مجلس الإفتاء الأعلى يُصدر بياناً بمناسبة حلول شهر رمضان

مجلس الإفتاء الأعلى يُصدر بياناً بمناسبة حلول شهر رمضان
الشيخ محمد حسين
رام الله - دنيا الوطن
أصدر مجلس الإفتاء الأعلى بياناً بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم.

وقال المجلس في البيان الذي وصل "دنيا الوطن" نسخة عنه: يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام وشعبنا الفلسطيني  يعاني من  ويلات اعتداءات الاحتلال البغيض وقطعان مستوطنيه، التي طالت الأرواح والممتلكات، والمقدسات، والأراضي والأشجار، ومع كل ذلك، فإن شعبنا الصابر الأبي يستقبل هذا الشهر الفضيل بأمل انتهاء هذا الاحتلال البغيض، وما ذلك على الله بعزيز.

ويتقدم مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين من الشعب الفلسطيني بعامة، وأبناء القدس بخاصة، وإلى الأمتين الإسلامية والعربية والمسلمين في كل مكان، بأحر التهاني والتبريكات، بأن أكرمهم الله تعالى أن يشهدوا شهر رمضان المبارك، الذي هو خير شهور العام، ففيه نزل القرآن الكريم، والله تعالى يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ....}(البقرة: 185)، وفيه فرض الصيام، بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (البقرة: 183)، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ* لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِـيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ}(سورة القدر)، وفيه يعتق الله عز وجل المؤمنين من النار، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَـوْمِ وَجْـهَـهُ عَـنْ النَّارِ سَبْعِيـنَ خَـرِيـفًا" (صحيح مسلم، كِتَاب الصِّيَامِ، باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه، بلا ضرر ولا تفويت حق) .

كما أن هذا الشهر الكريم هو شهر النصر، وحافل بكوكبة من انتصارات الأمة الإسلامية، التي استهلت بيوم الفرقان، يوم أعز الله عز وجل رسوله، صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين بنصره، الذي منّ به عليهم، فقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُـمْ تَشْكُـرُونَ} (آل عمران: 123)، ثم توالت انتصارات المسلمين في هذا الشهر الكريم، عبر التاريخ.

ويهيب مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين بمسلمي هذه الديار المباركة أن يستقبلوا هذا الشهر الكريم بقلوب يعمرها الإيمان، والعزم على أداء فريضة الصيام، وسنة القيام، وأداء زكاة أموالهم، وأن يحافظوا على حرمته في كل مواقعهم، سواء في ذلك، بيوتهم، وشوارعهم، ومؤسساتهم، وأسواقهم، وذلك باجتناب كل ما يتنافى مع حرمته، والتزام ما ينسجم مع روحه وأحكامه، عسى الله أن يتقبلنا جميعاً في عباده الصالحين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم، نَلجها من باب الريان الذي أعده الله تعالى للصائمين.

وفي ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع كبير من أبناء شعبنا الصابر، لا سيما مع تصاعد موجة الغلاء الناجمة عن أزمة وباء كورونا، واستعار الحرب في أوكرانيا، فإننا نناشد تجارنا الكرام أن يبتعدوا عن الجشع، واحتكار السلع، ورفع الأسعار، وبيع منتوجات المستوطنات، والسلع الفاسدة؛ ليحشروا بإذن الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

كما نناشد المواطنين الكرام أن يشدوا رحالهم في هذا الشهر الفضيل إلى مدينة القدس، ومسجدها الأقصى المبارك، الذي هو بأمس الحاجة إلى ذلك في ظل ما يتعرض له من حملة شرسة تستهدف وجوده وقدسيته ووحدته، بالتدنيس والعدوان، والتي بلغت ذروتها مؤخرًا، متمثلة في الاقتحامات الجماعية، ومحاولة إقامة الصلوات التلمودية فيه وعند بواباته.

وناشد المجلس العمل على تمتين وحدة صفنا، وإشاعة الصلح بين أبناء شعبنا، والبعد عن أسباب التناحر والنزاع، فالصلح له شأن عظيم في ديننا الحنيف، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال: 1)، وإصلاح ذات البين يفوق درجة نافلة الصيام والصلاة والصدقة، فعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "‏أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: صَلَاحُ ‏ذَاتِ الْبَيْنِ، ‏فَإِنَّ فَسَادَ ‏ذَاتِ الْبَيْنِ ‏هِيَ الحَالِقَةُ" (‏سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، باب منه، وصححه الألباني).

وقال: "فلنضع غاية وحدة شعبنا وأمتنا، وتقوية صفها نصب أعيننا، ونحن نصوم ونصلي، ونتلو القرآن؛ لأنها من أسمى الغايات، قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون: 52).

وتابع: "نسأل أن يؤلف بين قلوب المؤمنين، وأن يعيننا على صيام هذا الشهر الفضيل، وأن يكتب لنا ثواب صيامه وقيامه، وأن يحقق لأمتنا العزة والنصر والسعادة".

التعليقات