مستقبل نتنياهو السياسي.. الى اين؟

مستقبل نتنياهو السياسي.. الى اين؟
مستقبل نتنياهو السياسي.. الى اين؟

بقلم: الدكتور علي الأعور

على مدى عامين من الازمة السياسية التي تعيشها إسرائيل وعدم قدرة اليسار او اليمين من تشكيل حكومة مستقرة ، وبعد ثلاث جولات انتخابية  أيضا لم يتمكن الشارع الإسرائيلي من رسم خارطة للأحزاب السياسية بشكل سياسي لرأب الصدع الموجود في المجتمع الإسرائيلي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي  التي افرزت مجموعة من المعطيات لا بد من الوقوف عندها وتتعلق بالأزمة السياسية في إسرائيل وربما كانت شخصية نتنياهو هي الجزء الأهم في هذا السيناريو  السياسي الذي لم يصل بعد الى نهاية النفق وإخراج إسرائيل من الانقسام السياسي  حيث اليمين واليسار .. الانقسام من حيث  الجذور التاريخية للجمهور الإسرائيلي  من الاشكنازيم وهم اليهود الغربيون والذين هاجروا الى إسرائيل من أوروبا  وكذلك اليهود الشرقيون الذين هاجروا من الدول العربية بالإضافة الى الانقسام الاقتصادي في توزيع الثروات ونظرة الشرقيون الى الاشكنازيم ورغبة الأخير في السيطرة على مقاليد السلطة في إسرائيل في الاقتصاد والقضاء والسياسة.

وامام  العلاقات الدولية الجديدة ونهاية عهد ترمب وبداية عهد جديد في السياسة الدولية بزعامة جو بايدن الرئيس الأمريكي الجديد  بدأت إسرائيل في مرجلة جديدة  وبدأ نتنياهو في تغيير قواعد اللعبة السياسية حيث تم حل الكنيست والذهاب الى انتخابات رابعة في الثالث والعشرون من مارس القادم وما زالت المظاهرات في الشارع الإسرائيلي  مستمرة والتي تطالب برحيل نتنياهو  وكان اخر تلك المستجدات  هي محاكمة نتنياهو ومثوله امام القضاء الإسرائيلي في التهم المنسوبة له رسميا وخاصة القضية التي تتعلق بالملف 4000 وهي اخطر الملفات حيث تم توجيه تهمة الرشوة الى نتنياهو رسميا من قبل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية  ( افيحاي مندلبليت ) والنائب العام الإسرائيلي ( نيسان يشاي) وقد نفى نتنياهو نفيا قاطعا التهم المنسوبة اليه وهي تكرار لموقف فريق الدفاع  المكلف بالدفاع عن نتنياهو  وغادر نتنياهو المحكمة .

وهنا يبرز السؤال المهم : ما مدى تأثير  محاكمة نتنياهو على مستقبله  السياسي؟  ما مدى تأثير محاكمة نتنياهو على شعبيته وجماهيره من الليكود واليمين الإسرائيلي؟  وهل مثول نتنياهو في كرسي الاتهام في قاعة المحكمة يؤثر على كريزما وشخصية نتنياهو بشكل شخصي؟

هناك مجموعة من النقاط التي سجلها نتنياهو من خلال مثوله في المحكمة حيث ارسل برسالة قوية وواضحة الى  جميع الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط  معلنا " ان إسرائيل مازالت دولة ديموقراطية ودول قانون  من المنظور الإسرائيلي  و الفكر الإسرائيلي  وبالتالي كانت رسالة واضحة الى جميع رؤساء العالم والاتحاد الأوروبي  والولايات المتحدة الامريكية ان نتنياهو يحترم القضاء والقانون الإسرائيلي  وبالتالي لم تؤثر المحاكمة على شخصية نتنياهو و الكريزما التي يتمتع بها على الصعيد المحلي والإقليمي .

اما النقطة الثانية  فان جلسات المحاكمة والتحقيق مع الشهود لن تبدأ قبل الانتخابات الإسرائيلية القادمة في شهر مارس القادم  وبالتالي لن يكون هناك تأثير كبير من قبل المحاكمة على شعبية نتنياهو ومحبيه خصوصا ان هناك مجموعة كبيرة من مؤيدي حزب الليكود يشككون في التهم المنسوبة الى نتنياهو وهناك قسم  من الشارع اليميني  و الليكودي في إسرائيل يعتقد ان تهم الفساد والرشوة الموجه الى نتنياهو مقابل إنجازات نتنياهو الاقتصادية  و السياسية على المستوى الإقليمي والدولي  لا تعتبر جريمة كبيرة كي يعاقب عليها نتنياهو.

و النقطة الثالثة  وهي ان نتنياهو يتمتع بذكاء كبير  في العمل السياسي و الدبلوماسي  وقد نجح في الأشهر الماضية من تفتيت اليسار الإسرائيلي  الى أحزاب صغيرة  واحدث خلل كبير في أيديولوجيا اليسار ووسط اليسار في انهاء الاحتلال  الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة الى مطالب  حزبية  ومناصب في الوزارات التي أحدثها  وتمكن من تفتيت قائمة " ازرق ابيض" كما تمكن من تقسيم حزب العمل من خلال عمير بيرس ومنح اورلي ليفي اباكسيس وزارة  انشقت سياسيا عن حزب العمل وانضمت الى نتنياهو وحكومته ثم احدث انشقاق داخل حزب ازرق ابيض  واستقال عدد من وزراء ازرق ابيض وبقي بيني غانتس وحيدا يبحث عن عبور نسبة الحسم في الانتخابات القادمة وربما ينتهي غانتس سياسيا بعد الانتخابات القادمة .. و المفاجأة الكبرى  وربما تمثل صدمة سياسية للجماهير العربية حيث تمكن نتنياهو سياسيا من تقسيم وتفكيك القائمة المشتركة حيث وجد  في الإسلامية الجنوبية برئاسة منصور عباس قواسم مشتركة معه وفي النهاية تفككت القائمة المشتركة وضمن نتنياهو وقوف كتلة حزبية عربية الى جانبه  ولم تعد القيم الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية هي أساس التحالف مع الأحزاب الصهيونية في إسرائيل.

و النقطة الرابعة وهي ان نتنياهو يعلم تماما ان المظاهرات في الشارع الإسرائيلي  لن تسقط الحكومات الديموقراطية من وجهة نظره كما انه يعلم تماما ان اليمين الإسرائيلي يحمل أيديولوجيا وفلسفة جابوتنسكي  في الاستيطان والضم  وبالتالي فان انشقاق " جدعون ساعر " عن الليكود  لن يؤثر على مستقبل نتنياهو السياسي لان نتنياهو يعلم جيدا ان جدعون ساعر سوف يعود الى الفكر و الأيديولوجيا التي تربى عليها في داخل حزب الليكود ، اما نفتالي بينت زعيم اليمين الإسرائيلي او على الأقل زعيم حزب" يمينا" الذي يتكون من المستوطنين  يعلم بينت ان القواسم المشتركة مع نتنياهو هي اكبر بكثير من تشكيل حكومة مع اليسار وبالتالي حتى هذه اللحظة لم يصرح نفتالي بينت بانه لن يجلس في حكومة برئاسة نتنياهو وابقى على الباب مفتوح لكل الاحتمالات للشراكة السياسية مع نتنياهو.

واخيرا ... بقيت المحاكمة لنتنياهو والتهم المنسوبة اليه رسميا  وخاصة ملف الرشوة يعلم نتنياهو جيدا انها تؤدي به الى السجن  ونهاية حياته السياسية ولكن بدا نتنياهو يحضر للمعركة القادمة مع القضاة  و الجهاز القضائي بأكمله في إسرائيل  من خلال تحضير احدى وستون مقعدا في الكنيست القادمة واذا تجاوزت الإسلامية الجنوبية نسبة الحسم وحصلت على أربعة مقاعد في الكنيست كما صرح منصور عباس انه ليس في جيب احد وربما يكون في جيب نتنياهو خمسة وستون مقعدا وبعدها يتقدم نتنياهو بطلب الحصانة البرلمانية من الكنيست الإسرائيلي  ويفوز بالحصانة  البرلمانية  و معها تنتهي  التهم المنسوبة لنتنياهو وتنتهي محاكمة نتنياهو ويبقى نتنياهو رئيس لحكومة إسرائيل القادمة بدعم اليمين  و المستوطنين  من خلال أيديولوجيا الاستيطان والضم والتوسع على حساب  الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني.

التعليقات