التضخم يهدد أسواق الأسهم العالمية

التضخم يهدد أسواق الأسهم العالمية
توضيحية
قدم شهر مارس للمستثمرين في سوق الأسهم الأمريكية بعض الراحة والهدوء بعد شهري يناير وفبراير المزعجين، حيث حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاعًا بنحو 3.6% في الشهر مقدمًا درجة من الانتعاش بعد فترة تصحيح مؤلمة خلال الشهرين السابقين حيث انخفضت الأسهم بنسبة 13% من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

في الربع الأول من عام 2022 شهدت جميع مؤشرات الأسهم الرئيسية أكبر خسائر فصلية لها في عامين، وتراوحت من انخفاض بنسبة 4.6% لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى ما يصل إلى 9% لمؤشر ناسداك المركب.

جاء أكبر تطور اقتصادي في مارس من البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ ما يقرب من أربع سنوات، بعد أن خفضها إلى ما يقرب من الصفر في بداية جائحة كوفيد -19، كانت هذه الخطوة متوقعة حيث أشار رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول"مرارًا إلى رفع سعر الفائدة في مارس منذ العام الماضي.

يتصور البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة طوال عام 2022 وخفض ميزانيته العمومية القياسية البالغة 9 تريليونات دولار في محاولة لترويض التضخم المرتفع، ومع ذلك، فإن القلق هو أن الاحتياطي الفيدرالي قد يذهب بعيداً ويؤدي إلى ركود.

في غضون ذلك، استمر الغزو الروسي لأوكرانيا على الرغم من محادثات السلام المتقطعة، مما يهدد الاقتصاد الأوروبي وكذلك الاستثمار التجاري الأمريكي والإنفاق الاستهلاكي وارتفاع خسائر أسواق تجارة الأسهم  كل ذلك يقوم بقلب بيئة الاستثمار رأساً على عقب، والتي قد تستمر حتى الآن.

إن حالة عدم اليقين المتزايدة هو في الحقيقة ما يدفع إلى التقلب، وحتى نتمكن من الحصول على بعض الوضوح من المحتمل أن يكون هناك تقلب مستمر في أسواق السندات والأسهم.

لا يزال التضخم هو العقبة الأكبريشعر الأمريكيون بوطأة ارتفاع الأسعار، وتشير أبحاث حديثة إلى أن معدل التضخم ستستمر في الصعود في العام المقبل، وهذا أمر مهم لمستثمري الأسواق المالية لأن المستويات المرتفعة من التضخم يمكن أن تؤثر سلبًا على كل من معدلات الإنفاق (الذي يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي GDP) ومعنويات المستهلك، على سبيل المثال: جاءت مبيعات التجزئة لشهر فبراير دون التوقعات ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تعامل المستهلكين مع ارتفاع الأسعار، وخفض البنك الاحتياطي الفيدرالي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام خلال اجتماعهم الذي تم عقده في مارس.

يقول أحد محللي السوق "إننا نحذر المستثمرين من عدم استبعاد التضخم المستمر وارتفاع الأسعار حتى مع بدء البنك الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ هذه التحركات على ارتفاع أسعار الفائدة".

في حين أن البنك الاحتياطي الفيدرالي لن يجتمع مرة أخرى حتى مايو، يطالب بعض المستثمرين برفع سعر الفائدة بشكل أكبر بواقع 50 نقطة أساس، على عكس الزيادة البالغة 25 نقطة أساس التي شوهدت في مارس.

بحلول نهاية العام، يرى المتداولون احتمالًا أكبر من 66% بأن معدل الأموال الفيدرالية سيكون له نطاق مستهدف يتراوح بين 2.50% و 2.75% وهو الأعلى منذ عام 2008.

قبل ذلك الحين، يجب وضع الكثير من التركيز المستمر على تقريري التضخم ومؤشر أسعار المستهلك (CPI) المقرر إصداره في 12 أبريل ومؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) المقرر إصدارهفي 29 أبريل.

ماذا يخبرنا سوق السندات؟تومض سوق السندات إشارة إلى حدوث ركود محتمل حيث انقلبت عوائد سندات الخزانة لمدة عامين و 10 سنوات لأول مرة منذ عام 2019، ويحدث منحنى العائد المقلوب عندما تكون معدلات السندات قصيرة الأجل أعلى من معدلات السندات الأطول، ويمكن أن يشير ذلك إلى مشكلة محتملة في المستقبل، على الرغم من أن المحللين يحذرون من أن هذا ليس سوى واحد من بين العديد من المتنبئين بالركود.

تراجعت وتيرة النمو الاقتصادي إلى حد كبير عن المخاوف الأخرى في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك المخاطر الجيوسياسية أي الغزو الروسي لأوكرانيا وانخفاض عدد الإصابات بكوفيد 19، وهذه العوامل هي من بين الدوافع الرئيسية لسوق الأوراق المالية في الوقت الحالي.

كان هناك غموض بين بعض المستثمرين حول ركود محتمل حتى قبل أن ينعكس منحنى العائد الرئيسي، لا سيما لأن التضخم المرتفع المستمر يمكن أن يثقل كاهل الإنفاق الاستهلاكي، سيأتي شهر أبريل بأول ثلاثة تقديرات لوتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، ومن المقرر إصدار هذا التقرير في 28 أبريل.

سيكون بدء موسم الأرباح في الأسابيع المقبلة على رأس أولويات العديد من المستثمرين، ومن المتوقع أن يكون التضخم بما في ذلك تأثيره على هوامش الربح والطلب موضوعًا رئيسيًا يناقشه الرؤساء التنفيذيون في الشركات.

يعتقد المحللون حاليًا أن الشركات في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ستعلن عن نمو أرباح بنسبة 4.8% في الربع الأول وهو أقل معدل منذ أواخر عام 2020، بينما يرى محللون سببًا للتفاؤل بشأن التوقعات طويلة المدى لكل من الاقتصاد وسوق الأسهم، حيث من المرجح أن تكون لعبة التخمين حول وتيرة النمو عاملاً مساهماً في استمرار تقلبات السوق، ويمكن أن يزيد ذلك غياب اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أبريل.

ما المتوقع لسوق الأسهم خلال الفترة القادمة؟من المرجح أن تشهد الأسواق مزيدًا من التقلبات لأن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن الحرب في أوكرانيا والتضخم، فقد أعلن الرئيس الأمريكي"جو بايدن"أنه إلى جانب الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع، وستلغي الولايات المتحدة الوضع التجاري "للدولة الأكثر تفضيلاً" بالنسبة لروسيا، وتسمح الخطوة بفرض رسوم جمركية على الواردات الروسية.

وسط كل حالة عدم اليقين، لا تزال الأسهم الأمريكية أقل بنسبة 10% تقريبًا من ذروتها في وقت سابق من هذا العام، بينما تظل أسعار النفط الخام أعلى بنسبة 40% لعام 2022 حتى الآن.

وخلال الأسابيع الأولي من الحرب، ارتفع برميل النفط الخام عند حوالي 130 دولار لفترة وجيزة، ولكن تراجعت الأسعار في الوقت الذي تتنافس فيه المخاوف بشأن تعطل الإمدادات مع آمال السلام واحتمال أن تعزز دول خارج روسيا إنتاجها. 

كانت الأسواق بالفعل في حالة تأهب قبل الغزو الروسي، حيث تستعد البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة وإزالة الدعم للاقتصاد الذي تم وضعه بعد الوباء، يأمل البنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى في القضاء على أعلى معدل تضخم منذ أجيال، على الرغم من أنهم يخاطرون أيضًا بالتسبب في ركود إذا قاموا برفع أسعار الفائدة بقيمة عالية جدًا أو بسرعة كبيرة.

التوقعات الواسعة هي أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة الرئيسي بحوالي ستة أو سبع زيادات على مدار عام 2022، ارتفع معدل التضخم بدرجة كافية لدرجة أن السياسيين في جميع أنحاء العالم يعرفون أنهم قد يواجهون مشاكل بسببه.

في الولايات المتحدة أظهر تقرير أن الأسعار على مستوى المستهلك قفزت بنسبة 7.9% في شهر فبراير مقارنة بالعام السابق وهو أعلى معدل تضخم منذ عام 1982، ومن المرجح أن يزداد الأمر سوءًا على المدى القريب بسبب ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الحرب والعقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا.