شاهد: "النتشة".. صانع الزجاج الأخير يُكافح لإعادة الحياة للبلدة القديمة بالخليل

شاهد: "النتشة".. صانع الزجاج الأخير يُكافح لإعادة الحياة للبلدة القديمة بالخليل
من أعمال صانع الزجاج الفلسطيني يعقوب النتشة
رام الله - دنيا الوطن
في قلب البلدة القديمة في مدينة الخليل بالضفة الغربية، تتجلى مهارات صانع الزجاج الفلسطيني يعقوب النتشة.

و"النتشة"، صاحب الـ (59 عامًا)، هو آخر صانع زجاج في البلدة القديمة، بعد أن رحلت جميع المصانع الأخرى جراء مضايقات الاحتلال الإسرائيلي.

ويصر النتشة على التمسك بالموروث الثقافي والفني، الخاص بصناعة الزجاج اليدوي، والذي اكتسبه أبا عن جدا، حيث يجلس في مصنعه الضيق الذي يشبه الكهف، والمليء بالألوان والضوء المتسرب من مصباح كهربائي.

ويمسك النتشة قضيبًا من المعدن الساخن بحذر، وعيناه تراقبان الزجاج المنصهر أمامه، وهو يتحول من شكل غير متناظر إلى قطعة فنية رائعة، بينما ينفخ بلطف في القضيب ليمنح الزجاج شكله النهائي، تظهر تحفة زجاجية جميلة تأخذ شكلًا فريدًا.

وعلى الرفوف المجاورة، يعرض النتشة التحف الزجاجية بألوانها المتألقة وأشكالها المتنوعة.

وتجذب هذه الأعمال الفنية انتباه الزائرين للبلدة القديمة بالخليل، بسحرها، حيث تجسد مهارة النتشة في تشكيل الزجاج بدقة فنية.

يقول صانع الزجاج الفلسطيني لوكالة (APA) "كان في البلدة القديمة 18 مصنع زجاج، وجميعها غادرت المكان وذهبت لأماكن أخرى من الخليل، ولهذا أنا قررت نقل مصنعي إلى هنا كي أحيي البلدة".

ويذكر النتشة أن جميع مصانع الزجاج، مملوكة لأفراد من عائلته، والذين توارثوها عن الآباء والأجداد، ويقول إن طريق عودته للبلدة القديمة، لم يكن ممهدا، حيث حاول البعض (لم يذكرهم) نشر الأشواك في طريقه.

ويضيف "حينما أتيتُ إلى هذه المنطقة واجهات صعوبات كبيرة، حيث حاول البعض أن يدفعوني لليأس ويحبطوني".

ويتابع "كانت البلدة منطقة أشباح بدون بشر، لكني أصررتُ بشكل كبير على ترميم هذا المكان وأن اعيده لصناعة الزجاج التقليدي".

ويرى النتشة أنه نجح في مهمته، حيث يقول إن مصنعه أعاد الحياة للبلدة القديمة بالخليل.

ويقول في هذا الصدد "مصنع الزجاج هو أحد معالم البلدة القديمة، الآن يأتون إلينا من جميع أنحاء العالم لزيارتنا هنا في البلدة، ويشترون صناعتنا".

ويضيف "المنطقة تغيرت بشكل كامل بعد افتتاح مصنعي، أغلب الناس والسائحين يأتون هنا بسبب مصنع الزجاج".

وأشار إلى أن غالبية إنتاج مصنعه، هو للتصدير للخارج، حيث أنه يعتمد على الأشكال الجمالية التي يحبذها السائحون وعشاق التحف.

ويستذكر النتشة بكثير من الحزن، الفترة التي شهدت انتشار جائحة فيروس (كوفيد-19)، حيث يقول "وباء كورونا أثر علينا بشكل سلبي وكبير جدا وبقينا بدون عمل".

ويجدد النتشة الدعوة إلى ضرورة العمل على إنعاش البلدة القديمة، ودعمها عبر تشجيع التجار ورجال الأعمال على العودة إليها، مطالباً سكان الخليل إلى زيارة البلدة وشراء حاجياتهم من متاجرها لدعم صمود أصحابها.

ويتعرض الفلسطينيون في البلدة لمضايقات كبيرة من قبل سلطات الاحتلال، التي تغلق شارعي الشهداء والسهلة تماما أمام الفلسطينيين، وتمنعهم من فتح مئات المحلات التجارية.

ودفع هذا الواقع الكثير من التجار ورجال الأعمال إلى نقل محلاتهم ومصانعهم إلى خارج البلدة القديمة.

 


التعليقات