الإمارات تقود ازدهار منطقة الشرق الأوسط في استحداث مناطق الابتكار وحاضنات الأعمال

رام الله - دنيا الوطن
نشرت "آرثر دي ليتل"، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، نتائج دراستها الجديدة التي ركزت فيها على واقع وآفاق مناطق حاضنات ومراكز الابتكار في منطقة الشرق الأوسط، وأشارت إلى التحولات التي شهدتها بيئة الأعمال خلال مرحلة ما بعد الجائحة، والتي من المتوقع أن تجعل مناطق الابتكار في المنطقة في وضع جيد لتحقيق المزيد من الازدهار. فمن خلال تمركز الشركات والمؤسسات في منطقة واحدة وتلبية احتياجاتها المتنامية من سلاسل التوريد المعقدة، يمكن لهذه الشركات اكتساب مستوى أعلى من المرونة لتحسين نماذح أعمالها وتعزيز مؤشرات الابتكار عبر عملياتها لعقود قادمة. ويسلط التقرير الجديد الذي حمل عنوان "مستقبل مناطق الابتكار" الضوء، على ضرورة تركيز مناطق الابتكار، أولاً، على عدد من عوامل النجاح لضمان تحقيق الاستفادة من كامل إمكاناتها. ويقدم خبراء "آرثر دي ليتل" في دراستهم الجديدة مجموعة من الرؤى والتوصيات حول العوامل التي ينبغي على البلديات والجهات المعنية ومالكي العقارات وصانعي السياسات والمستأجرين المحتملين من الشركات مراعاتها عند البدء بإنشاء أو اختيار مناطق ابتكار تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، إضافة إلى شرح مجموعة من المتطلبات الأساسية الأخرى وتقديم رؤى قيّمة للمديرين التنفيذيين لضمان تحقيق نجاحات مستدامة.

وقال الدكتور ريموند خوري، شريك ومسؤول قطاع إدارة التكنولوجيا والابتكار في "آرثر دي ليتل الشرق الاوسط": "تشهد المنهجيات والاستراتيجيات التي تتبعها الشركات فيما يتعلق بتعزيز الابتكار واختيار المواقع التي تبحث من خلالها عن مشاريع جديدة، تحولات كبيرة في العقود الأخيرة، نتيجة المنافسة المتزايدة في السوق والتطورات التي شهدتها بيئة الأعمال. فبدلاً من نماذج الابتكار التقليدية والمنغلقة، بدأ عدد متزايد من الشركات بالتوجه نحو اختيار منهجيات وأساليب التعاون المفتوح التي تتضمن شراكات متعددة عبر مجالات ومنظومات قطاعات الأعمال الأخرى. وقد أدى هذا التوجه المتزايد إلى ظهور حاجة ملحة لوجود مواقع عمل مادية ملائمة تساعد على تعزيز الابتكار، مما أدى إلى ولادة مفهوم مناطق الابتكار".

وتهدف مناطق الابتكار، التي تتركز عادةً في المناطق الحضرية، إلى خلق بيئة ملائمة للأعمال تساهم في تعزيز أوجه التعاون والروابط والتواصل بين الشركات التي يتم تمكينها وتعزيز استدامتها من خلال منظومة ابتكار أوسع وأكثر شمولاً. ويمكن أن تستقطب هذه المناطق مجموعة واسعة من الشركات بمختلف أحجامها بداية من الشركات الناشئة إلى الشركات الكبيرة، وتتميز في كونها أكثر ملائمةً من الناحية التنظيمية والمادية مقارنةً بمجمعات الابتكار التي عادةً ما تكون أكبر من حيث الحجم. وتعتبر منطقة الشرق الأوسط موطناً للعديد من مناطق الابتكار التي حققت نتائج أعمال ناجحة.

وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حافظت على تصنيفها ضمن أفضل 20 دولة في مؤشر التنافسية العالمية على مدى السنوات الخمس الماضية، قد طورت العديد من مناطق الابتكار التي تقدم الخدمات والتسهيلات المطلوبة لرواد الأعمال والشركات لمساعدتها على تعزيز الابتكار وتحقيق المزيد من النمو والنجاحات. ومن الأمثلة البارزة مركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال (DTEC)، الذي استقطب أكثر من 800 شركة ناشئة من حوالي 70 دولة حول العالم منذ إنشائه في عام 2015. ويقدم المركز الذي تشرف على إدارته سلطة واحة دبي للسيليكون (DSOA)، ما لا يقل عن خمسة برامج وفعاليات مختلفة لتشجيع ريادة الأعمال والابتكار والعمل مع العديد من الشركاء المحليين والإقليميين والعالميين لضمان أعلى مستويات الكفاءة والجودة في تقديم الخدمات.

وقال بن ثوريوكس أليمان، شريك في قطاع إدارة التكنولوجيا والابتكار في "آرثر دي ليتل المملكة المتحدة"، والذي سبق له العمل في عدد من هذه المبادرات في الشرق الأوسط: "يستحوذ الابتكار على أهمية خاصة بالنسبة لقادة الأعمال في كل من القطاعين العام والخاص في الشرق الأوسط، وبالتالي فهو يشكل ركيزة أساسية لازدهار اقتصادات المنطقة. لذلك، فإن عدد مراكز الابتكار الحالية والمشاريع المخطط لها خلال الفترة المقبلة يعتبر نتيجة واضحة ومفهومة لهذا الاهتمام المتزايد من جانب الحكومات والشركات. وتتميز المشاريع التي أثبتت نجاحها حتى الآن ببنيتها التحتية المتطورة للمواصلات، والقرب من المناطق الحيوية والكثيفة بالسكان، وأماكن الإقامة التي تتسم بالمرونة والجودة، فضلاً عن إمكانية الوصول بسلاسة إلى حاضنات المواهب والابتكار، مع التركيز على الأولويات الوطنية. ويجب دائماً أخذ هذه الخصائص المشتركة بعين الاعتبار قبل البدء بإنشاء مناطق ابتكار جديدة، هذا بالإضافة إلى العديد من العوامل الأخرى".

 

وتشير مخرجات الدراسة إلى العديد من العوامل الضرورية الأخرى لتعزيز استدامة مناطق الابتكار والتأكد من تقديمها مزايا عملية تضمن نجاحها على المدى الطويل، ومن هذه العوامل عروض الخدمات والمنتجات الفريدة (USPs) واستراتيجيات استقطاب المواهب وتأمين متطلبات الإشغال وسلاسل التوريد إضافة إلى تحديد رؤية طويلة المدى لخلق القيمة والثروة. وتتطرق الدراسة أيضاً لمناقشة سُبُل تطوير عمليات فعالة لنقل التكنولوجيا وإنشاء مبانٍ مرنة متعددة الاستخدامات، مع تقديم إرشادات للجهات المعنية بتطوير منظومات مناطق الابتكار.

 

وأضاف الدكتور خوري: "مع انخراط عدد متزايد من المديرين التنفيذيين وقادة الجامعات والمسؤولين الحكوميين المحليين في تطوير مناطق الابتكار وتشغيل عملياتها، سيكون من الحكمة التأكد من اعتماد منهجية واضحة تركز على تقديم عروض خدمات تتوافق مع أعلى المعايير العالمية ودفع الابتكار من خلال خلق المزيد من الفرص. ويجب أن تحرص مناطق الابتكار على تخطي حدود المزايا التي توفرها مجمعات الأعمال التقليدية وتمييز نفسها من خلال التمتع بجميع العوامل الأساسية للنجاح".