تمكين مرضى التصلب العصبي المتعدد في الإمارات من أن يعيشوا حياتهم

رام الله - دنيا الوطن
أصبح متاحاً الآن لمرضى التصلب العصبي المتعدد، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخارجها، مصدرٌ جديدٌ يرشدهم طوال رحلتهم مع التصلب العصبي المتعدد، وذلك بِفضل موقع إلكتروني، أطلقه مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، جزء من مبادلة للرعاية الصحية.

 ينشأ مرض التصلب العصبي المتعدد بسبب التهاب في أعصاب الدماغ والحبل الشوكي، وقد ينتج عن هذا المرض مشاكل في الرؤية، وضَعْفٌ في العضلات، وخَدَرٌ، مع مجموعة متنوعة من الأعراض الأخرى. و غالبية تشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد تكمن بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و 40 عاماً، وانتشاره يزيد بين النساء ضِعْفَ انتشاره بين الرجال. على الرغم من عدم وجود علاج حتى الآن، يمكن علاج الغالبية العظمى من الحالات بالأدوية التي تساعد بشكل فعال في وقف الالتهاب، والسيطرة على الأعراض، وإبطاء تَقَدُّم المرض في الجسم.

يقول الدكتور آنو جاكوب، استشاري طب الأعصاب، ومدير قسم التصلب العصبي المتعدد، في معهد الأعصاب، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي": "حالات الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد آخذة في الازدياد هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي بقية أنحاء العالم. وعادةً ما يصيب هذا المرض الناس وهم في رَيعان شبابهم، فيسبب لهم قدراً كبيراً من القلق والكَرْب. مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، تستطيع أغلب الحالات أن تواصل حياتها بطريقة طبيعية. لقد رأيت بعضاً من مرضاي يقومون بأشياء مذهلة، ربما لا يستطيع أن يفعلها بعضٌ من غير المصابين بهذا المرض."

الموقع الإلكتروني الجديد متاحٌ باللغتين العربية والإنجليزية، وبه نصائح عملية للمرضى وعائلاتهم، بالإضافة إلى إرشادات طبية عن عدد من المواضيع، نقدمها بلغة بسيطة وسهلة الفهم، توضح لهم ما يحتاجون معرفته عن الأعراض، والتشخيص، والعلاج، ونمط الحياة، إضافةً إلى التمارين الرياضية، والنظام الغذائي. يوفر الموقع أيضاً مواد لدعمهم وتثقيفهم طبياً، ويستضيف روابط خارجية للأطباء، ولمرضى التصلب العصبي المتعدد و من حولهم، و بنطاق أوسع للمعنيين بهذا المرض، داخل الدولة.

يتابع الدكتور الدكتور جاكوب، قائلاً: "إن مستوى الرعاية الصحية التي نقدمها، في دولة الإمارات العربية المتحدة، لمرضى التصلب العصبي المتعدد، يُضاهي مستوى الرعاية الصحية التي تقدمها أفضل وُجهات الرعاية الطبية في العالم. ومن الثغرات التي لاحظناها، أن مصادر المعلومات والدعم التثقيفي الطبي المتاح على شبكة الإنترنت عن التصلب العصبي المتعدد، لا تتناسب مع العدد المتزايد ممن يتأثرون بهذا المرض. فآمل أن يكون هذا الموقع مرجعاً أساسياً يجد فيه المرضى، من جميع أنحاء المنطقة، معلومات طبية دقيقة، يثقون بها، وترشدهم في اتخاذ قراراتهم. فنحن نرى أن المرضى، حين يتسلحون بالمعرفة، يستطيعون أن يتخذوا الخيارات الصحيحة في علاج التصلب العصبي المتعدد. وعندما يشعر المرضى أنهم ليسوا وحدَهم، وحين يطَّلِعُون على تجارب مرضى آخرين، ممن أصيبوا بالتصلب العصبي المتعدد، تقوى عزيمتُهم، وتكون تلك التجارب مصدر إلهام لهم، في سعيهم نحو تحقيق طموحاتهم."

وإضافةً إلى الأدوية التي تؤدي إلى وقف الالتهاب، وبطء سَريان المرض، ووقف الأعراض، يتّبع الفريق الطبي، في معهد الأعصاب، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" نهجاً شاملاً، في علاج مرضى التصلب العصبي المتعدد. يبدأ هذا الأمر من برامج الدعم النفسي، وبرامج الإقلاع عن التدخين، ويمتد ليشمل العلاج الطبيعي، وتقديم نصائح وإرشادات عن طرق أداء التمارين الرياضية.

يقول الدكتور جاكوب: "إن النوع الأكثر شيوعاً لمرض التصلب العصبي المتعدد الذي نراه، لا سيما في المرضى الأصغر سناً، هو النوع الذي نصفه بأنه "نمطٌ متكرر الانتكاس"، وهذا يعني أن المرضى يعانون من ظهور الأعراض فجأةً، من حين إلى حين. هذا النوع من المرض يستجيب بشكل جيد لتغييرات نمط الحياة التي يمكن أن تُطيل فترة خموده، وتُقلّل أعراضه، وذلك حين يتبع المريض هذه التغييرات جنباً إلى جنب مع تناول الدواء المناسب - وهذا يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة بشكل كبير."

تشمل بعض الآثار الملحوظة للتصلب العصبي المتعدد ضعف العضلات، وفقدان التوازن، وصعوبة المشي. تحافظ التمارين المنتظمة على قوة العضلات، وتُبقي البدن نشيطاً وقوياً في أداء وظائفه؛ ومن تلك التمارين: تمارين الإطالة، وتمارين القوة التدريجية للعضلات.

يقول فينود رافيندران، أخصائي العلاج الطبيعي المُعتمد في علاج التصلب العصبي المتعدد، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي": "يرى كثير من الناس أن ممارسة الرياضة نشاطٌ صعبٌ على مرضى التصلب العصبي المتعدد، أو خطيرٌ عليهم. لكن واقع الأمر هو عكس ذلك. فممارسة التمارين الرياضية بالقدر المناسب الذي يُحسِّن القوة والتحمل والتوازن والمرونة، قد يكون مفيداً لمرضى التصلب العصبي المتعدد بشكل كبير. ونحن دائماً ما ننصح المرضى أن لا يضغطوا على أنفسهم بشدة في ممارسة التمارين. "فالإجهاد المفرط ربما يؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم الأعراض، لذا يبقى الحفاظ على الوتيرة الصحيحة في أداء التمارين الرياضية أمراً بالغ الأهمية."

وضمن التزام مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" برفع مستوى الرعاية الصحية، وتحسين نوعية الحياة للأشخاص المصابين بالتصلب العصبي المتعدد، يُجري المستشفى مشاريع بحثيةً مستمرةً، لمعرفة كيفية استخدام بعض الأدوية لتحسين نوعية حياة المرضى.

ثم يختم الدكتور جاكوب، قائلاً: " إن التصلب العصبي المتعدد هو مرضٌ يمكن إدارته بشكلٍ رائعٍ جداً، هنا، في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من أنه تشخيص لمَدى الحياة، إلا أن هناك مجموعة كاملة من الأساليب التي يمكننا اتباعها للحد من تأثير المرض والسماح للناس بعيش حياة طبيعية. ودائماً ما أضع نفسي مكان مرضاي. فلو أنني كنت مصاباً بمرض التصلب العصبي المتعدد، فسأحتاج من طبيبي أن يشرح لي حالتي بوضوح، وأن أجد دعماً في اختيار العلاج الذي يناسبني، وأن يوفر لي هذا الدعم فريقٌ طبيٌّ يأخذ كل ظروفي الصحية في حُسبانه. وبصرف النظر عن زياراتي إلى المستشفى من حين إلى آخر لتلقي العلاج، ولمواعيدي مع أطبائي، أودّ أن أتناسى أنني مصابٌ بمرض التصلب العصبي المتعدد، وأن أواصل حياتي، واثقاً ومتيقناً من أني سأجد فريقي الطبي، متى احتجت إليهم. هذا هو ما أريده لمرضانا؛ إذ لا ينبغي أن يكون مرض التصلب العصبي المتعدد وصمةً لمن أصيب بهذ المرض."

كجزء من أنشطة اليوم العالمي للتصلّب العصبي المتعدد هذا الشهر، أقام معهد الأعصاب في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي اليوم" ندوة تثقيفيّة عبر الإنترنت حول عيش حياة صحية مع مرض التصلب العصبي المتعدد وتأثير كوفيد-19 على المرضى الذين يعانون من هذه الحالة.