الموظف ليس "سوبر بانك"

الموظف ليس "سوبر بانك"
رامي مهداوي
الموظف ليس "سوبر بانك"

بقلم: رامي مهداوي

بعيداً عن السياسية قليلاً لننظر الى واقعنا الاقتصادي ومتطلبات الحياة اليومية، ومقدار المال المطلوب من رب الأسرة توفيره بشكل شهري ويومي، ومع الغلاء الفاحش الذي يعصف بنا في جميع احتياجاتنا البسيطة من ساندويش الفلافل مروراً بفنجان القهوة وصولاً الى أي سلعة في الأسواق جعل الموظف في كل أسرة عبارة عن "سوبر بانك".

مهما كان مستوى دخلك_وكان الله في عون الموظف الحكومي بالتحديد_ فأنت سوبر بانك، الجميع يريد حصته من المال الذي تتمنى أن تقبضه كامل بين يديك، فبعد الإقتطاع المالي بسبب الأزمة المالية للحكومة_وكان الله في عونها أيضاً_ يبدأ الجميع بالتكشير عن أنيابه لإفتراس الراتب  كل حسب الطريقة التي يراها مناسبة بتمزيقه ومضغه.

لتنهال عليك الفواتير المختلفة من هاتف ونقّال وإلاّ سيتم القطع هكذا يتم تهديدك، ماء وكهرباء بالدفع المسبق، الإنترنت ومشتقاته، كل ذلك تدفع أضعاف مضاعفة عن باقي الدول وأهمها دولة الإحتلال ويطالب منك أن تدعم الفاتورة الوطنية!!

وما بين خضروات وفواكه أسعارها بالعالي العالي، تأتي أسعار اللحوم والدجاج ومشتقاتها لتتربع على عرش الغلاء الفاحش، وأغلب مكونات البقالة إرتفعت بشكل ملحوظ، وبعد كل ذلك يخرج لنا مسؤول ما في موقع ما يجب عليه مراقبة الأسعار ويصرح لنا بأن الأسعار لم و لن ترتفع، أخشى ما أخشاه بأنه يتحدث عن دولة أخرى أو أنا فقدت الحواس!!

ولسخرية القدر، تطلب منك روضة أطفالك أن تدفع فاتورة عام كامل على شكل "كاش" و "شيكات" قبل أن يبدأ العام القادم!! وفي ذات الوقت يطلب منك أن تدفع رسوم تسجيل ابنك في المدرسة، وبعد كل هذا أقول بيني وبين ذاتي كان الله في عون من لديه أبناء في الجامعة!!

حتى هذه اللحظة لم أتحدث عن فاتورة بنزين السيارة وتأمينها وترخيصها وغسيلها، وقسط البيت أو الآجار، لم أتحدث عن المناسبات المختلفة ومتطلباتها، لم أتحدث عن كشفية الطبيب والدواء، جرة الغاز، علبة السجائر، "زواكي الأطفال" من حلويات وبوظة ولو بسكوته!!

 ان موجة الغلاء التي نتعرض لها تعود لارتفاع الأسعار عالميا، وهو خارج قدرة الاقتصاد الوطني غير القادر على مواجهتها في الأدوات التقليدية التي تتبعها الحكومة. لهذا كله على كل مسؤول حسب موقعه وإختصاصه عدم ترك الأمور على غاربها دون سيطرة وتحكم في المشهد، فأسلوب الفزعة لا يفيد في هذه الأمور أبدا.

للأسف لم يمتلك أي مسؤول خطة طوارئ واضحة لدعم الموظف الحكومي " المدني والأمني" والحد من أي تطورات سلبية تضرب راتبه، ما جعل جيوب الموظفين تدفع ثمن الاستهتار والتردي الإداري في التحوط لمثل هذا الموقف، المسؤول بكل أشكاله ومواقعه اكتفى بتبرير أسباب ارتفاع أسعار السلع محليا بسبب ارتفاعها عالميا، وبتبرير الإقتطاع من راتبه بسبب القرصنة الأسرائيلية على أموالنا وكأن الأمر كان مفاجئا للمسؤولين الذين كان المفترض بهم ان يكونوا قد اعدوا خطة متكاملة بالتعاون مع كبار رجال القطاع الخاص والتعليم من جامعات وروضات وحضانات لتأمين الموظف باحتياجاته اللازمة في وقت مبكر.

سيدي المسؤول الموظف الحكومي ليس سوبر بانك  ما يستدعي الوقوف لما يحدث الآن بجدية عالية ووضع خطط ملموسة سريعة، فغالبية مشاكلنا الاقتصادية باتت بسبب هذا الضعف، والأمر وإن تعلق بمؤامرة خارجية على فلسطين لكن علينا عمل وظيفتنا المنزلية من خلال إدارة الملفات تحديدا الاقتصادية بشكل غير تقليدي، فالتحرك لا يكون إلا وقت وقوع المشكلة لا قبلها مع كُل آسف.

لهذا أتمنى من الأخ الأكبر لجميع الموظفين الحكوميين دولة رئيس الوزراء د. محمد إشتية أن يحمي لقمة العيش المتبقية لنا من رواتبنا قبل أن يأكلها الآخرون بطرق شرسه دون أدنى رحمة، وأنت تستطيع بحنكتك التي نعرفها وروح ابن البلد ملامسة جروحنا التي تنزف بوضع سياسات ملزمة لحماية رواتبنا، فالموظف ليس سوبر بانك.

 

 

التعليقات