ما هي دلالات زيارة وفد من حماس لروسيا؟

ما هي دلالات زيارة وفد من حماس لروسيا؟
خلال لقاء هنية ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف
خاص دنيا الوطن- مدلين خلة
للمرة الثانية منذ بداية الحرب الأوكرانية الروسية، يحط وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رحاله في العاصمة الروسية موسكو.

وفد من الحركة برئاسة رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية وضم كلاً من في صالح العاروري وموسى أبو مرزوق وماهر صلاح، قام بزيارة إلى روسيا استمرت عدة أيام، التقى خلالها عدداً من المسؤولين الروس، على رأسهم وزير الخارجية، سيرجي لافروف.

ولا تعتبر علاقة الحركة بروسيا جديدة؛ حيث تعود جذورها إلى ما قبل عام 2006، خلال تواجد حماس في العاصمة السورية دمشق،والتي تزايدت وبشكل واضح مع فوزها في الانتخابات التشريعية في قطاع غزة خلال الفترة ما بين 2006 و2007.

وتواصلت الزيارات واللقاءات بين الحركة والمسؤولين الروس في قطر وموسكو حيث شملت الزيارات وصول رئيس المكتب السياسي للحركة أو وفود قيادية أخرى، فضلاً عن استضافة مؤتمر جمع الفصائل بهدف الاتفاق على رؤية مشتركة للخروج من الانقسام.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، يوم الأربعاء، إن "وفد حماس التقى بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وعقد اجتماعات في دوما الدولة وغيرها من الهيئات، ناقشنا خلالها القضايا الأمنية والمزيد من التعاون، بما في ذلك في الشرق الأوسط". 

وأضاف هنية، في تصريحات لوكالة (نوفوستي) الروسية خلال زيارة لمسجد كاتدرائية موسكو، أن "الوفد الفلسطيني راضٍ عن زيارة موسكو، حيث تم التوصل إلى قرارات بشأن عدد من القضايا في الشرق الأوسط".

بدوره، أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد اللطيف القانوع، أن زيارة وفد من الحركة لروسيا تأتي في إطار التحشيد للقضية الفلسطينية والدعم الدبلوماسي.

وأوضح القانوع في تصريح لـ"دنيا الوطن" أن الزيارة تحمل على عاتقها حشد الطاقات كافة لإسناد الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن هذه الزيارة لها طابع خاص وذات اهتمام كبير في ظل المتغيرات الإقليمية بالمنطقة وحساسية القضية الفلسطينية والتحديات التي تعصف بها.

وشدد على أن "من ضمن ما يعصف بالقضية الفلسطينية الاقتحامات المتواصلة من العدو الصهيوني للمسجد الأقصى المبارك وارتفاع وتيرة الاستيطان والجرائم بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".

من جانبه، قال الباحث والمختص في الشأن الروسي، علي البغدادي، إن "توقيت الزيارة لا يحمل أي دلالات رسمية سوى التطور الحاصل في الظروف الحالية، وذلك لأن العلاقة بين روسيا وحماس علاقة طويلة ممتدة".

وأضاف في حديثه لـ"دنيا الوطن": إن موسكو أخذت باستعادة علاقاتها مع كافة الأطر والجهات التي تسيطر على بعض المناطق في العالم والتي تحمل وزناً سياسياً كونها تتوجه لتكون قوة وازنة بعد الفترات التي كانت فيها موسكو مستباحة.

وأشار إلى أن تاريخ العلاقات مع حماس ليس وليد اللحظة فقد كانت بدايات التوجه الروسي لبدء العلاقات مع حركة حماس منذ اللقاء الذي جمع رئيس المكتب السياسي السابق، خالد مشعل، وديمتري ميدفيدف، عندما تولى رئاسة روسيا قبل عدة سنوات،، في دمشق برعاية الرئيس السوري، بشار الأسد.

وأوضح أنه وبعد فوز حركة حماس في انتخابات 2006، تم دعوة إسماعيل هنية كرئيس للوزراء، حيث أن هذا الفوز له وزن كبير جداً كسرت روسيا من خلال دعوتها طوق الحصار السياسي الذي فرض على الحركة في وقتها.

وبين أن الحرب الروسية الأوكرانية لعبت دورها في تحديد روسيا لعلاقاتها السياسية من جديد فكان الارتياح حليف الموقف الإيجابي لحركة حماس من تطور للازمة الأوكرانية الروسية.

وأكد أنه وعند الحديث عن الزيارة الحالية فإن القضية تتعدى الملفات التي يمكن مناقشتها إلى تعامل الجانب الروسي مع حركة حماس على اعتبارها حركة مقاومة وليست إرهابية كما الدول الأخرى التي تتحرج من دعوتها خشية الغضب الإقليمي والأمريكي.

وشدد على أن روسيا تدرك أن القضية الفلسطينية هي قضية أساسية ومحورية في الشرق الأوسط، جاء ذلك بعدما فتحت شهيتها عند دخولها للأراضي السورية لباقي الأراضي الشرق أوسطية.

وأشار إلى أن الزيارة والعلاقة الحالية تعتمد على محددين الأول: أن روسيا أخذت على عاتقها التوجه للنظام متعدد الأقطاب وكسر هيمنة القطب الواحد السائد الذي يمثل الولايات المتحدة وهو ما عبر عنه بوتين سابقًا، وبدأ عملية محاولة تطبيقه مع بداية العمليات في شهر فبراير/شباط الماضي، إلى جانب أن هناك رغبة روسية في إنهاء النظام أحادي القطبية في العالم وهذا يتماشى مع رغبة وسياسة حماس، والاحتلال هو ابن المنظومة الدولية وأي تغيير في المنظومة الدولية سيؤثر إيجابًا على القضية الفلسطينية".

وبحسب الباحث في الشأن الروسي، فإن المفتاح الثاني "لفهم العلاقة هو السياسة الروسية في إقامة علاقات مع كل القوى الفاعلة في المنطقة وبالتالي هي تسعى للتواصل مع جميع الأطراف في الساحة الفلسطينية سواء فلسطينيين أم إسرائيليين، فهي ليست دولة مقاومة لإسرائيل بل هي مقاومة لأمريكا، فعملت على بناء علاقة جيدة مع مختلف الفلسطينيين حيث لها علاقات مع حماس وفتح والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي".

وأردف البغدادي في حديثه على أنه وبالرغم من أن الموقف الإسرائيلي كان منحازاً إلى أوكرانيا إلا أنها تحرص على استمرار علاقتها بالاحتلال، إذ أنها حريصة على إبقاء العلاقة طيبة خصوصًا وأنها كانت جيدة في عهد نتنياهو.

ويستدرك: "الروس يعتقدون أن لبيد هو ألعوبة في يد الأمريكان إلى جانب وجود شواهد لدى الروس عن مشاركة مرتزقة إسرائيليين في العمليات العسكرية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن حماس نفذت من هذه الثغرة وأحسنت استغلالها لمصالحها".

كما وبين أن أوكرانيا ومن خلال سفارتها في إسرائيل أبدت إمتعاضها من زيارة حماس لروسيا واصفة إياها بالحركة "الإرهابية"، وتنديدها بالموقف الروسي وهذا الموقف ليس وليد اللحظة فقد بل إن هناك تيار داخل أوكرانيا كان يدعو وباستمرار إلى تصنيف حماس كحركة "إرهابية".

ووفقاً للبغدادي، فإن المرحلة الحالية من المستبعد أن تشهد عودة العلاقات بين موسكو والاحتلال لسابق عهدها مع غياب الشواهد على ذلك، في ظل الشرخ الكبير الحاصل في العلاقات وهو ما يجب على حماس استغلاله لتحقيق أهدافها.

ويردف قائلاً: "الطرف الروسي هو الذي بادر هذه المرة بدعوة حركة حماس إلى زيارة موسكو بعد شعوره بالارتياح لهذه اللقاءات وهناك رغبة في الانفتاح أكثر على الحركة وهو ما يتضح في دعوة هنية في هذا التوقيت بالذات".

ويبين أن حماس تبني على الخطوة الأساسية التي قامت لها منذ البداية بدعم الموقف الروسي وبالتالي هي تحاول الاستثمار في هذا الملف في ظل الانحياز العالمي والأمريكي لإسرائيل في ظل التناقض والتباكي على الضحايا في أوكرانيا، بالرغم ما يعانيه الفلسطينيين من دمار وحروب منذ زمن بعيد.

ويلفت المختص في الشأن الروسي، إلى أن أهم استفادة يمكن أن تحققها حماس حاليًا هي استضافتها من قبل دولة بحجم روسيا إذ أن هذا الأمر ليس بسيطًا في ظل الحصار المفروض عليها، وتحرج استقبالها حتى من دول عربية وممكن أن تطرح حماس عدة قضايا مثل رفع الحصار عن غزة والانتهاكات الإسرائيلية وفشل الحل السياسي.

التعليقات