قراءة في موقف الدكتور حنا ناصر من الانتخابات العامة المؤجلة

قراءة في موقف الدكتور حنا ناصر من الانتخابات العامة المؤجلة
قراءة في موقف الدكتور حنا ناصر من الانتخابات العامة المؤجلة

المحامي سمير دويكات

لقد عرفت الدكتور حنا ناصر بأخلاقه وقوامه الصحيح ايام ان كنا قبل عشرين سنة في بيرزيت في دراسة الماجستير وهو الذي كان للجامعة اثناء رئاسته تفوق كبير على المستوى العربي والعالمي، وبعدها عشت معه لحظات عصيبة في انتخابات 2006، وخضناها معا وبقيت الزملاء الابطال في سباق مع الزمن وتجاوزنا كل العقبات وخاصة اثناء الاعتداء على مكاتب اللجنة سنة 2005، وقد قررت المحكمة آنذاك فتح باب الترشح من جديد، لكن استمر العمل على الانتخابات ونجت وكانت سيرة العالم لسنوات وما تزال وهو ما اعطى اللجنة سيرة محمودة حتى اليوم، لكن لجنة الدكتور عمار دويك وقتها ليس كلجنة غيره الذي جاء لأغراضه الخاصة والذي يظهر في الاعمال ومنها تقليل اعداد المراقبين والذي تسبب في ازمة ثقة مع المؤسسات والتعيينات الخارجة عن القانون لأناس غير اكفاء وطريقة تسجيل الناخبين الخاطئة التي جعلت من السجل الانتخابي غير دقيق ولا يتمتع بالنزاهة والشفافية، وفي وقتها سنكتب عنه اكثر، وهناك بعض المقالات بهذا الخصوص، وبالتالي فان اللجنة اليوم ليس كما امس، وهي تحتاج الى تغيير كامل في طاقمها الاول والثاني من المدراء بلا استثناء، وكذلك يلزم ان يتنحى رئيس واعضاء اللجنة، كي نرى وجوها قادرة ان تكون مؤثرة، من الشباب والشابات، وخاصة انه وفق ما ورد من تلميحات في الطعن امام محكمة النقض بصفتها الادارية رقم 76/2021، ان اللجنة فقدت بريقها، ونحتاج اليوم الى لجنة جديدة وطواقم جديدة، تضعنا على الطريق وتعود بنا الى ايام 2006، ايام النزاهة والشفافية، وسيادة النص القانوني في الانتخابات.

اذ لو جرت الانتخابات لأصبح لدينا مجلس تشريعي ومع نهاية هذا الشهر رئيس منتخب لولاية جديدة، ولكن لم يحصل ذلك بسبب اخطاءنا السياسية وادى ذلك الى صعود احتقانا سياسيا خطيرا وازمات مختلفة جدية ومتعددة لم تغطيها الا بعض الوقت احداث جبال بيتا وقضية الشيخ جراح ونشوب الحرب مع غزة، وارى انها ستزيد، وعلى الجميع اخذ مسؤولياته بموضوعية ومصلحة الوطن اولى من كل شيء، وهذا الكلام موجه الى الشخصية الخلوقة والمحبوبة الدكتور حنا ناصر صاحب التاريخ، ان يفعل ذلك لأجل الوطن باستقالة وتنحي مشرف.

وهنا، نورد نص المادة (2) من القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007، والتي تبين الية الدعوة وتنظيم الانتخابات وقد ورد النص فيها على (يصدر الرئيس خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ انتهاء مدة ولايته أو ولاية المجلس مرسوما ً يدعو فيه لإجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية في فلسطين، ويحدد فيه موعد الاقتراع، وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية ويعلن عنه في الصحف اليومية المحلية). وهذا هو الاجراء المتبع في القانون حول الدعوة للانتخابات قبل ثلاثة شهور من انتهاء ولاية الرئيس او المجلس التشريعي وبحكم الانقسام ومرور عشرة سنوات واكثر على عدم اجراء الانتخابات كان لاحقة للثلاثة شهور ولكن نفس النص كان يجب ان ينطبق على الحالة المقررة في اخر انتخابات مؤجلة، أي ان الرئيس يدعو الى اجراء انتخابات وتنتهي صلاحياته في موضوع الانتخابات سوى بعض الامور الخاصة ببعض المراسيم ومنها مرسوم الاخوة المسيحيين.

وزيادة على ذلك، وفي المادة (115) اورد حالات استثنائية واعطتها للجنة الانتخابات حول مسالة تنظيمها في القدس من كل جوانبها والتي تنص على (1- وفقاً لأحكام هذا القانون تعد اللجنة سجلات الناخبين الفلسطينيين في القدس، ولها اتخاذ أية إجراءات وإتباع أية وسائل تراها مناسبة لضمان تمكين الناخبين في القدس من ممارسة حقهم في الاقتراع. 2- يجرى الاقتراع في القدس وفق أحكام هذا القانون ووفق الأنظمة والتعليمات والإجراءات التي تضعها اللجنة. 3- مع مراعاة ما ذكر في الفقرتين (1،2) أعلاه، تطبق أحكام هذا القانون على الانتخابات التي تجرى في القدس شأن أي منطقة انتخابية أخرى في فلسطين). وبالتالي فان القانون اعطى للجنة الحق في استثناء واضح ان تجري الانتخابات في القدس بتنظيم تسجيلهم وفق اليات يتم حفظ حقوقهم فيها، وكذلك بالنسبة للاقتراع، وان المشرع من غاياته ان اورد هذه النصوص ليبين للجنة قبل غيرها ان مسالة القدس مسالة خاصة تحتاج الى وضع خاص وبالتالي يجب ترتيب الامر على تنظيم وضع خاص منحه القانون للجنة الانتخابات دون غيرها في مسالة القدس، ونؤكد هنا انه لا انتخابات بدون القدس، ولكن هل اللجنة بحثت كافة الامور والمقترحات التي كانت تنشر او هل تقدمت بمقترحات لإجراء الانتخابات في القدس؟ حسب ما يردنا فان هذه الامور لم تقدم بشكل رسمي حتى قبل تأجيل الانتخابات وان الامور ذهبت للتأجيل بدون مبادرات خلاقة او ابداعية من اللجنة التي خولها القانون ذلك.

ونضيف انه وفي المادة (13) من القانون نفسه لم يرد أي من مهام اللجنة حول التأجيل، وفي كافة نصوص القانون لم يرد أي نص يمنح اية جهة الصفة او الاختصاص بتأجيل او الغاء الانتخابات وهو امر كان يجب ان تبادر له اللجنة، ان كان لديها الجدية في اجراء الانتخابات وتنظيمها وفق القانون والمهام المخولة لها بموجب القانون. فقط اعطى القانون الصلاحية للجنة فقط في اعادة الانتخابات التي تجد فيها خلل او شكاوى تؤثر على سير العمليات الانتخابية.

اجتماع تأجيل الانتخابات رافقه وجود الدكتور حنا ناصر وهو كرئيس للجنة الانتخابات المركزية يمثل المواطن الفلسطيني، لكن لم يرد على لسانه أي شيء بهذا الخصوص وقبلها ارسل بيانا للإعلام قال فيه نحن مستعدون ان نفعل ما يمليه علينا المستوى السياسي وهو امر خطير جدا، وبالتالي كان يتوجب عليه اعمال نصوص القانون وايجاد حلول قانونية لإجراء الانتخابات في القدس من اجل تنظيم الانتخابات العامة والتي تؤشر لو جرت على بدء استقرار النظام السياسي الفلسطيني، لكن الدكتور حنا الذي يعود القرار له وحده في اللجنة في ظل وجود مدير تنفيذي ضعيف ومدراء ضعفاء لا يفقهون الانتخابات، والذي يقود اللجنة بكل اعضاءها وكل موظفيها وطواقمها، فقد التزم الصمت الضعيف والغائب الذي بموجبه انتهك ما خوله القانون له من مهام في نصوصه والتي تعطيه الصلاحيات الكاملة دون غيره.

بالتالي هل يعتبر الدكتور حنا ناصر منتهك لأحكام القانون؟ والذي كان عليه ان يستقيل قبل تأجيل الانتخابات لان المستوى السياسي حتى لم يمنح الأوروبيين المحاولة الاخيرة قبل تأجيل الانتخابات، وكان على اللجنة ان تكون صريحة ودقيقة في تناول نصوص القانون، فمن اشار عليهم ومن منحهم الحق في سلب اختصاصات اللجنة في القانون واغلاق العيون في اللجنة من قبل مستشاريها وطواقمها واعضاءها الذي يتقاضون ميزانية محترمة؟ وبالتالي الاولى برئيس اللجنة والأعضاء ان استقالوا كي يكون المواطن على بينة من امره في هذا الموضوع صراحة.

وقد كتبت حول الموضوع من زوايا اخرى، آمل من السيد رئيس اللجنة ان يكفر عن اخطاءه باستقالته الصريحة كي يتم هيكلة لجنة الانتخابات المركزية من جديد، للبحث في سبل جديدة لإجراء الانتخابات لان عقلية الانتخابات منذ عشرين سنة هي كما هي، وخاصة بعد انشاء البرج الجديد الذي صمم لراحة بعض مما لا يرغبون في التعب من اجل انتخابات حرة ونزيهة، وانا شخصيا وبعيدا عن أي ارتباطات قانونية اخرى، ارجوا ان يقدم جميع الاعضاء والمدراء من الصف الاول والثاني استقالاتهم قبل فوات الاوان، كي نخرج من المأزق السياسي الذي اوقعنا البعض فيها، لان الخيارات في غير اجراء الانتخابات خطيرة جدا، ولن يتم تناول الانتخابات من جديد الا باستقالة اللجنة واعضاءها جميعا ومدراءها المؤثرين فيها.

وبالنهاية، واذ نشكر الدكتور حنا ناصر، الرجل التاريخي في المعادلة الفلسطينية، فإننا ومن خلال تحليلاتنا ومن خلال تسعين ساعة تدريبية للزملاء، نجد ان موقفه في ادارة الانتخابات الاخيرة لم يكن ايجابيا بل كان سلبيا وهو واعضاء اللجنة ومستشاريها ومدراءها المغيبون يتحملون جزء من تأجيل الانتخابات وازمة النظام السياسي الموجود اذ انهم لم يبادروا الى استخدام صلاحيتهم في القانون، وقد جاء عنوان المقال باسم الدكتور حنا، لأنه هو عنوان اللجنة وبقيت الاعضاء لا تمانع رايه بتاتا وهذا اسلوبه في ادارة الوضع مع الفارق في كبر السن اليوم وقد تجاوز من العمر عتيا، أمن الله عليه بالصحفة والعافية. اذ انها معركة مصيرية لن نخرج منها الا بانتخابات نزيهة وشفافة وحرة لكل مواطن فلسطيني.

التعليقات