المفاوضات الراهنة: النوايا الخفية وفرض واقع جديد

المفاوضات الراهنة: النوايا الخفية وفرض واقع جديد
بقلم: جواد العقاد - كاتب
رئيس تحرير صحيفة اليمامة الجديدة
يبدو أن مفاوضات صفقة التبادل باتت في لحظة حساسة تجسد تعقيد المشهد الأمني على الأرض، تصريحات وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس التي قال فيها: "سنضمن في غزة إنشاء مناطق أمنية وعازلة تضمن أمن المستوطنات، مع تحقيق هدفي الحرب بإعادة الأسرى والقضاء على حماس كسلطة عسكرية وسياسية، لخلق واقع جديد"، تضعنا أمام معادلة لا يمكن تجاوزها.
"إسرائيل" والمراوغة الأمنية
من الواضح أن "إسرائيل" تسعى لإطالة أمد المفاوضات، ليس فقط لتحقيق مكاسب تكتيكية، بل لفرض واقع أمني جديد في غزة يتقاطع مع التطورات على حدودها الشمالية، إذ تدرك أن أي اتفاق يتم دون ترسيخ هذا الواقع سيُعدّ انتصاراً لحركة حماس، وهو ما لا يتقبله بنيامين نتنياهو وحكومته التي تسعى للحفاظ على مكانتها أمام المجتمع الإسرائيلي.
في المقابل، تستغل الحكومة "الإسرائيلية" المفاوضات كأداة لتعزيز خطابها أمام المجتمع الدولي، متذرعة بأن الطرف الفلسطيني هو العائق الحقيقي أمام تحقيق السلام. هذا النهج ليس جديداً، لكنه يتسق مع الاستراتيجية التاريخية لإسرائيل القائمة على شراء الوقت وفرض حقائق ميدانية تُصعّب أي تسوية مستقبلية.
حماس والضغوط الداخلية والخارجية
على الجانب الآخر، يبدو أن حركة حماس تواجه ضغوطاً متزايدة. فمن جهة، هي مطالبة بإظهار مرونة سياسية لتحسين صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي. ومن جهة أخرى، تسعى لإبراز قوتها التفاوضية التي ترى فيها تأكيداً لشرعيتها كفاعل سياسي وعسكري في غزة. ورغم التصريحات الإيجابية من قبل قادة حماس، والتي تشير إلى تقدم في المفاوضات، إلا أن الواقع يُظهر أن أي اتفاق سيظل محفوفاً بالمخاطر.
دور منظمة التحرير: جبل المحامل
وسط هذا المشهد، تبرز الحاجة الملحّة لدور حقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية في غزة، فلا يمكن الاطمئنان إلى أي اتفاق سواء تمت الصفقة أم لا دون أن تكون المنظمة، بصفتها حارسة المشروع الوطني الفلسطيني، طرفاً فاعلاً في ترتيبات ما بعد الاتفاق.
إن الحسم الحقيقي لأي صراع، سواء كان عسكرياً أم سياسياً، يكمن في تحقيق وحدة الصف الفلسطيني. فلا يمكن لحماس أو أي فصيل آخر أن يحمل وحده مشروع التحرير أو يُلقي بكاهله على المجتمع الدولي دون غطاء وطني شامل توفره المنظمة.
التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية
تأتي هذه التطورات في سياق إقليمي ودولي متغير، فالمنطقة بأسرها تشهد حالة من التحول الذي يدفع الأطراف إلى البحث عن استراتيجيات جديدة. ولا شك أن الانتظار لتولي ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة يعكس رهانات متباينة، فإسرائيل تسعى لاستثمار الدعم الأميركي المحتمل، فيما تأمل الأطراف الفلسطينية أن يُحدث تغير الإدارة الأميركية انفراجة ما في الملف الفلسطيني.
الصفقة بين الممكن والمخاطر
باعتقادي، إن التوصل إلى اتفاق يظل ممكناً وملحاً للطرفين في هذه المرحلة. لكن السؤال الأهم هو: ما الثمن الذي سيدفعه كل طرف؟
إسرائيل لن توافق على أي صفقة دون فرض واقع أمني جديد في غزة، وهذا ما يجب أن نحذر منه كفلسطينيين. التحدي الحقيقي أمامنا لا يكمن فقط في تفاصيل الاتفاق، بل في ما سيليه من ترتيبات قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي والأمني في غزة بطرق تخدم الاحتلال أكثر مما تخدم المشروع الوطني الفلسطيني.
في النهاية، الحل يكمن في استعادة الوحدة الوطنية وتفعيل دور منظمة التحرير جسراً يوحد الجهود ويمنع الانزلاق في فخاخ الاحتلال. غزة اليوم تحتاج إلى أكثر من صفقة وإعلان "وقف إطلاق النار"؛ تحتاج إلى مشروع وطني يعيد للقضية الفلسطينية بريقها ومكانتها في وجدان العالم.
بقلم: جواد العقاد - كاتب
رئيس تحرير صحيفة اليمامة الجديدة
يبدو أن مفاوضات صفقة التبادل باتت في لحظة حساسة تجسد تعقيد المشهد الأمني على الأرض، تصريحات وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس التي قال فيها: "سنضمن في غزة إنشاء مناطق أمنية وعازلة تضمن أمن المستوطنات، مع تحقيق هدفي الحرب بإعادة الأسرى والقضاء على حماس كسلطة عسكرية وسياسية، لخلق واقع جديد"، تضعنا أمام معادلة لا يمكن تجاوزها.
"إسرائيل" والمراوغة الأمنية
من الواضح أن "إسرائيل" تسعى لإطالة أمد المفاوضات، ليس فقط لتحقيق مكاسب تكتيكية، بل لفرض واقع أمني جديد في غزة يتقاطع مع التطورات على حدودها الشمالية، إذ تدرك أن أي اتفاق يتم دون ترسيخ هذا الواقع سيُعدّ انتصاراً لحركة حماس، وهو ما لا يتقبله بنيامين نتنياهو وحكومته التي تسعى للحفاظ على مكانتها أمام المجتمع الإسرائيلي.
في المقابل، تستغل الحكومة "الإسرائيلية" المفاوضات كأداة لتعزيز خطابها أمام المجتمع الدولي، متذرعة بأن الطرف الفلسطيني هو العائق الحقيقي أمام تحقيق السلام. هذا النهج ليس جديداً، لكنه يتسق مع الاستراتيجية التاريخية لإسرائيل القائمة على شراء الوقت وفرض حقائق ميدانية تُصعّب أي تسوية مستقبلية.
حماس والضغوط الداخلية والخارجية
على الجانب الآخر، يبدو أن حركة حماس تواجه ضغوطاً متزايدة. فمن جهة، هي مطالبة بإظهار مرونة سياسية لتحسين صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي. ومن جهة أخرى، تسعى لإبراز قوتها التفاوضية التي ترى فيها تأكيداً لشرعيتها كفاعل سياسي وعسكري في غزة. ورغم التصريحات الإيجابية من قبل قادة حماس، والتي تشير إلى تقدم في المفاوضات، إلا أن الواقع يُظهر أن أي اتفاق سيظل محفوفاً بالمخاطر.
دور منظمة التحرير: جبل المحامل
وسط هذا المشهد، تبرز الحاجة الملحّة لدور حقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية في غزة، فلا يمكن الاطمئنان إلى أي اتفاق سواء تمت الصفقة أم لا دون أن تكون المنظمة، بصفتها حارسة المشروع الوطني الفلسطيني، طرفاً فاعلاً في ترتيبات ما بعد الاتفاق.
إن الحسم الحقيقي لأي صراع، سواء كان عسكرياً أم سياسياً، يكمن في تحقيق وحدة الصف الفلسطيني. فلا يمكن لحماس أو أي فصيل آخر أن يحمل وحده مشروع التحرير أو يُلقي بكاهله على المجتمع الدولي دون غطاء وطني شامل توفره المنظمة.
التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية
تأتي هذه التطورات في سياق إقليمي ودولي متغير، فالمنطقة بأسرها تشهد حالة من التحول الذي يدفع الأطراف إلى البحث عن استراتيجيات جديدة. ولا شك أن الانتظار لتولي ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة يعكس رهانات متباينة، فإسرائيل تسعى لاستثمار الدعم الأميركي المحتمل، فيما تأمل الأطراف الفلسطينية أن يُحدث تغير الإدارة الأميركية انفراجة ما في الملف الفلسطيني.
الصفقة بين الممكن والمخاطر
باعتقادي، إن التوصل إلى اتفاق يظل ممكناً وملحاً للطرفين في هذه المرحلة. لكن السؤال الأهم هو: ما الثمن الذي سيدفعه كل طرف؟
إسرائيل لن توافق على أي صفقة دون فرض واقع أمني جديد في غزة، وهذا ما يجب أن نحذر منه كفلسطينيين. التحدي الحقيقي أمامنا لا يكمن فقط في تفاصيل الاتفاق، بل في ما سيليه من ترتيبات قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي والأمني في غزة بطرق تخدم الاحتلال أكثر مما تخدم المشروع الوطني الفلسطيني.
في النهاية، الحل يكمن في استعادة الوحدة الوطنية وتفعيل دور منظمة التحرير جسراً يوحد الجهود ويمنع الانزلاق في فخاخ الاحتلال. غزة اليوم تحتاج إلى أكثر من صفقة وإعلان "وقف إطلاق النار"؛ تحتاج إلى مشروع وطني يعيد للقضية الفلسطينية بريقها ومكانتها في وجدان العالم.
التعليقات