عاجل

  • طائرات الاحتلال تستهدف محيط متنزه دير البلح وسط قطاع غزة

ما أسباب ارتفاع أسعار السلع الأساسية في فلسطين؟

ما أسباب ارتفاع أسعار السلع الأساسية في فلسطين؟
توضيحية
خاص دنيا الوطن - عماد أبو سيف
تشهد الأراضي الفلسطينية في الفترة الأخيرة، ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار بعض السلع الأساسية، ما أثار حالة من التخبط بين التجار والمواطنين، وسط مطالبات لتدخل الجهات المعنية لضبط الأسواق وتحقيق التوازن، ومنع حالات الاحتكار والاستغلال، فيما يعزو الخبراء أسباب هذا الارتفاع لوجود خلل عالمي بمنظومة الإنتاج في السلع الأساسية بعد جائحة (كورونا).

الاقتصاد: ارتفاع الأسعار عالمي

وأكد، إبراهيم القاضي، مدير عام دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني برام الله، أن ارتفاع الأسعار التموينية كالقمح والخبز، هو ارتفاعًا عالميًا وليس ارتفاعًا محليًا، وفلسطين هي جزء من السوق العالمي وتأثرت موخرًا بارتفاع أسعار السلع بشكل واضح.

وقال القاضي في حديثه لـ"دنيا الوطن": "إن الوزارة تقوم بالتأكد من وفرة المواد الغذائية في السوق، وتعمل على إصدار قائمة أسعار استشرافية".

وأضاف: "كما أننا نتابع ارتفاع السلع الموجودة في السوق المحلي، حتى لا يكون هناك ارتفاع مبالغ فيه، أو حالة استغلال للموجة العالمية المرتفعة"، مشيراً إلى أن هناك تكثيف لجولات رقابية على الأسعار في السوق المحلي".

بدوره، أوضح عبد الفتاح أبو موسى، الناطق باسم وزارة الاقتصاد بغزة، أن ما حدث من رفع للأسعار، يأتي نتيجة "طمع" بعض التجار الذين استغلوا رفع السعر عالميًا ورفعوا أسعار البضائع المكدسة في مخازنهم، وبطريقة غير مبررة دون الرجوع للوزارة، لافتًا إلى أنهم اجتمعوا مع التجار العام الماضي وهذا العام، للتأكيد عليهم بعدم رفع الأسعار دون الرجوع للوزارة.

وأكد أبو موسى أن وزارة الاقتصاد قامت بعمل محاضر ضبط، حيث قامت طواقم التفتيش بعمل جولة تفتيشية في جميع محافظات قطاع غزة، وتم خلالها عمل محاضر ضبط للمخالفين، مشددًا على أن وزارته مستمرة في العمل على ضبط الأسعار وعدم الاستغلال، ومنع الاحتكار.

وأشار إلى تنفيذ 78 محضر ضبط خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وتم تحويلهم للنيابة العامة، فيما تم تحويل 12 ملفًا لتجار إلى النيابة العامة، بالإضافة لإحالة ثلاثة تجار آخرين للنيابة العامة لرفعهم أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.

وحذر الناطق باسم وزارة الاقتصاد بغزة التجار من رفع الأسعار دون الرجوع لوزارة الاقتصاد، مشددًا على اتخاذ أقصى العقوبات بحق كل التجار المتلاعبين والمحتكرين للأسعار، ممن يستغلون الظروف الحالية، من الإغلاق والحصار المشدد وحاجات المواطنين لهذه السلع.

من جانبه، أكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، عدم وجود أي تغيير أو ارتفاع في المعاملات المالية الخاصة بالسلع والمنتجات المستوردة لدى الجهات الحكومية في القطاع.

وأوضح معروف، في تصريح لوكالة (الرأي) الحكومية، الثلاثاء الماضي، أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً، إذ تضاعف سعر برميل النفط من 40 دولار إلى 85 دولار، ساهم في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات عالمياً.

وبين معروف، أن حالة الركود الناتجة عن جائحة (كورونا)، وارتفاع تكاليف الشحن البحري، ساهمت أيضاً بارتفاع أسعار السلع، مشيراً إلى أن تكلفة نقل الحاوية الواحدة من الصين إلى قطاع غزة ارتفعت إلى 15 ألف دولار بعد أن كانت لا تتجاوز 2500 دولار.

وأشار معروف، إلى أن ارتفاع الطلب على السلع الأساسية عالمياً أدى إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، ما ساهم بزيادة تكاليف استيراد السلع والمنتجات في السوق المحلي.

في السياق، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي: " إن قرابة 90% من المنتجات والسلع تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، حيث تحصل وزارة المالية برام الله قيمة الرسوم الجمركية والضرائب ؜عليها."

وأضاف: "أقل من 10% يدخل عبر الجانب المصري وقد خفضت وزارة المالية بغزة من قيمة الضريبة والجمارك على السلع الأساسية منذ بداية جائحة (كورونا)".

وحول ارتفاع سعر الخبز محلياً، أكد معروف، أن لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة، اتخذت قراراً برفض أي تغيير على سعر ربطة الخبز، مشيرًا إلى أن وزارة الاقتصاد قد أبلغت جمعية أصحاب المخابز بهذا القرار.

(كورونا) سببت ركوداً عالمياً

من جانبه، أوضح بكر اشتية، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة النجاح في نابلس، أن فترة ما بعد جائحة (كورونا) كانت عبارة عن فترة ركود عالمي، وتراجع في وتيرة الإنتاج والاستهلاك في نفس الوقت، وبعد انتهاء هذه الأزمة، وعادت الأمور لطبيعتها في الدول الغربية، فمن الطبيعي عودة الدورة الإنتاجية والدورة الاستهلاكية لدورها المعهود.

وأشار اشتية إلى أن الدورة الإنتاجية تأخذ بعض الوقت للعودة لدورها الطبيعي، بينما دورة الاستهلاك تعود بشكل مباشر، ولذلك أصبح هناك فائض في الطلب، مقابل نقص شديد جدًا في المعروض العالمي، وهذا يؤدي لارتفاع في الأسعار.

وبين اشتية أن عمليات الشحن تلعب دورًا مهمًا في هذه العملية، بمعنى أن هذا الفائض في الطلب، أدى لعدم قدرة شركات الشحن، لتوصيل البضائع المطلوبة في الأوقات المحددة، ما ترتب عليه تأخر في وصولها للأسواق، أدى لذلك لشح الموارد والبضائع وبالتالي ارتفاع الأسعار.

وأكد رئيس قسم الاقتصاد بجامعة النجاح، أن أزمة النفط والارتفاع الكبير في أسعار المحروقات تلعب أيضًا دورًا في ارتفاع السلع، حيث شهدت تكاليف الإنتاج ارتفاعًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن تكاليف الشحن ارتفعت بما لا يقل عن أربعة أضعاف، وهذا يؤدي لارتفاع في سعر المنتج النهائي.

ولفت اشتية إلى أزمة الحبوب، والتي تشبه الأزمة التي حصلت في 2007، حيث شهدت تلك الفترة أزمة الحبوب وأزمة الغذاء العالمية، واليوم نشهد نفس المشكلة، حيث نشهد ارتفاعًا تدريجيًا في أسعار القمح والشعير والذرة، مشيرًا إلى أن الحبوب تؤثر على سلسلة كاملة من الإنتاج.

وفي السياق، أكد اشتية أن أي ارتفاع في الأسعار، سيؤدي لتآكل جزء من الراتب بالنسبة للموظفين العموميين، والأمر ذاته بالنسبة لموظفي القطاع الخاص، لافتًا إلى أن هناك فئة كبيرة من المواطنين ستضرر من عمليات تآكل الأموال والمدخرات، جراء هذا الارتفاع المتوقع.

ويرى رئيس قسم الاقتصاد بجامعة النجاح أن عملية مواجهة هذه الأزمة، في المجتمع الفلسطيني، يجب أن تتم من خلال تقنين عملية الإنفاق، بمعنى ترشيد الاستهلاك، من أجل الحصول على الأساسيات من الأغذية والسلع.

وفيما يتعلق بإجراءات السلطة الفلسطينية، لمواجهة هذه الأزمة، أكد أن أزمة الرواتب الحالية، تجعل السلطة غير قادرة على مواجهة الارتفاع المتوقع، مؤكدًا على أهمية مراقبة الأسواق، ومنع التجار من التلاعب في الأسعار، ومنع الاحتكار.

ارتفاع الأسعار يزيد أعباء المواطنين

بدوره، أكد ماهر الطباع، المختص في الشأن الاقتصادي في حديثه لـ"دنيا الوطن"، أن الارتفاع في أسعار السلع لم يقتصر على غزة والضفة، بل هو ارتفاع عالمي، بسبب جائحة (كورونا) التي تضرب العالم منذ أكثر من عامين، ما أدى لتراجع حاد بالإنتاج في كافة الأنشطة الاقتصادية العالمية، وأدى ذلك لنقص شديد في إمدادات العديد من السلع الأساسية، وأيضاً المنتجات المرتبطة بالإلكترونيات والمركبات.

وأشار الطباع إلى تقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، يوضح أن الارتفاع في بعض السلع الغذائية، تجاوز 50% بسبب تبعات فيروس (كورونا)، لافتًا إلى ارتفاع أسعار النقل والشحن العالمي من الصين بحوالي 500% للحاوية، ما يؤدي لصعود الأسعار عالميًا، وينعكس ذلك على الأسواق الفلسطينية.

وفيما يتعلق بآثار هذا الارتفاع على المواطن الفلسطيني، أوضح الطباع أن ذلك ينعكس بشكل سلبي على المواطن وخاصة في قطاع غزة، الذي يشهد نسبة فقر عالية تتجاوز 64%، وانعدام الأمن الغذائي لحوالي 70% من سكان القطاع، إضافة لحوالي 85% من المواطنين بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة، كما أن معدلات البطالة تتجاوز 50% أي ربع مليون عاطل عن العمل.

في السياق، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، على انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في القطاع، كما أن ارتفاع الأسعار يزيد من الأعباء على كاهل المواطنين وخاصة الفقراء، لافتًا إلى أن ذلك يدل على مؤشرات كارثية وخطيرة، يجب وضع حلول لها في أسرع وقت.

ويرى الطباع أن الجهات الحكومية الفلسطينية، ستجد صعوبة في التدخل المباشر في مسألة الارتفاع بالأسعار في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها، مثل دعم السلع الأساسية، وتخفيض قيمة الرسوم والجمارك المفروضة عليها، مما يجعلها تعاني في تقديم التزاماتها المالية من دفع للرواتب ودفع المصاريف التشغيلية للقطاعات الحكومية المختلفة.

وبين أن وزارة الاقتصاد مطالبة بتكثيف جولات حماية المستهلك والرقابة والتفتيش لتنظيم الأسعار بالأسواق وفقًا للارتفاع العالمي ومنع أي رفع ذاتي للأسعار من قبل التجار البائعين، مؤكدًا على أهمية تعزيز حملات تشجيع المنتج الوطني، في الفترة الحالية، حتى يتم تجاوز أزمة الارتفاع بالأسعار.

التعليقات