"التسويق الهرمي".. اتهامات بالاحتيال والخبراء يحذرون منه

"التسويق الهرمي".. اتهامات بالاحتيال والخبراء يحذرون منه
خاص دنيا الوطن - رغد داود، آية الملاحي
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة العمل عن بعد في فلسطين وقطاع غزة تحديداً في مجالات مختلفة، والتي يعتمد بعضها على استخدام التسويق الهرمي، وذلك أملاً منهم في تخفيف الأعباء المالية المفروضة عليهم في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض وتردي الأوضاع المعيشية الصعبة.

ورغم الإيجابيات الكثيرة التي يحققها العمل عن بعد، إلا أن بعض الأشخاص اشتكوا من قيام بعض الشركات والأشخاص بالنصب والاحتيال عليهم تحت مسمى "التسويق الهرمي"، مستغلين حاجة الشباب للخروج من ضيق الحال ومأزق الفقر.

ضحايا التسويق الهرمي

وتعرضت المواطنة مها عابد وأخيها وعدد من أقاربها للنصب والاحتيال من إحدى الشركات التي تتبع التسويق الهرمي، حيث بدأ الأمر عندما عرض صديقٌ ما على أخيها العمل في الشركة، وذلك بشرائه باقة منتجات يبلغ سعرها 2000 دولار بعد الادعاء بأن قيمتها 4000 دولار في الخارج، وبالتالي سيكون الربح عند بيعها في قطاع غزة ضعف المبلغ المدفوع، إلى جانب حصوله على عمولات عند جلب أشخاص جدد.

وقالت عابد في حديثها لـ "دنيا الوطن”: "إن أخيها اشترك ودفع المبلغ ولم يدرك أنه وقع في الاحتيال، ثم ذهب وعرض عليها وعلى عدد من أقاربها العمل في الشركة ليبدأ بأخذ العمولات، ليتفاجؤوا جميعاً بأن المنتجات عندما وصلت مها دون أقاربها لم تتجاوز قيمتها 100 دولار، فجميعهم خسروا رأس المال ما عدا أخيها الذي استطاع استرجاع 500 دولار من المبلغ الذي دفعه في البداية من خلال العملة التي أخدها بعد جلبه لهم".

وأضافت عابد: "بأنها ذهبت هي وأخيها وأقاربها لمركز الشرطة وحاولت تقديم شكوى بذلك، ولكنهم أخبروها بأنه لا يوجد إثباتات تدل على ذلك ولا أصول للمعاملة، ويوجد الكثير من الحالات مثلهم".

وبعد تعرض المواطنة عابد للنصب والاحتيال، وجهت رسالة للمواطنين بأن لا يقعوا في احتيال الشركات الوهمية التي تجد لغة الاقناع بالربح السريع والتلاعب على مشاعر وحاجة الناس للمال في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة.

كما نوهت إلى أن الكثير من الناس يعلمون أنهم تعرضوا للاحتيال، ورغماً عن ذلك يذهبون ليورطوا ناس آخرين لكي يسترجعوا المال الذي دفعوه مقابل باقة وهمية لا أساس لها، وبالتالي يصبح شريكاً في جريمة النصب والاحتيال.

الاقتصاد بغزة تحذر

من جانبها، دعت وزارة الاقتصاد الوطني بغزة المواطنين لعدم التعامل مع "ما يسمى التسويق الشبكي أو الهرمي لما له من مخاطر على أموال المواطنين”.

وأوضحت الوزارة في بيان لها، الثلاثاء، أن التسويق الشبكي أو الهرمي هو عبارة عن نشاط خفي يتم في محيط خاص بين المشتركين فيه، ويتم التوسع فيه في الدائرة القريبة المحيطة بالمشترك في هذا النظام ولا يعد ضمن الأنشطة الاقتصادية المصرح بمزاولتها في غزة.

وأضافت الوزارة أن مخاطر هذا التسويق متعددة على الاقتصاد الوطني، وما يسببه من خروج للأموال للخارج، كما يستنزف مدخرات المواطنين، عبر شرائهم سلع بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأضعاف عديدة، وقد صنف هذا النشاط من قبل العديد من مراكز الإفتاء بأنه من الأنشطة المحرمة شرعا.

وأشارت الوزارة إلى أن بعض المواطنين تقدموا في فترة سابقة لوزارة الاقتصاد الوطني لتسجيل شركات تعمل في مثل هذه المجالات وتم رفض كافة الطلبات المقدمة، وإحالة أصحابها إلى الجهات الأمنية المختصة للتعامل معها في إطار الجهود الحكومية التي تبذل لمحاربة الجرائم الاقتصادية والحفاظ على مدخرات المواطنين.

وأكدت الوزارة عدم وجود أي شركة مسجلة أو أي نشاط مصرح به في مجال التسويق الشبكي أو الهرمي، سميا وأن هذا النشاط يخالف ما ورد في قانون المعاملات الإلكترونية رقم 6 لسنة 2013م، خاصة ما ورد في الفصل الخامس بشأن المعاملات التجارية الإلكترونية.

وأعلنت الوزارة أن الجهات الحكومية المختصة تبذل جهود كبيرة للقضاء على هذه الأنشطة الخفية، وتوعية المواطنين من الوقوع ضحية لهذه الأنشطة والتي تنتهي في نهاية المطاف إلى قضايا النصب والاحتيال، وقد تم اتخاذ المقتضى القانوني بحق العديد ممن تم كشفهم في هذا المجال.

وأهابت الوزارة بكافة الاخوة المواطنين إلى الابتعاد عن مثل هذه النشاطات وعدم الوقوع فريسة لشركات النصب والاحتيال، وندعو المواطنين للإبلاغ عن مثل هذه النشاطات لدى وزارة الاقتصاد لتعزيز جهودها في محاربة هذه الجريمة الاقتصادية.

وطالبت الوزارة المواطنين الذين كانوا ضحية لهذه الأنشطة التقدم بشكوى إلى الوزارة، للحد من هذه الأنشطة ومحاربتها، ومنع وقوع عدد آخر من المواطنين ضحية لها.

وحذرت الوزارة كل من تسول له نفسه التعامل في هذه الأنشطة أو التسبب في إيقاع الضرر لآخرين عن طريق إشراكهم في هذه الأنشطة، حيث سيتم ملاحقته قانونا وإحالته إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

خبراء يحذرون

فيما حذر العديد من الخبراء على مدار السنوات الماضية من التسويق الهرمي، لعدم وضوح طبيعة العمل فيه، ووجود مرجعية لهذه الأموال ولا جهة قانونية تحاسب هذه الجهات المسؤولة عن ذلك، لكون عالم الإنترنت فضاء كوني كبير.

قال الحسن علي بكر كبير محللي الاقتصاد في شركة (ايفيست)، هناك فرق كبير بين التسويق الإلكتروني والتسويق الهرمي، وهناك العديد من المسميات التي يستخدمها المحتالين، وهي في الأساس مسميات سليمة ومعمول بها عالمياً، ولكن المحتال يقوم باستخدامها في سبيل استدراج ضحاياه، ومن أهمها التسويق.

وأضاف علي بكر، في حديثه لـ "دنيا الوطن": "أن التسويق الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت، هو أمر موجود وعدد كبير من الأشخاص يقومون باعتماده كوسيلة للعمل عن بعد وتحقيق أرباح جيّدة من خلال التسويق للمنتجات من خلال المتاجر الإلكترونية وغيرها".

وتابع: "يأتي هنا مجموعة من المحتالين الذين استخدموا التسويق الهرمي المبني على مخطط (بونزي سكين)، حيث يكون أشخاص في قمة الهرم يندرج تحتهم أشخاص أقل ويتدرج الهرم على شكل شجرة، وفي كل مرحلة يكون هناك عملات، فكل ما زاد عدد الأشخاص في أسفل الهرم كل ما حقق من في أعلى الهرم عمولات أعلى".

وأوضح أن هذا المخطط مشهور نتيجة عملية احتيال في الولايات المتحدة لشخص يسمى بونزي وكان يستخدم هذا المخطط في البدايات العلمية، حيث تعتمد على جمع أكبر كم من الأموال وتوزيعها على شكل أرباح للأشخاص لتحفيز غريزة الطمع لجلب مستشمرين أقل منهم للحصول على عملات".

وبيّن أن الشبكة تبدأ بالاتساع لتضمن أشخاص بأعداد كبيرة، وهنا بالفعل يكون من في قمة الهرم قد جمع كميات كبيرة من الأموال وتبدأ المشكلة بالظهور حيث ينهار الهرم بالكامل ومن في أعلى الهرم يكونوا قد حققوا أرباحاً كبيرةً ومن في أسفله يفقدون أموالهم بالكامل.

وأشار إلى أن هذا الأمر انتشر بشكل كبير من بداية الألفية وتحديداً ما بعد 2010 وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط في المناطق التي تزداد فيها معدلات البطالة، حيث يكون اقتناص فرص الاحتيال اتجاه العاطلين عن العمل في تلك المناطق أسهل، وهذا بالفعل ما حصل في قطاع غزة.

ونوّه إلى أنه حذر من عمليات الاحتيال من خلال التسويق الهرمي في الأعوام 2014 – 2015، عند انتشار منتجات (فوريفر) وغيرها التي تسببت بمشاكل ضخمة جداً في دول أخرى، ولكن للأسف لم نأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر حتى أصبح لدينا مشكلة وعدد كبير من الناس فقدوا أموالهم نتيجة هذا الأمر.

وحول العديد من الشركات التي انتشرت في الفترة الأخيرة في قطاع غزة، لفت إلى أنه من المفروض ربح المُسوق من السلع، ولكن أصبح المسوق يدفع على السلع، وهذا يعنى أن هناك خطأ ما، وتسويق منتج بطريقة اعتيادية ليس خطراً، والخطر يكمن في تسويق منتج باستخدام التسويق الهرمي.

وفيما يتعلق بأسواق العملات الرقمية، قال علي بكر: "ليس كل ما يقال عنه عملات رقمية هو عملات رقمية فعلاً، تمت عمليات نصب كبيرة تحت مسمى عملات رقمية جديدة وتم إطلاقها وجمع أموال وانتهت هذه العملات إلى رماد".

ونصح علي بكر المواطنين قبل دخولهم في أي استثمار ووضع الأموال فيه، البحث جيداً وسؤال المختصين، وليس كل شيء يتم الاستثمار به، فمثلاً يوجد أعداد كبيرة من العملات الرقمية، وليس كل العملات هي استثمار آمن وحقيقي، فبعضها قائم على مشاريع قوية ومدعومة بأصول، وأخرى لا وجود لها من الأساس.

وأردف قوله: "دائماً ما نقول الاستثمار الآمن هو الذي لديك معلومات عنه وتعلم جيداً ما هو، والأمان غير موجود في الاستثمار، لأن الاستثمار يحمل معه المخاطرة، وحجم المخاطرة هو الذي يحدد، فهناك مشاريع قليلة المخاطر كالعقارات والاستثمار في الودائع".

وذكر: "اكلما ارتفعت المخاطر ارتفع العائد الربحي، وللأسف الكثير يستغلون هذه النقطة، حيث يقدمون الاستثمارات ذات العائد المرتفع للراغب بالاستثمار، فيحاولون إقناعه بالقول ضع 100 دولار وبعد ذلك تصبح مليونير خلال شهر، وهذا كلام غير سليم وواقعي".

وأوضح أن الاستثمار السليم والقائم على الدارسة، هو الذي تستطيع التعامل معه بسهولة، وأهم استثمار ممكن أن تقوم به هو الاستثمار في نفسك ومعلوماتك، وحتى أخطر الاستثمارات عندما تكون مسلحة بالعلم ولديك معرفة كاملة بها وفي طريقة استخدامها وإدارتها تكون استثمارات آمنة، وأقل الاستثمارات مخاطرة إن لم يكن لديك معلومات عنها تصبح خطيرة ويمكن أن تخسر أموالك بها.

من جانبه، قال أمين أبو عيشة أستاذ السياسات النقدية: "إن التسويق الشبكي يسمح لمن يتبعه بتكوين شبكة خاصة به بجلب عملاء لشراء خدمة، أو خدمة مقابل عمولة يأخذها من خلال مستخدمين الجدد لهذه الشركة، والتسويق الشبكي قد يصل لمرحلة الاحتيال إذا لم ينظمه قيود".

وأوضح أبو عيشة، في حديثه لـ "دنيا الوطن"، الفرق ما بين التسويق الشبكي والهرمي، هو "أن الهرمي يمكن ألا يكون هناك خدمة أو سلعة ويمكن أن يكون وهم أو نوع من الاحتيال من خلال جلب مستخدمين جدد لتسويق وهمي بادعاء أن هناك عملة رقمية أو سهم، وبالتالي تكون الشركات التي تتعامل بهذه الطريقة مجرد وهم".

وأضاف أبو عيشة: "وما يحدث للمستخدمين أنهم لا يدركون قيمة المخاطر التي تواجههم، ويتم الاحتيال عليهم بإخفاء عنصر المخاطرة وأن هذه المنتجات وهمية وغير موجودة، وتقوم الجهة بجمع كمية ضخمة من الأموال ولا أحد يعلم أين ذهبت".

وفيما يتعلق بالشبكي، أشار إلى أنه معترف به عالمياً، وبعض الدول والاقتصاديين يشجعون هذا النوع من التسويق، وتلجأ الكثير من الشركات للتسويق لمنتجاتها عبر الإنترنت من خلال الأشخاص المؤثرين والذين يكتسبون شهرةً كلاعبي كرة القدم وعارضات الأزياء، لافتاً إلى أن بعض الدراسات تشير إلى أن 78% من تسويق شركات التجميل تعتمد على التسويق الشبكي باستخدام أشخاص مشهورين تسوق لمنتجاتها.

وأكد على أن البنوك المركزية في العالم لا تشجع التسويق الهرمي؛ لأنه قائم على منظومة احتيال، وتُصدر بيانات دورية تنوه فيه خطر هذا النوع من التسويق على الفرد والمنظومة الاقتصادية، وجزء من الإشكاليات التي يعاني منها الاقتصاد العالمية هو اعتماده على التسويق الهرمي وعدم وجود ضوابط.

ونوه أبو عيشة إلى أن جهل المالي النقدي وعدم وجود ثقافة مالية يؤدي إلى كثير من مشكلات النصب والاحتيال، مؤكداً على مواكبة منظومة التعليم لكل هذه القضايا المعاصرة من خلال غرس الثقافة المالية لديهم ونشر الوعي المجتمعي حولها.

من جانبه، أوضح أسامة نوفل مدير عام التخطيط والسياسات بوزارة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة، أن هناك اختلاف بين مفهوم التسويق الهرمي أو الشبكي مع التجارة الإلكترونية والعمل عبر الإنترنت، حيث أن التجارة الإلكترونية تكون محسوسة وملموسة يتم من خلالها تبادل السلع المختلفة، ولها تجارب جيدة في المجتمع الدولي والمجتمع الفلسطيني خاصة في قطاع غزة فتقلل من نسبة البطالة، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

وأكد نوفل، في حديثه لـ "دنيا الوطن"، على أن الإشكالية التي تقع بها الناس، هي العمل من خلال التسويق الهرمي أو تجارة ما تسمى بالعملات الرقمية ولها مخاطر كبيرة جداً، حيث أن حالات النصب تكثر فيها بشكلً كبيراً جداً منذ سنوات مختلفة.

وحول طبيعة عمل التسويق الهرمي، قال نوفل: "إن التسويق الهرمي هو عبارة عن تجارة عبر منصات الإلكترونية وهي عملات رقمية وهمية مثل البتكوين وغيرها من العملات المختلفة، فالإشكالية أن هذه العملات وألية عملها لا تتم بطريقة صحيحة، لأنه ليس لها مرجعية وغير معروف أصلها، ومن الذي قام بإصدارها، وبالتالي يوجد بها غموض كبير"، منوهاً أن من هنا تأتي عملية التدنيس والنصب من خلال ما يسمى بالمنصات الوسيطة.

وأشار المختص الاقتصادي أن هذه المنصات قد تختفي في سرعة معينة، وإن اختفت هذه المنصة اختفت الأموال التي وضعت بها.

وتابع: "أن من يعلمون بالتسويق الهرمي، ومن هم بالهرم، يحاولون الهام الناس البسطاء، أن هناك أرباح كبيرة، من خلال التواصل أو التجارة عبر هذه المنصات"، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يربح الناس في أول عملية اقتصادية مبلغ جيد، ولكن بعد ذلك يتفاجؤوا أنهم خسروا كل المبالغ الخاص بهم.

وبين نوفل أن حالات النصب ازدادت بشكل كبير جداً من خلال التسويق الهرمي، وضرب مثالاً بأحد المنصات الكندية، التي اختفت حينما توفي صاحبها الكندي، وبلغت خسائر المستثمرين فيها 6 مليار دولار".

وذكر: "أن خطورتها على قطاع غزة كبيرة جداً، فقد حذرنا سابقة منه ذلك، حيث أن العديد من المستثمرين يُحتال عليهم بشكل كبير، لأنه لا يوجد مرجعية لهذه الأموال ولا جهة قانونية تحاسب هذه الجهات المسؤولة عن ذلك، لكونه فضاء كوني كبير وهذا الفضاء لا يوجد بها مكاتب أو مراكز معينة، وبالتالي صعب التدقيق عليها".

ونوه نوفل أن المستفيد الرئيسي لتسويق الهرمي هم الوسطاء فكلما تم جمع أكبر عدد ممكن يستفيدوا أكثر، ومن هنا يأتي عملية الترويج، ومن يخسر بذلك من هم في قاعدة الهرم، لذلك تم تسميتها قاعدة التسويق الهرمي، فقاعدة هم الزبائن الذين يضعون أموالهم في عملية الشراء.

وعن طبيعة المنتجات، أكمل نوفل بقوله: "إن المنتجات التي يتم تسويقها هي العملات الرقمية مثل البتكوين كنوع من الاستثمار، ولكن عملياً لا يوجد سلع ملموسة يتم التجارة بها، أما التجارة الإلكترونية التي تتضمن سلع ملموسة لا يوجد بها إشكالية"

وعن خطورة العمل حول التسويق الهرمي، أضاف: "أن خطورتها تكمن بين طلبة الجامعات، ولأنها الفئة الأكثر استهدافاً، إضافة إلى عامة الناس"، مبيناً أن تحويل هذه الأموال إلى الخارج يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد القومي بشكل كبير، وبالتالي فإن هروب هذه الأموال هي خسارة على الدولة وعلى المدخرين.

بدوره، أكد رشاد أبو مدللة المختص في التسويق الإلكتروني، أن التسويق الهرمي أو الشبكي هو أحد وسائل وطرق التسويق التي تحقق جدوى في بعض الأماكن، وقد لا تحقق الجدوى في أماكن أخرى.

وقال أبو مدللة، في حديثه لـ "دنيا الوطن": "إن مبدأ التسويق الهرمي، هو أن يكون لدي منتج ما، وجملته عليا مثلاً 80 شيكل وأقوم ببيعه بـ100 شيكل، هنا الربح 20 شيكل، فالتسويق الهرمي هي أنه برفع جزء مثلا 25%وهي خمس شيكل من هامش الربح ويتم توزيعها على الأشخاص في شبكة الهرم".

وأضاف: "أنه مثلا أطلب من شخص ما أن يجلب لي زبائن، وعلى كل زبون سيأخذ مبلغ معين عليه، وإذا الزبون الذي أحضره الأول جلب أيضاً زبون آخر سيأخذ مبلغ أعلى من الأول، وهكذا يتم بناية شبكة بتوزيع منطقي لهامش الربح".

ونوه إلى أن شركة (جينيس) وغيرها من الشركات التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة، تعمل على وجود منتجات وهمية، وغير حقيقية ويتم إقناع الناس بقطاع غزة، أو في مناطق أخرى في العالم التي يوجد بها فقر أو شباب بحاجة إلى عمل، وبالتالي تعمل على انتقاء مجموعة يتم تسميتها برأس الهرم ويتم إقناعهم بأساليب معينة.

ومن أساليب الإقناع، ذكر أبو مدللة: "وضع هذه المنتجات على مواقع مشهورة أو إقناعهم من خلال أشخاص مشهورين لديهم متابعين كثر، على الرغم من أن تكون هذه الشركة مسجلة تحت ترخيص آخر في دولة أخرى ليتم إعطاء نوع من الثقة، ولكن لا تمارس التسويق الهرمي بدولة المسجلة فيها".

وضرب المختص الاقتصادي مثالاً على ذلك قائلاً: "تأتي هذه الشركات على غزة ويتم الترويج للمنتج بسعر مثلاً 2000 دولار أو 1500دولار، وتوهمك بأنك ستبيعه بسعر 4 ألاف دولار، وأن الربح يأتي من خلال بيعها عبر قنوات معينة، وفي حقيقة الأمر يكون السعر الفعلي للمنتج 200 دولار أو 100 دولار فقط، وهنا تقع عملية النصب والاحتيال وتكون الخطوة الأولى لجذب الضحايا".

وأكد أنه يتم استخدام هذه الأساليب للنصب على الناس وأخذ أموالهم، بحيث يتم استغلالهم واقناعهم بربح السريع، كما أنهم يلعبون على الجانب العاطفي والاجتماعي من خلال دعوة الأهل للعمل معهم.

الرأي الشرعي

بدوره، قال ماهر السوسي عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية: "إن التسويق الهرمي أو الشبكي موضوع مرن وفضفاض ولا يوجد له تكييف محدد، وبالتالي لا يمكن وضعه تحت أي موضوع من موضوعات المعاملات، لأنه موضوع غير منضبط، وغير معروف قواعده وأسسه".

وأضاف السوسي، في حديثه لـ "دنيا الوطن": "لأن وصف التسويق الهرمي أو الشبكي غير منضبط، فهو غير معروف على أنه تسويق أو كالة أو ترويج لبضائع أو لجذب زبائن، وبالتالي عندما يكون الأمر مجهول وغير واضح للمعالم لا نستطيع إطلاق حكم شرعي عليه إلا بعد أن تتضح معالمه جيداً".

وأكد عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، أن في هذه الحالة نحن نحكم بعدم جواز التعامل مع هذه الموضوعات، إلا أن تتضح أمورها جيداً.

ونوه السوسي بأنه لا يجوز التعامل مع التسويق الشبكي أو الهرمي، نظراً لعدم وضوح مفهوم هذا التسوق، وعدم وجود ضوابط واضحة له.

اتهامات

قال فراس أبو عاصي (26) عاماً من قطاع غزة، والمقيم حالياً في تركيا: "درست الإخراج التلفزيوني والسينما، واشتغلت في مجالي، ولكن تركته في نهاية 2014، لأني لا أحب العمل الوظيفي وغير منتج ومجدي في الوقت الذي كنا فيه".

وأوضح، في حديثه لـ "دنيا الوطن"، أنه لجأ لتعلم أشياء مختلفة منها التسويق الشبكي أو البيع المباشر، رغم وجود اعتراضات على هذا العمل، إلا أنه يوجد فيه إيجابيات كثيرة، وتعد أفضل فرصة على الإطلاق، حسب قوله.

وذكر أبو عاصي: "أن التسويق الهرمي يحمل الربح والخسارة، وعندما يتعرض البعض الخسارة يدعون بأن هذا العمل نصب واحتيال، ويكون التسويق الهرمي على شكل هرم مقلوب بحيث يستطيع الأشخاص جني الأموال أكثر مني، وبالتالي فهو يعتمد على العمل أكثر".

ورد أبو عاصي حول الاتهامات الموجه له بالنصب والاحتيال على الناس واستغلال حاجتهم، قائلاً: "لو الحديث عن ممارستي النصب والاحتيال على الناس صحيحاً، لتم اعتقالي منذ فترة طويلة، ولرفعت عليّ القضايا بهذا الشأن".

وأضاف: "كان لدي ترخيص لشركة داخل قطاع غزة، وكان لدي مكتب خاص بي، وكنت أقوم بمؤتمرات حول ذلك العمل، وتم ترخيصها من وزارة الاقتصاد الفلسطينية في غزة والضفة، ومنتجات الشركة كانت تدخل بالرقابة من قبل وزارتي الاقتصاد والتجارة، ويتم دفع ضرائب أكثر من 35 ألف شيكل، لكل من حكومة غزة والضفة والاحتلال الإسرائيلي، حيث يتم دفع 17% من الضرائب للاحتلال".

وتابع: "سأقوم بمحاسبة كل من يشهر بي خاصة المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي، والسلبية الموجودة حالياً استفدت منها حول زيادة أعداد المتابعين، وسيصبح عندي اشتراكات أكثر في الشركة، والآن أعمل مبيعات أكثر من 170 ألف دولار".

وعن طبيعة العمل، بيًن أبو عاصي أن التسويق الشبكي أو البيع المباشر، يعتمد على الدعاية الكلامية لمنتج ما، وبالتالي هو مبني على الثقة والتجربة الحقيقية.

وحول شركته، ذكر: "أن الشركة تعطي ست طرق للربح، فالطريقة الأولى هي أنا كعضو في الشركة لدي منتج وهذا المنتج له سعريين، فسعر في الموقع 100 دولار، لكن أنا كوكيل أشتريه ب 60 دولار وببيعه بـ 100 دولار وبالتالي يتم الربح الخاص بي، وهو ما يعرف بالنظام التقليدي أو التجارة الإلكترونية".

أما طريقة الربح الثانية، تعتمد عقد المبيعات مع عدد من الأشخاص، وهم عليه أن يشتروا منتجات من الشركة ويبدأوا بعمل تسويق لهذه المنتجات، وبالتالي فهم سيستفيدون بذلك.

واستطردا قائلاً: "أما الطريقة الثالثة ترتكز على وجود فريق عمل وأصبح لدي زبائن يستخدموا المنتجات ويتم بيعها والاستفادة منها سواء من استخدامهم للمنتج أو استخدامهم للعمل في الشركة نفسها، وبالتالي هؤلاء الأشخاص سيتم إعادة استخدامهم لهذه المنتجات ويكون لديهم اشتراكات للزبائن والأعضاء، أي تصبح هناك حركة مبيعات".

وبيّن أن الشركة تمنح نقاط غير العمولات لك لفريق العمل الموجود معك، في حال أصبحت الزبائن تشتري منك أكثر من مرة وأصبح هناك اشتراكات من الأشخاص، لافتاً إلى أن هذه النقاط تتجمع وكل 900 نقطة تأخذ عليهم 35 دولار.

وتابع: "الخطوة الرابعة والخامسة، تعتمد على منح مكافئات إضافية عندما يكون لديك راتب عالي، وتعمل منذ فترة في الشركة، وهي ما تعرف بالترقيات".

التعليقات