العنف لدى الطلبة في المدارس.. ظاهرة تستحق الوقوف والاهتمام

رام الله - دنيا الوطن
تحقيق طلبة البرلمان الطلابي – مدرسة ياسوف اسكاكا الثانوية المختلطة

العنف موضوع مهم ومرتبط بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في المجتمع ، ومرتبطة ايضا ارتباط وثيق بالتربية والتنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الاطفال وبالقيم السائدة في المجتمع . والشعب الفلسطيني عانى كثيرا جراء الاحتلال واجراءاته وعدوانه المتكرر على الشعب الفلسطيني ، مما اثر على نفسية الاطفال بشكل كبير. والاطفال عرضة اكثر للقيام بسلوكيات لا تناسب المعيار الاجتماعي والقيمي بسبب الضغط الاجتماعي والاقتصادي  .

وبسبب هذه الظاهرة ارتأى طلبة البرلمان الطلابي في مدرسة ياسوف اسكاكا الثانوية المختلطة ضرورة تسليط الضور على هذه الظاهرة لمعرفة اسبابها ومحاولة الوصول الى حلول لها ، حيث طرحوا القضية على عدد من المعنيين .

ما هي اسباب العنف لدى الطلبة ؟ وكيف يمكننا التغلب عليها برأيك؟

مدير المدرسة الاستاذ احمد علي عزا اسباب العنف اسباب ذات  علاقة بالأسرة واسباب ذات علاقة بالمجتمع و اسباب ذات علاقة بالمدرسة بالإضافة الى الوضع الاقتصادي مثل الفقر وضيق الحال واحساس الطالب بانه دون مستوى اقرانه واضاف ان لمدرسة قد تسهم الى حد كبير في الحد من العنف داخل المدرسة وخارجها وذلك من خلال استخدام التعزيز بأنواعه بديلا عن العقاب ،و توعية المعلمين بضرورة تجنب العنف بأنواعه واطلاعهم على المخاطر المترتبة على ممارسته ،زيادة عدد الانشطة وتشجيع التنافس الايجابي بين الطلبة ، وتنمية الروح الدينية وتعزيز منظومة القيم والاخلاق لدى الطلبة، والعمل بمبدأ الطالب المتهم بذاته بما يمتلك من قدرات وما يتمتع به من اخلاق بعيدا عن مقارنته بأقرانه اخذا بمبدأ مراعاة الفروق الفردية ، وتنمية روح الانتماء الوطني واحترام العامة . 

واعتبرت معلمة اللغة الانجليزية عالية ابو حاكمة ان اسباب العنف هي ردة فعل للعنف الذي يتعرض له الاطفال سواء داخل الاسرة او في المدرسة او خارجها ، مما يدفع الطالب المعنف التعامل بقوة للسيطرة على زملاءه ، لتنفيس الضغط الذي يتعرض له بسبب معاملة الاسرة او المدرسة القاسية له. وللتغلب على هذه الظاهرة ، يجب زيادة الوعي الديني لدى الطلبة وتدريبهم على مهارات الضبط الذاتي والقبول بالواقع والعمل على تغييره بأسلوب راقي بعيدا عن العنف .

  اما استاذ التربية الاسلامية في المدرسة الاستاذ مهند عبيه فقد اعتبر ان البعد عن التربية الدينية وتعاليم الاسلام كان له الدور الاساسي في انتشار هذه الظاهرة حيث ان الاسرة غالبا ما تهمل تربية ابنائهم ، اضافة ضعف العلاقة بين الطالب والمعلم ، وعدم الانتماء في بعض الاحيان للطالب والمعلم للمدرسة ، وردة  الفعل من المعلم عندما يتعرض للعنف من الطلبة ، وعدم تفعيل القوانين المدرسية ، والواقع والظروف الذي يعيشه المعلم جميعها اسباب رئيسية للعنف . 

واكد داود انه للتغلب على العنف يجب اولا  العودة الى تعاليم الدين الاسلامي والعمل بها كما في قوله تعلى ( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فاعف عنهم وشاورهم في الامر ) صدق الله العظيم وتحسين العلاقة بين المعلم والطالب وبناء الثقة بينهما وتفعيل القوانين المدرسية وتعاون الاهل والمجتمع المحلي مع المدرسة لدعم الانضباط المدرسي وتعديل السلوك مما يساهم في تحقيق التوافق النفسي والتربوي والاجتماعي لدى الطلبة .  

 في حين قال ولي الامر راشد ابو صلاح ان اسباب العنف متنوعه بعضها سببه الاسرة وبعضها سببه المدرسة مؤكدا ان الادارة المتسلطة وعدم توفر الانشطة المتنوعة واستخدام الاسلوب التقليدي في التعليم والروتين المدرسي وطرقة التقويم المدرسي وعدم وضوح القواعد والضوابط جميعها تساعد على انتشار العنف في المدارس . وللتغلب على العنف يجب التعامل مع الطلبة بطريقة اكثر ديمقراطية بعيدا عن التسلط والتقليد والعمل على نشر ثقافة التسامح والتعاون والتشارك وتأكيد شخصية الطالب وتطبيق قوانين الانضباط المدرسي في التعامل مع الطلبة .

اما ايناس عبد الفتاح  من اولياء الامور فقالت ان الطلبة يلجؤون للسلوك العنيف بسبب تعرضهم للعنف المنزلي فأبويهم او الاخ الاكبر يمارسون العنف عليهم وهم بالتالي يمارسون العنف على غيرهم من الطلبة كرد فعل، واضافت ان بعض الطلبة يلجؤون للعنف لفرض السيطرة او السلطة على باقي زملائهم لتحقيق القيادة عليهم منوهة الى ان الافلام والعاب الفيديو تؤثر في نفسية الطلبة سلبا فيقلدون هذا العنف على الاخرين .وللتغلب على العنف قالت ختام ان  نشر الوعي والتعليم الاسري يسعد على الحد من العنف، وتوزيع الادوار القيادية بين الطلبة في المدارس للحد من التميز، ومراقبة الاهل للمواد التي يشاهدها الطلبة او الفعاليات التي يمارسها وتوجيههم.

عضو مجلس اولياء الامر في المدرسة ونائب رئيس المجلس القروي وائل ابو ماضي قال:  ان اسباب العنف كثيرة ومنها : رغبة الطالب  في لفت الأنظار اليه ، وعدم شعوره بالاحترام والتقدير ،وعدم الشعور بالأمن ، والتعبير عن مشاعر الغيرة ، والاحباط وتشجيع بعض الاهل للأبناء على مبدأ " من ضربك اضربه ، والاعتقاد بأن تخريب ممتلكات المعلمين يساعد على تغيير معاملة المعلمين ، والعقاب البدني ، ضعف التحصيل ، مشاهدة افلام الرعب ، تساهل المدرسة في اتخاد الاجراءات ضد الطلاب العدوانيين جميها تساهم في تعزيز العنف . وللتغلب على هذه الظاهرة يجب العمل على الجانب الوقائي ومكافحة العوامل المسببة للعنف ، ونشر ثقافة التسامح، وعمل ورشات ولقاءات للأهل وللمعلمين لتوضيح اساليب ووسائل للتنشئة السليمة ، وتنمية الجانب القيمي لدى التلاميذ ، والتركيز على استخدام اساليب التعزيز ، واستخدام مهارات التواصل الفعالة ، واشراك الطلبة بالأنشطة المختلفة جميعها تساهم في الحد من هذه الظاهرة.

اما الطالب ( س. ج ) قال : انا في الاصل لست طالبا عنيفا ، وانما هناك عوامل تدفعني الى ذلك منها الاستهزاء من قبل بعض زملائي مما يدفعني الى ممارسة العنف اللفظي الذ قد يتطور الى عنف جسدي ، وللتغلب على هذه المشكلة يجب على الطلبة عدم السخرية مني واحترام انفسهم حتى يتمكن الاخرون من احترامهم.

 الطالب ( ل . ث ) الذي تعرض للعنف اكثر من مره ، قال : ارفض التعامل بالمثل حيث انني استطيع ان ارد العنف بالعنف ، لكن هذا لا يحل المشكلة ، فانا احترم نفسي واحترم الاخرين، وارفض ان تهان كرامتي ، فبض الطلبة يمارسون العنف بهدف السيطرة على الاخرين ، وبعضهم يعاني من عقدة النقص وبعضهم معتاد على هذا السلوك ، لان اسرته في المنزل تتعامل معه بأسلوب عنيف .

في حين عزا الطالب  احمد عزام رئيس البرلمان الطلابي في المدرسة من الصف التاسع العنف المدرسي العنف الى اسباب تربوية  بين الطلاب بعضهم مع بعض وبينهم وبين المعلمين ، مشيرا الى ان المعلم يجب ان يكون القدوة التي يراها الطالب او الطفل كل يوم امامه . وقال الطالب محمود انه يتم التغلب على العنف عن طريق العمل على الجانب الوقائي ونشر الثقافة والتسامح ونبذ العنف ونشر حقوق الانسان بين الاطفال والكبار ايضا،  والعمل على التربية الصحيحة على ان الناس متساوين وليس هناك فروق بينهم .

الطالبة  ماسا محمود من الصف الحادي عشر ع8لمي ان تعرض الطفل للعنف داخل المنزل ومشاهدته لمظاهر العنف سواء في الاسرة او الحي او التلفاز والتمييز بين الاطفال والتربية الغير سليمه جميعها تساهم في تعزيز سلوك العنف لدى الاطفال. وللتغلب على العنف اكدت انوار انه يجب ان يعامل الطفل باحترام وتربيته تربية سليمه وعدم التمييز بينه وبين اخوانه او اقرنه وايضا مراقبة وسائل الاعلام خصوصا التلفاز لضمان عدم مشاهدته افلام رعب وعنف ممكن ان يؤدي ذلك الى الحد من هذه الظاهرة الخطرة.

بينما اوضح حسن اسليم من شبكة حماية الطفولة في محافظة سلفيت ان اللجوء للعنف في اغلب الحالات يعود لقلة الوعي والادراك والمعرفة للحقوق والواجبات ، بالإضافة للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الي يعاني منها مجتمعنا جراء الاحتلال الذي يعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي من خلال بث الرعب والخوف وتعزيز العدوان . 

وللتغلب على هذه الظاهرة قالت جمانة : يجب التركيز على رفع مستوى وعي الطلبة وتحسين تحصيلهم الاكاديمي وتعديل سلوكهم باستخدام اساليب تربوي حديثة تعزز التسامح والامان ، وايضا رفع مستوى وعي الطلبة في موضوع الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الرأي واحترام الاخرين ووضع برامج ثقافية وفنية ورياضية لا منهجية لتطوير هوايات الطلبة ومهاراتهم المختلفة.

واكد مسؤول الارشاد التربوي والتربية الخاصة في مديرية التربية والتعليم في محافظة سلفيت الاستاذ راسم صبرة ان العنف في المجتمع بشكل عام ظاهرة سلبية وخطرة على حياة الفرد وعلى المجتمع ، لذلك ينبغي العمل من اجل الحد منها ، بل ووقفها مشيرا الى ان اهم اسباب العنف عند طلبتنا هو البيئة المحيطة المشجعة للعنف والمتمثلة بالاحتلال بالدرجة الاولى .اضافة الى  وسائل الاعلام والافلام والعاب الفيديو التي تعتمد فكرتها على العنف وتشجيعه. 

كما ان العنف داخل الأسرة بسبب الضغوط الاقتصادية والنفسية يعتبر مسبب رئيسي لممارسة العنف من قبل الأطفال  خارج المنزل. ونوه صبرة الى ان عدم تطبيق القوانين بصرامه من قبل مديري المدارس ومن قبل التربية والتعليم اجمالا يساهم في زيادة العنف . واوضح صبرة ان الحل الناجح يكمن في علاج الاسباب المؤدية الى العنف ، منوها الى انه مؤسسات المجتمع بشكل عام واولها المدرسة يقع عليهم مسؤولية المساهمة في الحد من العنف في المدرسة ان وجد . فالبيت يجب ان يربي الابناء على التسامح والتحاب والتعاون ، كما ان المدرسة يجب ان تكمل هذا المشوار بتوعية الطلبة  لمضار العنف ونتائجه السلبية ، وايضا لا بد من تفعيل قوانين وانظمة حازمة تطبق على من يمارس هذه الظاهرة .

المرشد التربوي  في المدرسة نادر زهد الذي يعتبر اكثر التصاقا بالموضوع قال " ان اسلوب العنف لدى الطلبة مرتبط بالتربية  والتنشئة الاجتماعية  وبالقيم السائدة في المجتمع وبالظروف الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، والابناء هم انعكاس لآبائهم وامهاتهم . كما ان المدرسة غير مؤهلة تربويا بسبب زيادة عدد الطلبة بالصف. الطالب يجب ان يوجه الى ان يحترم نفسه ورفض ان تهان كرامته ، وان يحترم الاخرين ، وعلى اولياء الامور ان يوجهوا ابنائهم الى الابتعاد عن الطلبة العنيفين. والحل حسب المرشد التربوي هو عن طرق اشباع حاجات الافراد للتنشئة الاجتماعية والامتناع عن تعزيز العدوان عند الطلاب وتقديم نموذج للسلوك العدواني ، وتدريب الطفل على تأكيد ذاته ( أي الدفاع عن حقوقه دون المس بحقوق الاخرين ) ، والتدريب على استخدام اسلوب حل المشاكل عند الطفل بالطرق السلمية ، بالإضافة الى دور وسائل الاعلام في التوعية وتوجيه الاباء والامهات وتوعيتهم ، وايضا توجيه الاطفال من خلال برامج تدعو الى التسامح ونبذ العنف .