التسجيل الأول لفقمة الراهب المتوسطية في المياه البحرية لقطاع غزة

التسجيل الأول لفقمة الراهب المتوسطية في المياه البحرية لقطاع غزة
توضيحية
التسجيل الأول لفقمة الراهب المتوسطية في المياه البحرية لقطاع غزة

إعداد أ.د. عبد الفتاح نظمي  عبد ربه

أستاذ العلوم البيئية والبحرية – الجامعة الإسلامية بغزة


أعلنت الإدارة العامة للثروة السمكية (General Directorate of Fisheries) في وزارة الزراعة الفلسطينية ونقابة الصيادين (Fishermen's Syndicate) في 25 مايو 2023 أن عينة من فقمة الراهب المتوسطية (Mediterranean Monk Seal = Monachus monachus Hermann 1779) ستصل قريباً إلى المياه البحرية الفلسطينية في قطاع غزة، وأوصت على الجمهور الفلسطيني والصيادين الفلسطينيين بعدم مهاجمتها أو إلحاق الأذى بها، حيث تعتبر من أكثر الثدييات البحرية المعرضة للانقراض في جميع أنحاء العالم. جاء هذا الإعلان بناء على اتصالات دولية أفادت بأن علماء إيطاليين ويونانيين وأتراك يجرون تجربة علمية على سلوك وحركة فقمة الراهب المتوسطية، حيث وضعت أجهزة التتبع بالأقمار الصناعية (Satellite Tracking Devices) على الحيوان. وبالفعل بدأت حركة الحيوان من سواحل تركيا وسوريا ولبنان والسواحل الشمالية لفلسطين، وقيل أنها ستمر عبر سواحل قطاع غزة في أقصى جنوب الساحل الفلسطيني على البحر الأبيض المتوسط. ومنذ ذلك الإعلان، حرص أهالي غزة أو الغزيون ولاسيما صيادو الأسماك على رؤية فقمة الراهب المتوسطية في مياه أو شواطئ قطاع غزة، لأنها ستكون المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل وصول هذا الحيوان إلى قطاع غزة. أظهرت العديد من المنشورات على فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي رغبة سكان غزة في رؤية هذا الحيوان النادر للغاية والمعروف بأنه معرض للانقراض عالميا.

انتظر سكان غزة بشوق وصول فقمة الراهب المتوسطية إلى مياه وشواطئ قطاع غزة. في حوالي الساعة 11:00 صباحاً من يوم الأربعاء الموافق 31/5/2023، أبلغ الصيادون المتواجدون على شاطئ البحر في محافظة شمال قطاع غزة الإدارة العامة للثروة السمكية بوزارة الزراعة أنهم شاهدوا بوضوح عينة من فقمة الراهب المتوسطية في المياه البحرية، على بعد 70 متراً من شاطيء البحر، ولأن الشاطئ كان مزدحمًا بالمصطافين، قام الصيادون بإرجاع عينة فقمة الراهب المتوسطية إلى أعماق البحر على أمل ألا يضره المصطافون على الشاطئ. فور وصول فقمة الراهب المتوسطية إلى سواحل قطاع غزة والتي لا يعُرف بالضبط إن كانت العينة هي فقمة يوليا (Yulia) التي ظهرت قبل ثلاثة أسابيع على سواحل يافا في وسط فلسطين أو تلك العينة التي يتم تتبعها من قبل الفريق الدولي. أبلغ المختصون في الإدارة العامة للثروة السمكية فريق البحث الدولي الذي يتتبع الفقمة بوصولها إلى سواحل قطاع غزة، وأن الصيادين الفلسطينيين تحملوا مسؤولية كبيرة تجاه هذا الحيوان النادر والرائع والذي يعد من أشد الثدييات البحرية المهددة بالانقراض عالميا. في الواقع ، لا أحد يعرف ما إذا كانت فقمة الراهب المتوسطية ستظهر مرة أخرى على شواطئ قطاع غزة أم أنها ستستمر في الإبحار إلى وجهات أخرى. والأكيد في هذا الصدد أن عدة توصيات صدرت من الجهات الفلسطينية المختصة بعدم الاعتداء على هذه الفقمة أو ملاحقتها أو الإضرار بها، سواء في البحر أو على الشاطئ أسوة بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وكذلك أسوة بالعالم المتحضر الذي يصون الكائنات المهددة.

يُعد هذا الحدث النادر أول تسجيل يتم الإعلان عنه لحدوث أو مرور فقمة الراهب المتوسطية في المياه البحرية الفلسطينية لقطاع غزة، لإنهاء جدل دام عقودًا حول حدوث أو عدم حدوث هذا النوع النادر من الثدييات البحرية في المياه البحرية لقطاع غزة، كما اتضح من تقارير بيئية محلية سابقة. تنتمي فقمة الراهب المتوسطية إلى عائلة (Phocidae) ومجموعة ريشيات الأقدام (Pinnipeds) التي تندرج ضمن رتبة آكلات اللحوم أو الضواري (Carnivora)، وتشير التقديرات الحالية إلى أنه يتواجد منها 700 فرد أو أقل يعيشون في ثلاثة أو أربعة مجموعات سكانية فرعية معزولة في البحر الأبيض المتوسط وفي شمال شرق المحيط الأطلسي. قد يصل طول هذا النوع من الفقمات إلى أكثر من مترين وقد يبلغ متوسط وزنها 300 كيلوغراما. تتعرض فقمة الراهب المتوسطية إلى عملية تساقط الجلد والشعر سنويًا في ظاهرة تسمى بالانسلاخ (Molting)، مما يتسبب في تغير لونها على مدار العام. تستخدم فقمة الراهب المتوسطية عادة كهوفًا ساحلية (Coastal Caves) لغرض التكاثر والراحة كتلك التي تزين شواطيء اليونان وتركيا وقبرص وإيطاليا وبعض الدول الأخرى. تتغذى فقمة الراهب المتوسطية على مجموعة متنوعة من الأسماك والرخويات كالأخطبوط والحبار. تتعرض فقمة الراهب المتوسطية لمهددات عدة تتضمن تدهور الموائل البيئية لها والتلوث والقتل المتعمد من قبل البشر والصيد العرضي والتشابك في مصائد الأسماك.  

التعليقات