لماذا تريد حماس إعادة العلاقات مع سوريا؟

لماذا تريد حماس إعادة العلاقات مع سوريا؟
الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية - أرشيفية
خاص دنيا الوطن - حسن التلمس
أثار قرار حركة (حماس) نيتها عودة العلاقات مع سوريا تساؤلات عدة، في خضم سعي الحركة لتوحيد جبهة المقاومة ضد الاحتلال، والانخراط سياسيًا مع الدول التي تقف ضد إسرائيل.

وكشفت تقارير إعلامية عن قرار حركة حماس بإعادة العلاقات مع الدولة السورية، بعد انقطاع دام لسنوات طويلة.

وبحسب ما نقلت وكالة (رويترز) عن مصدرين في حركة حماس قولهما، إن الحركة قررت استئناف علاقاتها مع سوريا بعد عشر سنوات من مقاطعة قيادتها دمشق بسبب الحرب في سوريا.

وكانت حركة (حماس) أيدت في عهد الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، علناً، حركة المعارضة التي استهدفت الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وغادرت مقارها في دمشق وأثار ذلك غضبً إيرانيًا وسوريًا.

بدوره، قال المحلل والكاتب السياسي، طلال عوكل إن: "حسابات حركة حماس التي تعطي أولوية للسياسة الوطنية الفلسطينية أنتجت موقفًا جديدًا باتجاه إعادة العلاقة مع سوريا نظراً لوجود محور المقاومة والأوضاع في المنطقة التي تتجه نحو تشكيل (ناتو) عربي إسرائيلي أمريكي عنوانه إيران ومحور المقاومة"، موضحا أن الجهود كبيرة بهذا الملف وفي حالة تقدم.

وتابع في تصريح خاص لـ"دنيا الوطن": "مع تزايد التطورات الأخيرة بالمنطقة والتطورات الميدانية في سوريا وانحصار كل هذه المعارضة والاتضاح بأنها (ملعوب) وتعمل لصالح اطراف خارجية، وبالتالي المصلحة الفلسطينية تقتضي أن تركز على الوضع الفلسطيني وتقيم علاقة تعاون مع كل الأطراف التي ما تزال في مربع الصراع مع إسرائيل".

وعن تعارض وقوف حماس مع الأحداث في سوريا والمصالحة مع سوريا، أوضح عوكل أن: "المصلحة العامة تأتي أولا وانحصار موضوع المعارضة السورية سواء إخوان أو غير إخوان حيث لم يعد هناك أي تهديد للنظام في سوريا".

وذكر عوكل أن: الجرح عميق والموضوع ليس موضوع جراح وإنما موضوع حسابات تخص جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تقاتل ضد النظام في سوريا"، لافتًا أنه "كان من الصعب وجود حركة حماس في سوريا تدافع عن النظام وبالتالي حصل ما حصل".

وعن لقاء هنية والأمين العام لـ (حزب الله)، حسن نصر الله وعلاقته بعودة العلاقات، أكد عوكل على أن: "الوسيط الرئيس والمباشر عمليا هو (حزب الله)؛ ليكون هناك دور لإيران".

وعن تأثير رجوع العلاقة بين سوريا وحماس على العلاقة مع تركيا، قال عوكل: إنه ليس بالضرورة أن يتم مقاطعة حماس من تركيا نظرًا لوجود حسابا سياسة، متمثلا بأن علاقة تركيا مع إسرائيل تزداد وتتوسع على الرغم من وجود حماس فيها والأمر ليس "أسود وأبيض" فالأمر يرجع لحسابات ومصالح.

واستقبل حسن نصرالله الأمين العام لـ (حزب الله)، في الضاحية الجنوبية ببيروت، إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، بحسب ما ذكرته الحركة وقناة (المنار) التابعة لحزب الله.

ونشرت قناة (المنار) صورة لنصرالله وهنية خلال اللقاء، قائلة في تقرير إنه "جرى خلال اللقاء استعراض مختلف التطورات السياسية والميدانية في فلسطين ‏ولبنان والمنطقة، وتطور محور المقاومة والتهديدات والتحديات ‏والفرص القائمة، مع التأكيد الحاسم على تعاون كل أجزاء هذا المحور ‏بما يخدم الهدف المركزي له، والذي يتعلق بالقدس والمقدّسات والقضية ‏الفلسطينية".

من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الكاتب في مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية عصمت منصور: أعتقد أن هناك تغيرات كثيرة فرضت هذه العودة للعلاقات بين حماس وسوريا، وهذا أمر ليس جديدًا فالحديث منذ فترة طويلة عن اتصالات ووساطات تجريها إيران وأحيانا حزب الله مع سوريا من أجل عودة العلاقات مع حماس وضعتها سوريا وغيرها".

وأضاف منصور: "اعتقد أن هناك تغيرات حدثت داخل حماس أدت لهذه العودة منها دور صالح العاروري وغياب خالد مشعل عن قيادة الحركة الذي قاد عملية الخروج من سوريا منذ البداية ووتر العلاقات في ذروة الربيع العربي:.

وذكر منصور: "أيضا تغيرات إقليمية ودولية فما يحدث بين تركيا وحماس التقارب الإسرائيلي التركي والتضييقات التي بدأت تركيا فرضها على حركة (حماس) جعلت حماس تشعر أن وجودها الطبيعي ومحورها هو الذي يستوعب وجودها دون إملاءات وشروط، ويعطيها نوع من استقرار".

وأضاف: "وجود نائب الحركة في لبنان وقرب (حماس) من حزب الله نسج خيوط عودة المصالحة مع سوريا"

وتابع: " تصريحات السنوار وشكره للإيرانيين والسوريين والمحور بشكل عام بعد الحرب الأخيرة ومعركة (سيف القدس) كان مؤشرًا وتمهيدًا للأجواء، حتى بالفيلم الذي نشر مؤخرا حول القسام والذي كشف عن وجود قيادات وعسكريين إيرانيين في غرفة العمليات المشتركة فبالتالي كلها عوامل تمهد الأجواء لتقارب يحدث بين حماس ومحورها الطبيعي محور المقاومة التي كانت تنتمي له".

وأوضح أن: "الربيع العربي والإخوان المسلمين وتوليهم السلطة بأكثر من دولة بقيادة من أردوغان للحركة ومحاولات تركيا للسيطرة في بلادنا عربية، كلها عوامل وتغيرات".

وأضاف: "تراجع حماس محاصرة محورها وحلفائها ونظرا لتزايد المطبعين مع إسرائيل وبالتالي هذا يشكل ضغط عليها ولا يعطيها حرية حركة فبالتالي كان من الطبيعي أن تبحث عن ملاذ جيد و حلفاء ينسجمون معها في توجهاتها".

وواصل: "الاحتلال لا يروق هذا التقارب خاصة أن هذا التقارب السوري الإيراني الحمساوي يحول غزة لواحدة من النقاط والمواقع والأدوات التي من الممكن أن تضغط من خلاله إيران على إسرائيل، وبالتالي يفضل الاحتلال بقاء حماس وقيادتها في قطر وتركيا".

وعن تأثير عودة العلاقات بين حماس وسوريا على انهيار الائتلاف في إسرائيل، أكد منصور أنه لا تأثير مباشر على إسرائيل وانهيار الحكومة  جاء لأسباب لا علاقة للمقاومة ولا للقضية الفلسطينية فيهان موضحًا أن أسباب انهيار الائتلاف داخلية وطبيعةٌ لكن هذا لا يزيد من مخاوف الاحتلال من الدور الممكن الذي  تلعبه حماس بقربها من المحور الإيراني السوري  حزب الله.

بدوره قال المحلل والخبير الاستراتيجي الأردني محمد كيلاني: "حماس بدأت بالتقرب إلى دمشق بعد قطيعة استمرت لسنوات بسبب تأييد رئيس المكتب السياسي السابق، خالد مشعل، لما يسمى بالربيع العربي وطلب منه مغادرة سوريا".

وأضاف: أن حماس تهدف إلى إنشاء حلف من خلال محور المقاومة، ليس على غرار ما يريده الكيان الإسرائيلي بالتعاون العسكري مع بعض الدول العربية فحسب بل سيكون من أجل القدس ولجم الكيان الإسرائيلي في حال أراد قصف أي موقعاً بدمشق أو أي موقع لمحور المقاومة".

وعن القناعات التي أوصلت حماس لهذا القرار، أكد كيلاني أن "حماس بدون محور المقاومة والممانعة من المحتمل أن يكون وضعها ضعيفاً، وبالتالي التحالف مع سوريا سيكون لها موقف أقوى من السابق".

وتابع: الدعم العسكري الذي قدمته دمشق لحماس أصبح واضحاً كما جاء في وسائل الإعلام ولا ننكر بأن الدعم ليس علنياً بل بطريقة سرية وكانت نتائجه واضحة من خلال استعمال هذه الأسلحة في معركة سيف القدس (1)، مشيرًا إلى أن محور المقاومة يحاول هذه الفترة توحيد الصف وتغيير استراتيجيته من خلال محور القدس، وهذا ما يرعب الكيان الإسرائيلي".

كيف ينظر الاحتلال لهذا القرار؟، أكد كيلاني أن هذا ما يرعب الاحتلال الإسرائيلي نظرًا لأنه لا يريد أي اتحاد قوي على حدودها قط بل يريد أن يكون هو الأقوى فقط في المنطقة وبالتالي لا يريد إضعاف هذا التقارب بأي طريقة كانت"..

وعن تأثير عودة العلاقة بين سوريا وحماس على انهيار ائتلاف بينيت، قال كيلاني إن "انهيار حكومة الكيان شيء متوقع، فالحالة التي تعيشها إسرائيل هذه الفترة غير مسبوقة، وهي الآن بحالة تخبط واضحة وتريد إثبات وجودها بأي طريقة كانت وهي الآن على المقولة الشهيرة (أكون أو لا أكون)، ففي حال دخلت إسرائيل في انتخابات جديدة وخامسة خلال عامين وهي أول مرة منذ تأسيسها سيكون له سبباً قوياً جداً في سقوطها".

وأضاف: "مع تعاظم محور المقاومة من حولها، فهذه المواجهة الحتمية كما يقول هذا الكيان بدأت أسبابها واضحة، فهناك عمليات اغتيال خارج الإقليم وسرقة الغاز اللبناني في وضح النهار وبطريقة البلطجة، والمحاولة الفاشلة في تهويد القدس، والضغط على الشعب الفلسطيني"، مختتماً بأن "كل هذه الأمور ستكون هي السبب في المواجهة القادمة".

التعليقات