قلق من غزو سمكة "الأسد الأحمر" السامة للنظام البيئي البحري في قطاع غزة

قلق من غزو سمكة "الأسد الأحمر" السامة للنظام البيئي البحري في قطاع غزة
أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه
رام الله - دنيا الوطن
قلق من غزو سمكة "الأسد الأحمر" السامة للنظام البيئي البحري في قطاع غزة  

أ.د. عبد الفتاح نظمي عبد ربه

أستاذ العلوم البيئية والبحرية في الجامعة الإسلامية

تعاني البيئة البحرية في قطاع غزة منذ عقود من ظاهرة الغزو البيولوجي (Bioinvasion = Biological Invasion) لكائنات بحرية متعددة ومختلفة قد يستغل بعضها في المصيد السمكي (Fish Catch) وتستغل تجاريا في أطباق الطهي عند الغزيين.

بشكل عام، يؤثر الغزو البيولوجي للأنواع الغازية أو الدخيلة (Exotic or Invasive or Alien Species) على الأنواع البلدية أو المحلية (Native Species) لبيئة البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean Sea)، فقد تنافسها الغذاء والمكان والوجود وتؤدي إلى تناقص في عشائرها وأعدادها.

تعتبر قناة السويس (Suez Canal) التي دشنت عام 1869 من أهم طرق الغزو البيولوجي لبيئة البحر الأبيض المتوسط للأنواع البحرية القادمة من البحر الأحمر (Red Sea) أو المحيط الهندي (Indian Ocean) وتسمى الأنواع الغازية عبر قناة السويس للبحر الأبيض المتوسط قادمة من البحر الأحمر أوالمحيط الهندي بالمهاجرات الليسبيسية (Lessepsian Migrants) وتسمى العملية بالهجرة الليسبيسية (Lessepsian Migrants).

على الرغم من تعدد مخاطر الأنواع الليسبيسية الغازية على بيئة البحر الأبيض المتوسط إلا أن أنواعا بعينها كانت خطيرة جدا ومنها قنديل البحر الجوال أو الرحال (Nomad Jellyfish = Rhopilema nomadica) وسمكة الأرنب السامة (Silver-cheeked Toadfish = Lagocephalus sceleratus) وتعددت ضحاياهما بين حالات موت وإصابة.

رصدت بعض المحافل العلمية في قطاع غزة وكما رصد الغواصون وصيادو الأسماك الغزيون أيضا خلال السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا ومقلقا لسمكة "الأسد الأحمر" أو "التنين الأحمر" أو "ديك البحر الشائع" أو سمكة الدجاجة أو السمكة النارية أو السمكة المخططة (Red Lionfish = Zebrafish = Pterois volitans) شديدة السمية في النظام البيئي البحري (Marine Ecosystem) لقطاع غزة وبين الأنواع السمكية البحرية (Marine Fish Species) المصطادة من البحر الأبيض المتوسط. تعتبر سمكة الأسد الأحمر سمكة سامة وهي من أسماك الشعاب المرجانية (Coral Reef Fishes) التي تنتمي إلى مجموعة الأسماك مشععة الزعانف (Actinopterygians) وإلى العائلة العقربية (Scorpaenidae) ورتبة العقربيات (Scorpaeniformes)، وترجع بالأصل إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ (Indo-Pacific Region)، ولكنها باتت من الأنواع الغازية في مناطق متعددة في العالم ومنها حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي وصلت إليه عبر قناة السويس من البحر الأحمر. تُغطى سمكة الأسد الأحمر – كما تظهر في الصور – بخطوط بيضاء بالتناوب مع خطوط حمراء أو بنية اللون غاية في الإبداع بل إنها من أبهى الأسماك العظمية على الإطلاق.

قد يصل طول العينات البالغة منها إلى 45-50 سم. يصل متوسط عمر سمكة الأسد الأحمر إلى 10 سنوات تقريبا.

تمتلك أسماك الأسد أشواكا سامة (Venomous Spines) كبيرة تبرز من الجسم كعرف الأسد (Lion Mane) ولهذا يُطلق عليها أسماك الأسد (Lion Fishes).

تحول الأشواك السامة في سمكة الأسد الأحمر من تناولها كطعام، كما أنها تمنع افتراسها بواسطة معظم الكائنات المفترسة المحتملة (Potential Predators) في البيئات البحرية.

في الغالب، تُستخدم الأشواك الظهرية السامة لسمكة الأسد الأحمر للدفاع فقط. تتميز أسماك الأسد الأحمر أيضا بمعدل تكاثر مرتفع يمهد لها الانتشار بسرعة في منطقة غزوها.

أسوة بباقي الأنواع السمكية الغازية (Invasive Fish Species)، يعتبر تغير المُناخ (Climate Change) أحد العوامل الهامة والرئيسة لوصول سمكة الأسد الأحمر إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وبالتالي إلى المياه الساحلية (Coastal Waters) لقطاع غزة.

إن التوسيعات الأخيرة التي حدثت لقناة السويس ومعدلات التكاثر المرتفعة ساهمت في غزو سمكة الأسد الأحمر لبيئة البحر الأبيض المتوسط.

تتسم سمكة الاسد بالعدوانية إذا أُزعجت أو تعرضت للإيذاء، فتندفع لمهاجمة العدو حتى لو كان إنسانا بتوجيه أشواكها الظهرية السامة (Poisonous or Venomous Dorsal Spines) صوب العدو وتغرس سمها. في الغالب، يعاني المصابون بسموم سمكة الأسد الأحمر من ألم شديد (Severe Pain)، وربما صداع (Headache) وقيء (Vomiting) وصعوبات في التنفس (Breathing Difficulties)، وبالطبع قد يكون بعض الأشخاص المصابين أكثر حساسية لسم السمكة من غيرهم.

على الرغم مما ذكر، يشيع أحيانا في بعض الدول استهلاك أسماك الأسد الأحمر كعنصر غذائي ممتع إذ أن السموم لا تتخلل السمكة وإنما تتخلل أشواكها الظهرية الإبرية فقط، وبالتالي إذا تم التخلص من زعانفها السامة يزول أثر السم ويمكن وقتها طهي السمكة والاستمتاع بلحومها الشهية واللذيذة.

من الناحية الإيكولوجية، يساهم طهي هذه السمكة في تطهير البيئة البحرية (Marine Environment) نسبيا من مخاطرها المحتملة.

عالميا، قامت بعض مطاعم المأكولات البحرية بتقديم وجبات أسماك الأسد الأحمر بين قائمة مأكولاتها المقدمة للزبائن، وقد نالت إقبالهم وإعجابهم، وكما يقول المثل: "قد يكمن الخير في ما تظن أنه شر".

كما يبدو حتى الآن، لم تُسجل في قطاع غزة حالات إصابة مصدرها أسماك الأسد الأحمر وقد يعود هذا إلى أن انتشارها في المياه الساحلية لقطاع غزة قد لا يكون كبيرا ولعل السبب في ذلك يكمن في انعدام الشعاب المرجانية التي تعيش هذه الأسماك في كنفها، كما يميز القاع البحري (Sea Bottom) لقطاع غزة بأنه رملي وتقل فيه الصخور والشقوق والمخابيء الصخرية (Rock Cracks and Bunkers) التي تجذب مثل تلك الأسماك كأماكن للعيش فيها.

في الختام، وتجنبًا لتكاثرها وسميتها الخطرة، يُنصح الصيادون الغزيون بضرورة قتل السمكة حال معاينتها أو صيدها، كما يجب قتلها فورا والتخلص منها بحذر شديد.

إن أشواك زعانف هذه الأسماك تعتبر بالفعل سامة للغاية، وقد تسببت هذه الأسماك وأشواكها السامة عالميا في حالات إصابة شديدة وربما موت رغم أن جل الدراسات العلمية تشير إلى أن سمكة الأسد الأحمر غير قاتلة للإنسان.



التعليقات