غزة مش للبيع

غزة مش للبيع
غزة مش للبيع

حلمي أبو طه

تُطرح بين الحين والآخر سيناريوهات حول تهجير الفلسطينيين وتفريغ غزة، لكن الواقع والتاريخ يؤكدان أن هذه المشاريع، رغم شدتها وثقلها على النفس في هذا التوقيت، فلم تنجح سابقًا ولن تنجح اليوم. فلسطين ليست مجرد أرض، بل عقيدة راسخة في وجدان الفلسطيني لا سيما ابن غزة، والرباط فيها من تعاليم النبي ﷺ، حيث أوصى بالتمسك بها ودعم بيت المقدس ولو بزيت يُضيء طرقاته. لقد سقطت "صفقة القرن" سابقًا، واليوم تتكرر المحاولات بذات الأدوات، لكن معطيات الجغرافيا السياسية، وصمود الفلسطينيين، والحقائق الديموغرافية تجعل تنفيذ أي تهجير جماعي شبه مستحيل. فرغم الحصار والضغوط السياسية، تظل رمزًا للصمود والمقاومة. فكرة بيعها أو تهجير سكانها مجرد خيال في نظر ترامب ونتنياهو وفلس سياسي بعيد عن الواقع، فغزة ليست للبيع، بل هي جزء من تاريخنا، وديننا، وعقيدتنا. فمن خلال معركة الوجود، أكدت غزة مرارًا وتكرارًا أنها عصية على كل محاولات التفريغ والتهجير، وأن إرادة شعبها ستظل أقوى من أي ضغوط. حتى مع كل محاولات الإغلاق والضغط السياسي، يظل الفلسطينيون في غزة متمسكين بحقهم في الأرض، مدافعين عنها بكل غالي ونفيس. غزة ستبقى، وهي الكرامة والهوية التي لا تُمَس.

غزة مش للبيع يا كل أشرار المجتمع الدولي وقوى الشر فيه، فمن منظور علم السياسية، أي مخطط تهجير قسري يواجه عقبات دولية وقانونية، إذ تُعد عمليات التهجير جرائم حرب وفق القانون الدولي، كما أن المقاومة الشعبية قادرة على إفشال مثل هذه المشاريع، خاصة مع ارتباط الهوية الفلسطينية بالمكان. إضافة إلى البعد الاقتصادي له دور محوري ومهم فلا يمكن لأي دولة مهما كانت استيعاب تهجير جماعي دون أزمات عميقة، مما يضعف فرص نجاح هذه السيناريوهات. وبهذا السياق لنا في فلسطين كمكان بعد إيماني راسخ نابع من منظور إسلامي، فلسطين جزء من الشام، وهي أرض الميعاد الإسلامي التي بشرت الأحاديث النبوية بأن اليهود لن يبقى لهم فيها مُستقر، مما يجعلنا على يقين بأن هذه المحاولات، رغم ضجيجها الإعلامي، ليست سوى وهم سياسي مصيره الفشل، كما فشلت كل المحاولات السابقة منذ وعد بلفور وحتى اليوم.

في الختام، شهدت عائلة أبو طه بعد نكسة (1967) ضغوطات كبيرة من قبل جيش الاحتلال للرحيل، إلى جانب أهالي بلوك O، نحو أريحا، في محاولة لفرض واقع جديد عبر التهجير القسري. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل بفضل صمود العائلة ووعي رجالها الأوفياء، الذين رفضوا الإغراءات والضغوط، متمسكين بحقهم التاريخي في أرضهم. لقد كان لموقف (الحاج علي) طيب الله ثراه وغفر لنا وله أحد رجال العائلة دور حاسم في إفشال هذا المخطط، مما يعكس روح التحدي والثبات التي لطالما ميزت الفلسطينيين، وأثبتت أن الأرض تُحمى بالإرادة قبل أي شيء آخر.

التعليقات