أبوديس خيمة القدس وثغرها الباسم

أبوديس خيمة القدس وثغرها الباسم
رام الله - دنيا الوطن
 كفاية حديدون 

أبوديس بلدة وديعة متموضعة على ناصية القدس، سليلة الأصل كنعانية الجذر ، جارة الشًّمس وخيمة القدس ووتدها وثغرها الباسم ،  وبوابة العُبور الشرقية لها ، منبع العلم ومنسف الكرم ونقطة التقاء شمال الضفة بجنوبها وأغوارها، بمسافة لا تتجاوز 3 كيلو متر في ظاهر القدس الشرقي تقع بلدة أبوديس ، وتنحرف من جهة الشرق الى الجنوب الشّرقي قليلاً، ، تتعالى البلدة مُرتفعة  على عدة ربوات ، تجاورها من الشمال  بلدة العيزرية ، وتحتضنها جنوباً بلدة السّواحرة  الشّرقية ، ومن الشرق الخان الأحمر والبحر الميت، وإلى الغرب منها تأتي سلوان وراس العامود ، حال البلدة كحال الكثير من البلدات والأحياء الفلسطينية التي تئن تحت وطأة مضايقات الاحتلال وتصعيده الصارخ في انتهاك الحق ونهب الأرض وتهويد الوجود باحثاً عن فرصة لبقائه المُزيف والغاشم .

يقول عبد السلام عياد رئيس بلدية أبوديس وهو رجل ميدان وهامة عشائرية وقامة وطنية ، وشخصية جامعة يبحث دوماً  عن جُسور التقاء وممرات عُبور  ،وقائداً مُثابراً وإدارياً مُحكماً ، يعمل بنفس شبابي مُتقد وهمة لا تعرف فتور مُنذ سنوات طويلة  واصفاً المَشهد العام  للبلدة " بأن بلدة أبوديس كمن بُترت أطرافه تعيش حالة من العزلة لا تقوى على الوصل والتواصل مع محيطها الجغرافي وهي من ضحايا الجغرافيا السياسية  بسبب امتدادها الطبيعي للقدس ما يعطيها عمقاً إستراتيجيا وثقلاً سياسياً له أبعاده الخاصة  فلا عجب أن يتردد اسم البلدة بين الفينة والأُخرى كمُقترح عاصمة موعودة في خطط التسوية السياسية  ، هذا إلى جانب بُعد البلدة عن المدن المركزية  وإغلاقها من الجهات الأربعة وتحويلها إلى جزيرة معزولة مُحاطة بجدار عنصري فاصل وحواجز عسكرية وشبكة طُرق التفافية ومستوطنات إٍسرائيلية ( تجمع استيطاني معالي أودميم وهو من كُبرى وأهم المراكز و التجمعات الاستيطانية الذي يستنزف مساحة 1.379 دونم من أراضي البلدة  ، ومستوطنة متسيبي يدود كيدار الجديدة  ) وهو ما  ساهم في فقدان البلدة ملامحها الجغرافية وحدودها الطبيعية

بلدية أبوديس قابضة على الجمر برفض المصادقة على المخطط الهيكلي لسلطات الاحتلال:

تشكلت بلدية أبوديس في العام 1995 وتُعتبر العصب الرئيسي والهيئة الرسمية التي تمارس مسؤولياتها المجتمعية والخدماتية للبلدة ويقع على كاهلها أعباء إدارية تَطال مختلف المجالات ، وفي السياق أشار عياد  لصعوبة الواقع والتحديات الجسام التي تقف حجر عثرة في دور البلدية التنموي والخدماتي من حيث العجز المادي وضعف مصادر التمويل  واقتصارها على الإيرادات والعائدات المالية من جباية  النفايات ، ورخص البناء ، وضريبة الأملاك والنقل على الطرق ، ونوه  عياد للمستحقات المالية المتراكمة للبلدية عند الجهات الحكومية  التي لا تُلقي بالاً بحاجة البلدية لها رغم الحاجة الماسة لها لتحسين مستوى الخدمات ورفع نسبة الأداء في العمل البلدي ، وعزا السبب في تذبذب الموارد المالية واقتصار التمويل على بعض المنح والقروض  الخارجية لاعتبارات سياسية وموقف البلدية الراسخ برفض المصادقة على المخطط الهيكلي للسلطات الإسرائيلية القاضي  الموافقة الرسمية على مساحة 4000 دونم للبلدة من أصل 32 ألف دونم ، وهي مساحة ضيقة جداً ولا تصلح للبناء  في ظل الزيادة الطبيعية العالية للسكان  والتي لا تتناسب مع المساحة المُتاحة للبناء ، ويؤكد عياد أن تصديق البلدية على المخطط الهيكلي  هو موافقة ضمنية وشرعنة رسمية لمصادرة الأرض واستمرار الأنشطة الاستيطانية فيها وهو ما يحرمها من الانتقاع من المشاريع التي تمولها جهات أجنبية عقوبة لها على موقفها  ، وأضاف عياد  أن  هناك ضغط متواصل على المؤسسات الفلسطينية ووزارة الحكم المحلي والشؤون المدنية  للدفع  باتجاه التوسع الطبيعي والجغرافي  في الجهة الشرقية بما يتناسب مع الزيادة السكانية والحد من الاكتظاظ السكاني وشدد عياد أن البلدة تُعاني من التهميش من قبل صُناع القرار ولم تجد الأصوات آذاناً صاغية ولم نسمع من  الجهات الحكومية إلا التصريحات التجميلية والوعود الجوفاء.

وفي سياق متصل تحدث عياد عن مُعاناة البلدة الداخلية وجهود البلدية  الرامية  لفرض القانون والحد من المظاهر الشاذة والغير حضارية ، وصور الفوضى المُنتشرة والتي هي نتيجة حتمية وطبيعية للفراغ الأمني وغياب الضبط الفعال والسيطرة الجادة  ، هذه المشاهد ألقت بظلالها السلبية على واقع البلدة والبلدات المجاورة وعادةً  ما يتم الضبط  وتجاوز مكامن الخلافات ومعالجة الترهلات  التي تٌعكر صفو السلم الأهلي من خلال الجهود الشخصية والخاصة والعلاقات المُباشرة مع الأفراد  وفي هذا الاطار قال عياد أن البلدية تقف على قدم وساق كي لا تجعل المنطقة برمتها بَزاراً  للمتسلقين ضيقي الأُفق أصحاب الخطابات القبلية السامة  من خلال الدفع باتجاه تجاوز الهامشية والبعد عن صغائر الأمور والتحلي  بمرونة أكبر ووضع المصلحة الوطنية نصب أعيننا والحفاظ  على روابط الأخوة الجامعة مع قُرى وبلدات الجوار  ، وبلورة منظومة متكاملة ورؤية جماعية  لتمتين عُرى المُشترك بينهم وتثبيت بنيانه من أجل تعمير البلاد ورفعة الوطن  .

أبوديس البلدة الجامعية الواعدة : في معرض حديث عياد عن العلاقة الرابطة بين مع جامعة القدس لفت عياد إلى أهمية وجود جامعة القدس على أراضي بلدة أبوديس  كصرح عريق وإرث علمي وبُنيان باسق ، علاوة على دور الجامعة في رفع نسبة الخريجين من أبناء البلدة وإنعاش الاقتصاد المحلي في المنطقة ،وأوضح عياد أن العلاقة مع جامعة القدس لا زالت في رسم التطوير ولم تصل بعد إلى المستوى المطلوب حيث لم تشهد المراحل السابقة علاقات ثابتة ، ومن هذا المنطلق لا بد من معالجة جذرية للعلاقة القائمة بتطوير مداخل وإرساء أسس في  مد جسور أوسع للتعاون وآفاق أرحب للحوار  ، من خلال تشكيل لجان مُتخصصة ومساعي جادة وآليات عمل  مُشتركة بين الجامعة والمجتمع المحلي  تهدف لتنظيم العلاقة بينهم وخلق  بيئة جامعية آمنة ومريحة .

رغم الصورة الرمادية للمشهد والواقع البائس المعاش للسكان في منطقة أبوديس إلا أن عياد  يرى  ضوءاً  في آخر النفق ومصدر هذا الضوء أن البلدية تعمل مع أهالي وسكان المنطقة في إطار جمعي تشاركي من أجل  بيئة عمل صحية وشاملة   وهي الخطوة الأولى في بناء شراكة مُستدامة وناجحة  ، ومن ثم السعي لصياغة واقع محلي جديد بتأسيس عَقد اجتماعي تُحدد  فيه الأولويات  ويعزز الشعور بالمسؤولية  ويتحمل أطرافه الإخفاق وتصويب الخلل  للوصول إلى  توافق  بين الرؤى والأهداف تدفع الجميع للتفكير بشكل إنمائي  ونمضي  قُدماً نحو عمل مؤسساتي مُثمر ومواطن مسؤول.