شاهد: ذات الأربعة عشر ربيعًا تكتشفُ قواها الخارقة

شاهد: ذات الأربعة عشر ربيعًا تكتشفُ قواها الخارقة
رام الله - دنيا الوطن
"كاتبة، صحفية، مدققة لغوية، مرحة، وذات روح رياضية لكن لا تقبل الهزيمة، قارئة نهمة ومثقفة". هذا تمامًا ما يمكن وصف الطفلة ضحى طه به. 

انضمت ضحى (14 عامًا) لمركز رُسل لرعاية الأطفال الموهوبين، التابع لجمعية منتدى التواصل بالنصيرات، وكانت من بين 170 طفلاً اختيروا من 1700 طفلاً تقدموا بطلبات القبول، على مستوى المنطقة الوسطى بقطاع غزة.

كانت ملفتةً منذ اللحظة الأولى، بما كتبته خلال ورشة يتعلم خلالها الأطفال مهارة كتابة القصة القصيرة. كتبت عن حصانها الخاص بطريقةٍ مبتكرة، وأسلوبٍ لغوي مبهر، ثم كانت على قدرٍ من الجرأة والثقة العالية بالنفس خلال المقابلة التي خاضتها، والتي تأهلت بها لنادي الإعلام والتواصل.

تحب ضحى القراءة، وتحاول أن تقرأ كل كتاب يقع بين يديها، وعن ذلك تقول: " أعتقد أن السبب الرئيس الذي يجعلني مميزة في كل تجربة أخوضها، هو القراءة. أنا أقرأ لأن القراءة صديق وفي، أقرأ لأعرف كل شيء عن كل شيء، أقرأ لأفهم نفسي وأفهم الناس".

ما الذي تغيّر في ضحى منذ انضمامها لنادي التواصل والإعلام؟ عن هذا السؤال تضحك في كل مرة، مجيبةً:" لا شيء. 90 بالمائة فقط".

وتسترسل ضحى، وهي من سكان مخيم النصيرات: "صرت أعرف نفسي، وأفهم الآخرين، صرت مثقفة أكثر، واكتسبت بعضًا من المهارات كإدارة الوقت، والقيادة الجيدة، أصبحت أعرف أهمية المدرسة والدراسة، وحولت نصف نقاط ضعفي إلى قوة".

خلال مرحلة الإعداد بمركز رُسل كان على ضحى أن تدرك وتتعلم وتتقن مجموعةً من المهارات التي تؤهلها لتعلم فنون إعلامية متخصصة، ومن ذلك: مهارة الاستماع، والقراءة، والعمل الجماعي، وإدارة الوقت، والتفكير الناقد، والكتابة، وغيرها.

تميزت ضحى خلال العام الأول من رحلة الأمل، رغم الصعوبات التي فرضتها جائحة كورونا والتي ضيّقت الخناق على العمل الوجاهي، والتزمت التزامًا صارمًا ومثابرا.

كانت من أوائل الذين نفذوا الأنشطة والتكاليف المطلوبة، وأكثرهم قدرة على إدارة الوقت، وكانت تسأل عن كل ما يثير فضولها، ويستحث بحثها عن المعرفة.

لم تعتد ضحى أن تعمل في مجموعات، فقد كانت تعكف لوقتٍ طويل على قراءة الكتب وحيدةً، وكانت أكثر ميلٍ للعزلة، وكان سيفها تفكيرها الناقد، ووعيها الزائد عن حد عمرها، فتسبب لها هذا في رحلةٍ ما بشجاراتٍ خفيفةٍ ظريفة مع الأصدقاء، ثم ما لبثت أن أصبحت أكثر لطفًا في توجيه نقدها لأصدقائها الأربعين في النادي المذكور، وتحوّل كل هذا لقدرةٍ خارقة على تقديم المساعدة.

أصدقاء ضحى في النادي يطلبون اليوم مساعدتها في تدقيق المواد التي يكتبونها، أو في العصف الذهني لإعداد أسئلة حواراتهم ومقابلاتهم الصحافية، أو في إضفاء لمسة إبداعية أدبية على شيءٍ ما يكتبونه.

حتى ضحى تغيرّت واستفادت من حثها الدائم على مطالعة الأخبار، ومشاهدة التقارير والمقابلات والبرامج، الأمر الذي تقول عنه:" استفدت كثيرا. يعني أنا مثلا الآن أعرف رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، ورئيس البلدية. لقد أصبحت أعرف أكثر عن الإعلام وميادينه المختلفة، وعن كل ما يجري حولي، بل صرت أكتب ترليون فكرة في نفس الوقت، وأصبحت أعرف وأعترف بجل أخطائي، أو كلها، وأحاول تغييرها".

ناهيك عن تفوقها المبهر في إتقان الكتابة الصحفية للتقارير والأخبار الصحافية التي كانت دومًا أول من يسلمها للتدقيق في موعدها المحدد، إلا أنه ضحى تمتلك أسلوبًا أدبيًا أكثر إبهارًا.

في البداية، لم تكن الصغيرة عمرًا الكبيرة وعيًا مدركةً أنها تمتلك قدرةً على كتابة القصص القصيرة.

تشرح ضحى: "التحدي الأكثر صعوبة الذي واجهني هو أنا، أنا كنت عائقا أمام نفسي، التغلب على طبيعتي الكارهة للمشقة، التي تكره المحاولة مرارا وتكرارا، المحبة للكسل، والتغلب على عدم إيماني بقدراتي، كان مشكلتي".

وتتابع القول: "اليوم استطعت أن أوظف قدرتي على القراءة، والبحث، والتحري، في مسيرتي كإعلامية صغيرة. أشعر أنني أمتلك شيئًا مميزًا، وأرى أنه لا يمكن أن يصبح المرء إعلاميًا إن لم يقرأ، إن لم يبحث، إن لم يدقق في التفاصيل".

فازت ضحى بجائزة مسابقة نظمتها إحدى المؤسسات المحلية المعنية بإبداعات الأطفال، عن قصةٍ كتبتها، وأشاد كتابٌ متخصصون قرأوا ما كتبته، بأسلوبها السردي، وقدرتها الفائقة على الوصف والحبكة، فكان هذا دافعًا إضافيًا لها.

ضحى اليوم تحلم بدراسة الإعلام، والحديث عن قضايا الطفولة الفلسطينية، كما ترى أن بمقدورها قول كلمة قد تغير شيئًا للأفضل في هذا العالم.