها في إطار سياسي جديد يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والتنمية والسيادة.
بقلم: حلمي أبو طه
في ظل التحديات التي تواجهها غزة اليوم، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية، ومع تصاعد الضغوط الدولية الداعية لخروج حماس من المشهد السياسي، يبرز خيار التحول الاستراتيجي لحركة حماس كخيار منطقي للخروج من المأزق الراهن. بحيث يمكن لحماس أن تستلهم من التجربة التركية طوق النجاة، حيث نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001 بعد انشقاقه عن حزب الرفاه الإسلامي، ما سمح له بالتكيف مع البيئة السياسية التركية والدولية. وتحقيق إصلاحات عميقة جعلت تركيا لاعبًا إقليميًا مؤثرًا. بالمثل يمكن لحماس أن تسلك نهجًا مشابهًا، يعيد تشكيل دورها السياسي بطريقة تتيح لها الاندماج في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، وتحقيق أهدافها بفاعلية أكبر. إذا ما تبنّت مقاربة مماثلة، فقد تتمكن من إعادة تعريف دورها السياسي بطرق تمنحها قدرة أكبر على تحقيق أهدافها، وتحسين أوضاع الفلسطينيين، وخاصة أولئك الذين يعانون من تداعيات النزوح والفقر والحصار.
إن الدعوة إلى خارطة الطريق هذه كانت خيارًا استراتيجيًا تمنّيته منذ اللحظة الأولى لفوز حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي عام [2006]، حيث كان من الأجدر أن تتجنب الحركة في المرحلة الأولى تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها، وأن تختار دور المعارضة، الذي أراه أكثر قدرة على إنصاف الشعب الفلسطيني وتمثيل تطلعاته دون أن تتحمل الأعباء المباشرة للحكم في ظل الظروف القائمة. لكن لن نبكي اليوم على اللبن المسكوب، بل علينا التركيز على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تبني نموذج التحول السياسي وفق التجربة التركية، التي أثبتت نجاحها في تحقيق تحول استراتيجي مدروس. ويمكن تلخيص أسباب هذا التحول في إطار المرونة الاستراتيجية في ظل الازمات. يمكن تلخيص هذا التحول في عاملين رئيسيين، كلاهما ضروري لحماية الشعب الفلسطيني وكسر محاولات المجتمع الدولي لعزله: فالأمر الأول يتعلق في: الحاجة إلى تجاوز العقبات السياسية والقانونية: فقد واجه أردوغان وحزبه الإسلامي السابق قيودًا قانونية ودستورية فرضها النظام التركي، مما دفعه إلى إعادة بناء مشروعه السياسي في إطار جديد يتماشى مع بيئة الحكم القائمة. وبالمثل فإن حماس التي تصنفها عدة أطراف دولية كمنظمة غير شرعية، قد تستفيد من إعادة صياغة هويتها السياسية بطريقة تتيح لها التفاعل مع المجتمع الدولي بشكل أكثر مرونة. والامر الاخر يتعلق في تجنب العزلة السياسية وتحقيق القبول الدولي: بعد تأسيس حزب العدالة والتنمية، تمكن أردوغان من توسيع قاعدة الحزب وجذب شرائح أوسع من المجتمع، الأمر الذي ساعده على تحقيق فوز انتخابي كاسح. في المقابل يمكن لحماس أن تسعى إلى بناء تيار سياسي جديد يتجاوز الإطار الأيديولوجي الصلب الذي ارتبط باسمها، ما قد يفتح لها أبواب الاعتراف السياسي ويمنحها فرصة للحوار مع قوى إقليمية ودولية.
للسير في اتجاه تبني نموذج التحول السياسي وفق التجربة التركية تحتاج حركة حماس إلى خطوات عملية مدروسة تضمن نجاح الانتقال بسلاسة، مع الحفاظ على مكتسباتها وأهدافها الوطنية. حيث يتطلب الأمر:
1. توافقًا داخليًا بين المكتب السياسي والمجلس العسكري، بحيث يكون التحول خيارًا استراتيجيًا واضحًا وليس مجرد استجابة لضغوط خارجية. من الضروري أن يتم تقديم هذه الخطوة كرؤية مدروسة لإعادة التموضع السياسي، وفق رؤية مجمع عليها من لجنة استشارية تضم خبراء سياسيين وقانونيين لدراسة أنجع السبل لتنفيذ هذا التحول.
2. الإعلان عن تحول الحركة، من خلال الانسحاب من المشهد السياسي بصفتها الحالية، وإطلاق حزب سياسي جديد يحمل هوية وطنية جامعة، مع الاحتفاظ بالنهج المقاوم وفق صيغ متفق عليها وضمن الإطار القانوني. وضمن برنامج متكامل يكون الحزب الجديد أكثر انفتاحًا على المكونات السياسية الأخرى ضمن منظمة التحرير، ويتبنى خطابًا يرتكز على العمل السياسي والدبلوماسي والتنمية الاقتصادية.
3. إعادة هيكلة العلاقة مع المجتمع الدولي، من حيث استغلال الإطار الجديد للحزب لفتح قنوات دبلوماسية مع الدول الإقليمية والدولية، وذلك من خلال تبني خطاب سياسي جديد تشهد لغة سياسية حديثة تركز على التوافق الوطني، والشراكة السياسية. والتخلي عن الخطاب الذي يعيق الاندماج السياسي الإقليمي والدولي.
إن تبني حماس لهذا النموذج المستوحى من التجربة التركية قد يكون مفتاحًا لفتح آفاق سياسية جديدة، يمنح حماس فرصة تاريخية لإعادة التموضع، ويساعد في التخفيف من الأعباء التي يوجهها الفلسطينيون، وتعزز مكانة الحزب الجديد في المشهد السياسي الإقليمي والدولي. ومع توفر الإرادة السياسية، يمكن لهذا التحول أن يشكّل نقطة انطلاق نحو مرحلة أكثر استقرارًا وفاعلية في خدمة القضية الفلسطينية. ولا يعني هذا التحول التخلي عن ثوابت القضية الفلسطينية، بل إعادة صياغتها بطريقة أكثر واقعية وفعالية، تضمن البقاء في المشهد السياسي بأسلوب أكثر تأثيرًا. وكما نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل حزبه إلى قوة سياسية مؤثرة، فإن أمام حركة حماس فرصة تاريخية لإعادة بناء نفسها في إطار سياسي جديد يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والتنمية والسيادة.
التعليقات