وزارة التنمية بغزة لـ"دنيا الوطن": التسوُّل ليس ظاهرة ونبذل جهوداً للحد منها

وزارة التنمية بغزة لـ"دنيا الوطن": التسوُّل ليس ظاهرة ونبذل جهوداً للحد منها
متسولون في غزة - أرشيفية
خاص دنيا الوطن - هنادي أبو جبة
تشهد مناطق متفرقة من قطاع غزة، وتحديداً خلال السنوات القليلة الماضية، انتشار عدد كبير مما يعرف بـ"المتسولين"، الذي باتوا يملؤون المفترقات والشوارع طلباً للمساعدة.

هذه "المشكلة" وفق توصيف وزارة التنمية الاجتماعية، بغزة، تتسبب باستياء عددٍ كبير من المواطنين في القطاع.

تحدثت "دنيا الوطن"، مع مدير عام الإدارة العامة لشؤون الأسرة والطفولة في وزارة التنمية الاجتماعية بغزة، د.محمد العرعير، للحديث حول هذا الموضوع بصورة مفصلة.

وقال العرعير: إن "مشكلة التسول ليست ظاهرة لأن تصنيف الظواهر يرتقي إلى قياسات اجتماعية، وحسب الدراسات لا يمكن أن نطلق ظاهرة إلا إذا ما كانت من العمومية والهيمنة والسيطرة بصورة كبيرة جداً، ولا ننكر وجود مشكلة التسول في بعض المناطق داخل المجتمع الفلسطيني".

وأضاف في حديث خاص "لدنيا الوطن": أنه "لا يمكن القول أن مشكلة التسول زادت أو قلت، فبعض الناس ترى أنها قلت لوجود جهود تبذل لمعالجة هذه القضية والحد منها".

وفي سؤال حول إذا ما كان هناك إحصائية لعدد المتسولين في قطاع غزة، رفض العرعير إعطاءنا أرقامًا للمتسولين مشيرًا إلى أن "الإحصائية  ليست للنشر، حول عدد الأشخاص المتسولين في إطار المناطق التي تم حصرهم فيها".

ولفت إلى أن "هذه ليست إحصائية فقط لوزارة التنمية وإنما هي جهود مشتركة بين وزارة التنمية ووزارة الداخلية، الجهة المسؤولة عن متابعة هذا الملف وتم حصر وتحديد معظم المناطق التي يتواجد بها المتسولين".

وتابع: أن "وزارة التنمية  لها نظرة أخرى في مشكلة التسول، فهي تدرك بأن هناك من دفعتهم الفاقة أو الحاجة إلى التسول".

وأكمل العرعير، أنه "بحسب الإحصائيات، أنهم  فئة قليلة جداً وفي المقابل، هناك من يحترف ويمتهن التسول الأمر الذي يجعله يواجه إشكالية ومخالفة قانونية يحاسب ويجرم عليه القانون".

وأردف القول: أن "الأشخاص الذين يمتهنون التسول عليهم إجراءات متعددة تؤخذ حسب وضع هؤلاء المتسولين وحسب تصنيفهم، بحيث تقوم لجنة الحد من التسول التي أقرتها لجنة المتابعة الفلسطينية في قطاع غزة، والتي تتبع للجنة تعديل السلوك القيمي في الحكومة الفلسطينية بغزة بإجراءات تصنيف الأشخاص المتسولين وبالتعاون مع الجهات الحكومية والأهلية العاملة ذات العلاقة في هذا المجال ".

وأشار إلى أن" الحملات التي نتحدث عنها هي لجان قائمة مستمرة مقرة معتمدة تقوم بعمل منتظم للحد من هذه المشكلة والتغلب عليها قدر الإمكان".

ونوّه مدير عام الإدارة العامة لشؤون الأسرة والطفولة بغزة، إلى أن ّ" المجتمع الفلسطيني يعاني من أزمات كثيرة، تتمثل في أزمة الحصار الخانق التي يكابدها الشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة حوالي 15 سنة تحت الحصار".

وتابع: أن "الشعب يعاني من الحروب المتكررة و المستمرة من قبل العدوان على قطاع غزة، الذي يؤثر على جميع مناحي الحياة وعلى النمو الاقتصادي والدخل العام والخاص للأفراد والأسر، وتوفير فرص عمل بجانب الكثير من الأمور، التي تعيق وتسبب هذه المشكلة في قطاع غزة ".

ولفت إلى أن "وزارة التنمية الاجتماعية و لجنة الحد من مشكلة التسول برعاية لجنة المتابعة الحكومية في قطاع غزة، تعمل مع هذه اللجنة  بجد واجتهاد للتغلب على هذه المشكلة".

وأوضح العرعير أنه "يتم حصر وضبط المتسولين ومتابعة أمورهم والتعاون مع الجهات ذات العلاقة للحد من هذه المشكلة، كما ويتم نشر الوعي المجتمعي لهذه المشكلة وكيفية التغلب عليها وعلى أثارها السلبية".

وبيّن أن: "هذا الجانب من جوانب التدخل الاقتصادي من قبل وزارة التنمية على وجه الخصوص والجهات الأخرى ذات العلاقة مثل الجمعيات الأهلية، لجان الزكاة العاملة والأوقاف وكل من له علاقة بتحسين الأوضاع الاقتصادية  لهذه الأسر وهؤلاء الأفراد".

ولفت العرعير إلى، أن "المتسولين الذين لجؤوا لطلب الحاجة هم بأشد الحاجة إلى التدخل والعلاج النفسي والصحي، ومتابعة الأوضاع النفسية للأطفال والنساء الذين خرجوا للتسول".

واستطرد القول " يجب تفقد الوضع الاجتماعي والمتابعة الصحية لهم والتدخل لإعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة في المدارس بقطاع غزة".

وختم الحديث " تقوم وزارة الأوقاف والدعاة والمرشدين بدورهم في توعية المجتمع بخطورة هذه المشكلة، من أجل ألا يكون هناك تجاوزات في هذا الجانب، لافتًا إلى أن "هناك متابعة دورية مستمرة خصوصاً بعد اعتماد لجنة المتابعة الحكومية لخطة اللجنة والميزانية المقررة لذلك".

من جانبه، يعتبر د. درداح الشاعر، أستاذ علم النفس الاجتماعي، أن " التسول ظاهرة ومشكلة، وتكون ظاهرة في حال كانت على مستوى من الشيوع والانتشار، وتظهر من مجال الخفاء إلى العلن من خلال تواجد المتسولين على أبواب المدارس، أبواب الجامعات، الأسواق والمفترقات.

ووصف الشاعرالتسول أنه مشكلة "اجتماعية، أخلاقية، تربوية، نفسية وسياسية".

وقال إنها "مشكلة من كل الأبعاد والجوانب، فمن ناحية الجانب أخلاقي كيف لفتاة بعمر الشباب أن تتسول على أبواب الجامعات ربما يتم استغلال هذه الشابة بالتحرش الجنسي وعلاقات مشبوهة".

وأضاف  أنه "على صعيد المستوى الاجتماعي أغلب فئة المتسولين نجدهم من الذين يقومون بعمليات النصب و الاغتيال والسرقة، وعلى المستوى التربوي يبتعد المتسول عن المدرسة وعن نمط حياته، ومن زاوية اقتصادية لا يسهم في بناء اقتصاد بلاده ولا يسهم في التنمية المستدامة ولا يشارك في اقتصاد البلد".

وأكمل  أنهم " يستعطف الناس من خلال الاسترسال بالدعاء، لأنها يعلم تأثير العامل الديني، وهو متغير أساسي في حياة الفلسطيني بغزة، فالفلسطيني تدغدغ مشاعره وعواطفه إذا حدثته عن الدين وعن الأدعية، لأننا لدينا عقيدة تدعونا للوقف بجانب الضعيف والفقير وهو يستخدم هذه الأساليب من أجل إسقاط الحالة النفسية للإنسان".

ونوّه أستاذ علم النفس الاجتماعي إلى أن "ظاهرة التسول خطيرة جداً ولا توجد لها أي شكل من أشكال الرقابة، لافتًا إلى أن "الدول الأوروبية عانت من ظاهرة التسول في فترات معينة لكن المتسول عادة مآله السجن".

وختم الشاعر حديثه أنه "على الدول أن توفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطن وتفتح له فرصة عمل فارقة، الذي يستطيع من خلاله  أن يعيش بكرامة، وفي حال رفض فكرة العمل وخرج إلى التسول باعتبارها أسهل وسيلة كسب له في هذه الحالة ليس له حل إلا السجن أو سجن ولي أمره، لأنه أصبح للتسول شركات وهناك وكلاء للتسول يرسلون الأطفال لأماكن معينة ويُطلب منهم مبلغ محدد".

وبحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ‏في الأراضي الفلسطينية، ارتفعت مؤشرات الفقر لتصل إلى 60 في المئة، مبينًا أن الأسباب الرئيسة التي شكلت ذلك، تراجع التمويل الدولي وتقليص حصص المنح المالية للمؤسسات والجهات الحكومية في الأراضي الفلسطينية.

ووفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة بحلول عام 2022 وصلت إلى 75%.

التعليقات