مركز "شمس": تأجيل الانتخابات التشريعية.. القيادة حين تستخف بشعبها وتغامر بحاضره وتعبث بمستقبله

رام الله - دنيا الوطن
قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، إنه تابع بقلق شديد وأسف عميق القرار الصادر بشان تأجيل الانتخابات العامة، والذي يأتي لاحقاً لمرسوم رئاسي بشأن إجراء الانتخابات صدر في 15/1/2021 كبادرة أمل هشة وربما أخيرة بعد 15 عاماً من تعطيل الحياة السياسية وتدمير المؤسسات الدستورية في سردية مُرة يبدو أنها ستتواصل. 

وأوضح المركز على أن إعلان التأجيل الصريح ، جاء لاحقاً لما تم من تهيئة للوعي الجمعي وللرأي العام، عبر أصوات انطلقت مع الأيام الأولى لإعلان مرسوم الانتخابات للتشكيك في جدية إجراءها، مستغلة أزمة الثقة بين المواطنين/ات والنظام السياسي، والتي تهوي بها خطوة تأجيل الانتخابات إلى مكان غير مسبوق، وإذ استغلت هذه الأصوات التي في بعضها تابعة لمراكز قوى مستفيدة من مشهدية الانقسام ومتضررة من المصلحة العامة في إجراء الانتخابات وتجديد النظام السياسي ما قد يهدد نفوذها الذي راكمته، يأتي هذا التأجيل ليكرر ما هو معلوم أن لا مواعيد مقدسة لدى النظام السياسي وهو ما ظهر جلياً في قرار المحكمة الدستورية العليا التفسيري بشأن حل المجلس التشريعي وإجراء الانتخابات نهاية العام 2018، والذي على الرغم من عدم دستوريته وصبغته السياسية، إلا أنه قرن حل المجلس التشريعي المنتخب بإجراء الانتخابات بدعوة الرئيس إلى إعلان إجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة أشهر من تاريخ نشر القرار، وهو ما لم يتم لسنوات، وعليه لا يشكل ربط قرار التأجيل بسقف زمني أية قيمة من واقع التجربة، التي أثبتت أن المؤقت دائم، وأن حالة العبث على المستوى العام لا يمكن توقع حدود تهورها.

وقال مركز "شمس": إنه ينظر بكثير من الإحباط والغضب ، لاختيار العديد من الفصائل أولوية ترتيب أوضاعها الداخلية على حساب المصلحة العامة، وتصديرها أزماتها الداخلية للشارع الذي يعاني بالأساس، وشراء الوقت انحيازاً لمصلحتها في البقاء ولو شكلاً على حساب مصلحة المواطنين/ات في تجديد الشرعيات وإفراز قيادات منتخبة تعمل على حل الإشكاليات المتراكمة في المستويات كافة، الأمر الذي يعكس أنانية قد ترتقي إلى مستوى الفساد السياسي، إذ يتم إعلاء المصلحة الحزبية الخاصة على العامة وعبر مقدرات الدولة.

وذكّر أن الانتخابات هي استحقاق دستوري دوري وليست منّة منها، وأن غياب سمة الدورية عن الانتخابات في تجاهل للقانون الأساسي ومخالفة لمنطق الديمقراطية التي تعيد السلطات للشعب مصدرها دورياً ليفوض أو يعيد تفويض من يريد، ومخالفة لما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عبر مادته (21) البند (3) من كون إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم والتي تتجلى عبر انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام على قدم المساواة .." وما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وغيرها من الأطر الدولية القانونية.

وشدد المركز على أن هذا التأجيل يمثل حالة استخفاف غير مسبوقة في وضوحها خلال السنوات الأخيرة من القيادة الفلسطينية بشعبها وإرادته الحرة ورغباته وتطلعاته، ويشكل مغامرة منها في حاضره وعبثاً في مستقبله، في حالة من العبث التام،  حيث هذا التأجيل في طياته انعكاسات خطيرة للغاية على ثقة المواطنين/ات في النظام والطبقة السياسية والحركة الوطنية قد لا يمكن إصلاحه، ويعزز من حالة اللامبالاة والإحباط العامة، وغياب الفاعلية السياسية والمجتمعية المتزايدة، ويضرب مبدأ المواطنة في مقتل، عبر ممارسات توحي بأن هذا النظام السياسي تحول من إطار موجود لحماية مصلحة كل الفلسطينيين/ات، إلى كيان قائم لحماية مصالح بعض المتنفذين على حساب المصلحة العامة.

كما سيؤدي التأجيل إلى تغييب أكبر لمبدأ سيادة القانون في مشهد تم فيه تطويع الدستور والقوانين، وتحديداً المواد (2، 5، 26، 34، 47) من القانون الأساسي، وقرار بقانون 1/2007 بشأن الانتخابات في غياب إشارة أي منهما إلى جواز التأجيل أو الجهة صاحبة الصلاحية والاختصاص فيه، ما يفتح الباب واسعاً أمام جدل يعززه الفراغ القانوني، حول مدى صلاحية الرئيس لاتخاذ هذه الخطوة في ضوء القانون الساري ودون تعديلات تشريعية.

وبالرغم من هذه النتائج الكارثية لخطوة التأجيل، إلا أنه لا يمكن الفصل بين الانتخابات والتأثير السلبي للغاية على عملية التحول الديمقراطية وممارسات الديمقرطية وما يتبعها من إعمال لمبادئ الفصل بين السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء، والرقابة على السلطة التنفيذية، وتعزيز المشاركة، وتكافؤ الفرص، وغيرها.

كما وثمن مركز "شمس" عالياً جهود لجنة الانتخابات المركزية في سبيل التحضير للعملية الانتخابية وإنجاحها طوال الفترة الماضية، كما ويدعو المركز إلى تحييد لجنة الانتخابات المركزية عن أي تجاذبات ومناكفات سياسية ،كما أكد مركز "شمس" ، في بيانه على  ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية في مواعيدها المحددة ،وعدم تأجيلها تحت أي ذريعة كانت. ودعوة القوى الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، والفاعلين في الحقل الثقافي، والأكاديميين والحقوقيين، وكافة الأطياف للوقوف السريع والحازم في وجه هذا العبث، والضغط باتجاه إعمال حق الشعب الفلسطيني في انتخاب قياداته وفي ممارسة الديمقراطية وفي تجديد نظامه السياسي وفي انعقاد البرلمان المنوط به ممارسة اختصاصي الرقابة والتشريع الدستوريين بفاعلية. ودعوة المجتمع الدولي ومنظماته المتعددة إلى تحمل مسؤوليتها في الضغط على "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال لتمكين الشعب الفلسطيني في كافة مناطقه من ممارسة حقوقه وفي مقدمتها الحقوق السياسية والمدنية.