الدكتاتورية والفساد على الطريقة الفلسطينية

الدكتاتورية والفساد على الطريقة الفلسطينية
بقلم: عبد الله عيسى
رئيس التحرير


كنت قد وعدت القراء الأعزاء، بكشف المزيد عن قصص الفساد داخل أروقة السلطة الفلسطينية، والذي لم يعد يخفي على أحد، بل إن الفاسدين، أصبحوا من المجاهرين وبكل تبجح، إلا أنه استوقفني بصدق المرسوم الرئاسي، الذي نص على إطلاق الحريات العامة في فلسطين.

ذلك المرسوم، الذي جاء كأحد مخرجات حوار القاهرة، بين الفصائل الفلسطينية، وحقيقة.. لا أدري إلى متى يمكننا الاستمرار في "الضحك على الذقون"، فالحريات العامة في فلسطين، انتهت منذ "زمن غابر".

وبعودة إلى الزمن الجميل، عندما كنا نعتقد أن بإمكاننا بناء "دولة المؤسسات"، وفرحنا بتشكيل هيئة مكافحة الفساد، التي لم تحاسب فاسداً واحداً، بل إن الفاسدين أصبحوا أكثر وقاحة حتى في تعاملهم مع الهيئة، وأذكر أنه عندما تقدمت للهيئة بشكوى ضد أحدهم، وقامت الهيئة بمراسلته، رفض الرد على رسائلها، وأصبحت عاجزة أمامه.

وعندما بدأ الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، بالسعي إلى الانضمام للمنظمات الدولية، فرحنا أيضاً، وكنا نعتقد أنها خطوة تقربنا من الدولة الفلسطينية المستقلة، والتي يجب أن تكون مثالاً لدولة القانون والمحاسبة والحرية، بعد كل سنوات النضال التي خاضها الشعب الفلسطيني.

انضمت فلسطين إلى عدد كبير من المنظمات الدولية، وكان من بينها، الشرطة الدولية (إنتربول)، وقلنا الآن يمكننا جلب كل الفاسدين ومحاكمتهم، وكتبت عن ذلك في مقال سابق مؤيداً وفرحاً.

لا يمكن وصف تلك الآمال إلا بـ "أحلام يقظة"، تبخرت عندما استكملت السلطة منذ سنوات قليلة، إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي كان ولا زال الهدف منه تكميم الأفواه، حتى ينعم بعض الفاسدين بفسادهم دون إزعاج.

ومنذ مدة، هاتفني اللواء المتقاعد منذر إرشيد، المتواجد في الأردن، وخلال الحديث فوجئت، أن السلطة الفلسطينية، طالبت (إنتربول) باعتقاله، على خلفية "مقال رأي" انتقد فيه بعض ممارسات السلطة!

وما حدث مع اللواء إرشيد، يأتي استكمالاً لمسلسل تكميم الأفواه، واعتقال وملاحقة والتضييق على كل من يخالف منظومة الفساد من صحفيين وكتاب ونشطاء، وأصبحنا نرى غول الفساد وقد ابتلع كل آمالنا في دولة مستقلة، يحكمها القانون والنزاهة والشفافية.

في مقالاتي الأخيرة، انتقدت بعض ممارسات الفاسدين، والمستوزرين، ومن كان على شاكلتهم، فأصابهم الهلع، فما كان منهم إلا التوجه إلى الرئيس أبو مازن، طلباً باتخاذ إجراءات ضدي، بدعوى "محاربتي للسلطة"، وسأتحدث عن ذلك قريباً بالتفاصيل والأسماء، ولا عزاء لفاسد.

في زمن الرئيس الشهيد ياسر عرفات، هاجمت الفساد مراراً وتكراراً، وكان كلما يشتكي فاسد، كان أبو عمار يثني على ما أكتب، من باب "خليهم ينضبوا"، ولا أدري متى يمكن أن نقول لفاسدي اليوم "انضبوا"؟

لاحقاً، سأروي لكم قصة عن "حرامي من جهة أمنية" وسرقة عهدة الشهيد.

وللحديث بقية ..

التعليقات