التسحيج.. معناه وأسبابه ودوافعه وسبل الخلاص منه

التسحيج.. معناه وأسبابه ودوافعه وسبل الخلاص منه
د.أحمد هشام حلس
التسحيج.. معناه وأسبابه ودوافعه وسبل الخلاص منه

بقلم د. أحمد هشام حلس

رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية في غزة

لقد تفشى هذا المرض الخبيث وبشكل مقزز ولافت بين أبناء شعبنا المنهار خلال السنوات الماضية، التسحيج وهو النفاق، والتملق، والتدهين، والمجاملة، الخ، التسحيج للحاكم والمسؤول والقائد والزعيم والوزير والمدير، في الأحزاب والحركات والوزارات والجامعات والمؤسسات والأجهزة والشركات الخ.
لقد فشلنا نحن الفلسطينيون وبجدارة واستحقاق في بناء قانون محترم ضابط ناظم لكل تفاصيل حياتنا العامة والخاصة.

نعم فشلنا، ولست اجلد ذاتنا، كما ولن اغطي الشمس بغربال، لقد بنينا و صغنا قوانين وتشريعات بكميات هائلة، في معظمها "قص لصق" من تجارب ودساتير لدول وشعوب أخرى في الجوار او حول العالم، لكننا لم ولا ولن نحترم هذه القوانين.

لا شعبا ولا قيادة، ولا فصائل ولا أحزاب ولا شركات ولا دكاكين ولا بسطات، وكنتيجة حتمية لهذا الواقع الذي تسوده لغة الادغال وشريعة المفترسات بمنهجية "البقاء للأقوى"، والبقاء للأسفل، البقاء للأكثر صراخا وللاكثر بطشا، وللأكثر هيمنة وتسلطا وعنجهية، البقاء للأكثر دهاءً وخبثا والانجح في صياغة المكر وممارسته تجاه البسطاء، وكواحدة من اهم افرازات هذا الواقع المخزي ظهرت اساليب وانماط عيش متعددة يحاول الجهلاء من الشعب جسر الهوة وملء الفراغ القانوني عبرها، هذا الفراغ القانوي الذي خلقناه نحن، بايدينا، وطورناه نحو القاع يوما بعد يوم، حتى اصبح سمة بائسة تجلب لنا الخزي والكسوف، ومن هذه الانماط ما بات يعرف ب "التسحيج" او "التدهين" و "التملق" و"النفاق" للمسهول، عفوا للمسؤول، هذه الظواهر العفنة ما كانت لتكون ابدا لو ان قانونا ضابطا حقيقيا يضمن للجميع حقوقهم، التي لا يمكن ان تنتهك بعيدا عن القانون، والقانون فقط، وليس اي شيء اخر.

 ولو ان الناس لا يخشون على ارزاقهم او حياتهم او مصالحهم او مستقبلهم المصان بقوة القانون، لما ذهبوا بالآلاف للمشاركة في مناسبة زفاف او بيت عزاء خالة عمة جدة كنة سلفت جارت صديق ذلك المسؤول، الذي يحفظ علينا حقوقنا اكثر لو سحجنا له اكثر ، او تملقناه اكثر، او لعقنا انامله اكثر، هذا الهراء القذر صنيعة المسؤول نفسه، هو من دمر ويساعد في تدمير القانون، وهو المستفيد الاول والاخير من غيابه على كل الاوجه، فمصالحه تتم بلا قانون.

كما وان وجوده على راس عمله اصلا هو غير قانوني، ناهيكم عن هذه الفوضى الشعبية المخزية حوله المثارة حوله طوال الوقت، ومعاليك وسيادتك ويا قائد ويا مناضل ويا تاج راسنا، وعملية التأليه الوهمية التي تخلق من حوله طوال الوقت عبر المرتزقة والدجالين والمساكين والمسحوقين، الذين اصبحوا الأكثرية...

نسي الناس، او السذج منهم، وأصحاب العقول الضحلة والوعي الخافت، ان هذا المشروع او المسؤول ما هو الا خادم لهم بمسؤوليات مختلفة، كما عامل النظافة أو حارس الحدائق العامة، كلهم سواسية في الحقوق والواجبات، وليس لهم من امر الناس بعيدا عن القانون من شيء ابدا، ولا يمتلكون لهم ضر او نفع الا بالقانون، فتقاعدهم وخصم رواتبهم واقالتهم وترقيتهم ونقلهم وسجنهم وتسريحهم لا يمكن حصوله الا من خلال القانون، بمثابرة او اهمال، وبجد واجتهاد ذاتي او بارتكاب الأخطاء والجنح، ضمن القانون، وليس التسحيج والتملق والمصاهرة والنسب والتقرب من المسؤول، الذي سال لعابه لسنوات، وركض خلف الناس سنوات حتى يمنحوه الثقة ليخدمهم، ويقوم على امرهم، ويرعى مصالحهم، فإن اخفق او قصر او خان الأمانة خلعوه، كما تخلع النعال، وان ابدع ونجح واصلح شكروه، وأجره عند الله اعظم....

متى يستفيق شعبي من جهله.....
متى نصحوا من هذا الموت العميق....
وبيحكولي بلاش سياسة يا دكتور، هو انا قادر.؟؟؟....

التعليقات