ورشة عمل: الهبة الأخيرة حملت مؤشرات على تحولات في أدوار القوى السياسية والنخب والفعاليات

رام الله - دنيا الوطن
ناقش مشاركون/ات في ورشة حوارية حول فلسطينيّي أراضي 48 في ضوء التطوّرات السياسيّة الأخيرة ما بعد تفكيك (القائمة المُشتركة)، ودعوات الاندماج في الحكومة، وصولًا إلى حالة الانتفاض التي شهدتها أراضي عام 1948، استمرارًا لانتفاض الشارع الفلسطينيّ دفاعًا عن القدس ونصرة لغزّة.

وتطرق المشاركون إلى وجود تحولات في أراضي 48 تتمثل في وجود تيارين متناقضين، تيار يشمل الشباب الذين انتفضوا في وجه السياسات الاستعمارية، وتيار آخر تمثله القائمة الموحدة، ويدعو إلى التأثير في السياسة الإسرائيلية من خلال الدخول في الائتلاف الحكومي، مشيرين إلى أن ظهور هذين التيارين يدل على ضعف القوى الوطنية التقليدية، وخاصة الجبهة والتجمع.

جاء ذلك خلال ورشة حوارية نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بعنوان "الفلسطينيون في أراضي 48 ... من الاندماج إلى الانتفاض"، بمشاركة 60 من السياسيين والباحثين والأكاديميين من مختلف التجمعات الفلسطينية.

وتحدّث في هذه الورشة كل من: أمير مخول، كاتب وباحث، ود. إمطانس شحادة: نائب سابق في (كنيست) عن القائمة المشتركة، ورازي نابلسي، باحث في مركز مسارات، فيما أدار الحوار خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات.

وقال شاهين إن توقيت هذه الورشة يأتي قبيل تصويت الكنيست على حكومة بينيت-لابيد، بمشاركة القائمة الموحدة، في تحول نوعي يثير الكثير من الأسئلة، وتأتي بعد الهبة التي شهدتها أراضي 48، لا سيما ما حدث في شوارع اللد وحيفا ويافا وعكا، بالتزامن مع ما كان يحدث في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وفي عدد من التجمعات في الشتات، وحالة التضامن الدولي مع حقوق الشعب الفلسطيني، بما يثير أيضًا أسئلة حول مؤشرات واتجاهات هذه الحالة الجديدة، لا سيما في ظل تقدم عدد من المجموعات والحالات الفردية الشابة التي لا نعرفها لتصدر الميادين، إضافة إلى دور القوى السياسية، وقضية التمثيل عبر الأطر المؤسسية كلجنة المتابعة العليا، أو من خلال المشاركة في انتخابات الكنيست.

من جانبه، أوضح مخول أنه بالإمكان اعتبار العام الأخير عامًا مفصليًا في مسيرة الحركة السياسية بين الفلسطينيين في الداخل، وأن هناك تحوّلين كبيرين عصفا بالحركة السياسية، ومن شأنهما أن ينعكسا على المشهد السياسي الحزبي والجماهيري، وهو ما عبرت عنه نتائج انتخابات الكنيست، وموجة الصدام الحالي مع إسرائيل بأبعادها الفلسطينية الداخلية والعامة، وكذلك بمدى القدرة على توفير حالة جهوزية، منوهًا إلى أن النخب والفعاليات الشعبية الموجودة خارج الأحزاب والحركات السياسية أصبحت ذات وزن، ولا يمكن تهميشها.

وأشار إلى وجود ثلاثة أسباب لشن إسرائيل الحرب على قطاع غزة، وهي: توفير "الأمان" للمستوطنات الجنوبية، والقضاء على القدرة الصاروخية لفصائل المقاومة، إضافة إلى تشجيع "الاعتدال" في المنطقة.

وطالب مخول بتشكيل هيئة تنسيق فلسطينية عامة تشمل منظمة التحرير وفصائلها والفصائل التي خارجها، وتحظى فيها لجنة المتابعة في الداخل بتمثيل واسع، وإلى تشكيل هيئة سياسات في لجنة المتابعة – مجلس استشاري، لوضع تصور متأنٍّ واسع الرؤية، وبلورة مواقف وخطوات أبعد من الجوانب الفورية والمستعجلة.

كما دعا إلى تعزيز خطاب الاتهام للدولة وتحميلها المسؤولية عن عدوانها على القدس والداخل وغزة، وتحويل الحماية الدولية إلى مشروع سياسي شعبي، وتعزيز وتقوية هيئة الطوارئ القطرية، وإقامة منصة إعلامية إخبارية وتحليلية بمهنية عالية وجديرة باللغتين العبرية والإنجليزية تنطق بقضايا الجماهير العربية في الداخل.

أما شحادة، فتطرق إلى المراحل التي مرت بها القائمة المشتركة منذ تأسيسها في العام 2015 وانتهاء بانقسامها في العام 2021، وإلى موقف الأحزاب من تشكيلها، مشيرًا إلى أن الجبهة الديمقراطية كان عندها موقف متحفظ ومعارض لتشكيل القائمة في البداية لوجود إشكاليات مع الحركة الإسلامية، أما التجمع فكان يرى في تشكيل القائمة جزءًا من تنظيم المجتمع العربي، في حين كانت العربية للتغيير داعمة للقائمة مع الحصول على مقاعد لها.

وأشار إلى أن من دوافع تشكيل القائمة المشتركة هو رفع نسبة الحسم وزيادة عدد المقاعد العربية، موضحًا أن العناوين الأساسية للقائمة المشتركة منذ تأسيسها استمرت معها حتى الوقت الحالي، وتتمثل في إسقاط اليمين الإسرائيلي والتصدي لليمين الفاشي، وزيادة التأثير السياسي لفلسطينيي 48 في السياسية الإسرائيلية من خلال زيادة عدد مقاعدهم في الكنيست، إضافة إلى دور القائمة في الحفاظ على الوحدة.

وتناول شحادة الخلافات داخل المشتركة التي قادت إلى تفككها، وأهمها النزعة الفردية، وعدم الاتفاق على برنامج سياسي، على الرغم من التوافق بين المكونات على الكثير من القضايا السياسية، ووجود بعض الاختلافات في القضايا الاجتماعية، خاصة بين الإسلامية والجبهة.

من جانبه، أشار نابلسي إلى وجود اتجاه داخل الشباب في أراضي 48، وهو اتجاه نخبوي جديد داخل النخبة، وهذا الاتجاه يريد أن يحرك المزاج العام. وأوضح أن النخب السياسية في الضفة الغربية وكذلك في أراضي 48 والشتات إلى حد ما، تفقد نقاط قوتها، وأن مسبب بقائها في الضفة ارتباطها بالأجهزة الأمنية، أما مسبب بقائها في 48 فهو عدم وجود بديل لها، وهذه القوى لا تزال لديها مفاصل قوة، وتمنع بروز أي قوى جديدة.

وأوضح أنه لا يمكن البقاء على شقي الهوية الفلسطينية والمواطنة الإسرائيلية، وأن المواطنة يضيق أفقها في ظل السياسات الاستعمارية الإسرائيلية والتمييز العنصري ضد فلسطينيي 48.

وبيّن أن الهبة الأخيرة لا يمكن أن تتحول إلى انتفاضة لعدم وجود روافع لحملها، فهي تهدأ بمجرد انتهاء الحدث العيني الذي حركها، موضحًا أن هذه الهبات تضع أساسًا لحالة اشتباك مستمر، وهي تتطور وتزداد شدة في كل مرة عما سبقها، بحيث لا يمكن السيطرة عليها، لأنها رد فعل على الممارسات الإسرائيلية.