حل الدولتين في أعقاب تصريحات بينيت - بايدن

حل الدولتين في أعقاب تصريحات بينيت - بايدن
بقلم: الدكتور عامر السوالقة
*مدير مركز شموخ الأردن للتنمية

انتظر الفلسطينيون ومعهم بعض العرب انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي "ترامب" بفارغ الصبر، اعتقاداً بأن الحزب الديمقراطي الأمريكي حال فوزه سيعمل على دعم حقوق الشعب الفلسطيني ولو في حدوده الدنيا من خلال الضغط على إسرائيل للعوده إلى المفاوضات ضمن مرجعية السلام المتضمنة إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وبنفس الوقت ارتاح الجانب الفلسطيني من فشل "نتنياهو" في تشكيل حكومة إسرائيلية تتكون من ائتلاف الأحزاب اليمينية المتشددة.

لم يتحقق الحلم الفلسطيني إذ انه لم يفلح الحزب الديمقراطي بقيادة الرئيس "جون بايدن" بالضغط على الحكومة الإسرائيلية في مجال حل الدولتين وجاء تصريحه مؤخرا عندما اعلن بأن حل الدولتين لم يعد قابلا للتحقيق في هذه المرحلة ويحتاج لطريق طويل لتطبيقه، وقوبل موقف "بايدن" بارتياح لدى الحكومة الإسرائيلية وأصبح هناك شبه توافق في وجهات النظر بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في الموقف من القضية الفلسطينية وخاصة ملف حل الدولتين، وان الإدارة الأمريكية نجحت جزئيا بدفع إسرائيل لاتخاذ إجراءات لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني انطلاقا من مبدأ برنامج الاقتصاد مقابل الأمن في غزه ونفس الحال في الضفة الغربية مع استمرار تعزيز التنسيق الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار وجود السلطة الفلسطينية، وهناك تفاخر من قبل المسؤولين الاسرائيلين بعدم وجود نية للتوصل لاتفاق مع الفلسطينيين أو إطلاق المسيرة السلمية لحل الصراع معلنيين إصرارهم على الاستيطان وتقويض أية فرصه لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات سيادة متصلة جغرافيا عاصمتها القدس الشرقية.

في المقابل لا توجد استراتيجية واضحة لدى الفلسطينيين يرتكزوا عليها لإنهاء الاحتلال والضغط على إسرائيل لمنح الفلسطينيين حقوقهم بإقامة دولتهم في ظل تعنت إسرائيلي يعارض إقامة الدولة الفلسطينية واتضح ذلك في تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلي "نفتالي بينت" والتي قال فيها لا لحل الدولتين ولا لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية ولا للقاء عباس. ولا يختلف "بينيت "في مواقفه عن سلفه السابق "نتنياهو" من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويتمسكان بالدعوة لما يسمى بالسلام الاقتصادي، وتبذل الأردن ومصر جهودا من اجل استئناف عملية السلام وإعادة إطلاق التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيلين وقد بذل الملك الأردني عبدالله الثاني جهدا كبيرا لدى الإدارة الأمريكية من اجل التدخل والضغط على إسرائيل لإعادة إطلاق عملية السلام وإحياء مسار التفاوض.

إن ما يجري على الأرض من قبل إسرائيل في الضفة الغربية ومنها القدس الشرقية مؤشر ودليل واضح بأن حل الدولتين تلاشى بنسبة كبيرة لدى الجانب الإسرائيلي وأن إسرائيل لن تقدم للفلسطينيين اكثر مما هو موجود حاليا كسلطة بلا سيادة تمارس حكم ذاتي لإدارة السكان ضمن تنسيق امني ومدني مع الجانب الإسرائيلي، وقد اعتاد رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق "ارئيل شارون" القول (بأن السلطة الفلسطينية هي سلطة حكم ذاتي وهذا واقعها الذي لن يتغير، أما من جهة الفلسطينيين فلهم أن يسموها الامبراطورية الفلسطينية وانه لن يعارض طالما بقيت في الواقع على ماهي عليه) مما يؤكد بأن السلام مع إسرائيل لن يتحقق وان ما يجري هو الدوران في عملية سياسية وهمية قائمة على الاستيطان وتكثيفه في الضفة الغربية والقدس.

في ظل هذا الواقع هناك تساؤل، ما هي الخيارات المتبقية لدى الفلسطينيين وخاصة أنها تنازلت عن الخيار الاستراتيجي منذ أوسلو والمتمثل بالمقاومة في ظل دعم أمريكي لإسرائيل ؟.وهذا السؤال الذي لم تتم الإجابة عليه من قبل السلطة الفلسطينية.

وهنا لابد من الاعتراف بان تعنت وتشدد إسرائيل لا يطمئن الفلسطينيين والمجتمع الدولي وعليه لا بد من جهود فلسطينيه وعربيه على الساحة الدولية من اجل الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان والعمل على تقديم كل الدعم المالي والاقتصادي والسياسي لإبقاء الشعب الفلسطيني صامدا في ارضه عبر تحسين أحوالهم المعيشية وتنمية الاقتصاد الفلسطيني وزيادة الاستثمار وخاصة أن الديموغرافيا الفلسطينية في الضفة وغزه ووسط عرب إسرائيل هي التحدي الذي يواجه إسرائيل في ظل عدم وجود برنامج مقاومه مع الإشارة أن وجود سلطه فلسطينيه شفافه وخاليه من الفساد وقائمه على التعددية السياسية وممثله للشعب الفلسطيني في الضفة وغزه من خلال انتخابات رئاسيه وتشريعيه ومجلس وطني فلسطيني ،ضروري كشاهد حي للقضية الفلسطينية ويجب المحافظة على هذا الوجود ،وعلى قيادة السلطة استثمار أي فرصه للاستفادة منها لغايات صمود الفلسطيني على ارضه مع إبقاء حراكها السياسي على الساحة الدولية بما فيها هيئة الأمم المتحدة والتأكيد على حل الدولتين والتهديد بمراجعة اتفاقية أوسلو التي اعترفت فيها منظمة التحرير الفلسطينية بوجود إسرائيل.

التعليقات