ورقة علمية لمركز الزيتونة تنبّه إلى العنف البنيوي للسلوك البراجماتي الأمريكي المغلّف بالقيم
رام الله - دنيا الوطن
وأوصت الورقة الدول العربية بإدراك خطورة البراجماتية الأمريكية، إذ أن الولايات المتحدة قد ساندت نظماً سياسية وتخلت عنها بغض النظر عن طبيعة هذه النظم؛ ديموقراطية أو استبدادية، واستدلَّ الباحث بدراسة تطبيقية كشفت عن نماذج مختلفة من الأنطمة السياسية التي اتَّسقت سياساتها مع الأهداف الاستراتيجية الأمريكية ولفترات طويلة، وقد تخلّت عنها الولايات الولايات المتحدة بفعل تغيُّر أولويات السياسة الأمريكية، كما جرى في فترات تاريخية مختلفة في فييتنام، وأفغانستان، وبنما، والتشيلي، وغواتيمالا، ونظام شاه إيران، والفلبين، ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، إلخ.
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: "البراجماتية الأمريكية بين العنف العضوي والعنف البنيوي في العلاقات الدولية"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي. حيث يرى أن الولايات المتحدة لا تُقسّم المجتمعات والدول والنظريات على أساس "الـمُثُل" وإنما على أساس سُلَّم المنافع النسبيّة، وأن سياسة الولايات المتحدة لا تنظر للنظم السياسية على أساس طبيعتها، أكانت نظماً ديموقراطيّة أو ديكتاتوريّة، مدنيّة أو عسكريّة، دينيّة أو علمانيّة، وراثيّة أو نيابيّة، إلخ.. بل على أساس مقدار المنفعة المترتبة للولايات المتحدة من العلاقة مع ذلك النظام.
وتشير الورقة إلى أن الأدبيات السياسية الأمريكية الرسمية تركّز بشكل شبه تام على العنف العضوي، وتربطه بنمط محدد من النظم السياسية خصوصاً الاستبدادية، لكنها تُغفل العنف البنيوي الذي تُسهم فيه الولايات المتحدة وأغلب الديموقراطيات الغربية، ويؤدي لوفيات تفوق مجموع وفيات العنف العضوي المرتبط بالنظم الاستبدادية.
كما أشارت الورقة أن سياسة الولايات المتحدة لا تحدد معنى العدوان من منظور قيمي مطلق، بل هي ترى العدوان أو التدخل العسكري أو التحالف أو الحصار من منظور براجماتي، وهي لا ترى القوة بأشكالها المختلفة من منظور قيمي مجرد، بل هي تقبل بالقوة من خلال ارتباطها بالمنظور البراجماتي، فالقوة بكل مستوياتها مقبولة أمريكياً بمقدار النفع المترتب عليها، وهي مرفوضة بمقدار الضرر الناتج عنها.
وقد خلص الباحث إلى أن الديبلوماسية الأمريكية توظِّف البراجماتية السياسية كقاعدة للسلوك الأمريكي، ولكنها تغطي دورها في العنف البنيوي عبر استخدام الدعاية السياسية أو البروباغندا كأداة لإضفاء المشروعية على البراجماتية، ولتقديم هذه البراجماتية مغلَّفة بسلسلة من المفاهيم والقيم والقوانين ذات الإيحاء الأخلاقي وتبرير كلّ السياسات الأمريكية الاستراتيجية، مثل الحروب، والتدخل العسكري، والحصار الاقتصادي، والمساعدات للنظم الديكتاتورية…إلخ، وتغليف السلوك السياسي الأمريكي وإظهاره كما لو أنه "لضمان قيم عليا مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان والسيادة والاستقلال…إلخ". ورأى الباحث أن ذلك يستوجب الفصل في تحليل السياسة الأمريكية بين جوهرها البراجماتي وشكلها القيمي المثالي الدعائي.
التعليقات