عن الأدب وفلسطين وانقلاب النيجر

عن الأدب وفلسطين وانقلاب النيجر
إيهاب بسيسو
عن الأدب وفلسطين وانقلاب النيجر

بقلم: إيهاب بسيسو 

عزيزتي

عندما تستيقظين في الصباح، أو بعد منتصف الليل بسبب أرق عابر، أو تفكير زائد بالرغبة في ركل كل أشكال الوجع اليومي التي أصابتنا بها الأسلاك الشائكة..

اكون قد أتممت قراءة رواية "المفسرون" لوول سوينكا للمرة الثانية، محلقاً في الفضاء الافريقي الذي يناضل ضد وكلاء الاستعمار المحليين، محاولا أن ينفذ من سياج الهيمنة، نحو عدالة حقيقية، غير مزورة في برامج التنمية الدولية، العابرة للحدود ...

سوينكا صديق فلسطين النيجيري التي زارها في عام ٢٠٠٢ رفقة العظيم ساراماغو وغويستولو، وأخرين من كبار أدباء العالم إبان اجتياح الضفة الغربية وحصار مقر أبو عمار، بدعوة من محمود درويش ...

أتذكر انني قرأت سوينكا قبل عشرين عاماً، إلى جانب الطيب صالح وتوني موريسون وأليس ووكر، ونادين غورديمر، وفانون وغيرهم ... كنت وما زلت مفتونا بآفاق النضال الافريقي ضد الاستعمار والتمييز العنصري ونقاش فداحة الخسائر النفسية والاجتماعية التي أصابت شعوب القارة العظيمة، وانعكاس تلك الدروس على حركة نضال الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وخطابات مارتن لوثر كينج، وقصائد بوب كوفمان وشعراء البيت ...

خلال الأسابيع القليلة بدا وكأن غرب افريقيا قد انتفض مجدداً ضد الهيمنة الاقتصادية التي باتت سمة من سمات حقب ما بعد التحرر من الاستعمار المباشر، حيث تعاقبت الانقلابات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر التي تمد فرنسا بأغلب احتياجاتها من اليورانيوم اللازم لتوليد الكهرباء ...

الغرب الافريقي ينتفض، (قد تحمل هذه العبارة مبالغة ما)، لا بأس، وقد يكون قد ظهر هذا التحول المتواصل ضمن حالة من الصراع الدولي، المتعاظم بين الشرق والغرب على أرض افريقية ...

وقد تتساءلين في هذا السياق عن علاقة سوينكا بالأمر أو علاقة فلسطين بكل ذلك...

العلاقة ليست أكثر من علاقة مجازية، حد اقتباس دلالة الحركة النشطة للشعوب، وذلك ضمن رغبة شخصية ملحة في إعادة قراءة دلالة التاريخ المعاصر في فترات ما بعد الكولونيالية الكلاسيكية ...

أما المواظبة على قراءة الأدب الافريقي أو أدب أمريكا اللاتينية، كإحدى حالات التفاعل الثقافي مع إفرازات الاستعمار من أشكال مختلفة من الديكتاتورية، فيعني تأمل أنماط الفعل الثقافي خلال تحولات الأزمنة وصراع الطبقات السياسية كما الاجتماعية والاقتصادية...

في فلسطين، لم يختلف الأمر كثيراً عن عام ٢٠٠٢ بل يمكن القول إزداد بؤساً وقتامة، في ظل استمرار العديد من الأسباب، منها تغول الاستيطان وتمدد ماكينة الاستعمار برؤوسها المتعددة...

افريقيا كانت وما زالت درساً من دروس التحرر والنضال ضد العنصرية من الجزائر شمالاً إلى جنوب افريقيا جنوباً مروراً بالكونغو والوسط ومن ساحل البحر الأحمر الافريقي إلى شواطئ الأطلسي الافريقية..

لهذا أعدت قراءة سوينكا، ليس فقط "المفسرون"، ولكن لدي رغبة في إعادة قراءة "مات الرجل" أيضاً لذات الأسباب المذكورة أعلاه..

التعليقات