هل تشعل إسرائيل حرباً إقليمية غير مسبوقة بالإقدام على اغتيال العاروري؟

هل تشعل إسرائيل حرباً إقليمية غير مسبوقة بالإقدام على اغتيال العاروري؟
الشيخ صالح العاروري على مكتبه مرتدياً الزي العسكري وأمامه قطعة سلاح
خاص دنيا الوطن - عماد أبو سيف
تزايدت في الأيام الماضية التهديدات الإسرائيلية باغتيال نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ صالح العاروري، لاتهامه بقيادة العمليات في الضفة وتوسعها، والتي أوقعت عديد القتلى في صفوف الجنود والمستوطنين.

تهديدات متبادلة

العاروري خرج بتصريحات صحفية، السبت الماضي، قال فيها، إن الذي يفكر في الاغتيالات يعلم أن هذا قد يؤدي إلى حرب إقليمية، مرجحاً أن حكومة الاحتلال بصدد اتخاذ مجموعة خطوات ستُفضي إلى حرب شاملة في المنطقة.

بعدها بيوم واحد، وجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تهديداً واضحاً ومباشراً للعاروري، بأنه "سيدفع الثمن كاملاً"، رداً على "تمويله وتوجيهه العمليات في الضفة الغربية".

ليظهر العاروري بعدها بساعات قليلة، وهو جالس على مكتبه مرتدياً الزي العسكري وأمامه قطعة سلاح، في صور لاقت تفاعلاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك الإعلام الإسرائيلي الذي وصف ذلك بـ"الرد الفوري، والرسائل الصامتة الموجزة والمدوية، والمليئة بالدلالات".

من جانبها، حذرت حركة (حماس)، في بيان، من مغبة تنفيذ أي عمليات اغتيال ضد العاروري أو قادة المقاومة، مؤكدةً أنها ستواجه بالرد "بقوة وحزم".

كما حذر الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، مساء الاثنين، الاحتلال الإسرائيلي، من مغبة تنفيذ أي عمليات اغتيال على الأراضي اللبنانية (مكان إقامة العاروري)، مشدداً أن ذلك "سيكون له رد الفعل القوي".

نحن أمام مشهد معقد

المختص في الشأن العسكري والأمني، اللواء الفلسطيني واصف عريقات، أكد أن نتنياهو يرغب في اغتيال العاروري وغيره من قيادة المقاومة، مستدركاً أن هذه الرغبة قد لا تتوافق مع قدرته على دفع فاتورة أي تصعيد عسكري محتمل.

ورأى عريقات في حديث خاص لـ"دنيا الوطن" أن إقدام إسرائيل على اغتيال العاروري، ربما يشعل حرباً إقليمية، غير مسبوقة، مؤكداً أن التصريحات الأخيرة لمحور المقاومة ومنها حزب الله، تشي بأن الموقف واحد، وأن هناك "اتفاق تحت الأرض".

وأوضح أن "محور المقاومة مستهدف من إسرائيل، ولا بد أن يكون هذا المحور متماسك وفي خندق واحد، وأهدافه واحدة، وإلا فإن إسرائيل والولايات المتحدة، إذا ما قصدوا استهداف المحور، فسيكون لديهم الإمكانات لذلك".

وأشار عريقات إلى أن نتنياهو يقف أمام سدَيْن منيعيْن، السد الأول يتمثل في وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، اللذان يدفعان نتنياهو لعمل عسكري "جنوني"، وهو ضعيف أمامهم، لأن تحالفه قائم على وجودهما في الحكومة.

وتابع، أن السد الثاني، يتمثل في المؤسسة الأمنية والعسكرية وعلى رأسها وزير الجيش يوآف غالانت، لأنهم يدركون جيداً أن أي عمل عسكري سيكون ثمنه غالياً، ويجعلهم يتساءلون قبل الإقدام على ذلك "هل نستطيع دفع فاتورة أي تصعيد عسكري؟".

ونوه المختص بالشأن العسكري والأمني إلى أن علاقة نتنياهو متوترة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تغطي العجز والقصور الإسرائيلي في أي تصعيد وعدوان، وهو ما يزيد من تعقيد الموقف.

وختم عريقات بالقول: "نحن أمام مشهد مركب ومعقد وحمّال أوجه، كما أنه من المحتمل أن نرى أمريكا تُصعّد خاصة في ظل تحركاتها المريبة في المنطقة، ولربما ترى أن التصعيد في الشرق الأوسط يؤثر في الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما قد يدفعها على تشجيع التصعيد العسكري من قبل نتنياهو".

العاروري يمثل محور المقاومة

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد رفيق عوض، إن إسرائيل لا تهدد فقط وإنما تهيئ الرأي العام الداخلي والخارجي لتصعيد وعمل عسكري قد يكون في مكان غير متوقع.

وأكد عوض أن "صالح العاروري لم يعد شخصاً منفرداً وإنما يتحدث باسم محور المقاومة وليس فقط قائد بحماس، وقيمة اغتياله كبيرة جداً، ولذلك رأينا تحديه والصورة الأخيرة التي ظهر فيها بالزي العسكري، وكذلك لغة الخطاب لديه والتحدي والثقة لهم رصيد كبير".

ويعتقد عوض أن السيناريو الأقرب للحدوث، أن إسرائيل لا تريد الدخول في مغامرة غير محسوبة، بأن تفتح الجبهات جميعاً، خاصة الجبهات التي لا تستطيع الحصول فيها على نتائج مضمونة كغزة ولبنان.

وأوضح أن إسرائيل قد تركز على الجبهة القادرة على تسجيل صورة نصر وهي الضفة الغربية، الجبهة الأخطر، بمعنى قد يكون العدوان على الضفة، من خلال تشديد حصار المدن وقطع الطرق، والاقتحامات وزيادة وتيرة الاعتقالات، والاغتيالات.

ولفت المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن إسرائيل ترسل رسائل قوية لإيران من خلال العدوان على سوريا، وخلال الأيام الماضية شهدنا زيادة في الهجوم على دمشق، لذلك ستركز أيضاً على سوريا أيضاً، وهي تضمن بذلك نتائج مضمونة.

نتنياهو يعيش وضعاً صعباً.. داخلياً وخارجياً

من جانبه، أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، عاهد فروانة، أن نتنياهو في ظل العمليات الأخيرة في الضفة والتي شكلت إحراجاً كبيراً له، يعيش أوضاعاً صعبة سواءً على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وأوضح فروانة أن نتنياهو يبحث في الوقت الحالي عن تصدير هذه الأزمات بعملية اغتيال أو تصعيد عسكري، والتهديدات تصب في الآونة الأخيرة في اتجاه صالح العاروري، لأنهم يعتبرونه المسؤول الأبرز عن العمليات بالضفة.

ولفت إلى أن الاحتلال يحمّل دائماً أشخاص معينة بتنفيذ وتوجيه العمليات في الضفة أو غيرها، وهو ما رأيناه عندما تم اغتيال طارق عز الدين القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ومسؤول العمل العسكري بالضفة، وحمّله يومها الاحتلال قيادة كتيبة جنين.

وتابع الخبير بالشأن الإسرائيلي، أن الاحتلال يربط المقاومة بأشخاص وليست فعل مستمر في مواجهته ومقاومته، ويحاول نتنياهو تعزيز هذا المفهوم والربط أكثر في الوقت الحالي.

في السياق، رأى فروانة أن عملية الاغتيال لصالح العاروري قد تكون واردة، رغم أن الأمر قد يتوسع غير ذلك، خاصة أن الاحتلال يواصل تهديداته لغزة ولـ(حزب الله).

وأكد فروانة أن سياسة الاغتيالات متواصلة وتنتهجها دولة الاحتلال منذ نشأتها، وبالتالي ليس غريباً التركيز عليها في الوقت الحالي.

ورأى الخبير بالشأن الإسرائيلي أن دخول (حزب الله) على الخط، والقول إن أي عملية اغتيال تتم في لبنان "ستقابل برد فعل قوي"، سيكون له تداعيات وربما تفجير الموقف أكثر فأكثر. 

التعليقات