خرم إبرة.. مشرط الجراح أو صندوق الانتخابات

خرم إبرة.. مشرط الجراح أو صندوق الانتخابات
خرم إبرة.. مشرط الجراح أو صندوق الانتخابات

رامي مهداوي

أسباب تأجيل الانتخابات أصبحت كثيرة وبشكل متسارع؛ أهمها حتى هذه اللحظة أننا لم نشاهد الضوء الأخضر من دولة الاحتلال وخصوصاً بملف القدس، ما سينعكس على لون ضوء الولايات المتحدة الأميركية الذي سينبعث إلينا وليس العكس!!

على أي حال سواء تمت أو تم تأجيلها أو لم تحدث الانتخابات، فقد آن الأوان لتنفيذ وليس فقط التفكير بإجراء عمليات جراحية متعددة في الجسد الفلسطيني الذي أصبح يأكل ذاته بذاته.

اسمحوا لي أن أكون متهوراً بقولي إن هناك سلسلة من العمليات الجراحية إذا ما تمت - خصوصاً بهذا التوقيت - سيكون لها أثر إيجابي عالٍ بحاجة لها المواطن أكثر من الانتخابات ذاتها، لأنها ستؤثر على حياته اليومية من حيث: لقمة العيش، الأمن والأمان، الاقتصاد، الرعاية الصحية.... إلخ.

بالتأكيد الانتخابات التشريعية مهمة، لكنني أدّعي هنا بأن محصلة نتائجها مهما كانت- إن تمت- لن تكون كما لو تتم العمليات الجراحية البنيوية الأفقية والعامودية الهادفة لتغيير استنادي يستنهض الواقع ليُمكن الشارع الفلسطيني من تعزيز مقاومته اليومية، ليس فقط في مواجهة الاحتلال وإنما في تعزيز مناعته الداخلية كمجتمع حي بدأت العديد من الأمراض الداخلية تضرب به وليس فقط وباء كورونا.

ففي ظل شُح الموارد المالية والانقسام والقرصنة على أموال الحكومة من قبل الاحتلال وتخاذل بعض الدول العربية والأجنبية؛ علينا التفكير بطرق غير تقليدية بترتيب البيت الداخلي بكافة السُبل المتاحة، أيضاً علينا عدم زيادة الأعباء بمظاهر تجميلية لتجديد الشرعيات الشكلية دون أي جدوى حقيقية تلامس احتياجات المواطن.

لهذا يجب أن نشاهد حقيقتنا بالمفهوم المؤسساتي الخدمي للمواطن، فهل نحن بحاجة الى 132 عضو مجلس تشريعي جديد بتوابعهم وموازناتهم المرهقة على موازنة الحكومة، أم تغيير وتعديل وإقالة بضخ دماء شابة لمختلف المناصب لنقل عددها 100 موقع في مختلف القطاعات التابعة للدولة الخاضعة تحت الاحتلال!!

إن ما قام به مجلس الوزراء من عملية جراحية بإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في جلستِه رقم (84) بتاريخ 23/11/2020، متخذا قراراً بـ (دراسة الوضع القانوني لـ 63 مؤسسةً حكوميّةً غيرَ وِزاريّةٍ، وإمكانيّةِ دمجِها أو ضمِها أو إلغائها)، وفي جلستِه رقم (89) بتاريخ 28/12/2020، صادقَ مجلسُ الوزراء على (دمجِ وإلحاق وإلغاء أكثر من 25 مؤسسةً رسميّةً غيرَ وزاريّهٍ؛ لتحسينِ الخِدماتِ ورفعِ مستوى التنسيقِ ومنعِ الازدواجيّةِ وترشيدِ النفقات) يجب أن نبني على مثل هذه القرارات فهي كما كتبت سابقاً خطوة بالاتجاه الصحيح، وقرار حكيم وبالتوقيت الصحيح، ويلزم إلحاق هذا القرار بخطواتٍ أخرى.

الشارع الفلسطيني بحاجة الى مشرط ويد الجراح دون أن ترتجف يده ولا ترف عينه، المواطن يريد إنجازات سريعة تنتشله من الواقع الصعب الذي نغرق به جميعاً. لنقم بالعمليات الجراحية، فهي الأكثر ضماناً للمجتمع والأقل خطورة من لعبة صندوق الانتخابات بهذا الوقت بالتحديد، وبصراحة أقولها أنا لا أريد الإسلام السياسي ولا مصالحة شكلية تعزز الانقسام وتمأسِس «دويلة غزة» تحت مُسمى انتخابات تشريعية!!

التعليقات