التحليق المكثف لطيران الاستطلاع.. هل يُمهّد لعدوان إسرائيلي جديد على غزة؟

التحليق المكثف لطيران الاستطلاع.. هل يُمهّد لعدوان إسرائيلي جديد على غزة؟
قصف إسرائيلي على غزة - أرشيف
خاص دنيا الوطن - عماد أبو سيف، آية الملاحي
شهدت الفترة الأخيرة تحليق مكثف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي في أجواء قطاع غزة، إضافة لإجراء جيش الاحتلال مناورات عدة، تحاكي شن عملية عسكرية على القطاع، يأتي ذلك تزامنًا مع محاولات الوسطاء التوصل لتهدئة طويلة الأمد.

ووفق محللين، فإن القطاع يشهد حالة من التوتر والترقب، عقب معركة (سيف القدس) الأخيرة، في ظل وجود العديد من الملفات العالقة، وعوامل تفجير يمكن أن تؤدي إلى اندلاع معركة عسكرية جديدة، فيما يسعى الاحتلال لجمع معلومات استخباراتية جديدة، وسد الثغرات التي تم كشفها عقب العدوان.

ملفات عالقة

وقال حسن عبده، المحلل السياسي الفلسطيني، إن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على قطاع غزة بوسائل مختلفة، ومنها المراقبة الجوية والوسائل التكنولوجية، مؤكداً أنها لا تغيب القطاع، فالقطاع منطقة محتلة، حيث يغلقه ويحاصره ويتحكم بما يخرج منه سواء من أشخاص وبضائع ويمنع التصدير، وأيضاً ما يدخل إلى القطاع، يراقبه باستمرار عن طريق الجو.

وأضاف عبده في حديثه لـ "دنيا الوطن": "أن تطور المقاومة الفلسطينية من جهة والتهديدات التي تصدر من الفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، وذلك بسبب تلكأ الاحتلال الاسرائيلي بإنفاذ الإعمار، ومنع إدخال المنحة القطري بالكامل، وعدم إدخال كل المساعدات المالية إلى غزة، وما يجري داخل سجون الاحتلال من هجمة شرسة على الحركة الأسيرة، والتعديات على المسجد الاقصى، كل ذلك عوامل تفجير يمكن أن تؤدي إلى اندلاع مواجهات".

وتابع: "الاحتلال الإسرائيلي يستعد ويتأهب لمواجهات محتملة، فقد أعلن عن مناورات عسكرية في اليومين الماضيين"، مشيراً إلى أن هذه الطائرات قد تكون غير مرتبطة بهذه المناورات، وذلك لوجودها في قطاع غزة على مدار الساعة، كما أنها تؤكد على غياب الهدوء وحالة التوتر الموجودة، وترقب من كافة الأطراف، نظراً لوجود عدد كبير من الملفات التي يمكن أن تتجه إلى صراع من جديد.

وبيّن المحلل السياسي الفلسطيني، أن الطائرات الإسرائيلية تقوم بدور مهمة جداً من الناحية الاستخباراتية لجمع المعلومات عن المقاومة، وملاحقة المقاومين وتحديد أماكنهم، وخاصة الحديث أن من ضمن الإخفاقات في معركة (سيف القدس)، وهو عدم وجود معلومات استخباراتية كافية، وخاصة أن الاحتلال كان يرغب باغتيال شخصيات عسكرية، ولكنه لم يستطع.

وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يبحث عن كل شي في قطاع غزة، ولكن ليس بضرورة في مسألة الأسرى، حيث أنه لم يستطع الحصول على أي معلومات عن شاليط على سبيل المثال، إضافة إلى عدة حروب على القطاع ولم تنجح بذلك.

 وأشار عبده إلى أن الاحتلال يجد صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات، لذلك فإن هذه الطائرات تقوم بجمع المعلومات الاستخباراتية الممكنة عن الصواريخ، وعن آلية التصنيع.

أهداف ومعلومات

بدوره، بيّن مصطفى الصواف، المحلل السياسي في حديثه لـ"دنيا الوطن"، أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من خلال طائرات الاستطلاع، جمع أكبر قدر من المعلومات على الأرض، والرصد المستمر لمواقع المقاومة، وجزء من خطة التدريبات التي أجراها جيش الاحتلال في منطقة غزة.

وأشار الصواف إلى أن هناك بعض الطائرات المخصصة للهجوم، والتي من الممكن استخدامها في "اصطياد" هدفًا يراه الاحتلال ثمينًا، كمحاولة اغتيال أحد القادة العسكريين لفصائل المقاومة الفلسطينية.

وحول الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، أكد أن الاحتلال عمل خلال سبع سنوات سابقة، على الحصول ولو على معلومة واحدة عن مكانهم وأوضاعهم، مشيرًا إلى أن الاحتلال لم يوفر أي وسيلة من أجل الوصول إليهم، إلا أنه باء بالفشل.

ولفت المحلل السياسي إلى تدريبات جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي يجريها في الفترة الأخيرة، مبينًا أنها تأتي في إطار وضع خطط لمواجهة التهديدات المحتملة، في المواجهات العسكرية المقبلة مع المقاومة الفلسطينية، والعمل على سد الثغرات التي كُشفت خلال معركة سيف (القدس).

إخفاقات استخباراتية

من جانبه، أكد واصف عريقات، المختص في الشؤون العسكرية في حديثه لـ"دنيا الوطن"، أن السبب الأساسي لتحليق طائرات الاستطلاع هو استخباري ولجمع المعلومات عن المقاومة الفلسطينية في القطاع، مشيرًا إلى أن التحقيقات الإسرائيلية الأخيرة حول معركة (سيف القدس) كشفت عن ضعف كبير في جمع المعلومات، وفي الجانب الاستخباراتي لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولفت عريقات إلى أن القادة العسكريين في جيش الاحتلال تبادلوا الاتهامات، بحسب ما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، لقلة المعلومات المتوافرة خلال المعركة، وخاصة أن صواريخ المقاومة الفلسطينية لم تتوقف طيلة فترة العدوان، مؤكدًا أنها كانت تصل لأهدافها بدقة، في جميع المدن الفلسطينية المحتلة.

وأوضح أن الاحتلال جراء نقص المعلومات لديه، فهو يسعى لتعويض ذلك من من خلال التحليق المكثف للطائرات المسيرة، لجمع أكبر قدر من المعلومات الأمنية والاستخباراتية، والاستفادة منها في أي مواجهة عسكرية مقبلة.

وأضاف المختص في الشؤون العسكرية، أن الاحتلال يسعى أيضًا، لمنع المقاومة الفلسطينية من الإعداد والتجهيز، للمعارك القادمة، من خلال جعل مواقع وقواعد المقاومة في حالة استنفار دائم.

وبيّن عريقات أن الاحتلال يحاول من خلال طائرات الاستطلاع، تطمين جبهته الداخلية، وخاصة المستوطنات القريبة من قطاع غزة، في قدرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على حمايتهم، مشيرًا إلى أن الاحتلال يستخدم قطاع غزة والضفة الغربية كساحة لمناوراته وتدريباته.

وفيما يتعلق بالأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة، أكد المختص في الشؤون العسكرية، أن الاحتلال يعمل ضمن "بنك أهدافه" لمحاولة جمع أي معلومات عن جنوده، خاصة في ظل فشله في الحصول على أي معلومات عن مكان وجودهم، ومن قبلهم الأسير جلعاد شاليط.

الاستعداد لمعركة عسكرية جديدة

من جهته، أكد محمود العجرمي، المختص بشأن الأمني، أن الاحتلال الإسرائيلي أجرى العديد من المناورات في هذا العام، لاختبار جهوزية قواته، والتنسيق بين الأسلحة المختلفة، وذلك تمهيداً لأي عدوان قادم على قطاع غزة.

وقال العجرمي: "هناك الكثير من الإخفاقات التي كُشفت إبان معركة (سيف القدس)، حيث نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقرير عن الإخفاقات التي ألحقت باستخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء المعركة الأخيرة".

وتابع: "يقول هذا التقرير أن جيش الاحتلال لم يكن مطلعاً على الكثير من المعلومات، وقدم للإعلام صورة غير صحيحة على الاطلاق، ولهذا، يريد الاحتلال العودة مرة أخرى لكي يغطي على ما سماه في تقرير الجيش بالكوارث التي حلت به إبان المعركة".

وأشار العجرمي إلى أن أهداف الاحتلال من خلال هذه المناورات هي الإعداد لعدوان على قطاع غزة مرة أخرى، فهو لم يستخدم فقط سلاح الجو أو الطائرات المسيرة إبان المناورات الاخيرة، فهذا كان جزءًا من المناورة قام بها جيش الاحتلال لتنسيق بين هذه الأسلحة، ولردم القوة التي كشفت الكثير من السقطات التي وقع فيها هذا الجيش.

ولفت المختص في الشأن الأمني إلى أن المقاومة وجهت خلال الأسبوع الماضي رسائل تحذيرية عبر القطريين والمصريين للاحتلال بأنه إذا استمر في مماطلته بتسهيل دخول المواد لإعادة إعمار غزة والوصول إلى هدنة، فإن الأوضاع ستشتعل مجددًا.

ثغرات استخباراتية كبيرة

والجمعة الماضية، قالت القناة (12) الإسرائيلية، إنها حصلت على مقتطفات من تحقيقات سرية أجراها الجيش، بعد الحرب الأخيرة على القطاع، سببت انتقادات لاذعة، مبينةً أن الانتقادات جاءت بعدما قدم الجيش في وسائل الإعلام "صورة منفصلة عن الواقع العملياتي" أضرت بعمل الوحدات وبثقة الجمهور في الجيش.

وتابعت القناة الإسرائيلية، بأن التحقيق "يشير إلى ثغرات استخباراتية كبيرة في جمع المعلومات، حالت دون تمكن الجيش من تلبية رغباته بشأن الأضرار التي يلحقها بصواريخ المنظمات في غزة وكذلك في استهداف قادة الأذرع العسكرية في القطاع".

(حماس) تُطور قدراتها العسكرية

بدورها، قالت  صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، إن المسؤولين الإسرائيليين لاحظوا في الأشهر الأخيرة، بأن (حماس) بدأت تبذل وتركز جهداً كبيرا في إعادة تأهيل وتطوير قدراتها العسكرية، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي ضمن استخلاصها للدروس والعبر بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة في آيار/مايو الماضي.

وأضافت: "من بين هذه المجالات التي تعمل حماس على تطويرها، مجال السايبر "الحرب الالكترونية" والزوارق غير مأهولة، ووسائل متنوعة في المجال الجوي والصواريخ المضادة للدبابات وغيرها".

وتابعت: "أنه بسبب التوتر الأمني والجمود في المفاوضات مع حماس في موضوع التسوية وموضوع الأسرى والمفقودين، كل ذلك قد يدفعها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، و"لذلك أجرت فرقة غزة هذا الأسبوع مناورة حاكت فيها عدد من السيناريوهات، من بينها قيام حماس بتفجير الجزء العلوي من الجدار الحدودي بواسطة سيارات مفخخة كبيرة واختراق الحدود".

ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه: "وفقًا للتقييمات الأمنية، فإن جزء من الخطط التي يتدرب عليها رجال (حماس) لـ "اليوم الموعود" تتمثل في عمليات إنزال والتسلل واختراق للحدود من خلال تفجير الجزء العلوي من الجدار الحدودي بين غزة والغلاف بواسطة مركبات كبيرة مفخخة".

التعليقات