وزارة الاقتصاد تستعرض قانون المعاملات التجارية الجديد

أكد عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، أن تنمية قطاع الأعمال هدف استراتيجي للدولة، وتوفير بيئة تشريعية محفزة لنموه يأتي على رأس أولوياتها. جاء ذلك خلال إحاطة إعلامية نظمتها وزارة الاقتصاد اليوم (الخميس الموافق 12 يناير 2023) للتعريف بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 في شأن المعاملات التجارية في الدولة، بمشاركة سعادة إبراهيم الزعابي مساعد محافظ مصرف الإمارات المركزي للسياسة النقدية والاستقرار المالي، وسعادة الدكتورة مريم السويدي الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع.

وقال سعادته: "لا شك في أن إصدار هذا المرسوم الجديد، الذي طورته الوزارة بالتعاون مع شركائها ليحل محل التشريع السابق الذي امتد لنحو 30 عاماً، يأتي في إطار التحديثات التشريعية المتكاملة التي تقودها حكومة دولة الإمارات لدفع عملية التحول في النموذج الاقتصادي، وتحقيق مستويات أعلى من المرونة والتنافسية في مناخ الأعمال في الدولة ليواكب متطلبات المستقبل، وبما يصب في تحقيق مستهدفات الخمسين ومحددات مئوية الإمارات 2071".

وأكد سعادته أن المرسوم بقانون اتحادي في شأن المعاملات التجارية، يُعد خطوة مفصلية جديدة في المنظومة التشريعية لحماية وتطوير بيئة الأعمال في الدولة، خاصة وأنه يعمل على تسهيل مزاولة الأعمال التجارية في الدولة، وتيسير المعاملات التجارية والتعاقدات وتعزيز كفاءتها وتقليص تكلفة ممارسة أنشطة الأعمال، ورفع مستوى الاستقرار التجاري، مشيراً إلى أنه يوفر بيئة استثمارية ديناميكية وخصبة تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي وترفع ثقة المستثمرين بمناخ الأعمال بالدولة وتعزز جذب الاستثمارات إليها، وهو الأمر الذي سيساهم في زيادة عدد الشركات ومؤسسات الأعمال والتجار والمستثمرين ورواد الأعمال في الدولة.

ولفت إلى أن القانون يستهدف دعم المصالح التجارية للدولة والتوافق بصورة أكبر مع متطلبات التجارة الدولية وتعزيز مكانة دولة الإمارات على خريطة التجارة العالمية، ومواكبة أفضل الممارسات الدولية في المعاملات التجارية وضمان مبادئ الشفافية والوضوح فيها، كذلك رفع تصنيف الدولة على مؤشرات التنافسية الاقتصادية ذات الصلة بما فيها تقرير التنافسية العالمية، وتقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فضلاً عن تسريع تحول التطبيقات الرقمية بصورة أكبر في قطاع الأعمال بالدولة وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز لأنشطة الأعمال في مجالات التكنولوجيا والابتكار وقطاعات الاقتصاد الجديد.

واستعرض سعادته خلال الإحاطة أبرز أحكام ومخرجات القانون الجديد الذي يؤكد النهج الاستباقي للدولة وذلك على النحو الآتي:

·       فيما يخص الجزء المتعلق بالمعاملات التجارية:

o      حدد المرسوم بقانون بشأن المعاملات التجارية المحاور العامة للأعمال التجارية بينما تولت القوانين الاتحادية التجارية المتخصصة تشريع الأحكام التفصيلية التي تسري في ذلك الشأن بما يتفق وخصوصية النشاطات والأعمال المنظمة لها.

o      كما سمح القانون لفئات عمرية جديدة بممارسة الأعمال التجارية، وذلك من خلال تخفيض سن الأهلية القانونية من (21) سنة إلى (18) سنة ميلادية لمزاولة الأعمال التجارية. مما يدعم توسيع مشاركة فئة الشباب في قطاع الأعمال.

o      يعزز القانون من فرص مساهمة المرأة في الأنشطة الاقتصادية والتجارية ويدعم تمكين دورها كشريك رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدولة.

إلى ذلك، لفت سعادة عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، إلى أن المرسوم بقانون يستهدف شريحة كبيرة من أفراد المجتمع، والتجار، والمستثمرين وأصحاب الشركات الأجنبية، وأصحاب المشاريع التجارية والشركات، والمصارف والمؤسسات المالية، والمتعاملين بالأوراق التجارية مثل الشيكات داخل الدولة، والمتعاقدين بالعقود التجارية، مثل أنشطة النقل والتخزين، مؤكداً أنه يستحدث مرجعية قانونية هي الأولى في المنطقة العربية وتعد الإمارات من الدول السبّاقة في العالم بشأن تشريع الأنشطة التجارية من خلال وسائل التقنية الحديثة وتلك التي تتم في الأوساط التقنية بهدف دعم أهداف الدولة في التوجه نحو قطاعات الاقتصاد الجديد وذلك من خلال:

o      استحداث منظومة الأعمال التجارية الافتراضية والمحل التجاري والمعاملات التجارية من خلال وسائل التقنية الحديثة وتلك التي تتم في الأوساط الافتراضية إلى جانب تلك المقدمة بالطرق النمطية الواقعية.

o      اعتبار تقديم الخدمات ومزاولة الأعمال والأنشطة المرتبطة بالأصول الافتراضية من الأعمال التجارية الافتراضية، ويصدر مجلس الوزراء التشريعات المنظمة للأصول الافتراضية ومزودي خدماتها.

o      إضفاء الحجية على الأعمال التجارية الافتراضية بحيث تسري عليها ذات الأحكام المقررة بشأن مثيلاتها المقدمة بشكل واقعي.

o      إضفاء المشروعية والحجية على الدفاتر التجارية الواقعية والافتراضية.

o      البيع بالمزاد العلني للمنقولات بدلاً من المنقولات المستعملة وإتاحة المزايدات من خلال منصة أو صالة إلكترونية مرخصة أو من خلال وسائل التقنية الحديثة المتعددة.

وأشار سعادته إلى أن القانون شهد كذلك إضافة مادة بشأن بعض البيوع الدولية تجيز للأطراف الاتفاق على سريان القواعد المنظمة للبيوع التجارية الدولية الصادرة عن غرفة التجارة الدولية، بدلاً عن النصوص الواردة في القانون.

ولفت سعادته إلى أن أحكام القانون تتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للحكومة الرقمية لدولة الإمارات، والسياسة الوطنية لجودة الحياة الرقمية، ويتماشى كذلك مع استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، بحيث يؤدي تطبيق القانون إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى سياسة تنمية الصادرات الإماراتية كونه يوفر البيئة الخصبة لنمو البضائع والسلع وتوسعها خارجياً، ويتوافق كذلك مع الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة2031، ومع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي2051.

وأكد وكيل وزارة الاقتصاد في ختام كلمته، أن القانون سيمثل نقلة نحو توفير البنية التشريعية الداعمة لزيادة الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتحقيق تنوع في تقديم الأنشطة التجارية، وتقديم أفضل الخدمات للمستهلكين، وزيادة فرص العمل في الدولة، الأمر الذي يصب في رفع تصنيف الإمارات على مؤشرات التنافسية الاقتصادية مثل تقرير التنافسية العالمية، وتقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فضلاً عن تسريع التحول الرقمي في الاقتصاد وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز لأنشطة الأعمال في مجالات التكنولوجيا والابتكار والاقتصاد الرقمي والجديد.

من جهته، أشار سعادة إبراهيم الزعابي، مساعد محافظ مصرف الإمارات المركزي للسياسة النقدية والاستقرار المالي، إلى أن القانون استحدث مرجعية قانونية للمعاملات التجارية للمؤسسات المصرفية بما يحفز حركة الاستثمار ويعطي للأعمال التجارية هامش أوسع للنمو والمنافسة وهو ما سيعزز مرونة للاقتصاد الوطني ويدعم تنافسيته من خلال:

o      تخفيض الحد الأعلى للفائدة على القرض التجاري متى لم يتم النص عليه في العقد إلى 9% بدلاً من %12، وحظر الفوائد المركبة. وهو ما سيعمل على تحفيز بيئة الاستثمار في الدولة.

o      إلزام المصارف الحصول على تأمينات أو ضمانات كافية مقابل القروض التي تقدمها في سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك خلافاً لما كان عليه الحال في القانون الملغي من جواز الحصول على الضمانات المناسبة مقابل القروض، وبذلك يتكامل ويتسق هذا الحكم الوارد في القانون الجديد مع النص المستحدث برقم 121 مكرر من قانون المصرف المركزي.

o      يأتي هذا الحكم للحد من ظاهرة تعثر الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الفردية، نتيجة إثقال كاهلهم بأقساط لا تتناسب مع مستويات دخلهم وتزيد على قدرتهم على السداد، وهو ما يعزز فعالية الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي بخصوص تنظيم التسهيلات الممنوحة للأشخاص وتخفيض نسبة التعثر بين العملاء.

o      إقرار الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية الصادرة من غرفة التجارة الدولية واعتبارها جزءاً من النظام الخاص للاعتمادات المستندية في الدولة.

وشدد الزعابي على أن القانون يدعم الصيرفة الإسلامية في الدولة باعتبارها أحد المحاور الرئيسية للنمو، وبما يعزز ريادة الإمارات على خريطة الاقتصاد الإسلامي وذلك من خلال:

o      استحداث باب للمعاملات التجارية للمؤسسات المالية الإسلامية كأول تقنين تجاري للمعاملات المالية الإسلامية يسهم في تنظيم العلاقات التعاقدية بين أطرافها ويعزز من استقرار معاملاتها وحماية المتعاملين فيها وينظم المعاملات التجارية الإسلامية بنصوص تشريعية وليس اتفاقية يحكمها فتاوي وأحكام تصدر عن جهات متخصصة.

o      اعتبار المعاملات التجارية، إضافة إلى أي معاملة ينص أي تشريع نافذ على خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية، خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية طالما أجريت من خلال مؤسسة مالية إسلامية.

o      استحداث أحكام خاصة ببعض أنواع العقود والالتزامات التي تكون المؤسسات المالية الإسلامية طرفاً فيها مثل الوعد بالتعاقد والمرابحة والتمويل بالاستصناع.

من جانبها، أكدت سعادة د. مريم السويدى الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، أن قانون المعاملات التجارية الجديد يأتي ضمن الجهود الحكومية للتسهيل على المواطنين والمقيمين والوقوف على احتياجاتهم، ويسهم كذلك في تعزيز الاستقرار المالي في الدولة ودعم موقعها كبيئة استثمارية مثالية تضمن حماية حقوق كافة الأطراف.

وأضافت: "فيما يتعلق بمجال الأسواق المالية حرص قانون المعاملات التجارية الجديد على تعديل الأحكام الخاصة بمسألة تنظيم وإنشاء الأسواق المالية باعتبارها داعماً رئيسياً للاقتصاد الوطني، وهو ما يفتح المجال أمام تطويرها بشكل مستدام وبما يتماشى مع متطلبات بيئة الأعمال في الدولة وذلك من خلال: تعديل الأحكام الخاصة بإنشاء الأسواق المالية، والإلزام بضرورة الحصول على التراخيص اللازمة وفقاً للتشريعات المنظمة للأوراق المالية النافذة بالدولة".

وأوضحت سعادتها بأن أبرز الأحكام الجديرة بالتنويه التي قدمها القانون الجديد لقطاع الأوراق المالية والهيئة هي اعتبار أعمال الأصول الافتراضية من ضمن الأعمال التجارية، وهذا الحكم يعطي امتيازاً لقطاع الأصول الافتراضية حيث أنه وبصدور القانون الجديد فقد تم التأكيد على أن الأعمال المرتبطة بالأصول الافتراضية تعد أعمالاً تجارية، وبالتالي ستسري أحكام هذا القانون وما يرتبط به من قوانين أخرى على من سيتعامل في أنشطة هذا القطاع والاستفادة من الامتيازات التي تضمنها القانون الجديد مثل الأحكام المنظمة للتاجر والسماح لفئات عمرية جديدة بممارسة الأعمال التجارية، علماً بأن مجلس الوزراء أصدر بالفعل في ديسمبر الماضي قراره المنظم للأصول الافتراضية وسيدخل حيز النفاذ منتصف شهر يناير الجاري.

وأشارت إلى أن القانون الجديد يضمن التأكيد على الأحكام المنظمة لعمليات سوق البورصة وعمليات شركات الاستثمار وصناديق الائتمان والمؤسسات المالية وجميع عمليات الوساطة المالية الأخرى، والسمسرة في أسواق الأوراق المالية والبضائع، والإقراض بضمان الأوراق المالية، ووديعة الأوراق المالية لدى المصرف، ويجب على كافة المتعاملين في السوق المالي الانتباه إليها ووضعها في الاعتبار عند إجراء أي تعاملات في السوق المالي.

وأعربت عن تطلعها بأن يدعم قانون المعاملات التجارية الجديد الارتقاء بأداء المعاملات التجارية بما فيها المعاملات التي تخص مجال الأسواق والأوراق المالية بما يعزز تنافسية الدولة وقوة اقتصادها، وصولاً لاقتصاد مستقر يوفر للأفراد بيئة مناسبة ومشجعة على ممارسة الأعمال.

وتم عقد جلسة حوارية على هامش الإحاطة لمناقشة أبرز بنود ومحاور قانون المعاملات التجارية، شهدت حضور حسن الكيلاني المستشار القانوني بوزارة الاقتصاد، والدكتور عصام التميمي، شريك رئيسي ومؤسس شركة التميمي وشركاؤه، والدكتور محمد النسور، أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة الإمارات، والسيد إسماعيل البلوشي المستشار القانوني. وقال حسن الكيلاني المستشار القانوني بوزارة الاقتصاد، إن المرسوم بقانون في شأن المعاملات التجارية، يُعد مصدر التشريعات التجارية بالدولة، وتمت صياغته برؤية متطورة تستشرف المستقبل وتحقق تسهيل الأعمال، وتساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة.

من جهته قال الدكتور عصام التميمي، شريك رئيسي ومؤسس شركة التميمي وشركاؤه، إن قانون المعاملات التجارية الجديد يأتي مكملاً لمجموعة من التشريعات التي أصدرتها الدولة خلال الفترة الماضية، لتشكل معاً إطاراً تشريعياً متكاملاً وفق أفضل الممارسات المتبعة عالمياً، يساهم في دعم الاقتصاد الوطني، ويعزز مكانة الإمارات كوجهة جاذبة ومستدامة للاستثمارات الأجنبية، فضلاً عن أنها تضمن مواكبة أفضل الممارسات المتبعة عالمياً لضمان مرونة قطاع الأعمال.

فيما قال الدكتور محمد النسور، أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة الإمارات، إن قانون المعاملات التجارية هو تتويج لعمل حكومي دؤوب شمل تطوير المنظومة التشريعية الإماراتية الخاصة بالقطاع الاقتصادي في الدولة، ويتوافق مع أفضل المعايير العالمية ذات الصلة، وهو ما سيعزز مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية الدولية.

ومن جانبه، أشار إسماعيل البلوشي، كبير المستشارين القانونيين ورئيس إدارة الشؤون القانونية بالمصرف المركزي، إلى أن القانون يعكس التطور الكبير الذي تشهده بيئة ممارسة الأعمال في الدولة، ويتوافق مع توجهات الدولة بتعزيز قطاعات الاقتصاد الجديد