بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية.. ما الحكم الشرعي والطبي والقانوني في قضية الإجهاض؟

بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية.. ما الحكم الشرعي والطبي والقانوني في قضية الإجهاض؟
توضيحية
خاص دنيا الوطن-مدلين خلة
في سابقة وحكم تاريخي ألغت المحكمة العليا الأمريكية "التشريع التاريخي Roe V. Wade" والذي يمنح حق للإجهاض في الولايات المتحدة الامريكية منذ عام 1973 وقضت بأنه لم يعد هناك وجود لحق دستوري للمرأة بعمليات الإجهاض.

 ويمنح حكم المحكمة الجديد الحق لكل ولاية في وضع القانون المناسب بخصوص الإجهاض دون القلق من التعارض مع الدولة التي سمحت بالإجهاض لما يقرب من نصف قرن وصدر القرار بأغلبيه من الأعضاء المحافظين وبهذا القرار عادت الولايات المتحدة إلى الوضع الذي كان ساريا قبل 1973.

وأكد الدكتور عبد الكريم الهنداوي استشاري أمراض النساء والولادة والعقم وأطفال الأنابيب وجراحة المناظير أن خطورة إجراء عملية الإجهاض للمرأة الحامل تكمن في عديد الأمراض والمشاكل التي تواجهها بعد إجرائها للعملية وبدون أي سبب أو داعي طبي.

وقال الهنداوي في حديثه لـ"دنيا الوطن" :" إن المرأة التي تجري عملية إجهاض دون أي سبب يستدعي تواجه مشاكل من أهمها الالتهابات التي يمكن أن تعاني منها بعد إجرائها للعملية، و التي قد تؤدي الى العقم الجزئي أو الدائم".

وأضاف" لا يقتصر الأمر على الالتهابات فقط بل يتعدى الأمر لحدوث النزيف بعد الولادة الذي تتبعه مشاكل أخرى تتفاقم ربما بإزالة الرحم وإجراء متكرر لعملية تنظيف الرحم وهذا ينطبق على الإجهاض العمد الذي لا يوجد أي مشاكل على صحة الأم والطفل تستدعي إجراء العملية ".

وبين أن إجراء عملية الإجهاض عمداً يعتبر ضد العوامل الفسيولوجية للجسم فلذك ممكن أن تؤدي الى مشاكل متتابعة من أخطرها استئصال الرحم.

وأشار إلى أنه وأثناء إجراء العملية ودون قصد من الطبيب القائم عليها من الممكن أن يحدث للمرأة مزع بسيط في الرحم، مما يؤدي إلى حدوث خطر على حياتها الأمر الذي قد يضطر الأطباء إلى إجراء عملية كبرى بفتح البطن لخياطة ما خلفته العملية من أضرار.

وشدد الهنداوي على أن أغلب الحالات التي تجري عملية تنظيف بعد الإجهاض تضطر وبشكل كبير أن تتعالج لحدوث حمل جديد بعد عملية الإجهاض وذلك بنسبة 10% وعلى المدى البعيد.

وأوضح أخصائي أمراض النساء والولادة أن هناك بعض الحالات التي تستدعي من الأطباء التدخل وإجراء عملية الإجهاض والتي تعرف طبياً (الإجهاض لدواعي طبية) والتي من أبرزها أن تكون الحامل مريضة قلب ومنعها الدكتور من حدوث حمل لما له من خطر على حياتها.

وتابع: أن المريضة بمرض السرطان بجميع أنواعه لا يسمح لها بالحمل وهنا وجب على الأطباء التدخل وبشكل فوري وإنهاء الحمل لأن الخطورة هنا تشمل الام والطفل.

وأردف: أن عدم الانتظام في الضغط والسكر من أهم الأسباب التي تستدعي تدخلا طبيا لإنهاء الحمل وذلك لضمتان سلامة الأم والطفل معاً، مشيراً إلى أنه وبشكل عام فإن أي حمل يشكل خطورة على حياة الام والطفل يستوجب التدخل الطبي وإنهاء الحمل.

من جانبه، قال الداعية الشيخ نعيم النجار:" إن الشارع أمر بالمحافظة على التناسل، الذي هو بقاء النوع الإنساني، وذلك لأن الشرع يريد استمرار المسيرة البشرية".

وأضاف في حديثه لـ"دنيا الوطن": "ومن عناية الشارع بالتناسل جعل الحفاظ على النسل واحدة من الضرورات الخمس وهي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، حفظ المال".

وأكد على أهل العلم كافة أجمعوا على حرمة الإجهاض وذلك للأسباب التالية: لأن فيه قتل للنفس التي حرم ‏الله إلا بالحق، ولأن فيه إفساد ‏للنسل ‏فلا يجوز إسقاط الحمل في أي مرحلة من مراحله إلا لمبرر شرعي، كأن يكون في إسقاطه مصلحة شرعية ‏أو دفع ضرر.

وبيّن أن من الأمور التي بررها الشارع لحدوث الإجهاض أن تكون الأم مريضة مرضاً شديداً لا تستطيع الحمل، وأن يقرر الطبيب المسلم المختص أنه يضرها بقاؤه فلا مانع من إسقاطه في الأربعين الأولى من الحمل.

وفي حال بلغ الجنين الأشهر الأربعة الأولى، أي بعد نفخ الروح به، فقد أوضح الشيخ أنه لا يجوز إسقاطه أبداً، ويجب عليها أن تصبر وتتحمل حتى تلد، إلا إذا قرر طبيبان مختصان ثقتان أو أكثر أن بقاءه سوف يقتلها ويؤدي لموتها فلا بأس عندئذ، لأن حياتها ألزم، فيكون الإسقاط عند الضرورة القصوى وذلك بتقرير طبيبين مختصين أو أكثر من الثقات أن عليها خطراً بالموت.

وأشار إلى أن إسقاط الجنين خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز، وليس عذراً في الإجهاض، بل هذا يدخل في النهي القرآني، حيث يقول الله تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).

بدوره أكد الخبير القانوني، كنعان الصوراني أنه وفي حال قيام المرأة بإجراء عملية الإجهاض عمداً فإن القانون الفلسطيني يجرم ذلك ويعتبره جريمة بشعة وجب العقاب عليها.

وقال الصوراني في حديثه لـ "دنيا الوطن": "إن قانون 1960 الفلسطيني للإجهاض المعمول به في الضفة يجرم كل امرأة أجهضت نفسها بالحبس من ستة شهور الى ثلاث سنوات".

وأضاف: أن من يساعدها على الإجهاض برضاها فيحاسب بالحكم من سنة إلى ثلاث سنوات، وإذا ما توفيت فيحكم أيضا بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات.

وتابع " في قطاع غزة فإن العقوبات أشد حيث يطبق قانون 1936 وفيه أن كل من يساعد امرأة على الإجهاض بإعطائها مادة سامة أو مؤذية يعتبر ارتكب جناية يحاسب عليها بالحبس 14 عام، أما المرأة التي تحاول الإجهاض بأية وسيلة فإنها تعاقب بالحبس سبع سنوات.

التعليقات