الخلاصة مما سبق

الخلاصة مما سبق
بقلم: هاني المصري
لا يمكن الاستناد إلى جريمة اغتيال نزار بنات للمطالبة بكل شيء - رغم أن أداء السلطة إزاءها لم يتميز بالقمع والارتباك، وعدم الوحدة فقط، بل يفتقر إلى الحد الأدنى من الكفاءة والمهنية، ويدل على غباء يؤدي إلى مضاعفة الخسائر - لأن هذا سيؤدي إلى عدم تحقيق أي شيء، ومن يعتقد أن السلطة شارفت على الرحيل، وأن إنهاء الاحتلال على مرمى حجر، وأن زوال إسرائيل بات قاب قوسين أو أدنى، عليه أن يراجع حساباته، فالسلطة في وضع صعب جدًا، وفي الزاوية، لكنها لا تزال قادرة على البقاء لأسباب داخلية وخارجية.
وأهم الأسباب الداخلية، اشتباكها، ولو بحدود، مع الاحتلال، وعدم تبلور بديل مقبول قادر على التحليق، وتجري محاولة لتأهيل "حماس" وعناصر ليبرالية ومجتمعية مختلفة لتشكل هذا البديل، ونأمل ألا تنجح، وأن تبقى "حماس" جزءًا وفي قلب البديل الوطني، ضمن معادلة شراكة لا تستبدل هيمنة فصيل بفصيل ولا فرد بفرد.
أما أهم الأسباب الخارجية، فهو عدم رفع الكرت الأحمر الخارجي في وجه السلطة حتى الآن، والسبب عدم معرفة من هو خليفة الرئيس عباس، وماذا سيحصل في الوضع الفلسطيني إذا غاب لسبب أو لآخر قبل نُضج البديل. وقد تكون المحاولات قد بدأت لإيجاد البديل المناسب للخارج، لأن السلطة بدأت تفقد قدرتها على الحكم، ويهدد بقاؤها من دون تغيير أو إصلاح بردات فعل وحدوث أشياء غير مسيطر عليها، كما تدل المقالات والأخبار والمؤشرات في الصحف الإسرائيلية والأوروبية والأميركية وبعض العواصم العربية، وهذا ما يخيف السلطة أكثر من أي شيء آخر، ويجب ألا يكون الثوار سذجًا ويعبّدون الطريق بحسن نية لغيرهم كما حدث في تجارب أخرى.
إن التركيز على تحقيق العدالة بخصوص جريمة قتل نزار بنات، بما في ذلك إقالة الحكومة ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة بشكل مباشر وغير مباشر، لا يعني عدم ضرورة تقديم مبادرات شاملة تستهدف الإنقاذ الوطني الشامل. فالربط بين تحقيق كل المسائل والقضايا لا يؤدي إلى حلها، وإنما إلى تعقيدها. فتغيير الحكومة يختلف نوعيًا عن إسقاط النظام ورحيل الرئيس، وتحقيقه يساعد على إحداث تغيير أكبر.
وفي هذا السياق، طرح البعض مطالب متناقضة، مثل مطالبة الرئيس بتحقيق العدالة وتغيير الحكومة ورحيله في ذات الوقت، هذا مع العلم أن الأمر يجب ألا ينحصر بتغيير حكومة بحكومة، بل بتغيير نهجها وسياساتها ورموزها، وأن تكون مسؤولة في أقرب وقت أمام مجلس تشريعي، وفي ظل سيادة القانون، وقضاء فاعل ومستقل!
التعليقات