هل يؤثر استعمال جهاز "بخاخ الربو" على الصيام؟

هل يؤثر استعمال جهاز "بخاخ الربو" على الصيام؟
تعبيرية
رام الله - دنيا الوطن
إن بخاخ الربو الذي يستعمله مرضى الأزمة الصدرية يحتوي على دواء سائل، فيه ماء ومواد كيميائية عالقة، ويتم استخدامه بالضغط على الجهاز مع أخذ شهيق عميق في نفس الوقت، فيتطاير الرذاذ ويدخل عن طريق البلعوم الفمي إلى القصبات الهوائية، ولكن يبقى جزء يسير منه في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية ضئيلة جداً منه إلى المريء.

وبحسب دار الإفتاء الفلسطينية فقد اتفق العلماء المعاصرون على جواز استعماله عند الضرورة في نهار رمضان، ولكنهم اختلفوا في تأثيره على الصيام إلى مذهبين :

المذهب الأول: يرى فساد الصوم باستعماله؛ لأن جزءاً من الدواء يدخل إلى الجوف، ويوجِبُ على من استعمله أن يمسكَ بقية يومه؛ محافظة على حرمة شهر رمضان، ولأنه ليس محتاجاً للطعام والشراب، ويُلزِمُه أيضاً بقضاء اليوم الذي تناول الدواء فيه.

والمذهب الثاني: لا يرى فساد الصوم باستعماله، ولا يوجِبُ شيئاً على مَنْ استعمله؛ لأنَّ هذا الدواء لا يصل إلى الجوف ، وهو الراجح في نظري للأسباب الآتية :

إنَّ هذا الدواء يستعمل لتوسيع الشُّعَب الهوائية؛ فهو يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية، لا إلى الـمعدة؛ فليس أكلاً، ولا شرباً، ولا شبيهاً بهما.

يُسَنُّ للصائم أن يتمضمض ويستنشق دون مبالغة، ومن المعلوم أنه يبقى بعد المضمضة شيء من أثر الماء في الفم، ويدخل إلى المعدة مع بلع الريق غالباً؛ حيث لم نؤمر بالاجتهاد في تَفْلِ الماء من الفم بعد المضمضة؛ احترازاً من دخول أثر الماء إلى الجوف، والداخل من بخاخ الربو إلى المريء ثم إلى المعدة قليلٌ جداً؛ إذ تُشكل البخة الواحدة جزءاً واحداً من عشرين جزءاً من المليلتر الواحد؛ أي أن البخة الواحدة تشكل أقل من قطرة واحدة، وهذه البخة الواحدة يدخل الجزء الأكبر منها إلى جهاز التنفس، وجزء آخر بسيط يترسب على جدار البلعوم،فكم يتبقى من تلك القطرة للوصول إلى الجهاز الهضمي؟! وإذا كان الـمتبقي بعد المضمضة لا يفسد الصوم،فمن باب أولى ألا يفسده الـمتبقي من أثر بخة الدواء؛لأنه أقل بكثير من أثر الـمضمضة.

إن دخول شيء إلى المعدة من بقايا بخاخ الربو ليس أمراً قطعياً؛ بل مشكوك فيه، والأصل بقاء الصوم وصحته؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.

يجوز للصائم استعمال السواك في نهار رمضان، ولم يقُل أحد بتأثيره على الصوم، وقد ذكر العلماء أن السواك يحتوي على مجموعة من المواد الفعالة التي تتحَلَّلُ مع اللعاب، وتصل إلى المعدة غالباً، فنزول شيء من أثر السائل الدوائي كنزول أثر السواك.

5 ـ إن القول بفساد الصوم، وإلزام من استعمل هذا الدواء بالإمساك بقية اليوم، ومن ثم وجوب القضاء عليه بعد رمضان مُوقِعٌ في الحرج الشديد، وموجب للمشقة والعنت؛ لأن مريض الأزمة الصدرية قادر على الصيام كغيره من الناس دون أن تتأثر صحته، والله تعالى يقول:{… ومَا جـَعَلَ عليكم في الدِّينِ مِنْ حَـرَجٍ …}، وأي دليل شرعي صحيح يفيد إلزام المريض إذا أفطر بصيام يومين؛ يوم إمساك، ويوم قضاء؟‍ وأين مَوقِع هذا القول من اليسر الذي رخَّص الله من أجله لعباده في عبادة الصوم ، وأشار إليه بقوله:{ ... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ...}.

التعليقات