القفزة الأكبر بأسعار الفائدة بالولايات المتحدة.. ما تداعياتها على الدولار واقتصادات العالم؟

القفزة الأكبر بأسعار الفائدة بالولايات المتحدة.. ما تداعياتها على الدولار واقتصادات العالم؟
خاص دنيا الوطن- شيماء عيد
في أكبر رفع لسعر الفائدة من 28 عامًا، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الأربعاء الماضي، رفع أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في إطار جهوده المكثفة لكبح جماح ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

وقال البنك، المعروف باسم الاحتياطي الفيدرالي، إنه سيرفع سعر الفائدة القياسي بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية ليصل إلى 1.75٪.

ويأتي هذا الارتفاع، وهو الثالث منذ شهر آذار/مارس، بعد ارتفاع مستوى التضخم بشكل غير متوقع الشهر الماضي.

تحدثت دنيا الوطن مع أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، د.بكر اشتية، للحديث بصورة مفصلة عن ذلك القرار وتداعياته على البنوك المركزية العالمية.

حيث قال اشتية: إن "سعر الفائدة على أُذونات الخزينة هي واحدة من أهم أدوات السياسيات النقدية الموجودة في الدول المستقرة اقتصادياً والتي لها سيادة على سياساتها النقدية مثل الولايات المتحدة الامريكية، سعر الفائدة على أذونات الخزينة يؤثر بشكل مباشر على العوائد التي يحصل عليها الشخص الذي يشتري أذونات أي الشخص الذي يُقرض الخزينة الأمريكية".

وتابع: أن "الولايات المحتدة تُصدر أُذونات الخزينة " سندات" وهي أدوات دَيْن، تستدين فيها الحكومة الأمريكية إما من الأشخاص أو من الحكومات الأخرى أو من الصناديق السيادية مقابل أن تدفع فائدة على هذه الأذونات".

وأوضح أن: "طلب المستثمرين والصناديق السيادية والمضاربين على أذونات الخزينة يعتمد على سعر الفائدة، فكلما كان سعر الفائدة أكبر، كل ما يتم الطلب بصورة أكبر على الأُذونات، بمعنى أن الطلب سيصبح أكبر على الدولار وسعر صرف الدولار سوف يرتفع".

وبيّن اشتية خلال الحديث أن "في الوقت ذاته الارتفاع على سعر الفائدة على أذونات الخزينة ينعكس مباشرة على سعر الفوائد البنكية، بمعنى أن أسعار الفوائد البنكية سوف ترتفع في الولايات المتحدة الأمريكية".

وعن الهدف وراء ارتفاع معدلات الفائدة، قال الخبير الاقتصادي، إن "الحكومة تسحب جزءاً من الأموال الموجودة في الأسواق بدل من أن يملك المواطنون أموالاً نقدية للاستثمار على سبيل المثال بالبورصة أو الأسهم والشركات والقطاعات الاقتصادية حقيقة، يقوموا بشراء أّذونات وتسليم الأموال للحكومة، أو يتم وضع الأموال في البنوك وديعة وينتظر الفائدة لأن الفوائد أصبحت عالية".

وأكمل : "السبب وراء هذه الخطوة في هذه الأوقات بالذات، أن التضخم المفرط الحاصل في الولايات المتحدة منذ 40 عاماً لم تعان منه بتلك المستويات، والجميع يعلم في حين ارتفاع الأسعار العلاج الوحيد تقلل كمية النقود بين الناس وتقليل القوة الشرائية في الأسواق، وكل ما قلّت القوة الشرائية تبدأ الأسعار بالانخفاض مرة أخرى".

ونوّه إلى أن "الخطوة هي خطوة غير مسبوقة في هذا الارتفاع الكبير الذي يقترب من نسبة 1% رغم أن الولايات المتحدة لها سنوات تقترب من الصفر في معدلات الفائدة، وهذه الارتفاع غير المسبوق كان نتيجة تضخم غير مسبوق، حيث أن الولايات المتحدة لم تصل منذ 40 سنة إلى معدلات التضخم المسجلة حاليًا والتي تبلغ 8.05%- 9% تقريباً معدلات التضخم وهو رقم جداً مرتفع".

وأشار إلى أن "هناك مشكلة ثانية لدى الولايات المتحدة حالياً، وهي أن كل المؤشرات تدل على أن معدلات النمو في تباطؤ في الولايات المتحدة، وعند حصول تضخم وارتفاع بالأسعار يكون نتيجة ارتفاع معدلات النمو، أي أن هناك استثمار أو أموال بين يدي المواطنين والجميع قادر على أن يشتري وترتفع الأسعار، لكن الحاصل الآن هو حالة التضخم الركودي، أنه في ظل وجود ركود في الأسواق ومعدلات النمو تتراجع عن المعدلات السابقة وفي الوقت ذاته الأسعار ترتفع بالتالي خطوة الفدرالي الأمريكي باتجاه رفع معدلات الفائدة من أجل تقليل معدلات التضخم هي في نفس الوقت رفع معدلات الفائدة يؤدي إلى تراجع معدلات النمو".

ولفت أستاذ الاقتصاد، إلى أن "الولايات المتحدة الآن تُغامر بهذه السياسة، لأن الأصل تراجع معدلات النمو، يعني أنك بحاجة إلى مزيد من الأموال في الأسواق من أجل إعادة النمو مرة أخرى، وفي حين سحب الأموال من الأسواق فإن النمو سوف يتراجع أكثر".

وقال إن "المشكلة حاليًا التي أخذها الجميع بعين الاعتبار، أن هذه السياسة تؤدي إلى المزيد من التضخم الركودي، بمعنى أن الأسعار تستمر بالارتفاع بسبب الأحداث، لأن الأمور لم تعد قضايا نقدية فقط، وآثار كورونا والحرب الأوكرانية ما زالت تؤثر عالمياً وبالتالي هناك عدة عوامل تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار النفط والطاقة".

وأردف اشتية "الجميع متخوف حاليًا أن سياسة رفع معدلات الفائدة لن تؤدي إلى انخفاض الأسعار بسبب العوامل الخارجية وبنفس الوقت تؤدي إلى مزيد من الركود في الأسواق الأمريكية وبالتالي تقع الولايات المتحدة وباقي دول العالم في مصيدة التضخم الركودي".

ويرى أن "دول العالم جميعها تنتظر بالنهاية سياسيات الفيدرالي الأمريكي، ارتفاع معدلات الفائدة على الدولار الأمريكي يعطي هامش من الحركة لباقي دول العالم وباقي البنوك المركزية بأن ترفع معدلات الفائدة، لأن في العادة الدول التجارية والصناعية التي تعتمد على التجارة الخارجية بشكل كبير من الولايات والاتحاد الأوروبي والصين يكون بينهم ما يسمى بـ"حرب العملات"، بمعنى أن كل ما كان سعر صرف عملتك أرخص كل ما كان لك ميزة تنافسية أكبر في التجارة الخارجية لأن منتجاتك تصبح أرخص بالنسبة باقي دول العالم".

وختم الحديث أن "رفع الولايات المتحدة الأمريكية من قيمة الدولار حالياً يعطي هامش من الحركة لباقي البنوك المركزية أنه بإمكاننا الآن نرفع سعر الفائدة أيضًا على أذونات الخزينة الأوروبية الصينية اليابانية وباقي دول العالم سوف تحذو نفس الخطوة باتجاه محاربة الارتفاع الكبير في الأسعار لأن الارتفاع ليس فقط بالولايات المتحدة، وبالتالي تكون الولايات المتحدة قد فتحت الطريق لباقي البنوك المركزية من أجل حذو نفس الخطوة ورفع معدلات الفائدة  وبالتالي رفع أسعار صرف العملات الأخرى".

التعليقات